|
الصحافة الرياضية
|
لا أزعم أنّني متابع جيِّد لما يُنشر في صحفنا عن النشاط الرياضي المحلي..
وأعترف بأنّني أجهل معرفة المساحة المحدَّدة لتغطية أحداثها يومياً ..
وأضيف بأنّ جهلي لا يلغي معرفتي بأنّ حجم ما يُخصَّص لها يُعَدُّ كبيراً بالمقارنة مع اهتمامات الصحف بالتخصُّصات الأخرى.
***
ومن الطبيعي أن يكون للرياضة كلُّ هذا الاهتمام الصحفي طالما أنّ لها عشّاقها ومتابعيها بهذه الأعداد الكبيرة ..
وهو اهتمام لا يقتصر على الصحافة السعودية وإنّما يمتدُّ إلى جميع الصحف وعلى امتداد قارات العالم ..
ولو لم تفعل الصحف وتتجاوب مع رغبة قرَّائها لعدَّ ذلك قصوراً منها وإهمالاً لرغبات القراء.
***
وكرة القدم تحديداً لها في بلادنا، مثلما لها في أكثر الدول، النصيب الأكبر من الاهتمام والمتابعة بل والممارسة بين الشباب ..
وهو ما جعلها ويجعلها تسيطير على المساحة الصحفية المحدَّدة لمتابعة الفعاليات والنشاطات الرياضية على حساب الألعاب الأخرى في جميع الصحف ودون استثناء ..
والصحف تفعل هذا مثلما هو سائد في المؤسسات الرياضية، حيث تولي رعاية الشباب والأندية الرياضية كرة القدم من الاهتمام ما لا توليه للألعاب الرياضية الأخرى المختلفة.
***
غير أنّ الاهتمام بكرة القدم والحماس لفرقها والاستعداد للصَّرف على لاعبيها وفرقها ومنتخباتها، أخذ في السنوات الأخيرة اهتماماً خرج عن طوره ..
ورأينا كيف أنّ الصفحات الرياضية تتجاوب مع ما هو خطأ في السلوك والتصرُّف وتركِّز عليه وتغذِّيه وتضيف إليه ما جعل الصفحات الرياضية تخرج أو تُخرج أحياناً عن أهدافها ..
بما أخاف الغيورين على مستقبل الرياضة والصفحات الرياضية على حدٍّ سواء دون أن يكون ذلك قد قصده أو تعمّده أيُّ من القائمين على الصفحات الرياضية أو الأندية الرياضية.
***
ولعلّ السجال على موضوع اللاعب ياسر القحطاني بين أندية القادسية والهلال والاتحاد بالإضافة إلى اللاعب، ودخول الصحافة على الخط طرفاً منحازاً وغير نزيه يشير إلى ما أعنيه في هذه السطور..
وإذ لا أعفي الصحافة الرياضية من المسؤولية في هذا فإنّ بعض مسؤولي الأندية هم من أجّج هذه المشكلة وخلق هذا الصراع بين الأندية مما ينذر مستقبلاً بما هو الأسوأ بالنسبة للتنافس بين الأندية على امتداد تاريخها ..
قصدت أن أذكِّر بهذا دون أن أحدِّد صحيفة أو كاتباً بالإدانة فأنا من جهة لا أزعم أنّني متابع جيِّد، ومن جهة أخرى فليس هدف هذا المقال التشهير أو النَّيل من أيّ صحيفة ومن أيّ كاتب.
***
إنّ حرية الرأي شيء مطلوب ومقبول وينبغي أن تكون سمة لصحافتنا المتطوّرة ..
غير أنّ الاعتداء على حرِّيات الآخرين بالإساءة والتشهير والتدليس والكذب أمور يجب أن تُحارَب وتُمنع وتحول القيادات الصحفية دون استمرارها.
***
وما نراه في بعض صحفنا ومن بعض كتّابنا وما يقوله بعض مسؤولي الأندية لا يُعَدُّ نقداً يُعتد به أو رأياً يصبُّ في مصلحة الرياضة أو الصحافة الرياضية، بل هو أشبه بمن يقتل القتيل ويمشي كما يقولون في جنازته..
