|
أنحن أحياء أم أموات؟! |
نتوارى اليوم كأمة خجلاً مما نراه فينا وعنَّا..
ونشعر بالمهانة مع استخفاف العالم بنا..
فها نحن مع هذا الواقع المرير نبدو وكأننا نتجرد من تاريخنا وعبق الماضي من حياتنا..
فيما أن المطلوب منَّا أن يكون شكلنا خالياً من تلك الملامح التي شوهت وأساءت لنا..
وأن تكون صورتنا اليوم وفي كل يوم مختلفة عن حالنا وواقعنا وما نحن فيه..
***
فصوتُنا الذي كان يدوي ويُستمع إليه بانبهار..
ورأيُنا الذي كان يُصغَى إليه باعجاب وتقدير..
وتلك المواقف الجسورة التي كان يحسب لها ألف حساب..
ها هي قد اختفت وغابت وتوارت عن الأنظار..
بشكل يدعو للألم والأسى والحسرة على ما فات والخوف مما يُحضّر لمستقبلنا الآن..
***
والفجيعة أن نتعامل مع كل هذه المتغيرات الخطيرة..
دون إحساس أو شعور..
وبلا اكتراث أو مبالاة..
وأن يبتلع كل منا هذا (الطعم) القاتل الذي حُضّر لنا دون تردد أو خوف من آثاره السلبية..
وكأننا بهذا أشبه بأمة ميتة..
أو معطلة مداركها..
أمة لا تحسن قراءة مستقبلها كما ينبغي..
بل كأنها لا تملك حق المبادرة في الحفاظ على حقوقها بالتصدي والدفاع عنها..
في زمن يتأكد يوماً بعد آخر بأنه ليس فيه للضعفاء والمترددين إلا التهميش من التاريخ..
***
لقد أضرت بنا الخلافات..
وعصفت بنا كثيراً المؤامرات..
وأخفت موالاتنا للعدو والتنازل له والقبول بإملاءاته كل قدرة لهذه الأمة كي تحيا قوية وعظيمة وبشرف..
فيما لا يزال المستقبل المخيف يلقي بظلاله علينا ودون أن يخفينا الضيف القادم ومستقبله المجهول..
***
إننا نتحسر على الماضي..
يوم كان للأمة صوت وكلمة وإرادة..
ونشعر بالأسى والخزي من حالنا اليوم..
ونذكّر بواقعنا إن كان فينا من تنفع معه وفيه الذكرى والتذكير.
خالد المالك
|
|
|
مديحة يسري تفتح خزانة الذكريات طلبت الطلاق من محمد فوزي بعدما ذبحني بسكين! |
* القاهرة أيمن عبد الحميد
مديحة يسري فنانة من الزمن الجميل، نجحت في الاحتفاظ بمكانتها المميزة في قلوبنا وعقولنا بأدوار ومواقف لا تنسى في الفن والحياة دخلت السينما من أوسع أبوابها بعد أن تزودت جيداً من ينابيع الثقافة والمعرفة فكتبت مجموعة من القصص والروايات عبرت خلالها عن مشاعر النساء في الأربعينات والخمسينات فعرفت جيداً طريقها وأدواتها فتدرجت بشكل طبيعى ولازالت حتى اليوم تقف بيننا مثل الهرم الشامخ الذي لا يمكن للزمن أن ينال منه أويؤثر فيه فتعمل بنفس الحيوية والنشاط اللذين كانت تعمل بهما في الأربعينيات والخمسينيات.
