|
الافتتاحية خالد المالك |
وفي عاداتنا
ما يحتاج إلى مراجعة !!
تتحول بعض ممارساتنا اليومية..
والكثير من سلوكياتنا المتكررة..
وشيء مما اعتدنا أن نقوم به من حين لآخر..
إلى عادة..
وإلى ما يشبه الضرورة بنظر بعضنا لتكتمل صورتنا كأمة مسلمة.
***
وأحياناً يأتي الخلط ..
في الفهم ..
وفي الممارسة..
بل وفي أسلوب التعاطي مع قضايانا وشؤون حياتنا..
بين ما هو عادة..
وبين ما هي تقاليد..
وبين ما هو متكئ على نص قرآني، أو حديث نبوي شريف ينبغي الالتزام به بحكم أنه من الثوابت الملزمة.
***
ومن المؤكَّد أنه ليس كل عادة ينبغي علينا ويستحب منا أن نحافظ عليها ضمن برامج حياتنا..
كما أنَّ بعض التقاليد هي الأخرى وإن اكتسبت صفة الاحترام قد لا تكون من الثوابت الملزمة لنا وإن كانت هذه قناعة بعضنا..
وبهذا فلا بد من المراجعة والتدقيق والتمحيص والقراءة لكل ما هو موضع ملاحظة في تقاليدنا وما اعتدنا عليه..
تدقيقاً وتمحيصاً يُفضي بنا في النهاية إلى أخذ الخيار الصحيح والانحياز إلى الموقف الأصح..
للوصول إلى نقاط من الفهم المشترك تجنب الأمة التفرق والتشرذم الذي يضعفها ويفوِّت عليها الكثير من النجاحات.
***
هناك فرق ولا شك بين الدين بكل تعاليمه المقدَّسة ومصادره غير القابلة للتشكيك أو التردد عند التطبيق..
وبين الموروث من العادات التي ربما صاحب بعضها أحياناً شيء من أمور قد تكون موضع ملاحظة موضوعية أو نقد له ما يبرره..
وفي هذه المرحلة..
بهذا الدافع الذي استجدت فيه أمور وأمور..
أرى أنه من الأهمية بمكان فك الارتباط بين الثوابت في العقيدة والقيم التي لا مجال للتخلي عنها، وبين ما يمارس على سبيل العادة بعد أن تحول مع مرور الزمن إلى شيء لا يجوز المساس به، أو انتقاده رغم ما يحمله من ضرر في بعض الأحيان.
***
إن المراجعة لسلوكياتنا مطلب مهم..
كما أن تقصِّي أبعاد ما يُثار على استحياء هنا أو هناك حول بعض أمورنا بات ضرورة واجبة..
وبخاصة حين تكون منطلقاتنا نظيفة ونزيهة وليس لها من هدف إلا الخير..
وعلينا وفق هذا التصور المتواضع أن نقبل بمبدأ المراجعة لكل ما لا يمس ثوابت الأمة..
وصولاً إلى ما يعزِّز قوتنا..
ويعالج القصور فينا..
فنحن مجتمع عربي مسلم متحضِّر أولى بمثل هذا التعامل، وأحق بمثل هذه المعاملة، وأجدر مَنْ يبادر بها ويلتزم بنتائجها.
|
|
|
لا وظائف كافية أو أجور مجزية خريجو الجامعات.. كابوس يؤرق بريطانيا! |
* إعداد إسلام السعدني
على الرغم من أن الشاب البريطاني (سام دولي) قد أنهى لتوه اختبارات عامه الجامعي الأخير بما حفل به من عناء، إلا أنه وجد أن العمل الشاق صار على وشك أن يبدأ!
إذ إن (دولي) الذي حصل على مؤهله الجامعي في الأدب الإنجليزي الحديث لم يهنأ بمشاعر الارتياح والبهجة التي تعقب عادة انتهاء الاختبارات، حيث إن هذه المشاعر تأثرت كثيراً بذلك التحدي الذي بات على هذا الشاب أن يواجهه، ألا وهو كيف يستفيد من هذا المؤهل في مجال عمل مربح يمكنه من تسديد ديونه التي بلغت 20 ألف دولار، حتى يقتنع بأن ما أنفقه خلال أعوام دراسته الثلاثة يعد استثماراً مجدياً.
ويقول (دولي) وهو يجول في حرم جامعته الغارق في أشعة الشمس (لقد تصفحت لتوي شبكة الإنترنت باحثاً عن عمل هنا حيث أعيش في جنوب غرب بريطانيا)، مضيفاً أنه اضطر للعودة للحياة مع والديه.. لأنه لا يقوى على ادخار أموال تمكنه من القيام بأي شيء آخر!.