الأمر الذي ينبغي علينا أن نتداركه بالمعالجة الصحيحة والتدخل السريع وتطويق آثاره السلبية دون المساس بهامش الحرية ومبادئ النقد النزيه ..
إنّها دعوة صادقة ومخلصة لكلِّ الزملاء المشرفين على الصفحات الرياضية ولكلِّ الزملاء الذي يكتبون فيها وعنها بعدم إضاعة المساحات المعطاه للرياضة في صحفنا إلاّ بما يفيد الرياضة تطوُّراً في المستوى وتآلفاً بين القلوب وسموّاً في الأهداف.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
ليس كل مَنْ يذهب إلى عيادته (مجنوناً) فوبيا الطبيب النفساني!
|
* القاهرة تحقيق هيفاء دربك
مثلما جنت على أهلها (براقش) جنت أفلام السينما والمعتقدات الخاطئة على صورة الطبيب النفساني في مجتمعنا العربي، فاعتقد الكثيرون على نطاق واسع أن هذا الطبيب لا يتعامل إلا مع (المجانين) فقط، وبالتالي فإن كل مَنْ يتردد على معالج نفساني سوف يكون في نظر الناس (مجنوناً)، حتى يثبت أهليته العقلية! وليس هذا فقط، بل إن بعض أفلام السينما صورت الطبيب نفسه على أنه في الغالب (مجنون) أو أصابه مس من الجنون عن طريق (العدوى) من مرضاه، وساهم الجو العبثي والكابوسي وشبه المظلم الذي ظهر به الطبيب النفسي ومرضاه على الشاشة في زيادة (فوبيا) العلاج النفساني على طريقة (من تمارض.. يمرض)!.
***
وقبل فترة قصيرة سرت شائعة مفادها أن نجماً سينمائياً شهيراً يعاني من (اضطرابات نفسية) لمجرد أنه شوهد يتردد على عيادة نفسية، هذا النجم هو الفنان القدير حسين فهمي الذي امتلك من الشجاعة ما جعله يعترف بأنه يفعل ذلك مثلما يذهب بعضهم لتنظيف أسنانه عند طبيب الأسنان خوفاً من التسوس.
وهناك عشرات القصص والمشاهد، فقد نشرت الصحف المصرية قبل فترة قصيرة أن إحدى الأمهات اقتحمت مكتب مدير المدرسة، وقد علا صوتها غاضبة من الأخصائي الاجتماعي الذي استدعاها لينصحها أن تعرض طفلها على طبيب نفساني لأنه يعاني من (بعض الاضطرابات) التي تعوقه عن الدراسة، ووجهت الأم السباب للأخصائي لأنه يتهم ابنها (بالجنون) وهددت المدير برفع دعوى قضائية ضد المدرسة!.
مشهد آخر يحكيه أحد أطباء الأمراض الباطنية الذي نصح مريضته بالذهاب لطبيب أمراض نفسية لأن الآلام التي تشعر بها ليست بسبب أمراض عضوية، فما كان في المريضة إلا أن انقلبت على الطبيب صارخة في وجهه وكادت تلقمه لكمات لولا تدخل الممرضات؛ وذلك لأنها ظنت أنه يتهمها بأنها (مجنونة)!.
والمشهد الأكثر دهشة هو مشهد الأم التي انهالت على ابنتها ضرباً لأنها طلبت منها أن تذهب لطبيب نفسي، وسألتها الأم مستنكرة: (ليه مجنونة.. عايزة تفضحينا ويقولوا عليك مجنونة، ويقف حالك من الزواج؟).
ثقافة (أنت مجنون أو مجنونة) لا تستثني أحدا من قطاعات الناس، يقولها المتعلم، والجاهل، الغني والفقير والصغير والكبير.