مشوار طويل ورحلة متناغمة مع الحياة والزواج تأثرت خلالها بالكثيرين وأثرت كذلك في الكثيرين عاشت مواقف محزنة ومواقف أخرى طريفة. تزوجت ممن أحبتهم ورغم انتهاء كل تجاربها الزوجية بالفشل إلا أنها أصرت على أن تظل صديقة لكل أزواجها كما تقول لنا في أغرب المواقف التي حدثتنا عنها. وفيما يلي نص الحوار مع النجمة السينمائية مديحة يسري:
* في باريس وقعت لي معجزة أذهلت الأطباء الفرنسيين
* فنانتنا الكبيرة.. نريد أن نتوقف معك عند محطة البداية وأبرز المواقف التي تعرضت لها بعد نجاحك في أول أدوارك السينمائية؟
هناك مواقف محرجة للغاية من الصعب نسيانها فحينما وجدت نفسى فجأة فتاة مشهورة يردد الناس أسمها ويشيرون إليها وهي تسير في الطريق وتدخل السيدات خلفي المحلات العامة فكنت أشعر بحرج شديد ولا أستطيع أن أذهب إلى أي مكان إلا وتتجه أنظار الناس نحوي.
أنا وكليوباترا
وتضيف مديحة يسري: الحقيقة أنني بدأت حياتي رسامة وليس ممثلة، وكان والدي صاحب الفضل في تشجيع هواية الرسم لدي فقد كان من هواة الصور الزيتية ويقتني صورا عديدة للمشاهير من الفنانين التشكيليين وقد شجع هذه الهواية بداخلي وحمسني بشدة.
* نعلم أن هناك موقفا طريفا تعرض له والدك هوالذي دفعك لعشق الرسم هل تتذكرين هذا الموقف وتحدثينا عنه؟
ذات يوم دفع والدي مبلغا كبيراً من المال مقابل صورة زيتيه قيل له أنها الصورة الوحيدة التي رسمها أحد الرسامين الإيطاليين وبعد بضعة أسابيع رأى والدي نفس الصورة معلقة في إطار ومعروضة للبيع عند أحد تجار الرسومات وعاد إلى البيت ثائراً وغاضباً فوجدني قد أمسكت بفرشاة وعلبة ألوان وبدأت أرسم خطوطاً على ورقة بيضاء وجلس إلى جانبي يشجعني بابتسامته وكلماته حتى انتهيت من رسم صورة لأهرامات الجيزة وخلفها غروب الشمس ونظر إلى الصورة المقلدة التي سبق له شراؤها لأحد الرسامين الإيطاليين وقال لي: لواستطعت رسم هذه الصورة فسوف أكافئك مكافأة طيبة وبالفعل قضيت أسبوعاً حتى انتهيت من رسم الصورة ولم تكن كاملة من الناحية الفنية ولكنها على كل حال كشفت عن استعداد طيب للرسم ومنذ تلك اللحظة ووالدي يشجعني على هذه الهواية وكان رحمة الله عليه بمثابة الناقد الفني والموجه الذي يختار لي موضوع كل صورة فكان له أكبر الأثر وأكبر الفضل في توجيه هواية الرسم عندي وتهذيبها تهذيباً فنياً صحيحاً.
عشق القراءة
* معروف عنك في الوسط الفني أنك من عشاق قراءة القصص وتقضين ساعات طويلة مع قصة دون أن تتحركي من مكانك ودون أن تشعري بالملل فما هي المواقف التي أدت إلى عشقك للقراءة؟
أذكر في إحدى الإجازات المدرسية وأنا دون الرابعة عشرة من عمري كنت في زيارة صديقة لي ووجدت عندها رواية صغيرة من الروايات الشعبية التي كانت تصدرها إحدى دور الصحف وأذكر جيداً أن هذه الرواية كانت ترجمة لحياة جان دارك ولم أكن بالطبع أعرف أي شيء عن هذه الشخصية العظيمة حتى قرأت هذا الكتاب وفي اليوم التالي ذهبت إلى صديقتي لأعيد إليها الكتاب فأهدتني رواية أخرى عن حياة ماري أنطوانيت وقرأتها أيضاً في يوم واحد وفي اليوم التالي قدمت لي رواية عن حياة كليوباترا وهكذا ولم يكن يمضي شهر حتى كنت قد قرأت أكثر من عشرين كتاباً عن شخصيات تاريخية لها أثرها الكبير في حياة الإنسانية وفي تاريخ الأمم وظل منذ هذا الوقت الكتاب أعظم رفيق لي فلا يفارقني ولازلت حتى اليوم أذكر بكل الخير صديقتي هذه التي جعلتني أعشق القراءة خصوصاً القصص التاريخية.