صورة كئيبة
وعلى الرغم من أنه يمكن القول إن هذا التحدي لا يواجه (دولي) وحده، وإنما يواجه الخريجين في مختلف أنحاء العالم، إلا أن الوضع في بريطانيا يختلف حيث أثارت الصورة الكئيبة لهذه المعضلة الكثير من النقاشات حول الفوائد المادية والفلسفية للتعليم العالي، لا سيما في ظل مطالبة رئيس الوزراء البريطاني (توني بلير) زيادة عدد الطلاب الجامعيين في بلاده بشكل كبير، هؤلاء الطلاب الذين تزايدت أعدادهم بمقدار الضعف خلال العشر سنوات الماضية.
وتثور في هذا الصدد تساؤلات عدة حول ما إذا كانت الشهادة الجامعية هي مجرد وسيلة تمكن الشاب من الدخول إلى سوق العمل، وإذا كانت كذلك فهل تعد الأموال التي أنفقت من أجل نيلها استثماراً مهدراً إذا لم يتمكن صاحبها من الحصول على وظيفة ؟.. أم أن هذه الشهادة هي أداة لإكساب الطالب معارف وتجارب أكبر وأكثر، وهو ما سيستفيد منه المجتمع في النهاية بطرق غير مباشرة ؟.
ويمكننا أن نرى أن الشهادة الجامعية في بريطانيا ربما لم تعد جواز المرور للدخول في عالم أصحاب الثروة كما كانت من قبل، فقد ازداد عدد خريجي الجامعات البريطانية بشكل هائل خلال الخمس عشرة سنة الماضية دون أن يزداد عدد الوظائف التي يمكن أن يشغلها هؤلاء بنفس القدر.
ديون في سبيل العلم
وبينما ينال الكثير من أولئك الخريجين شهاداتهم الجامعية وعليهم ديون قد تفوق العشرة آلاف دولار، كشفت دراسة أجريت مؤخراً عن أن ما لا يتجاوز ثلث طلاب السنة النهائية بالجامعات البريطانية يتوقعون أن يجدوا بعد التخرج وظائف تناسب مؤهلاتهم !.
وتعليقا على هذا الأمر، أكد (مارتن بيرتشال) القائم على تلك الدراسة أن النتائج التي تمخض عنها هذا البحث تعد الأسوأ على الإطلاق.
وأشار (بيرتشال) الذي قام فريقه باستقصاء آراء 16 ألفاً من طلاب السنة النهائية في جامعات بريطانيا حول آمالهم ومخاوفهم إزاء مرحلة ما بعد التخرج إلى أن الديون التي يتحملها هؤلاء الطلاب تبدو في أعلى مستوياتها، بينما تبدو الفرص السانحة أمامهم للحصول على وظيفة بأجور جيدة في أدنى مستوى لها، قائلاً: إن الالتحاق بالجامعة لم يعد كما كان من قبل ضماناً للحصول على وظيفة مرموقة أو حتى عمل ذي راتب مجزٍ.
وعلى الرغم من ذلك إلا أن (سام دولي) يؤكد أنه لم يكن ليوافق أبداً إذا ما أتيحت له الفرصة على أن يستبدل مجال دراسته بمجال آخر أكثر ربحية، قائلاً: إن الخبرة التي حصل عليها خلال سنين التعليم الجامعي في المجال الذي تخصص فيه وهو الأدب الإنجليزي الحديث لا تقدر بمال، وأنه لن يستطيع أن يجد فرصة أخرى مماثلة لاكتساب هذه الخبرة في المستقبل.
خطط بلير
وإذا كان الحال كذلك بالنسبة ل (دولي) على الرغم من أنه اكتشف الوضع على حقيقته مبكراً، إلا أنه لم يكن كذلك بالنسبة لخريجة مثل (ماندي تيلفورد)، إذ أن هذه الشابة البريطانية لم تكتشف تلك الحقيقة المرة سوى بعد تخرجها بعام كامل، حيث إن وضعها المرموق عند التخرج كرئيسة للاتحاد الوطني للطلاب كان بمثابة واق مؤقت من الصدمات، إلا أنها لم تلبث بعد عام واحد أن اصطدمت بأرض الواقع وكان ذلك مؤلماً.
وقالت (تيلفورد): إن عملها في الاتحاد لم يجعلها مضطرة للذهاب إلى المقابلات المعتادة الخاصة بالحصول على وظيفة، مشيرة إلى أنها باتت في مواجهة ذلك الآن، وهو ما جعلها تطرح تساؤلات على نفسها حول ما الذي ستفعله في حياتها فيما بعد، وهي التساؤلات التي تصفها بأنها مروعة بحق.
من جهة أخرى، دأب رئيس الوزراء البريطاني على الإشارة إلى أنه بقدر القلق الذي تثيره المشكلات المتعلقة التعليم العالي، فإن هناك العديد من الجوانب المبهجة التي يمكن الحديث عنها فيما يتصل بهذا النوع من التعليم.
ويرغب الرجل في أن تصل نسبة الملتحقين بالجامعات من الشبان البريطانيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاما إلى 50% بحلول عام (2010).
ولكن هذا الهدف لا يبدو طموحاً بما يكفي، إذا ما جرت مقارنته بالمعدلات المماثلة في عدد من بلدان العالم الأخرى، حيث تبلغ تلك النسبة في العديد من الدول بما فيها نيوزيلاندا وأستراليا والسويد أكثر من (60%).
