|
سيد الشهور |
تأتي يا رمضان بهياً وعزيزاً مثلما كنت..
يحفك الخير وترتفع أصوات المآذن ترحيباً بهذا القدوم الميمون..
تعود إلينا يا رمضان زائراً كريماً بعد عام من الأمل والتأمل والانتظار الطويل..
كما لو أنك جئت لتذكرنا بما انقضى من أيام بين إطلالتك القديمة وهذا القدوم الميمون وما فعلناه بينهما..
***
أهلاً بك يا سيد الشهور وأغلى الضيوف..
من يُحيى ليله ويَنشط نهاره بدعوات الصائمين والمسبحين بحمد الله..
ومرحباً برمضان نخصه بمزيد من العمل الأخروي ونتفرغ فيه للعبادة والعمل الصالح إن شاء الله..
بأمل استجابة البارئ جلت قدرته لدعائنا وتوسل كل منا بإغداق عفوه وشمول مغفرته لكل المستضعفين من المسلمين..
***
أيها الشهر الكريم..
ها أنت بيننا اليوم..
معنا في آناء الليل وأطراف النهار..
تجدد العهد معنا على مدى ثلاثين يوماً وربما أقل وتوقظنا من الرقاد وتبشرنا بما هو أبقى وأنفع لنا عند الله في الدنيا والآخرة..
فأهلاً بمقدمك ومرحباً بإطلالتك..
***
ومع عودتك..
وحيث يأتي استقبالنا لك بحجم حبنا وفرحنا بقدومك..
في دعاء لا يتوقف وعمل لا ينقضي وتسبيح وصلاة وصيام لا تنقطع..
نتوجه بها إلى من بيده ملكوت السموات والأرض بخشوع ووجل ورجاء وأمل..
نقول مرة أخرى في هذا الجو الروحاني أهلاً بك ومرحباً بعودتك..
***
ويا شهر رمضان..
نقول أيضاً..
ما أشقانا إن رحلت عنا هذا العام دون أن نسعد بروحانيتك..
أو تركتنا بعيدين عن شم الخير والرضا في ليلك ونهارك..
وما أتعسنا إذا ما ضاعت فرصة إطلالتك علينا من غير أن نستفيد منها أو أضعناها بغير ما يرضي إلهنا ويقربنا إلى رضاه وحسناته..
***
فهذا الشهر الكريم يعلمنا الكثير من الدروس والعبر..
الصبر وتحمل الجوع وإحياء الليل والنهار بالعبادات والخوف من الله..
ففي شهر رمضان..
تُعوّدُ النفس على القيام بما تساهلت فيه ببقية الشهور..
لعل وعسى أن تجد الاستجابة وتنال القبول فيكون هذا برنامجها في بقية الشهور..
***
نعم : يطل علينا شهر رمضان من جديد..
دون أن يدركه البعض ممن كان معنا في العام الماضي..
ولا ندري مَنْ مِنَّا سوف يكمله هذا العام ويدركه في العام القادم..
وكأن إطلالته بمثابة تذكرة وعظة لِمَنْ غفل منا أو تساهل بما هو مطلوب منه..
***
فيا أيها الأحباب الغائبون عنا..
يا مَنْ فقدنا رفقتهم هذا العام...
ورحلوا عن الحياة بعد أن كانوا أحبتنا فيها في شهر رمضان من العام الماضي..
دعواتنا لكم بالمغفرة والرحمة والرضا من رب غفور كريم مقتدر..
وهو دعاء الأحياء منا إلى من هو كل شيء بقبول صيامنا وقيامنا والعفو عن زلاتنا وهفواتنا وما ارتكبناه من أخطاء.
خالد المالك
|
|
|
إيجابيات وسلبيات كثيرة لمثل هذا القرار هل توافق روسيا على نشر قوات في العراق وأفغانستان * إعداد أشرف البربري |
منذ أن تجسدت ملامح المأزق العسكري الأمريكي في العراق وقضية المشاركة الروسية بقوات عسكرية في جهود حفظ الاستقرار والأمن بالعراق تظهر من وقت لآخر.