* هذا عن عشقك للقراءة.. فما هوالموقف الذي دفعك لعشق الكتابة خاصة أننا نعرف أنك قمت بكتابة قصص عديدة منها ما تحول بالفعل لأعمال سينمائية؟
من كثرة الكتب والقصص التي قرأتها تعلمت الكثير واستفدت وتضاعفت حصيلتي الثقافية واللغوية فكنت أجلس إلى كاتبي السيناريووالحوار في أفلامي الأولى وأشترك معهم في وضع السيناريووخلق الحوادث وكتابة الحوار وكان موقفي منهم موقف التلميذة التي تريد أن تتعلم وتلم بطريقة الكتابة للسينما رغم أنه كان لآرائي أهميتها فيما يكتبون حتى وجدت نفسي بعد عدة روايات أمتلك الاستعداد لتكوين فكرة كاملة عن كتابة القصة السينمائية وعلاجها بشكل جيد وظهر هذا واضحاً في أعمالي القليلة التي قدمتها للسينما كمؤلفة لها وفي مقدمتها قصة (وفاء).
صداقة الأدباء
* وكيف أصبحت صديقة لكبار الكتاب في هذه الفترة وحرص الأديب الراحل عباس محمود العقاد على استضافتك في صالونه الشهير؟
كان الكثيرون يسعون للتقرب من هذا العملاق وبصراحة لم أكن أحلم بأن أكون ضيفة على صالونه العظيم وهوالذي اختارني بعد أن قرأ لي إحدى القصص التي نشرت مسلسلة بإحدى الصحف في ذلك الوقت فوجدته يقرأها كاملة ويتصل بي ليهنئني ويوجهني بل ويطالبني بالحضور لصالونه واستفدت الكثير من داخل هذا الصالون وتعرفت على كبار الأدباء والمفكرين فكنت مستمعة جيدة وأحرص على عدم الحديث إلا حينما ينتهي الكبار من كلامهم. هكذا تعلمت. وهكذا تربيت. فقد أثرت هذه المرحلة في بشكل كامل ووجهتني للطريق الصحيح.
زواج بلا تردد
* ننتقل لمحطة زواجك بالموسيقار الراحل محمد فوزي.. كيف كان أول لقاء فني وشخصي بينكما؟
كان أول لقاء بيننا عندما اتصل بي المنتج حلمي رفلة وأبلغني انني سأشارك فوزي بطولة فيلم (قبلة في لبنان) الذي صورنا منه جزءاً في لبنان والباقي في مصر يومها أحسست ولمست في محمد فوزي الله يرحمه نوعاً نادراً من الرجال فهوبسيط جداً وكريم جداً ويعشق فنه بشدة وبسبب هذه الصفات التي لمستها فيه في مواقف مختلفة كانت بداية التعارف بيننا كان في مطلع الأربعينيات وعرض علي الزواج ووافقت دون تردد وعشت معه ثماني سنوات كاملة من أجمل سنوات عمري.
* وما هي المواقف التي تأثرت بها أثناء رحلة زواجك منه؟
كما قلت كان إنساناً من نوع نادر وهب كل حياته لفنه وجمهوره الذي كان ينظر لحبه له على أنه أمانة في عنقه لابد من ردها في كل أوقات حياته من خلال فنه وموسيقاه وصوته. كان شديد الالتصاق ببلده طنطا ولم أر في حياتي إنساناً مرتبطا بمسقط رأسه والبلد التي ينتمي لها وكل أفراد أسرته هناك كما شاهدت هذا الرجل رحمة الله عليه فقد كان دائم الاتصال بأهله هناك يسأل عن الجميع بما في ذلك الفلاحين والفقراء فقد كان شديد العطف على الجميع.