تكونت هذه الفكرة عن العلاج النفسي عبر الأجيال ومازالت متأصلة بشدة حتى بين الأطفال الصغار.. فهذه إحدى الأمهات تشكو من أن طفلها أصيب بحالة نفسية واكتئاب عندما اصطحبته لطبيب أمراض نفسية بناء على نصيحة مدرسته لأنه لا يركز في الفصل الدراسي وتحصيله بطيء، وسريع النسيان، وعندما قرأ الطفل تخصص الطبيب سأل أمه: أنا اتجننت لكي يكشف عليّ طبيب نفساني؟ ومنذ هذه اللحظة والطفل يعاني من حالة اكتئاب شديدة.
فهل حقاً لا يذهب للطبيب النفسي إلا المجانين؟!..
سؤال طرحناه على د. عمرو خليل أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة فأجاب: هذه بالفعل ثقافة المجتمع السائد حول هذا الفرع من الطب، فالطب النفسي مثلما يظهر من اسمه هو فرع الطب الذي يتعامل مع النفس البشرية بكل أبعادها وأعماقها ومشاكلها وأزماتها.. وبديهي أن ما تتعرض له النفس البشرية ويحتاج إلى المساعدة والعلاج ليس هو الجنون فقط.. فالجنون رغم ارتباطه في أذهان الناس بالطب النفسي لا يمثل إلا عشرة في المائة فقط ممن يتعامل معهم هذا الفرع من الطب البشري، ونكون بوصفنا للطب النفسي بأنه الفرع الذي يتعامل مع (الجنون والمجانين فقط) كمن وصف طبيب النساء والتوليد بأنه الطبيب الذي يولد النساء فقط، ونغفل باقي مشاكل أمراض النساء، التي ربما لا تمثل الولادة فيها إلا جزءاً بسيطاً من الفرع الطبي.
يا عزيزي كلنا مجانين!
يضيف د. خليل: والحقيقة أن الطب النفسي يتعامل في الأساس مع الأمراض والمشاكل النفسية التي لا يمكن لبشر عادي إلا وأن يتعرض لإحداها في مرحلة من حياته؛ لأنه يتفاعل مع مواقف النفس البشرية في أحوالها المختلفة، وأحياناً تفقد القدرة على التكيف فتتجاوز الحد ليصبح الأمر مرضاً يحتاج للتدخل.. من منا لا يخاف؟ من منا لا يقلق؟! من منا لا يحزن؟ من منا لا يستطيع مواجهة موقف فيهرب منه ويحوله إلى صورة أخرى؟ فهل نحن بهذا المعنى جميعاً (مجانين)؟! من منا لم تسيطر عليه الأفكار والهواجس التي يعلم عدم جدواها ولا يستطيع منها فكاكاً؟! من منا لا يعاني خللاً وعيباً في شخصيته يحتاج للإصلاح؟!..
إن الإجابة (بنعم) لا تعني أننا كلنا مرضي نفسيون.. ولكن تعني أننا في وقت معين وتحت ضغوط معينة قد نصبح في حاجة لمن يساعدنا.. لمن يأخذ بيدنا.. لمن يطمئننا ويعيد إلينا ثقتنا بأنفسنا، لمن يشرح لنا ما يجري بداخلنا.. ليس لأنه (سوبر مان) ولكن لأنه درس وتعلم مثل أي طبيب في أي من فروع الطب، تعلم كيف يتعامل مع النفس البشرية ليصبح طبيباً يعالج المخاوف والقلق، ويتعامل مع الوساوس، ويذهب الاكتئاب، ويصلح عيوب الشخصية، ويساعد من يريد الإقلاع عن الإدمان، وليعالج أيضاً من تجاوز الضغوط حدود قدرته على التحمل ففقد السيطرة على عقله، حلا لأزمات عجز العقل عن حلها ففقد العلاقة مع الواقع لأنه لم يعد لديه الرغبة في العيش فيه أو التعامل معه، وليصبح في وصف الناس (مجنون) وهو في الحقيقة مريض مثل أي مريض يحتاج المساعدة والعطف، فلا يجدها إلا لدى الطبيب النفسي لأنه الوحيد الذي يدرك حالته في حين يعتبره الآخرون عاراً يتنصلون منه، ويتهربون منه وكأنه (مجذوم)!.
