هل تعاني من كثرة النسيان؟ هل تشكو من أن قدرتك العقلية على التقاط الأمور وفهمها بسرعة باتت محدودة؟ هل تخاف من تدهور ذكائك مع مرور الزمن؟ لست وحدك من يعاني هذه الأعراض؛ فكثيرون غيرك حول العالم يشكون نفس الأعراض، لكن الأسباب التي أدت إلى التدهور العقلي لكل واحد منهم مختلفة. مهما كانت الأسباب فهناك ست خطوات لو اتبعها أي شخص فسوف تزيد نسبة ذكائه وتعود بعقله إلى حالة الانتعاش واليقظة وسرعة الفهم.
في تحقيق نشرته مجلة (ريدرز دايجست) مؤخراً طرح العديد من الخبراء ست نصائح قالوا إن اتباعها لا يحقق فقط الانتعاش، بل يزيد من ذكاء الشخص وسرعة بديهيته مهما كانت الأسباب والعوامل التي تحدّ من قدراته العقلية. وهذه الخطوات هي:
1- استرخ وتنفس بعمق
في البداية يطرح علينا الدكتور دونالد ستاس أستاذ طب النفس والأعصاب ومدير معهد روتمان للأبحاث بولاية تورينتو الأمريكية عدة أسئلة وهي: ما الشيء الأول الذي تعتقد أن فعله سيؤدي إلى صحة وانتعاش عقلك؟ عمليات حسابية مثلاً؟ ممارسة الشطرنج؟ الإجابة الصحيحة - من وجهة نظره كما يقول - هي أن ممارسة هذه الأشياء جميعاً وإن كانت مفيدة إلا أنها لا تعود بالعقل إلى درجة الانتعاش الكامل، وأن أفضل ما ينصح به من أجل أن يبقى العقل دائماً في حالة شباب وصحة جيدة هو الاسترخاء مع ممارسة تمارين التنفس بعمق، حيث إن ذلك من شأنه أن ينشط الدورة الدموية ويؤثر بشكل إيجابي على صحة العقل.
ويتفق الدكتور مارك ماكدانيال أستاذ علم النفس بجامعة واشنطن مع ما قاله زميله السابق، ولكن يضيف أن برنامجاً مكوناً من ممارسة تمارين التنفس مع تمارين إنقاص الوزن في وقت واحد، يحقق نتائج عقلية أكثر؛ حيث أثبتت الدراسات أن ممارستهما في وقت واحد تفيد كثيراً في تنشيط المخ والحفاظ على حيويته وشبابه. ومن المعروف أنه كلما تقدم الإنسان في السن فإن خلايا المخ التي تعرف بالخلايا العصبية تفقد حبل الاتصال بينها تدريجياً، ومن المعروف كذلك أن هذا الحبل له دور أساسي في التفكير الجيد وسرعة الفهم والإدراك. ويأتي كلام الدكتور مارك ماكدانيال مستنداً إلى نتائج العديد من الدراسات التي أثبتت أن ممارسة هذه التمارين كفيلة بإحباط توقف المخ عن تأدية وظيفته، وقادرة على إعادة تقوية الذاكرة وتطور الملكة الشعرية والإبداعية عند من يمارسها نظراً لأنها تعني مزيداً من إمداد المخ بالدم ومزيداً من الأكسجين الذي يحمله والذي يحتاج إليه لصحته ونشاطه.
وفي عشرات الدراسات التي أجريت خلال السنوات الخمس الماضية تحت عنوان (تمارين التنفس) ثبت أن هذه التمارين تقلل فقدان المخ لأنسجته في السن المتأخرة، وأكد الدكتور أرثر كرامير وزملاؤه بجامعة إلينوي أن هذه التمارين تزيد من حدة ذكاء العقل ويقظته، كما تجعل خلاياه العصبية نشيطة وتساعد على تجددها. والجدير بالذكر أن نفس التمارين تقي من الإصابة بأمراض القلب الأخرى، وتقي المخ من المخاطر التي قد يتعرض لها مستقبلاً.
2- المعدة طريق الذكاء
إحدى الطرق التي يمكن أن يسلكها الإنسان لإعادة الحيوية والنشاط إلى عقله هي تغذيته جيداً؛ حيث يقول العلماء إن المعدة هي الطريق السليم لعقل نشط ويقظ. ومما لا شك فيه أن جميعنا سمع عن الأطعمة التي تحتوي على مضادات الأكسدة التي من المعروف عنها أنها تحارب مرض السرطان، وقد أثبتت الدراسات أن تناول الأطعمة التي تحتوي على هذه المضادات لا يحارب السرطان فقط، بل هو مفيد أيضاً لصحة العقل ونشاطه، ومنها الفواكه والخضراوات وبعض الحبوب كالقمح وجوز الهند والتوابل.
ويقول الدكتور كارلو جرينوود عالم التغذية بجامعة تورينو إن نوعية الغذاء اليومي الذي يتناوله الإنسان لها دور في صحة العقل؛ حيث أثبتت الدراسات أن الأغذية الدسمة لا تصيب بالسمنة أو بارتفاع في ضغط الدم وفي نسبة الكوليسترول فقط، وإنما تؤثر كذلك بطريقة سلبية في صحة العقل، وذكائه، وفي أحيان كثيرة تصيبه بالغباء.
