|
أنحن أحياء أم أموات؟! |
نتوارى اليوم كأمة خجلاً مما نراه فينا وعنَّا..
ونشعر بالمهانة مع استخفاف العالم بنا..
فها نحن مع هذا الواقع المرير نبدو وكأننا نتجرد من تاريخنا وعبق الماضي من حياتنا..
فيما أن المطلوب منَّا أن يكون شكلنا خالياً من تلك الملامح التي شوهت وأساءت لنا..
وأن تكون صورتنا اليوم وفي كل يوم مختلفة عن حالنا وواقعنا وما نحن فيه..
***
فصوتُنا الذي كان يدوي ويُستمع إليه بانبهار..
ورأيُنا الذي كان يُصغَى إليه باعجاب وتقدير..
وتلك المواقف الجسورة التي كان يحسب لها ألف حساب..
ها هي قد اختفت وغابت وتوارت عن الأنظار..
بشكل يدعو للألم والأسى والحسرة على ما فات والخوف مما يُحضّر لمستقبلنا الآن..
***
والفجيعة أن نتعامل مع كل هذه المتغيرات الخطيرة..
دون إحساس أو شعور..
وبلا اكتراث أو مبالاة..
وأن يبتلع كل منا هذا (الطعم) القاتل الذي حُضّر لنا دون تردد أو خوف من آثاره السلبية..
وكأننا بهذا أشبه بأمة ميتة..
أو معطلة مداركها..
أمة لا تحسن قراءة مستقبلها كما ينبغي..
بل كأنها لا تملك حق المبادرة في الحفاظ على حقوقها بالتصدي والدفاع عنها..
في زمن يتأكد يوماً بعد آخر بأنه ليس فيه للضعفاء والمترددين إلا التهميش من التاريخ..
***
لقد أضرت بنا الخلافات..
وعصفت بنا كثيراً المؤامرات..
وأخفت موالاتنا للعدو والتنازل له والقبول بإملاءاته كل قدرة لهذه الأمة كي تحيا قوية وعظيمة وبشرف..
فيما لا يزال المستقبل المخيف يلقي بظلاله علينا ودون أن يخفينا الضيف القادم ومستقبله المجهول..
***
إننا نتحسر على الماضي..
يوم كان للأمة صوت وكلمة وإرادة..
ونشعر بالأسى والخزي من حالنا اليوم..
ونذكّر بواقعنا إن كان فينا من تنفع معه وفيه الذكرى والتذكير.
خالد المالك
|
|
|
بعد قرارات قمة فيينا أوبك.. صمود القدرة الذاتية أمام الضغوط الدولية |
* القاهرة رضوان آدم
بدأت الصيحات تتعالى وتتدافع من كل حدب وصوب تجاه منظمة الأوبك، مطالبة إياها بالتراجع الفوري عن قرارها الذي دشنته قمتها الأخيرة في فيينا، والقاضي بتخفيض إنتاج النفط بمقدار مليون برميل يومياً، ارتباطاً بتصاعد المخاوف الشديدة لدى الغرب والدول الصناعية المستوردة للنفط من إمكانية تعرض امدادات النفط الآتية من الشرق الأوسط أصلاً للتقلص إلى جانب استمرار حالة الفراغ الأمني في العراق ومنطقة الشرق الأوسط عموماً.
ووسط المزيد من الضغوطات التي تتعرض لها المنطقة الدولية من قبل الدول الصناعية جاء قرار المملكة وهي أكبر مصدر للنفط باتخاذ موقف متوازن الامر الذي هدأ من حدة المخاوف الدولية من انخفاض كمية المعروض من النفط في حال تنفيذ كافة أعضاء الأوبك للقرار.
حول ماهية الموقف السعودي والصورة الكاملة للمشهد الاقتصادي بعد قرار أوبك الراهن يدور التحقيق التالي:
في البداية يشير الدكتور أحمد مندور أستاذ الاقتصاد والتجارة بجامعة عين شمس إلى أن منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) لا يمكن لها أن تتراجع عن قرارها الأخير، بالنظر الى تراجع معدل الطلب على استهلاك البترول في العالم مع نهاية فصل الشتاء بحلول الربع الثاني من العام الحالي، موضحاً أن المنظمة الدولية لم تتخذ هذا القرار عبثاً بعد أن زاد سعر برميل النفط منذ أكثر من ثلاثة شهور عن الحد الأقصى الذي حددته أوبك وهو 28 دولاراً.
ويضيف رداً على سؤال حول أسباب الارتفاع في أسعار النفط بالسوق العالمية قائلا: ان الحرب الأنجلوأمريكية على العراق لازالت تلقي بظلالها على الموقف بالسوق الدولية، فضلاً عن تخوف الأسواق من إقدام أوبك على خفض الإنتاج بالفعل مع بداية الأسبوع الثاني من شهر إبريل الجاري، مشيراً إلى أن هذا الوضع أحدث طفرة في أسعار البترول ساهمت في ارتفاع الأصوات التي تقودها الولايات المتحدة وتنادي بعدم خفض الإنتاج.
