|
سيد الشهور |
تأتي يا رمضان بهياً وعزيزاً مثلما كنت..
يحفك الخير وترتفع أصوات المآذن ترحيباً بهذا القدوم الميمون..
تعود إلينا يا رمضان زائراً كريماً بعد عام من الأمل والتأمل والانتظار الطويل..
كما لو أنك جئت لتذكرنا بما انقضى من أيام بين إطلالتك القديمة وهذا القدوم الميمون وما فعلناه بينهما..
***
أهلاً بك يا سيد الشهور وأغلى الضيوف..
من يُحيى ليله ويَنشط نهاره بدعوات الصائمين والمسبحين بحمد الله..
ومرحباً برمضان نخصه بمزيد من العمل الأخروي ونتفرغ فيه للعبادة والعمل الصالح إن شاء الله..
بأمل استجابة البارئ جلت قدرته لدعائنا وتوسل كل منا بإغداق عفوه وشمول مغفرته لكل المستضعفين من المسلمين..
***
أيها الشهر الكريم..
ها أنت بيننا اليوم..
معنا في آناء الليل وأطراف النهار..
تجدد العهد معنا على مدى ثلاثين يوماً وربما أقل وتوقظنا من الرقاد وتبشرنا بما هو أبقى وأنفع لنا عند الله في الدنيا والآخرة..
فأهلاً بمقدمك ومرحباً بإطلالتك..
***
ومع عودتك..
وحيث يأتي استقبالنا لك بحجم حبنا وفرحنا بقدومك..
في دعاء لا يتوقف وعمل لا ينقضي وتسبيح وصلاة وصيام لا تنقطع..
نتوجه بها إلى من بيده ملكوت السموات والأرض بخشوع ووجل ورجاء وأمل..
نقول مرة أخرى في هذا الجو الروحاني أهلاً بك ومرحباً بعودتك..
***
ويا شهر رمضان..
نقول أيضاً..
ما أشقانا إن رحلت عنا هذا العام دون أن نسعد بروحانيتك..
أو تركتنا بعيدين عن شم الخير والرضا في ليلك ونهارك..
وما أتعسنا إذا ما ضاعت فرصة إطلالتك علينا من غير أن نستفيد منها أو أضعناها بغير ما يرضي إلهنا ويقربنا إلى رضاه وحسناته..
***
فهذا الشهر الكريم يعلمنا الكثير من الدروس والعبر..
الصبر وتحمل الجوع وإحياء الليل والنهار بالعبادات والخوف من الله..
ففي شهر رمضان..
تُعوّدُ النفس على القيام بما تساهلت فيه ببقية الشهور..
لعل وعسى أن تجد الاستجابة وتنال القبول فيكون هذا برنامجها في بقية الشهور..
***
نعم : يطل علينا شهر رمضان من جديد..
دون أن يدركه البعض ممن كان معنا في العام الماضي..
ولا ندري مَنْ مِنَّا سوف يكمله هذا العام ويدركه في العام القادم..
وكأن إطلالته بمثابة تذكرة وعظة لِمَنْ غفل منا أو تساهل بما هو مطلوب منه..
***
فيا أيها الأحباب الغائبون عنا..
يا مَنْ فقدنا رفقتهم هذا العام...
ورحلوا عن الحياة بعد أن كانوا أحبتنا فيها في شهر رمضان من العام الماضي..
دعواتنا لكم بالمغفرة والرحمة والرضا من رب غفور كريم مقتدر..
وهو دعاء الأحياء منا إلى من هو كل شيء بقبول صيامنا وقيامنا والعفو عن زلاتنا وهفواتنا وما ارتكبناه من أخطاء.
خالد المالك
|
|
|
باعتبارها رمزاً للإرهابيين الأمريكيون يعلنون الحرب على (الفلافل) و(الكباب)! * إعداد اسلام السعدني |
على الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أعوام على كارثة الحادي عشر من سبتمبر التي ضربت نيويورك وواشنطن، إلا أن العرب والمسلمين في الولايات المتحدة سواء كانوا يحملون الجنسية الأمريكية أم لا لا يزالون يدفعون ثمن هذه الأحداث الدامية، ربما بقدر أكبر من الأمريكيين أنفسهم. وما زاد الطين بلة، أن الإدارة الأمريكية ما إن فرغت من حملتها العسكرية على أفغانستان في أكتوبر 2001 حيث أطاحت بنظام حكم حركة طالبان الذي كان يقدم المأوى والملاذ لتنظيم القاعدة المتهم من قبل واشنطن بالوقوف وراء هجمات سبتمبر حتى استدارت لتشن حربا ضارية للإطاحة بنظام حكم الرئيس العراقي (صدام حسين)، وأدت هاتان الحربان وما تلاهما من تداعيات إلى استمرار المحنة التي يعاني منها العرب والمسلمون في الولايات المتحدة.
