هي امرأة من أسرة بسيطة محافظة تربت وشبت في كنف أسرتها حتى وصلت سن الزواج وكغيرها من بنات جنسها بدأت تحلم بالزواج وتتمنى وتدعو الله أن يرزقها زوجاً صالحاً يتقي الله فيها ويحافظ عليها ويكون إلى حد ما ميسور الحال. وبالفعل تقدم لها شخص فيه جميع ما تمنت من مواصفات ووافقت أسرتها عليه، وكانت في قمة السعادة والفرح بهذا الزوج، وتمت الزيجة، بتوفيق الله، واكتشفت بعد الزواج أن هذا الزوج في قمة الأخلاق والتدين؛ فأحبته حباً شديداً وسعدت به وأمضت معه أياماً كلها فرحة وبهجة وسرور، ودعت الله أن يحفظ لها زوجها، وأن يثبته على طاعته، وأن يديم هذه السعادة والحب والتوافق بينهما. ومضت الأيام والشهور والسنون والزوجة سعيدة بزوجها الذي ظل يرفرف بجناحيه مثل طائر يغرد سعيداً بزوجته، ويحمد الله على هذه الزوجة وهذا البيت المملوء بالسعادة والراحة والمودة والرحمة. وكان الزوج يتباهى بين أصحابه ورفاقه بما هو فيه من راحة نفس وسكينة واستقرار، وبما أنعم الله عليهما ورزقهما من الأولاد (البنين والبنات). وأصبحت الأسرة مكونة من ثمانية أشخاص: الزوج والزوجة وستة من الأولاد، والحياة تسير على خير ما يرام؛ فالزوج موظف بإحدى المصالح الحكومية بوظيفة مرموقة وتعيش الأسرة من راتبه عيشة معقولة حامدين الله على ذلك. وبعد مرور سنوات شاء الله أن يصاب هذا الزوج بمرض نفسي جعله لا يحسن التصرف في عمله، وأصبح يتغيّب كثيراً، وفي كل مرة يُعرض على اللجان الطبية المختصة التي تفيد بأن هذا الرجل مريض نفسياً، وتقرر منحه إجازة عن فترة الغياب، والزوجة تسعى جاهدة لعلاج هذا الزوج؛ حتى يعود إلى ما كان عليه، وتدعو الله له بالشفاء من هذا المرض الذي قدر الله أن يصاب به، والذي لا يعرف سببه الحقيقي، ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان؛ فقد قدر الله أن يزداد هذا الزوج مرضاً لدرجة أنه يرفض الذهاب إلى اللجان الطبية ويمتنع عن الذهاب إلى عمله، وفوجئت الزوجة بأنه صدر قرار طي خدمة زوجها للغياب؛ فاحتارت الزوجة وانتابها الخوف؛ فمن أين تعيش هي وأولادها؟ وماذا تفعل؟ فلجأت إلى مكتبنا للاستشارة في الموضوع، وشرحت لنا ظروفها كاملة، وما كان من مكتبنا إلا الوقوف إلى جانب هذه الزوجة المسكينة، وتقدمنا بالتماس إلى جهة عمل الزوج شارحين لمعالي الوزير التابع له هذا الزوج حالة الزوج وأسرته، طالبين تعديل طي القيد من الغياب للمرض؛ حتى يكون للأسرة مصدر دخل تستطيع العيش منه، والحمد لله أفادنا معاليه بأنه لا مانع من ذلك بعد إحضار تقرير اللجنة الطبية المختصة التي تفيد بأنه مريض، ولا يمكنه القيام بمهام عمله. وأبدت الزوجة ارتياحاً كبيراً لهذا القرار. ونحن من جانبنا نشكر لمعاليه ذلك، وندعو الله أن يجعله عوناً لجميع المواطنين من أبناء هذا البلد في ظل قيادتنا الرشيدة التي تحث الجميع دائماً على التيسير على المواطنين، والسعي إلى تخفيف الأعباء عنهم قدر المستطاع، وجعله الله في ميزان حسناتهم، وجزاهم الله خيراً.