* إعداد - صلاح شنكل
أفرزت الطفرة الاقتصادية التي حققتها المملكة في سبعينيات القرن الماضي وما قبلها، بعض الأنماط الاجتماعية، والضرورات المعيشية التي تطلبها الوضع الاجتماعي الذي أملته الظروف الاقتصادية للمملكة العربية السعودية وهي تتربع على عرش إنتاج وتصدير النفط على أعلى المستويات العالمية، ومن بين تلك الأنماط، وجود خادمة أو أكثر لدى غالبية الأسر السعودية، إلى جانب السائق الخاص، وعلى الرغم من أن مهمة الخادمة تتمثل في النظافة وترتيب البيت، ومساعدة ربة البيت وبناتها في شؤون المنزل، إلا أن الكثير من الأسر، أضافوا إلى ذلك مهمة تربية الأطفال ومرافقتهم طوال الوقت، وهذا الأمر أراح الكثيرين من أعباء الأبناء ومشكلاتهم، لكنه أوقعهم في فخ ازدواجية الثقافة والتربية، خصوصا ليس كل الخادمات من بلدان إسلامية، مع الفوارق الثقافية بين الدول الإسلامية نفسها.
هذا الواقع بمرارته، وحلاوته أيضا، أفرز مشكلة، لا نستطيع أن نتلمس كل أطرافها، ولا يجوز أن نطلق عليها ظاهرة، لكنها ظلت تؤرق الكثيرين، ألا وهي قضية تأثير الخادمة على الأطفال ثقافيا وتربويا وربما دينيا.
محور هذا الأسبوع يبحث في أبعاد هذه القضية، ويطرح على المنتدين تساؤلات، تتمثل في مدى تأثير الخادمة على الأطفال أثناء ملازمتها لهم طوال الوقت ؟ وهل تمثل تلك الملازمة نوعا من الأمومة بمعنى شعور الطفل بالحنان تجاه الخادمة، أو الشوق إليها حين غيابها ؟ وهل تستطيع الخادمة أن تقوم بدور الأم ولو جزئياً ؟ مداخلات أصدقاء المنتدى كانت تدور حول الإجابة عن هذه التساؤلات، فتعالوا نقرأها عبر السطر التالية.
نائبة عن الأم
( إبراهيم الجابر:
الكثير من الخادمات استطعن أداء رسالتهن تجاه الأسرة السعودية، ولا أقول إنها أمومة بالوكالة لكنهن كن ينبن عن أمهات الأطفال إلى حد كبير خصوصا الأمهات العاملات، وذوات الظروف الخاصة، فالخادمة في نظري ليست متهمة بشكل مطلق، ولا هي أم بالوكالة، فالأمر يرجع للأسرة ومدى ضبطها للأمور.
( فهد حمود البيشي:
قرأت في تقرير نشر هذا الشهر أعدته جمعية للعناية بالأطفال في سنغافورة إن دراسة تجرى حالياً لبحث تأثير الخادمات على نشأة الأطفال والفروق بين الأطفال الذي ينشأون على يد الوالدين والذين ينشأون على يد مربيات أو أشخاص آخرين. هذا الأمر، في منتدى الهاتف لهذا الأسبوع، يؤكد القلق العالمي تجاه القضية، وليس القلق المحلي فقط، وهذا يجعلنا أمام المزيد من التحديات لتحديد مستقبل أبنائنا.
روح الانتقام
( فيصل العبد السلام:
لا أريد أن أشكك في كل الخادمات أو أحبط الأسر التي تستجلب الخادمات، لكن ما اطلعت عليه من مشكلات بسبب وجود الخادمات على انفراد مع الأطفال الرضع، أو حتى الذين في سن أكبر، أمر لا يشجع على جعل الأطفال تحت وصاية هذا النوع من الخادمات، لكن البعض يعزي الأمر إلى نوعية تعامل الأسرة، لأن الأمر تحول في بعض الحالات إلى روح انتقام ضد والدي الطفل أو أحدهما، فالخطر وارد على كل حال.
( مها الدوسري:
أرى أن يقتصر الأمر، بقدر الإمكان على الضرورات، بحيث ينحصر استقدام الخادمات على ربات البيوت اللاتي لديهن ظروف خاصة إما كبيرات في السن أو موظفات، أو لديهن أطفال كثيرون لا يستطعن الإشراف عليهم، أما أن يكون الأمر مطلقاً كما نراه الآن، فهذا الذي نخشى عواقبه حاضرا ومستقبلاً.