* ولماذا كان الانفصال ؟
الطلاق تم بناء على رغبتي رغم حبي الشديد له وذلك بعد أن شعرت بجرح عميق في كرامتي بعد أن دخلت حياته امرأة أخرى فشعرت كأنه أمسك بسكين وذبحني ولم يستطع مواجهتي وقال لصديقنا المخرج الراحل حلمي رفلة إنه لا يستطيع مواجهتي ووسطه لي ليعرف ما أريد وطلباتي دون أن أواجهه وكان الحل هو الطلاق الذي تم بالفعل دون مواجهة.
* نعرف أن هناك موقفاً غريباً جداً وقع يوم الطلاق هل تتذكرينه؟
نعم أتذكر هذا جيداً فبعد إتمام الطلاق دون مواجهة قمت بالاتصال به وقلت له لقد كنا قبل الزواج أصدقاء وأريد أن نظل أصدقاء ومن أجل تأكيد هذه الصداقة مطلوب منك هكذا قلت له أن تدعوني الليلة على العشاء أو أنا أوجه لك هذه الدعوة فقال لي أنت تقتليني بأخلاقك وأرسلت لبعض الصحفيين ليحضروا العشاء وأكدت لهم في وجوده أننا أصدقاء وبيننا ابننا الجميل (عمرو) وبعد انصرافهم طلبت منه أن يظل (عمرو) يعيش معي ووافق وتنازلت له عن كل حقوقي المالية في الأفلام التي اشتركنا فيها سوياً فأنا أعلم الأقساط المطلوب منه سدادها لمصنع الاسطوانات وهكذا ظللنا أصدقاء حتى آخر يوم في عمره، ونحن في منتهى الوفاق والسعادة والصداقة.
معجزة بكل المقاييس
* عانيت كثيراً من المرض ومنّ الله عليك بالشفاء فكيف تذكرين هذه الفترة العصيبة؟
لقد تعلمت من المرض الكثير هل تصدقون هذا؟ فحينما مرضت فجأة تصورت في البداية أنها مجرد وعكة وستزول بسرعة إلا أن الأيام امتدت مع آلام العمود الفقري وأقترح علىَ الأطباء السفر للاتحاد السوفيتى الذي لم يكن قد تفكك في هذا الوقت وسافرت بالفعل لموسكو وقدم لي وقتها السفير المصري مراد غالب والسيدة حرمه كل المساعدات إلا إنني لم أجد الشفاء هناك فعدت للقاهرة فوق مقعد متحرك ظللت أجلس عليه وأتجول به وتم عرضي على طبيب فرنسي متخصص في باريس ومن خلال خطة علاج وضعها لي تحسنت دون إجراء جراحة ووقفت مرة ثانية على قدمي بعد أن تصورت إنني لن أقف على قدمي مرة ثانية.
* وهل هناك موقف معين لا تنسينه في فترة المرض؟
نعم وهوفعلاً موقف لا ينسى حينما جلست فوق سريري والأمطار تغطي زجاج الغرفة وأنا في باريس فرفعت رأسي للسماء ودعوت الله بتضرع وإخلاص فشعرت براحة شديدة ولم تمضِ سوى أيام قلائل حتى شفيت تماماً وأبدى الأطباء ذهولهم وأكدوا لي أن ما حدث معي كان معجزة بكل المقاييس.