أوبك على المحك
ويحذر الدكتور مندور من حدوث أي تخاذل بموقف منظمة أوبك تجاه تنفيذ القرار، قائلاً: تراجع أوبك عن تنفيذ قرارها يقضي على هيبتها وفاعليتها المطلوبة، وأتمنى أن تنجح المنظمة في إقناع أعضاءها بالمثول الكامل لبنود القرار وإدراك أن هذا القرار يعد خطوة شجاعة في مواجهة المقامرين بالسوق الدولية لتجارة النفط، والذين لا يهمهم سوى تحقيق الربح والفائدة على المدى القريب دون النظر إلى حجم المستنزف من رصيد وإحتياطي دول العالم الثالث التي تتعرض لمزيد من الضغوط الاقتصادية والسياسية الخانقة من قبل الدول الصناعية المتقدمة.
خطوة رائدة
ويؤكد الدكتور أحمد مندور أن موقف المملكة الذي أعلنته رسمياً، والخاص بضمان تحقيق توازن سعري عالمي وتأمين المعروض من النفط في السوق العالمية في حال تأثير خفض الأنتاج على كمية المعروض الدولي هو موقف شجاع لأنه يأتي في ظروف سياسية واقتصادية دولية بالغة الخطورة تمر بها منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي خصوصاً بعد احتلال العراق.
ويصف الدكتور مندور الموقف السعودي بأنه رائد بالنظر إلى نتائجه الاقتصادية الايجابية على علاقة المنظمة والدول الصناعية، مؤكداً على أن القرار حافظ على ما تبقى من ماء وجه وهيبة الأوبك، مشيراً إلى أن تراجع أوبك عن القرار كلية بات مستحيلاً. وبالتالي أراحت الرياض المنظمة الدولية من هذا العناء، وساعدت على استقرار أسعار النفط نسبياً مع نهاية الأسبوع الأول من أبريل الجاري.
استراتيجية منقوصة
على الجانب الآخر ترى الدكتورة يُمنى الحماقي المحللة وأستاذة الاقتصاد بجامعة عين شمس أن منظمة الأوبك ليست متماسكة بالقدر الذي يحافظ على موقف قوي من جانبها إزاء الضغوط الدولية التي تتعرض لها هذه الأيام، مدللة على أن بعض دول الأوبك مثل الكويت والسعودية تملكان إستراتيجية نفطية وتصوراً مستقلاً عن السوق الدولية للنفط، بما يحقق مصالحهما الوطنية والتجارية بعيداً عن قرارات المنظمة الدولية الخاصة بالتأثير في أسعار النفط، نافية أن يكون هناك تماسك في وحدة الهدف لدى أعضاء الأوبك.
وتلفت الدكتورة يمُنى الحماقي النظر إلى أن قدرة أوبك على التأثير في السعر لن تستمر على المدى المتوسط والبعيد نتيجة لتعرض أعضائها رويداً رويداً لمزيد من الضغوط السياسية من قبل الولايات المتحدة وبعض الدول، لحثهم على العودة بكميات النفط المبيعة لسابق عهدها، مؤكدة على ارتباط قضية النفط بأحداث الشرق الأوسط والوضع في العراق وفلسطين.
وتستطرد الدكتورة يُمنى الحماقي لتبرز فكرة غاية في الأهمية على حد قولها تمثلت في أن البترول لا يزال قوة اقتصادية وورقة ضغط سياسية بالغة التأثير في مسرح النظام العالمي، ارتباطاً بأصداء هذا القرار. فبالرغم من بحث الغرب واليابان عن مصادر طاقة بديلة والنجاح النسبي في هذا إلا أن البترول لا يزال قادراً على تحريك خيوط اللعبة السياسية الدولية فيما يخص أهمية هذه الورقة عربياً في ظل غياب إستراتيجية واضحة للتخطيط الاقتصادي الغربي الموحد. وشددت الدكتورة يمنى الحماقي على ارتباط أهمية وفاعلية البترول العربي كورقة للضغط السياسي بمدى قدرة الدول العربية على الوحدة السياسية التي تستثمر كل ما هو متاح من إمكانات ومقدرات مادية في سبيل إعادة ترتيب البيت العربي الآخذ في السقوط يوماً وراء آخر.
وتدعو الدكتورة يُمنى منظمة الأوبك الى زيادة مساحة التعاون والتكتلات الاقتصادية الاقليمية في بلدان العالم الثالث لمعرفة احتياجات هذه الدول الاقتصادية، بدلاً من الوقوع فريسة للتكتلات الدولية التي لا يهمها مصلحة الجنوب إطلاقاً، موضحة أن فرص تمرير الولايات المتحدة لقرار يصدر عن منظمة التجارة العالمية يتم بمقتضاه معاقبة بعض دول رابطة الأوبك تجارياً في حال إقدامهم على تخفيض سقف الإنتاج الذي قررته قمة فيينا الأخيرة يؤكد خضوع حركة الاقتصاد العالمي لرغبة دول العالم الأول في الحفاظ على مستوى اقتصادي مرتفع تضمن من خلاله هذه الدول التفوق السياسي والاقتصادي على دول العالم النامي وتحد من استقلاليتها الاقتصادية والسياسية على العموم.