فالكثيرون يرون أن أمريكا بعد أن بدت عاجزة عن تقديم العدد الكافي من القوات العسكرية للحفاظ على الأوضاع في العراق بعد الإطاحة بنظام حكم صدام حسين، في حاجة إلى مساعدة دول كبيرة تستطيع توفير قوات يعتد بها وليس مجرد عشرات الجنود أو مئات كتلك التي تقدمها الكثير من الدول التي تدور في الفلك الأمريكي. وتأتي روسيا على رأس الدول التي يمكن أن تقدم قوة عسكرية يعتد بها وثقلاً سياسياً كبيراً يصب في خانة مصالح واشنطن.
وفي تحليل لهذه القضية قالت صحيفة آسيا تايمز: إن شائعة نشر أربعين ألف جندي روسي في كل من العراق وأفغانستان لمساعدة الولايات المتحدة في (الحرب ضد الإرهاب) وتقديم قوات إمداد تحتاج إليها واشنطن سيطرت بشدة على المناقشات السياسية في روسيا خلال الشهور القليلة الماضية.
ورغم عدم وجود أي تفاصيل نهائية بشأن وجود قرار فعلي بشأن نشر قوات روسية أو عدم نشرها سواء في العراق أو أفغانستان فإن عدداً من المخاوف الاستراتيجية بالنسبة لروسيا الاتحادية التي تحاول استعادة النفوذ السوفيتي القديم على الصعيد العالمي ظهرت بقوة على خلفية هذه الشائعات.
في الحقيقة أن المحللين في روسيا يرون أن نشر أي قوات روسية لمساعدة أمريكا في العراق أو أفغانستان ينطوي على إيجابيات كما ينطوي على سلبيات.
يقول المحللون: إن هذه الخطوة المرفوضة رسمياً حتى الآن على الأقل تنطوي على إيجابيات بالنسبة لكل من واشنطن وموسكو على السواء.
فبالنسبة للولايات المتحدة فإن نشر قوة دولية كبرى سواء في العراق أو أفغانستان يعني انتصاراً سياسياً كبيراً للرئيس الأمريكي جورج بوش في الوقت الذي تقترب فيه الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي يسعى فيها بوش إلى الفوز بفترة رئاسية ثانية.
كما أن نشر مثل هذه القوة الروسية في العراق أو أفغانستان يعني دعماً مهماً للقوات الأمريكية التي تخوض حرباً مستمرة منذ انتهاء المعارك الكبرى في العراق في إبريل عام 2003 وفقاً لما أعلنه الرئيس جورج بوش في الأول من مايو عام 2003 عندما تحدث عن إنجاز المهمة في العراق.
كما أن واشنطن ستتمكن في مثل هذه الحالة من اختراق المحور الفرنسي الألماني الروسي الثلاثي المناهض للحرب الأمريكية ضد العراق.
فماذا عن الإيجابيات بالنسبة لروسيا؟.
تقول صحيفة آسيا تايمز إن الفوائد المستقبلية من نشر قوات عسكرية روسية كبيرة في العراق يعني زيادة حصة روسيا من الكعكة الاقتصادية بالعراق وبخاصة في قطاعي النفط والغاز وكذلك تسهيل انضمام روسيا إلى منظمة التجارة العالمية
السوفيتية السابقة وبخاصة في آسيا الوسطى حيث تساعد في ضبط الحدود الطاجيكية وتتحالف مع أرمينيا عسكرياً.
وكل المؤشرات تقول إن مثل هذه التحركات العسكرية الروسية سوف تستمر وتتزايد خلال الأعوام المقبلة في الوقت الذي ستواجه فيه روسيا الاتحادية منافسة شرسة من جانب كل من الولايات المتحدة والصين في منطقتي آسيا الوسطى والقوقاز.
وبالفعل فإن روسيا تجري منذ سنوات وبانتظام تدريبات عسكرية من أجل دعم نفوذها في المناطق القريبة منها مع إعادة توجيه استراتيجيتها العسكرية من أجل مواجهة تحديات عالم
في ظل الخلافات بين موسكو وكل من واشنطن والاتحاد الأوروبي بشأن شروط انضمام الروس إلى المنظمة.
النفوذ الإقليمي
والحقيقة أن روسيا تسعى منذ انتهاء الحرب الباردة في مطلع تسعينيات القرن العشرين إلى تقوية نفوذها الإقليمي بعد أن تلاشى النفوذ العالمي للاتحاد السوفيتي الذي ذهب في ذمة التاريخ وورثت روسيا رايته.