ولكن في الوقت نفسه تمثل المعدلات التي يطمح (بلير) في الوصول إليها إنجازاً كبيراً إذا ما قورنت بما كان الأمر عليه في بريطانيا نفسها خلال العقود الماضية، ففي عام 1950 كانت نسبة الطلاب الجامعيين هناك لا تتجاوز 3%، أما في عام 1988 فقد قفز عدد هؤلاء الطلاب ليصل إلى ما يقرب من مليون طالب، فيما يتجاوز هذا العدد حالياً مليوني طالب.
وخلال العشرة أعوام الماضية، تضاعف عدد الطلاب الجامعيين في البلاد ليبلغ قرابة 300 ألف سنوياً، وهو المعدل الذي أشارت الحكومة البريطانية إلى أنه يعد جيداً إذا ما قورن بمثيله على الصعيد الدولي، بينما أوضح خبراء الإحصاء التابعون للحكومة أن المؤهل الجامعي يزيد دخل صاحبه بنسبة 50% على مدار حياته، مضيفين أن الدراسات التي قاموا بها كشفت عن أن 5 من كل 6 خريجين في بريطانيا يرون أن الالتحاق بالجامعة هو استثمار مجد.
ولكن هذا الرأي لا يحظى بقبول من جانب الجميع، فها هي (ماندي تيلفورد) تؤكد أنه لا توجد إحصاءات موثقة تدعم ما يقوله خبراء الإحصاء الحكوميون من أن الشهادة الجامعية تزيد دخل صاحبها بهذه النسبة الكبيرة، والتي يمكن أن تساوي تقريبا 730 ألف دولار.
غاية أم وسيلة
وفي هذا الصدد، حذّرت دراسة أجراها الباحثان (فيليب براون) و(أنتوني هيسكيث) من أن التزايد المفرط في أعداد الخريجين الذين يدخلون سوق العمل ينجم عنه تأثير سلبي على الأجور التي يتقاضاها هؤلاء.
ويرى الكثير من الخريجين والمحللين والباحثين أن التعليم العالي لا يجب أن يعتبر وسيلة لتحقيق أهداف معينة فقط، بل غاية في حد ذاتها من حيث كونه عملية تثري المجتمع من خلال الأفراد المؤهلين الذين تمده بهم.
وقد أظهر استطلاع للرأي أجري مؤخراً بين الطلاب الجامعيين في بريطانيا أن 95% منهم يرون أن الوقت الذي قضوه في الجامعة كان ذا فائدة.
ويقول (باهرام بيكرادنيا) رئيس مجلس خبراء معهد سياسة التعليم العالي إن هناك أدلة قوية على وجود فوائد غير مادية يكتسبها الخريجون من دراستهم الجامعية، مشيراً إلى أن من بين هذه الفوائد أن هؤلاء الخريجين يتمتعون بصحة أفضل، وقدرة أكبر على التفاعل الاجتماعي، حيث يميلون أكثر للانخراط في الأنشطة الاجتماعية، وهذا إلى جانب الفوائد التي تعود على المجتمع من انضمام مواطنين أكثر تحضراً إليه.
وأشار (بيكرادنيا) في الوقت نفسه إلى أن بريطانيا لم تصل إلى حد التشبع فيما يتعلق بعدد طلاب العلم فيها بعد، موضحا أن نسبة الصبية الذين يتركون التعليم في سن السادسة عشرة في البلاد تعد الأعلى بين بلدان العالم الغربي.
وأضاف قائلاً: (إننا نحتاج بالتأكيد إلى مزيد من السباكين مثلاً، ولكننا نحتاج أيضا إلى المزيد من الشباب الذين يلتحقون بالتعليم العالي).
فوائد غير مادية
أما البروفيسور (بيتر إلياس) الذي نشر مؤخراً بحثاً حول تلك القضية ارتكز على مقابلات مع مائتي خريج فيقول: إن التركيز على العلاقة ما بين التعليم العالي وسوق العمل يتجاهل المبدأ الأساسي الذي يعتمد عليه هذا النوع من التعليم، ألا وهو تطوير الإنسان لنفسه بشكل ذاتي.
وأوضح (إلياس) وهو أستاذ بجامعة (وارويك) أنه (إذا نظرنا إلى أولئك الذين عملوا في مجالات لا علاقة لها بالمؤهل الجامعي الذي حصلوا عليه، فسنجدهم لا يكفون عن تأكيد أهمية سنوات تعليمهم العالي والدور الذي لعبته هذه الفترة في زيادة نضجهم العقلي، وفي تعزيز قدرتهم على التفكير، وكذلك في تشكيل إدراكهم لقيمة أنفسهم).
ويخلص الرجل للقول: إنه من البديهي التأكيد على أنه يجب تقييم الأهمية الكامنة في التعليم العالي باعتبار أنه يمثل عملية في حد ذاته منفصلة عن أية عوامل أخرى.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|