مقاطعة المطاعم
وبدت هذه المحنة جلية من خلال المعاملة التي يلقاها هؤلاء من جانب باقي الأمريكيين، والتي امتدت حتى للمحال التي يملكونها وخاصة المطاعم التي باتت أرباحها في تراجع مستمر وخطير في آن واحد، مما لفت انتباه صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية التي أعدت تقريرا شاملا في هذا الموضوع، استهلته بالإشارة بشكل ساخر إلى أن التحذيرات التي أطلقتها إدارة الرئيس (جورج بوش) عقب اعتداءات سبتمبر للمواطنين الأمريكيين بضرورة توخي الحذر خشية وقوع هجمات جديدة لم تكن تعني البتة أنه يجب عليهم الامتناع عن التردد على المطاعم التي يملكها عرب أو شرق أوسطيون أو التي تقدم مأكولات عربية! وأوضح التقرير أن هذه المطاعم تعاني من خسائر كبيرة بعد أن اعتبر الأمريكيون الأطعمة الشرقية التي تقدمها مثل (الفلافل) و(الكباب) مأكولات ترمز للإرهابيين! ولم يقتصر الأمر على الخسائر فحسب، بل يشير التقرير إلى أن العديد من تلك المطاعم تعرضت للتخريب ولطخ البعض جدرانها الخارجية بعبارات غاضبة حانقة، موضحا أن أصحاب هذه المطاعم ينحون باللائمة على وسائل الإعلام الأمريكية التي يقولون إنها تروج لصورة نمطية عن العرب بشكل عام تتهمهم بأنهم إرهابيون.
العراقيون الضحية الأولى
وتكشف (كريستيان ساينس مونيتور) النقاب في تقريرها عن أنه على الرغم من أن هذه المعاملة السيئة تشمل العرب المقيمين في الولايات المتحدة باختلاف جنسياتهم، إلا أن العراقيين بالذات ربما يعانون أكثر من غيرهم. ويبدو أن تلك المشكلات دفعت الكثير من العراقيين إلى إغلاق مطاعمهم، فبعد أن كانت هناك عشرات المطاعم العراقية في أمريكا عام 1999، لم يعد هناك منها الآن سوى عدد محدود. من ناحية أخرى يشير تقرير الصحيفة الأمريكية إلى مفارقة طريفة مفادها أنه بعد أن كانت أسماء هذه المطاعم غريبة على مسامع الأمريكيين فيما مضى، أصبحت الآن مألوفة لهم بسبب الحرب الدائرة رحاها في العراق، حيث إن بعضها يحمل اسماء مواقع تدور فيها المعارك مثل (مذاق الموصل)، و(بهجة النجف) وغيرها. وتقول (كريستيان ساينس مونيتور) في تقريرها إن تراجع الإقبال على تلك المطاعم التي تحمل أسماء لها علاقة بالحرب، دفع البعض من أصحابها إلى تغيير هذه الأسماء لتصبح أكثر إبهاما ولا تتضمن ما يشير إلى العراق أو المدن العراقية بشكل مباشر، فعلى سبيل المثال تغير اسم (مذاق الموصل) إلى (المذاق العربي)، كما تغير اسم مطعم كان يدعى (المطبخ العراقي) ليصبح (مطبخ الشرق الأوسط).
خطر على العشاء
وعلى الرغم من إجراء هذه التغييرات، إلا أن التقرير يشير إلى أن الأمر لم يتحسن، موضحا أنه في منطقة ديربورن في ولاية ميتشجين التي تضم أكبر عدد من العراقيين المقيمين في الولايات المتحدة لا يزال الناس يتجنبون التردد على المطاعم التي يملكها أشخاص من الشرق الأوسط أو تقدم أكلات شرق أوسطية. وينقل التقرير عن أحد أصحاب المطاعم في المنطقة قوله إنه يعتقد أن العرب هم الآخرون يخشون من أن يراهم الأمريكيون مجتمعين حتى ولو لتناول الطعام، مشيرا إلى أن المواطنين في أمريكا أصبحوا يتوقعون الأسوأ عندما يرون تجمعا لأناس من الشرق الأوسط حتى وإن كان أولئك الناس مجتمعين على مائدة عشاء.
حالة كساد
ولكن تقرير الصحيفة الأمريكية يؤكد أن هناك عوامل أخرى أدت إلى الخسائر التي تمنى بها المطاعم الشرق الأوسطية في الولايات المتحدة حاليا، ومن بينها حالة الكساد العامة التي أصابت الاقتصاد الأمريكي عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، إلى جانب المشكلات الاقتصادية التي تواجه ما يمكن أن نطلق عليه اسم (صناعة المطاعم) في أمريكا، تلك المشكلات التي بلغت حدا جعل نحو 12% فقط من المطاعم في البلاد تستطيع البقاء لأكثر من خمسة أعوام فيما تضطر الغالبية العظمى إلى إغلاق أبوابها خلال السنوات الخمس الأولى لها.