وتسعى روسيا لتحقيق هذا الهدف من خلال إعادة تقييم نفوذها العسكري في الشؤون الدولية وقد بدأت بالفعل حملة استعادة النفوذ لدى الجمهوريات
القرن الحادي والعشرين.
والحقيقة ان القوات الروسية أجرت مؤخراً تدريبين عسكريين يمكن أن يساعدا كثيراً في نجاح نشر أي عناصر منها العراق أو أفغانستان.
وفي الصيف الحالي أجرت القوات الروسية والكازاخستانية والقيرغيزستانية والطاجيكية تدريباً مشتركاً شارك فيه آلاف الجنود على مواجهة هجوم إرهابي يشارك فيه مئات المقاتلين تحت اسم (الحدود 2004) في المنطقة الحدودية بين جمهوريتي قيرغيزستان وطاجيكستان.
وفي الفترة من 21 إلى 25 يونيو الماضي أجرت القوات الروسية تدريباً تحت اسم (الحشد 2004) في منطقة الشرق الأقصى.
كان الهدف من هذه المناورة هو الاستعداد لنشر قوات تدخل سريع من إحدى مناطق روسيا إلى منطقة أخرى بعيدة عنها.
وفي الوقت الذي كانت قوات (الحلفاء) المشاركين في مناورة (حدود 2004) يخوضون القتال ضد (المتمردين) كان عليهم البدء بنشر قواتهم حول (المتمردين) باستخدام أحدث المروحيات في الترسانة الروسية مع وجود تغطية جوية كثيفة من جانب المقاتلات الروسية.
كما شملت المناورة معارك في إحدى القرى التي سيطر عليها (العدو) الذي انسحب من ميدان القتال إلى المناطق الجبلية.
وقد تمكنت قوات (الحلفاء) من القضاء على المتمردين في القرية خلال ساعات قليلة.
وفي حين كانت هذه المناورة تشمل ذلك النوع من المعارك الذي سوف يتوجب على القوات الروسية خوضه في المستقبل سواء في آسيا الوسطى أو في منطقة القوقاز أو حتى في العراق أو أفغانستان فإن نجاح هذا التدريب كان مرهوناً بمشاركة وزير الدفاع الروسي سيرجي إيفانوف والرئيس القيرغيزستاني أسكار أكييف وعدد كبير من المندوبين السياسيين والعسكريين من روسيا ودول آسيا الوسطى.
فقد كانت هزيمة قوات (الحلفاء) في هذه المناورة أمام (الإرهابيين) تعني حرجاً بالغاً للجنرالات والوزراء وكبار المسؤولين الذين حضروا المناورة ولن يقبلوا بغير الانتصار حتى لو كان في تدريب عسكري من أجل إعلان استعداد روسيا وحلفائها في آسيا الوسطى لخوض الحروب ضد الإرهابيين والجماعات الدينية الأصولية المتطرفة.
وكان التدريب الروسي الثاني الذي حمل اسم (حشد 2004) قد تم بمشاركة حوالي ثلاثة آلاف جندي وعدة مئات من المركبات المدرعة وقطع المدفعية وعشرات سفن وطائرات الدعم.
تضمن التدريب بشكل أساسي نشر قوات أشبه بقوات مشاة البحرية الأمريكية (مارينز) في منطقة غير معروفة لهذه القوة من أجل القيام بعمليات قصيرة وطويلة الأجل.
والحقيقة أن مثل هذا النوع من الانتشار والعمليات يعد جديداً بالنسبة للقوات الروسية التي ظلت لعقود طويلة تتدرب على خوض المعارك الدفاعية والهجومية النظامية طوال سنوات الحرب الباردة.
كما يتضمن التدريب دعوة القوات الروسية إلى خوض صراع محلي يقع سواء في دولة أخرى خارج روسيا أو في أحد الأقاليم الساحلية الروسية البعيدة بحيث يتطلب حشداً وتحركاً سريعاً من تغيير الموقف بصورة مستمرة في أرض المعركة.
ورغم أهمية تدريب (حشد 2004) من حيث نوعه الجديد بالنسبة للقوات الروسية فإنه تأثر بقلة عدد الجنود الذين شاركوا فيه.
فهذا التدريب يقول: إن روسيا قادرة فقط على نشر عدة كتائب في أراضٍ غير معروفة لها في حين أن المعارك التي يمكن أن تخوضها القوات الروسية في مناطق غير مألوفة بالنسبة لها ستحتاج إلى نشر أعداد أكبر من الجنود.