* بعد الشفاء إتخذت قراراً بأداء فريضة الحج لأول مرة في حياتك ونعرف أن هناك موقفاً لا ينسى لك هل تتذكرينه؟
نعم فقد اتخذت القرار وأنا في باريس بالعودة لأداء فريضة الحج وبعد عودتي كان موعد التقدم للحصول على التأشيرة كان قد انتهى ولكني كنت واثقة أن الله سيستجيب لي وما كدت أصل لمطار القاهرة وأنا أتحرك على قدمي فوجئت بما لم يكن في الحسبان فقد كان في انتظاري شقيقتي وزوجها وقالوا لي إن السفارة السعودية تسأل عني من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة لسفري لتأدية الحج بدعوة كريمة من إحدى صديقاتي في المملكة ولم يكن أمامي سوى أربعة أيام ويغلق بعدها المطار موسم الحج فأعددت بسرعة ملابس الحج وسافرت بالفعل في اليوم الرابع ولا أنسى هذا اليوم أبداً.
* وهل هناك مواقف أثرت فيك بعد وصولك للسعودية؟
كان أكثر المواقف التي أثرت في بشدة حينما وجدت في انتظاري بالمطار سيارة أمام سلم الطائرة وحينما ذهبت للطواف وجدت حولي مجموعة سيدات لتسهيل طوافي إذا شعرت بالتعب لقد كان موقفا رائعا تأثرت به بشدة.
* وهل تكررت رحلاتك للسعودية لأداء الحج أوالعمرة بعد هذا؟
نعم لقد أديت فريضة الحج والحمد لله ست مرات منها مرة وهبتها لوالدتي وأخرى وهبتها لوالدي وثالثة لنجلي الراحل (عمرو) هذا بخلاف مرات عديدة أديت فيها العمرة (فمن العمرة للعمرة كفارة لما بينهما).
فنان الشعب
* دائماً نراك تتحدثين عن تأثير فنان الشعب يوسف وهبي على حياتك ومسيرتك الفنية فما هي المواقف التي جمعتك به وأثرت فيك بهذا الشكل؟
أنا في الأساس تعلمت التمثيل على يدي يوسف وهبي فهو الذي شاهدني مصادفة وأنا في بداية مشواري أمثل بداخل بلاتوه قريب من البلاتوه الذي كان يصور فيه أحد أعماله السينمائية فاستدعاني هو وشريكه المنتج توجومزراحي وعرض علي التعاقد معه بشرط التفرغ الكامل له لمدة عام حتى ننتهي من تصوير ثلاثة أفلام وجدني أصلح لكي أكون بطلتها هي (ابن الحداد) و(فنان عظيم) و(أولادي) ولا تتخيلون كم استفدت وتعلمت منه فقد كنت أجلس بعد العمل وأرفض ترك البلاتوه لكي أشاهده وهو يمثل ويوجه الممثلين فأتعلم منه وباعترافه هو رحمة الله عليه كنت تلميذة نجيبة جداً.
* وما هو الموقف الذي أثر فيك بشدة أثناء عملك معه؟
بعد سنوات من دخولي الوسط اعجبني موضوع فيلم (الأفوكاتو) وقررت إنتاجه والتقيت به وقلت له إنني ألتقي بك ليس كممثلة ولكن كمنتجة وقدمت له عقد العمل تاركة له حرية الأجر فضحك ورفض أي أجر وبعد مناقشات وإلحاح شديد مني وافق على الحصول على نسبة 20% من الإيرادات وهي نسبة ضئيلة جداً لا تتفق مع قيمته ومكانته وأثبت لي بعد موافقته على العمل معي وأنا تلميذته أنه رجل عظيم حقاً وهكذا كانت العلاقة بين الفنانين في ذاك الزمن الجميل.