نحن لا نقدم هذه الكلمات دفاعاً عن الطب النفسي أو الأطباء النفسيين ولكن في محاولة للتعريف بفرع من فروع التطبيب لم يأخذ حقه في التوعية والاهتمام، رغم أن الناس في كل وقت يحتاجون لمعرفة: متى يذهبون للطبيب النفسي؟! أو متى يعرفون أنهم يحتاجون للمساعدة؟! وليكون لدينا حداً أدنى من الثقافة النفسية حتى نصبح قادرين على التعامل مع الحياة، فنحن لا نذهب إلى الطبيب إلا إذا عرفنا أننا مرضى.
وعلى أرض الواقع وفي عيادة الطبيب النفسي التقينا بآنسة (27 عاماً) تعمل مبرمجة كمبيوتر، سألناها عن سبب زيارتها للطبيب النفسي وهل أتت بدافع شخصي واقتناع أم بضغط من أحد؟، فأجابت: فور تخرجي من الجامعة كان عمري 21 عاماً، أصبت بحالة فقدان شهية للأكل والعمل والخروج مع الأصدقاء وعزفت عن مشاركة أهلي في مناسباتهم، وبدأت حالتي الصحية (العضوية) أيضاً تسوء، فكنت أشعر بصداع شديد وآلام في معدتي، وفي أحد الأيام أصبت بحالة إغماء شديدة فاستدعت الأسرة الطبيب، وكان شاباً مهذباً ولبقاً، فاستطاع أن يقنعني بالذهاب إلى طبيب أمراض نفسية لأن حالتي ليست عضوية، ولكنها نفسية، وأقنعني أن الجهاز العصبي مثله مثل أي جهاز في الجسم (هضمي أو دوري أو تناسلي) ويمكن أن يصاب بالمرض في أي وقت، وبالفعل حضرت إلى هنا، وعرضت حالتي على الدكتور يسري عبدالمحسن، الذي أكد لي هذا الكلام، واقتنعت بأهمية العلاج.
وتضيف: وبعد عدة جلسات بدأت أشعر بالتحسن شيئاً فشيئاً، وأنا الآن في أحسن حال، لكني أتردد على الطبيب كلما شعرت بضيق أو توتر حتى أقي نفسي من أي خلل أو مرض نفسي قد يصيبني ثانية، فالوقاية خير من العلاج كما يقولون.
أمراض الروح
وتوجهنا بهذا السؤال لعدد من الشباب: هل يمكن أن تذهب لطبيب نفسي في حالة شعورك أنك في حاجة إليه أو إذا نصحك طبيبك المعالج بذلك؟
يقول أحمد أبو زيد: طبعاً لا مانع، فالطبيب النفسي مثله مثل أي طبيب آخر لكنه يعالج أمراض الروح بدلاً من الجسد، في حين يرفض زميله عباس لطفي الفكرة مؤكداً أن أطباء الأمراض النفسية يعالجون (بالنصائح) التي يمكن أن أحصل عليها ممن هو أكبر مني سناً مثلاً، أو من صديق مخلص، أو من طبيب أمراض عضوية..!.
أما الآنسة (ولاء) فترى أن فكرة أن يحكي الإنسان مشكلته لشخص حيادي لا تربطه به صلة ولا يمكن أن يبوح بهذه الأسرار لأحد فكرة جيدة، ويمكن أن ألجأ إليها إذا أحتاج الأمر ذلك.
وتعترض (نهال) على كلام صديقتها مؤكدة أن دور المستمع الجيد وصاحب النصح والمشورة، يمكن أن تقوم به صديقة مخلصة أو أم مثلاً، ولكن (شيماء) تختلف مع هذا الرأي مؤكدة أن الطبيب لديه النصيحة العلمية فضلاً عن ضمان السرية، وأنه لن يحاسبني على أفعالي وأخطائي، ولن يلومني عندما أحكي له موقفاً خاطئاً فضلاً عن ضرورة احترام العلم.. وهكذا تباينت الآراء حول أهمية الطبيب النفسي ونظرة المجتمع له.