والحقيقة أن قوات مشاة البحرية الروس (المارينز الروسي) قليل جداً مقارنة بعدد قوات المارينز الأمريكية.
وتسعى روسيا إلى معالجة هذا التفاوت من خلال إعادة هيكلة الجيش الروسي.
كما أن روسيا لا تمتلك المعدات الكافية لمساندة نشر قوات خاصة في مناطق خارج روسيا على الطريقة التي جرى بها تدريب (حشد 2004).
ذكريات مؤلمة
ولكن المحلل السياسي يفيجيني بيندرسكي يشير إلى الوجه الآخر من العملة حيث سلبيات نشر أي قوة عسكرية روسية لمساعدة أمريكا في العراق أو أفغانستان فيقول: إن نشر قوات روسية سواء في العراق أو في أفغانستان سوف تعرض الروس مرة أخرى لبيئة كانت وما زالت مؤلمة جداً بالنسبة لروسيا ككل.
ففي الفترة من 1994 إلى 1996 خاضت القوات الروسية حرباً دامية في جمهورية الشيشان التي تطالب بالاستقلال عن روسيا الاتحادية.
ثم عادت هذه القوات لتخوض جولة ثانية أشد دموية في الشيشان منذ عام 1999م.
والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصر على تأكيد سيطرته على الموقف في الشيشان سواء أمام الرأي العام الروسي أو أمام المجتمع الدولي.
ولكن الصورة الحقيقية تختلف عن تلك التي يسعى بوتين إلى ترويجها فآلاف الجنود الروس فقدوا ويفقدون أرواحهم في تلك الحرب الدائرة في الشيشان كما أن آلافاً آخرين أصيبوا في تلك المعارك.
وقد قرر الكرملين زيادة الموارد المخصصة للإبقاء على العملية العسكرية مستمرة في الشيشان وبالتالي فإن كل القوات الروسية الجاهزة للقتال إما موجودة في الشيشان أو في المناطق المحيطة بها.
الحرب في الشيشان
ويضيف بيندرسكي أن الحرب في الشيشان تشبه إلى حد كبير ما يحدث في العراق حالياً وبخاصة معركة مدينة النجف بين القوات الأمريكية ومليشيا جيش المهدي الموالية للزعيم الشيعي
مقتدى الصدر الشهر الماضي ومعارك المثلث السني بوسط العراق.
وعلى الرغم من التفوق العسكري الكاسح للقوات الروسية على قوات الثوار الشيشان فلا يوجد أي مؤشر على اقتراب نهاية هذا الصراع الدامي الذي يسبب حرجاً كبيراً للحكومة الروسية من ناحية وأصاب الروس بنفاد الصبر من ناحية أخرى.
وإذا كانت القوات الروسية وحلفاؤها نجحوا في هزيمة العدو الذي ضم مقاتلين شيشان في التدريب (حشد 2004) فإن الصورة في الحرب الفعلية التي تخوضها هذه القوات تبدو أشد سواداً ودموية.
ففي يونيو الماضي على سبيل المثال هاجم عدد كبير من المقاتلين الشيشان يتراوح عددهم بين عدة مئات وألف مقاتل القواعد والمنشآت العسكرية الروسية في جمهورية إنجوشيا المجاورة لجمهورية الشيشان.
وقد أصيب الجنود الروس بما يشبه الشلل نتيجة المفاجأة ولقي عدة مئات من هؤلاء الجنود مصرعهم في ليلة واحدة من القتال.
ولم تتمكن روسيا من حشد القوات اللازمة لمواجهة الهجوم الشيشاني في الوقت المناسب حيث تمكن المتمردون الشيشان من الانسحاب المنظم بعد تنفيذ الهجوم ببساطة بالغة.
ولم تتمكن القوات الروسية من القبض على أحد من قادة الهجوم أو قتله الأمر الذي أدى إلى صدمة كبيرة في صفوف القيادة الروسية العليا ودفع الكرملين إلى إجراء تغييرات واسعة في صفوف هذه القيادة العليا بما في ذلك إبعاد رئيس الأركان الروسي أناتولي كفاشين وقائد قوات الأمن فياشسلاف تيخوميروف.
وكانت النتيجة المباشرة لهذه الجولة الجديدة من المواجهات المسلحة بين القوات الروسية والمتمردين الشيشان هي قرار القيادة الروسية بنشر المزيد من الجنود في روسيا.