اتهامات بتمويل الإرهاب
وأوضح التقرير أن ما زاد الأمر سوءا بالنسبة للمطاعم المملوكة لعرب تلك التقارير التي تبثها بعض وسائل الإعلام الأمريكية وتشير فيها إلى أن بعض العرب ممن يديرون مشروعات تجارية أو صناعية في الولايات المتحدة يقومون بتمويل منظمات متهمة بالإرهاب في الشرق الأوسط. وقد أكد العديد من العراقيين أصحاب المطاعم أن مثل هذه التقارير تذكي روح التعصب والتمييز ضدهم، مشيرين حسبما ورد في التقرير إلى أن هذه الروح العنصرية تعد إحدى أبرز العقبات التي تواجه أعمالهم التجارية.
محنة هنداوي
ومن بين هؤلاء (صلاح هنداوي) صاحب مطعم (المطبخ العربي) في مدينة لويشيفيل بولاية كنتاكي والذي ينقل عنه تقرير (كريستيان ساينس مونيتور) قوله (إنني أعيش في الولايات المتحدة منذ أحد عشر عاما، وأكره صدام حسين ولذا شعرت بسعادة بالغة عندما تم شن الحرب في العراق،ولكن عملي التجاري لا يزال يعاني من التعثر لأن الناس لا يريدون تناول الطعام في مطعم عربي) ويشير التقرير إلى أن الحال كان مختلفا بالنسبة لمطعم هذا الرجل قبل أعوام قلائل وبالتحديد في عام 2000، فقد انتقل (هنداوي) في ذلك العام إلى مكان أكبر ليوسع مطعمه، وتزايد الإقبال على الوجبات التي يقدمها، وكانت لديه علاقات قوية مع المجتمع المحلي من حوله، مما دفعه لأن يحلم بافتتاح فروع أخرى للمطعم في المنطقة التي يقطن بها ليصبح في نهاية المطاف قادرا على التقاعد المبكر بعد أن يحقق الثروة التي حلم بها في فترة أقصر، وهو ما لم يحدث للأسف بل بات الرجل يصارع حاليا من أجل البقاء فحسب. ويلقي تقرير الصحيفة الأمريكية الضوء على الجهود المكثفة التي بذلها (صلاح هنداوي) لكسب ثقة المجتمع المحلي في منطقته، والتأكيد على مشاعره الوطنية تجاه أمريكا، ومن بين هذه الجهود قيامه بتعليق أعلام أمريكية خارج المطعم، وتشديده في أحاديث أدلى بها لشبكات التليفزيون والإذاعة المحلية على تأييده للحرب في العراق، ولكن ذلك لم يجد فتيلا إذ أرباح المطعم ظلت تتضاءل، خاصة وأن الأمر بلغ حد أن من كانوا زبائن مستديمين للمطعم باتوا يمرون إلى جواره دون حتى أن يكلفوا أنفسهم عناء النظر إلى المكان. ويقول (هنداوي) تعليقا على هذا الموقف قائلا ( إن كثيرا من العائلات في هذه المنطقة فقدت أبناءها في حرب العراق. . ولذا اعتقد أنهم يكنون مشاعر ما ضدنا ولا يريدون تناول الأكل في مطعمنا حتى وإن كانوا لا يقصدون ذلك).
ظاهرة قديمة جديدة
وتستعين الصحيفة في هذا الموضوع برأي (إيفون حدا) أستاذة التاريخ الإسلامي والعلاقات الإسلامية المسيحية بجامعة (جورج تاون) في واشنطن، والتي تقول إن الأزمة الراهنة التي تمر بها مطاعم العرب والمسلمين في الولايات المتحدة ليست بالأمر الجديد، مشيرة إلى حدوث أزمة مماثلة عام 1979 عندما تم احتجاز دبلوماسيين أمريكيين كرهائن في سفارة بلادهم بإيران. وقالت (حدا) إن (العديد من الأمريكيين شعروا في تلك الفترة بأنهم بحاجة لمقاطعة المطاعم المملوكة لهؤلاء الذين أعلنت الإدارة الأمريكية (آنذاك) أنهم أعداء للبلاد). وأضافت حسبما تنقل عنها (كريستيان ساينس مونيتور) في تقريرها أن ذلك تكرر خلال حرب الخليج الثانية عام 1991 وطال حتى المطاعم المصرية باعتبار أن مصر دولة شرق أوسطية على الرغم من أنها في الوقت نفسه حليفة للولايات المتحدة.
تشويه إعلامي
من جانبها، تقول (ليلي القطامي) مديرة قسم الإعلام في اللجنة العربية الأمريكية لمناهضة التمييز حسبما يورد التقرير إن الأمريكيين يقتنعون بالصور النمطية التي تبثها وسائل الإعلام عن العرب، مضيفة أنه ينبغي أن يسعى الأمريكيون لتوسيع أفقهم والتعرف على الثقافات الأخرى وعدم الوقوع أسرى لهذه الصور. وتختتم ( القطامي) حديثها بالقول (ولكن في نهاية المطاف تظل هذه هي أمريكا.. فسيفساء من ثقافات مختلفة تبقى في حاجة لأن تتوافق مع بعضها البعض).
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|