فوائد السفر
* كان معروفاً عنك عشق السفر والمشاركة في المهرجانات الفنية العالمية فهل هناك موقف معين تتذكرينه في إحدى هذه الرحلات؟
لقد حدث لي موقف كوميدي للغاية حينما سافرنا لمهرجان السينما في برلين وكان معي في هذه الرحلة نادية لطفي وكمال الشناوي وشكري سرحان وأثناء جولتنا في شوارع برلين وجدنا أنفسنا بعيدين عن مقر إقامتنا ونحتاج لدليل يرشدنا حتى نعود بعد رحلة تسوق قمنا بها ولم نجد دليلاً سوى ضابط مرور واعتقدنا أن المشكلة انتهت إلا أنها لم تكن قد انتهت حيث لم يكن معنا من مفردات اللغة الألمانية إلا (جوتن ناخت).. فلم يكن أمامنا إلا لغة الإشارة التي لم تقنعني واقنعت الزملاء فذهبوا في طريق وذهبت أنا في طريق آخر وهكذا (تهت) عنهم وظللت لا أعرف شيئا أتجول بلا هدف ساعات طويلة حتى عثروا علي بصعوبة وكان شكلهم يوحي وهم يبحثون عني مثل الأهالي في الأحياء الشعبية بالقاهرة حينما يبحثون عن طفلة تائهة فسقطت على الأرض من شدة الضحك وهم مثلي.
زوجي (الدنجوان)!
* تحدثت معنا عن المواقف التي جمعتك بزوجك الثاني الموسيقار محمد فوزي فلماذا لم تتحدثي عن المواقف التي جمعتك بالمخرج أحمد سالم أول أزواجك؟
بل قل (الدنجوان) أحمد سالم الذي كانت تهفو قلوب كل نساء مصر نحوه فقد كان يملك (كاريزما) رهيبة تجذب الناس اليه ومن هنا كان أول فنان يحصل على لقب (الدنجوان) في السينما العربية.
* وما هي مشاعرك حينما عرض عليك الارتباط؟
ألغيت كل شيء ولم أستمع لأي نصائح بعدم الزواج وتذكرت وقتها شيئا واحدا ربما بسبب عمري الصغير هو أن الرجل الذي تحلم به آلاف النساء اختارني أنا من دون كل النساء ليتزوجني فشعرت بسعادة بالغة ولم أتردد.
* ولماذا لم تستمر الحياة بينكما كثيراً؟
كان من الصعب بل من المستحيل أن تظل الأمور مستقرة بيننا في ظل مضايقات النساء له بشكل يثير الغيظ فكان من الصعب علي الاستمرار.
* وهل هناك مواقف بعينها تتذكرينها له؟
أنه موقف خاص وكوميدي للغاية حينما تزوج الزميلة الراحلة تحية كاريوكا وسافر لقضاء شهر العسل في بيروت وتوقعنا أن تحدث كارثة. وقبل انتهاء شهر العسل وجدته كاريوكا يتحدث مع إحدى الحسناوات اللبنانيات وبجرأتها وأسلوبها المعروف جذبت الفاتنة من شعرها وانهالت عليه ضرباً وسباً وعادا للقاهرة كل منهم بمفرده بعد الانفصال.
(إني راحلة)
* من أروع الأفلام التي لازلنا نستمتع بها لك رائعة يوسف السباعي (إني راحلة) الذي قمت بإنتاجه ويعد حتى اليوم تحفة هامة في تاريخ السينما العربية. فما هي المواقف التي لازلت حتى اليوم تتذكرينها لهذا الفيلم؟
حينما قرأت القصة وأعجبتني وكنت أعرف عائلة الأديب العظيم يوسف السباعي وكانت هناك صداقة بين د. إسماعيل السباعى وزوجي أحمد سالم وكان كل يوم معنا وتعرفت على يوسف السباعي واشتريت منه القصة بمبلغ رمزي وخرجت للنور على يد المخرج العظيم عزالدين ذو الفقار (رحم الله الجميع) وحققت نجاحا كبيرا جداً ومن المواقف الهامة التي لاتنسى أن الرئيس جمال عبدالناصر اتصل بيوسف السباعي وكان صديقاً له وقال له إنه يريد مشاهدة الفيلم فابلغني السباعي برغبة الرئيس وبالفعل ذهب ناصر لدار سينما ستوديو مصر بعماد الدين وشاهد الفيلم جالساً في الصالة بين الجماهير التي لم تنتبه لحضوره والطريف أن نفس الموقف تكرر مع الرئيس أنور السادات الذي لم يكن قد تولى رئاسة الجمهورية في هذا الوقت وذهب أيضاً وشاهد الفيلم واتصل بي وهنأني.