وفي ظل استمرار الوجود العسكري الكثيف في هذه الجمهورية فإن السؤال الذي يظل قائماً هو هل لدى روسيا القدرة على نشر أي قوات عسكرية خارج روسيا سواء كانت العراق أو أفغانستان؟ وإذا كانت القوات الأمريكية الأفضل تدريباً والأفضل تسليحاً والأشد حماساً لم تتمكن من مواجهة المقاومة في العراق أو أفغانستان فهل تتمكن القوات الروسية من عمل شيء في البلدين؟ بالطبع لا...
ورغم التشابه الكبير بين القوات الأمريكية والقوات الروسية بالنسبة لنوع المعارك التي يواجهونها وهي حرب العصابات فإن القوات الروسية تبدي قدراً أقل من الكفاءة والقدرة على كسب تلك الحرب التي تشنها على الشيشان وهو ما يعني أنها أقل قدرة على خوض معارك مماثلة في العراق أو أفغانستان.
ويواصل المحلل الروسي رصد العواقب السلبية التي سوف تترتب على أي نشر للقوات الروسية في العراق أو أفغانستان فيقول: إن نشر قوات روسية في العراق أو أفغانستان يمكن أن تكون له عواقب سلبية على العلاقات الروسية مع الدول العربية والإسلامية.
فروسيا التي لها تاريخ طويل من مناصرة الدول العربية والإسلامية في الشرق الأوسط وجنوب آسيا تستطيع الاحتفاظ بقدر من النفوذ الدولي في هذه المنطقة دون الحاجة إلى إثارة غضب شعوب هذه الدول.
فالاتحاد السوفيتي ومن بعده روسيا قدمت دعماً كبيراً للعديد من الدول العربية والإسلامية من الجزائر إلى إندونيسيا لذلك فهي تحظى بتأييد ملايين المسلمين حول العالم.
والحقيقة أن العلاقات الروسية العربية أو الإسلامية أكبر من أن تتجاهلها موسكو عندما تبحث مسألة مساعدة أمريكا.
فالشركات الروسية كانت تعمل على نطاق واسع في العراق قبل الغزو الأمريكي له.
كما أن الاتحاد السوفيتي تمكن خلال سنوات الحرب العراقية الإيرانية في
الثمانينيات من بيع الأسلحة لكلا الدولتين والاحتفاظ بعلاقات دافئة معهما.
والآن فإن روسيا أهم مساندي البرنامج النووي الإيراني الأمر الذي يثير غضب واشنطن تجاه موسكو.
علاوة على ذلك فإن روسيا تمتلك قدراً من التأثير المضاد للتأثير الأمريكي بالنسبة للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
لذلك فإن نشر قوات روسية في مناطق ما زالت تمثل مصدراً نشطاً للجدل والقلق في العالم الإسلامي يمكن أن يقلب (الشارع العربي) ضد السياسات الروسية.
وفي ظل استمرار القتال في كل من العراق وأفغانستان فإن العالم الإسلامي لن يفرق بين القوات الأمريكية والقوات الروسية في حالة نشرها في أي من الدولتين.
والشعوب الإسلامية ترى أن الحرب الأمريكية ضد كل من أفغانستان والعراق
غير مبررة.
وفي الوقت نفسه فإن انقلاب الشارع العربي والإسلامي ضد روسيا يمكن أن يزيد تعقيد الموقف الروسي في جمهورية الشيشان المسلمة حيث يوجد عدد كبير من العرب الذين يقاتلون إلى جانب الثوار الشيشان.
ثم إن دخول قوات روسية إلى العراق أو أفغانستان يمكن أن يدعم موقف تنظيم القاعدة الإرهابي أمام الرأي العام الإسلامي وهو أمر لا يصب في مصلحة الحرب الأمريكية ضد (الإرهاب).
كما أن عودة هؤلاء (الكفار) إلى أفغانستان التي طردوا منها قبل نحو 14 عاماً يمكن أن تثير موجة جديدة من التطوع في صفوف (المجاهدين) الذين يحاربون الآن ضد الوجود العسكري الأمريكي من ناحية ويطلق موجة من الهجمات التي تستهدف مصالح روسية حول العالم.