أم زائفة
( عبد العزيز الحميدي:
في تقديري لا تستطيع الخادمة أن تقوم مقام الأم مهما كانت صادقة، لأنها تعمل مقابل عائد مادي، ومن يعمل بمقابل تجده ينظر إلى الوقت متمنيا أن يمر سريعا ولا ينظر إلى النتائج، وكذلك الخادمة يهمها أن ترتاح من مشكلات الطفل دون أن تنظر إلى مصلحته الشخصية، إلا من رحم ربي، فإذا نام تفرح لذلك بغض النظر هل نام متعبا أم جائعا أم هانئاً، إذن هي ليست أم بالوكالة ولكن أم بلا حنان، أي أم زائفة.
( نوف الجوهر:
أعتقد أن وجود الخادمات أمر ضروري للكثير من الأسر، ولا مفر منه، ولكن ألا يترك لهن الحبل على الغارب في ما يخص الأطفال، لأنه كما يقولون " العلم في الصغر كالنقش في الحجر، فالطفل مهما كبرت سنه سيظل يختزن في عقله الباطن الكثير مما رآه أو سمعه من أقرب الناس إليه ، وهنا تكمن خطورة التهاون في أمر الخادمات والأطفال.
كارثة كبيرة
( سارة الأحمد:
شيء محزن وأليم أن نترك مستقبل أبنائنا بيد الخادمة، لا بأس من وجود خادمة للقيام بالأعمال التي استجلبت من أجلها، التي لا تستطيع المرأة السعودية القيام بها، ولكن أن ندعها تشكل أطفالنا كيف تشاء، فهذا والله كارثة، ان حدثت، فلن تغفر لنا، ولن يسامحنا فيها أطفالنا، ولن ترتاح تجاهها ضمائرنا أبداً.
( ناصر اليامي:
أولا أهنئ مجلة الجزيرة على حسن اختيارها للموضوعات الحيوية التي تجد الاهتمام من كل شرائح المجتمع، من المواطنين والمقيمين، وذلك لملامستها الواقع المعاش، وهذا الموضوع يندرج تحت ذات القائمة، ووجهة نظري أن يتم بحثه على مستوى خبراء علم النفس، والباحثين الاجتماعيين، ليأخذ طابع الدراسة العلمية المنهجية لأنه يتعلق بمصير ومستقبل أجيال.
حقيقة واقعية
( فواز السهلي:
سيبقى للخادمات وجود قوي داخل البيت السعودي رضينا ذلك أم أبينا، فالواقع يقول هذه الحقيقة، وتربية الأطفال تعتبر جزءاً من هذا الوجود، وحتى إشعار آخر سنظل نعاني من هذا الهاجس، حتى لو لم تكن هناك مشكلات حقيقية مترتبة على هذا الوضع، لأن الخادمة في كل الحالات لا يمكن أن تكون أما بوكالة أو بدونها.
( علي محمد الزايد:
أشكركم في منتدى الهاتف كونكم اخترتم هذا العنوان، لأننا اكتوينا بنار بعض الخادمات، ولا أقول كلهن، في موضوع الهروب والشعوذة والدجل والعودة بأسماء جديدة، ألا يكفي ذلك حتى ندفع ثمن الخادمة ليس من جيوبنا هذه المرة ولكن من فلذات أكبادنا ؟ إلى متى نظل تحت رحمة الخادمة التي أتينا بها من أجل راحتنا وراحة أبنائنا ؟
بحث عميق
( ماجد الشهراني:
الأمومة لا تتحقق بوجود شخص مع الطفل لفترات طويلة، إنما الأمومة حنان وحب ودفء وصدق مشاعر، وهذا لا تستطيع الخادمات تقديمه لأطفالنا، لذا لا يمكن أن يركن إليهن عاقل في أمور التربية، خصوصا بعد ما بدر من الكثير منهن من محاولات الانتقام من الأطفال بسبب التضجر من كثرة الأعباء المنزلية وغيرها، فموضوع الخادمات شائك ومعقد، ويحتاج بحثه إلى ندوات أو مؤتمرات، لأنه ارتبط بنمط الحياة السعودية على مدى عقود، ونخشى أن يؤثر على النشء على مدى عقود أخرى، هذا ما أردت أن أقوله وصلى الله على سيدنا محمد.