وسام على صدري
* نعرف أن لك مواقف لا تنسى مع السادة رؤساء الجمهورية الثلاثة جمال عبدالناصر ثم أنور السادات والسيد الرئيس حسني مبارك أعطاه الله الصحة والعافية وطول العمر فما هي هذه المواقف؟
في أكثر من مناسبة التقيت بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر وكان يصر على مناقشتي والتعرف بنفسه مني على مشاكل السينما المصرية وكان يستمع بإنصات شديد ويوصي بضرورة حل هذه المشاكل وحصلت منه على أكثر من جائزة كما حصلت على جائزة الريادة من الرئيس السادات إلا أن أكبر وسام حصلت عليه في حياتي كان من الرئيس حسني مبارك بعد اختياره لي لأكون عضوة بمجلس الشورى بالتعيين وعضويتي بلجنة السياحة والإعلام والثقافة وهو اختيار شرفت به وأشرف به حتى اليوم وعملي في المجلس ليس سهلاً بأي حال.
* قبل عامين تعرضت لموقف أقلقنا جميعاً عليك بعد سقوطك في المجلس بعد حضورك لإحدى الجلسات هل تتذكرين هذا الموقف؟
لقد كان موقفاً بحق مخجلا جداً حينما انزلقت قدمي حتى إنني أصبت بجرح عميق جداً وغطت الدماء قدمي حتى إنني أصبت بفزع شديد واستدعي زملائي من أعضاء المجلس الأطباء الذين اكتشفوا إصابتي المزدوجة بجرح طوله 7 سم وشرخ في القدم ونصحوني بالراحة التامة عشرة أيام كاملة حتى التأم الجرح وبعدها تم عمل جبيرة للشرخ وهي إرادة الله والحمد لله على كل شيء وحمدت الله على أن هذا الحادث تعرضت له وأنا في مصر وليس خارجها.
سر الشباب الدائم
* فنانتنا الكبيرة لازلت حتى اليوم تحتفظين بنضارتك ونشاطك فما هي عاداتك وماذا تقولين لأي سيدة أو فتاة تسعى للاحتفاظ بنضارتها وجمالها؟
أول شيء أقوله لهن عدم التدخين أو شرب الكحوليات وإعطاء الجسد راحته الكافية من النوم والبعد عن السهر وتناول الأطعمة الطازجة وعدم أكل الدهون والنشويات والأهم من كل هذا البعد عن الغضب والانفعال قدر الإمكان.
* حينما تجلسين إلى نفسك وتتذكرين رحلتك مع الحياة والفن.. ما هي المواقف التي تتوقف عندها ذاكرتك دائماً؟
بساطتي في التعامل ونسيان الإساءة وعدم التفكير فيما مضى والتذكير فقط في اليوم والغد والحمدلله حب الناس لي طيلة حياتي فلم أدخل أبداً في صراع مع أحد فقلبي كما يعرف الجميع ناصع البياض فلا أحمل كراهية لأحد ولم يعرف الحقد أبداً طريقه لنفسي وهذا أحد الأسباب الجوهرية التي تساعد أي إمرأة أو فتاه فنانة أوغير فنانة في الاحتفاظ بنضارتها وحيويتها أطول فترة ممكنة إذا أرادت.
* وما هي أجمل مراحل العمر من وجهة نظرك؟
مؤكد أنك تنتظر مني أن أقول لك أن الشباب هو أجمل مراحل العمر كما يقول الجميع ولكن صدقني لكل مرحلة جمالها ورونقها فأنا الآن أستمتع بالهدوء والراحة بنفس درجة استمتاعي بالصخب والضجيج قديماً.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|