في الوقت نفسه فإن الحرب الروسية في الشيشان والحرب الأمريكية في كل من العراق وأفغانستان توضح أن مثل هذا النوع من المعارك لا يمكن أن يجري دون وقوع خسائر جسيمة في أرض المعركة.
ولكن الرأي العام الروسي مستاء من خسائر القوات الروسية في الشيشان مما أدى إلى تزايد الحركات السياسية
المناهضة لاستمرار الحرب والتي تدعو الشباب إلى عدم الانخراط في الخدمة العسكرية.
وحتى إذا كانت وسائل الإعلام الروسية الخاضعة لسيطرة قوية من الدولة ستقوم بتنقية الأخبار المتعلقة بالخسائر الروسية في العراق أو أفغانستان بعناية فإن الرأي العام الروسي سيظل ينظر إلى الحرب في العراق باعتبارها حرباً أمريكية وليست حرباً روسية لذلك لن يتقبل هذا الرأي العام أي خسائر يمكن أن يتقبلها في الحرب الشيشانية.
والحقيقة أن الحكومة الروسية لم تستبعد نهائياً احتمال نشر قوات في العراق أو أفغانستان.
وربما تكون الحكومة الروسية في الوقت الراهن ترى أن اتخاذ مثل هذه الخطوة قد يبدو تنازلاً لواشنطن عن نفوذها الذي كان قوياً ذات يوم في العالم الإسلامي.
في الوقت نفسه فإن الروس سيخطئون خطأً فادحاً إذا تصوروا أن المسلمين والعرب سيستقبلون قواتهم برفض يقل عن رفضهم للقوات الأمريكية حالياً.
ولكن في المقابل فإن الروس قد يتصورون أن نشر قواتهم في العراق أو أفغانستان يمكن أن يفتح أمامهم الباب للحصول على مساعدات من الولايات المتحدة كتلك التي حصلت عليها الدول التي كانت تابعة لها في يوم من الأيام في أوروبا الشرقية أو جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق بعد موافقتها على نشر قوات لها إلى جانب القوات الأمريكية في العراق أو أفغانستان.
وقد وجدنا بولندا التي كانت مقراً لحلف وارسو بزعامة الاتحاد السوفيتي ترسل ثالث أكبر قوة أجنبية إلى العراق بعد القوات الأمريكية والبريطانية وتحصل في المقابل على فوائد جمة.
وأخيراً يمكن القول إن روسيا وفي ضوء التدريبات العسكرية الأخيرة لن تستطيع إرسال أعداد كبيرة من الجنود إلى العراق أو أفغانستان حتى تتمكن من مواصلة حربها الحالية في الشيشان.
معنى هذا أنه حتى إذا وافقت روسيا على نشر قواتها في أي من الدولتين فإنها لن تنشر أربعين ألف جندي كما يحلم الحالمون.
ورغم ذلك وفي ضوء عدم حساسية الحكومة الروسية للخسائر البشرية في سبيل تحقيق أهدافها يمكن بالفعل إرسال قوات روسية إلى العراق أو أفغانستان.
فروسيا تحاول بناء علاقة متينة مع الولايات المتحدة على قدم المساواة وبخاصة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر ضد واشنطن ونيويورك.
ولعل من بين الطرق التي يمكن لواشنطن من خلالها السماح لروسيا بلعب دور مؤثر على الصعيد العالمي هو أن تطلب منها مساعدتها بقوات عسكرية في المناطق التي تعاني منها القوات الأمريكية من صعوبات بالغة.
والحقيقة أن روسيا لم ترسل أي قوات كبيرة خارج حدودها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1991م.
أما خلال سنوات الحرب الباردة فإن القوات الروسية خاضت حربين كبيرتين فقط في شبه الجزيرة الكورية وأفغاستان في حين اكتفت المؤسسة العسكرية السوفيتية بالدور الاستشاري في مناطق الصراع الساخنة الأخرى في العالم.
والحقيقة أن الانتشار المقترح للقوات الروسية سواء في العراق أو في أفغانستان هو موقف جديد تماماً بالنسبة للقوات الروسية التي تعاني من نقص الأموال وتحتاج إلى إصلاحات كبيرة وتخوض حرباً في الشيشان.
وفي النهاية نقول إن احتمال نشر القوات الروسية سواء في العراق أو أفغانستان ينطوي على عواقب كثيرة يمكن أن تشكل مكانة روسيا على الصعيد الدولي خلال العقود المقبلة.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|