3- برامج اللياقة العقلية
من المعروف علمياً أن عقولنا تقل كفاءتها بشكل طبيعي في سن الثلاثين، لكن في نفس الوقت، وحسبما يقول مايكل ميرزنيتش أستاذ علم الأعصاب بجامعة كاليفورنيا في أبحاثه، فإن الإنسان في أي مرحلة عمرية يمكنه أن يدرب ويشغل عقله ليصبح أكثر سرعة ونشاطاً، حيث شبه الدكتور مايكل عقل الإنسان بآلة التعلم، وكل ما على الإنسان منا أن يوفره لعقله هو الأدوات الصحيحة لتدريبه على النشاط والسرعة. ومن المعروف أن الدكتور ميرزنيتش قد طور نظام التدريب، ويعتمد على الكمبيوتر، ويعمل على زيادة قدرات العقل، ويعرف هذا البرنامج باسم (برنامج اللياقة العقلية) يعتمد على تطوير المهارات السمعية والكلامية، ويتعامل البرنامج مع من يخضع له بطرح أسئلة تميز بين أصوات يتم عرضها ببطء في البداية ثم تسريع النطق بها من أجل جعل المخ أكثر يقظة تجاه ما تلتقطه الأذن.
وتتشابه لعبة (عمر المخ) التي أنتجتها مؤخراً مجموعة نينتندو اليابانية لألعاب الفيديو مع برنامج الدكتور ميرزنيتش، فمن شأنها تقديم تدريب عملي لزيادة القدرات العقلية الذهنية، ويتم من خلالها طرح أسئلة على لاعبها في مجالات عدة مثل الرياضيات والقراءة، كما تطلب منه القيام بمهام بسيطة، مع إمكانية الاحتفاظ بجدول لكل النتائج التي يحرزها للتحقق من تطور قدراته العقلية، ومن فوائد هذه اللعبة، التي بيع في اليابان وحدها نحو مليوني نسخة منه، أنها تعطل مسار فقدان الذاكرة المرتبط بالشيخوخة، كما أجازتها هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية كعلاج معرفي فعال.
وآخر اكتشاف في مجال علم المخ تم التوصل إليه خلال السنوات العشر الأخيرة هو أن مخ الإنسان قادر على التكيف في أي مرحلة عمرية مع ما يقابله، بمعنى أن الواحد منا لو أراد أن يتعلم صنع أو ممارسة أي شيء فسوف يتعلمه بالفعل، ولو أراد أن يزيد من ذكائه وقدراته العقلية فعليه شراء برنامج كمبيوتر تعليمي مثل برنامج الدكتور ميرزنيتش، أو القيام بأحد ملايين الأنشطة العقلية التي تثير فضوله وانتباهه، كممارسة لعبة البينج بونج أو حل الألغاز أو تعلم لغة جديدة وغيرها من النشاطات التي تحتاج إلى التفكير واليقظة.
4- إجازة من التفكير
احذر من أن تأخذك هموم وأمور الحياة بالاستغراق في التفكير المستمر؛ لأنه إذا كانت إثارة العقل بالتفكير في حل الألغاز والمشاكل أمراً مفيداً لصحته، فإن إبقاءه هادئاً أمر مفيد أيضاً لنشاطه، فكما يقول الدكتور جيانسوك كيم بجامعة واشنطن فإن ضغوط الحياة والتفكير فيها باستمرار يسبب أضراراً كبيرة لخلايا المخ ويعوق أيضاً العمليات المعرفية كالتعلم والتذكر، ومن ثم فإن التفكير بهدوء في الأمور الشائكة شيء يريح العقل ويجدد قدرته على التفكير بشكل سليم. كما يؤكد الباحثون في كلية طب جامعة هارفرد أن أفضل طريقة لإعطاء المخ إجازة تعود بالفوائد الصحية عليه، هي أن يحصل الإنسان على عدد ساعات النوم الكافية له؛ حيث أثبتت الدراسات التي أجريت على أكثر من أربعة آلاف شخص أن من حصلوا منهم على عدد ساعات نوم كافية، كانوا أكثر ذكاء ونشاطهم الذهني أعلى بكثير من هؤلاء الذين لم يحصلوا على نوم كاف.
5- اضحك.. ينشط عقلك
أثبتت الدراسات أن هرمون الدوبامين الذي يفرزه الجسم عند الضحك أو الشعور بالسعادة هو نفسه الذي يحفظ أجزاء المخ ويجعله نشطاً، وكلما زاد إفراز الجسم لهذا الهرمون كان النشاط الذهني للإنسان في أفضل حالاته، ومن ثم فمشاهدة الأفلام الكوميدية أو سماع نكتة مضحكة أمر مفيد العقل ويرفع درجة فهمه واستعداده لحل كل ما يقابله من قضايا.
6- حذار من الوحدة والتدخين
أثبتت الكثير من الدراسات أن الأداء العقلي والمعرفي لدى المدخنين أقل بكثير من غير المدخنين، حيث يكون التدخين سلباً على الذاكرة وعلى الوظائف الإدراكية للمدخن، كما يحدث شرب الكحوليات نفس التأثير السلبي على وظائف المخ.
وعلى الجانب الآخر أثبتت العديد من الدراسات أن العلاقات الوطيدة للإنسان بالمحيطين به تحسن أداءه المعرفي، وتشير إحدى هذه الدراسات إلى أن الوحدة أو غياب تواصل الشخص مع الأصدقاء والأسرة والجيران يؤدي إلى تدهور العملية المعرفية لديه، وأن الترابط الاجتماعي والتواصل مع الآخرين يزيد نشاط المخ وذكاءه.