اتهامات غير مشروعة
ومن جانبه يرى الدكتور محمد حسين أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن تداعيات قرار المنظمة الأخير تدفع بالقول الى أن الولايات المتحدة فشلت تماماً في تأمين استقرار تدفق النفط العراقي إلى أراضيها، مؤكداً على اشتداد الصراع الدولي الخفي حول منابع النفط في منطقة بحر قزوين وجنوب السودان.
وعن مشروعية التهديد الأمريكي لأعضاء أوبك بفرض عقوبات اقتصادية وتجارية يشير الدكتور محمد حسين الى أن القواعد القانونية للتجارة الدولية لا تخول الولايات المتحدة القيام بمثل هذه الخطوة، مشيراً إلى أن منظمة الجات لا يحق لها قبول الطرح الأمريكي الذي يعد سابقة خطيرة في مجال التعامل التجاري الدولي في إطار منظمة الجات في حال تنفيذ واشنطن تهديداتها.
وينتقد د. محمد حسين مبالغة بعض الأوساط الاقتصادية العالمية في سلب منظمة الأوبك حقها في تحديد أسعار النفط في السوق الدولية، مؤكداً على حق المنظمة في تحديد السعر المناسب والحصص الجديدة لكل دولة منتجة للنفط، لمواجهة التسارع المحموم في أسعار سلة الأوبك دولياً، بما يحقق المصالح الخاصة بالدول المصدرة للنفط، ويلائم كمية الطلب العالمي من جانب الدول الصناعية على المعروض أصلاً من البترول.
ويتابع قائلا ان الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن دولاً برابطة الأوبك مثل فنزويلا وإيران وقعت بإتجاه القرار وحدها، لتخلق لنفسها الذرائع والحجج الواهية لفرض ضغوطها السياسية على المنظمة الدولية وعلى تلك البلدان التي تراعي في المقام الأول تحقيق توازن اقتصادي وتجاري عادل.
وحول موقف بعض دول الأوبك المتحفظ على القرار خارج نطاق المنظمة يبين د.محمد حسين أن كل دولة داخل الأوبك ملزمة بالقرار الصادر عن ممثليها داخل اجتماع فيينا الأخير الذي يضمن بدوره عدم حدوث أي نقص في إمدادات البترول الدولية ويحقق المستوى المنشود لسعر برميل النفط كما تحدده أوبك بمستوى 25 دولارا للبرميل في السلة الواحدة، مضيفاً أن الدول المستهلكة للنفط مطالبة بألا تنسى أن أوبك زادت من إنتاجها العام الماضي أربع مرات لوقف ارتفاع الأسعار حيث وصلت الزيادات1.3.7 مليون برميل يومياً، فضلاً عن الزيادات التي تمت من الدول الأخرى غير الأعضاء في المنطقة، ولم يفلح هذا كله في ضبط السعر دولياً، كما لم يظهر تحرك منفرد من قبل المضاربين في السوق الدولية يعبر عن نية محمودة لتهدئة مخاوف مصدري النفط.
وخلص الدكتور محمد حسين إلى أن الأجواء السياسية التي عقدت خلالها الأوبك قمتها ساهمت بشكل كبير في تشكيل رد الفعل الدولي على قرار المنظمة.
حيث يرى أن عدم قدرة دول التحالف بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية على تأمين الوضع الأمني بالعراق وأفغانستان، فضلاً عن العلاقة الباردة بين إيران وفنزويلا، كدولتين كبيرتين في منظومة تجارة النفط العالمية، مع الولايات المتحدة.
من جانب آخر كل هذا ساهم في زيادة المخاوف الدولية من تحكم بعض هذه الدول في سوق النفط بما يضر بمصلحة الغرب عموماً والولايات المتحدة خصوصاً ولهذا السبب يستشرف المحلل السياسي المصري دخول منظمة الأوبك في طور من العلاقات الساخنة مع الولايات المتحدة إذا ما استمرت المنظمة على موقفها الرافض لميوعة أسعار النفط عالمياً.
وفي نهاية القول تتكشف ثلاثة سيناريوهات متعلقة بتأثير الضغوط الدولية على الأوبك يوضحها د. حسين، ويأتي على رأسها السيناريو الخاص بصعوبة سيطرة أوبك على المضاربات الدولية بالسوق السوداء للنفط، بالنظر إلى غياب الجماعية في تصيد أعضاء الرابطة لقرار فيينا الأخير بينما يحل تراجع الأسعار وانخفاض العروض كسيناريو لاحق، ويبقى السيناريو الخاص بتراجع أوبك عن قرارها كلية في إجماع لاحق لها تصوراً أخيراً إذا ما استمرت الضغوط الأمريكية على شدتها الحالية تجاه أوبك منظمة وأعضاء.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|