عرضنا هذه الآراء على أستاذ الطب النفسي الدكتور أحمد عكاشة الذي أكد على ضرورة التوعية الإعلامية بهذا الفرع المهم جداً من العلاج، وتعريف التلاميذ والمجتمع بصفة عامة من خلال وسائل الإعلام المختلفة أن العلاج النفسي كأي علاج بل بالعكس هو أهم وأخطر لأنه يساعد الشخص على بلوغ المستوي الذي يؤهله لأن يعيش مستقراً سعيداً، وأن يكون في أفضل مستوى يكون عضواً فاعلاً في المجتمع، وأن يستفيد المجتمع من قدراته وإمكانياته.
ويضيف الدكتور (عكاشة): لهذا ومن خلال هذا التعريف البسيط والسريع بأهمية العلاج النفسي، يمكننا أن نكتشف حجم الخسائر التي يمكن أن تلحق بالمجتمع الذي تسود فيه ثقافة رفض العلاج النفسي، وخطورة أن يظل المضطرب نفسياً دون علاج لأنه في الواقع يصبح إنساناً غير منسجم مع المجتمع، أو أنه (مشلول اجتماعياً) بحيث لا يستطيع أداء الدور المنوط ويصبح مريضاً خفياً يشكل خطراً على الآخرين، لأن معظم الجرائم يرتكبها أناس من هذا النوع.
ويشير د. عكاشة إلى أن 10% على الأقل من سكان الوطن العربي يحتاجون إلى علاج نفسي، وذلك وفق إحصاءات (منظمة الصحة العالمية) ويرجع ذلك إلى موقف الأسرة العربية الغريب في حال إصابة أحد أفرادها بالمرض النفسي، والاضطراب الذي يمكن أن يصيب كل أفراد الأسرة، ويرجع أيضاً إلى النظرة السلبية للمرض النفسي والشائعات الشعبية التي تحاك عنه وصورة طبيب الأمراض النفسية في وسائل الإعلام وفي السينما والرواية، حيث يظهر أنه هو (المجنون) الذي يمكن أن يصيب مريضه بالجنون، فقد لعبت الأعمال السينمائية دوراً خطيراً في معاداة الناس للطب النفسي وذلك لأنها أظهرت شخصية الطبيب على أنه (معتوه) أو هو الشخص الذي يستغل مهنته في الغش والخداع، أو هو الشخص الذي يحاول أن يسيطر على مرضاه، في جو كابوسي رهيب أشعر الناس بالخوف من الأمر كله!. وعن أكثر الأمراض النفسية انتشارا في المجتمعات العربية يقول إنه الاكتئاب الناتج عن الضغوط الاجتماعية مثل البطالة والفقر والعزوبية (العنوسة) فضلاً عن الضغط الوظيفي.. فكثير من الناس لا يستطيعون التعامل مع المشكلات اليومية في العمل، وهنا يكون الموظف غير قادر على اتخاذ القرار، ويشعر بالتعب الجسمي بشكل كبير، ومن الأمراض الأكثر ذيوعاً هذه الأيام مرض (اضطرابات النوم) وتعتبر من الظواهر المشتركة بين كل الأمراض النفسية، وقلة النوم تؤثر على الصحة العامة، ويفقد المريض القدرة على متابعة حياته بشكل عادي ويجد صعوبة بالغة في التوازن العام في حياته اليومية.
العلاج الأسري
وأخيراً تقول د. داليا مؤمن أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة: نحن نعرف جميعاً أن هناك ما يسمى بالعلاج النفسي، وإذا سألت أي شخص يسير في الطريق (يعني إيه علاج نفسي؟) أن المريض يجلس مع الطبيب أو المحلل النفسي ويفرغ ما بداخله.. وهذه الجملة رغم سطحيتها فإن بها قدرا من الصحة، ولكن هل كل أنواع العلاج النفسي يعتمد على العلاج النفسي الفردي؟ أي القائم بين المعالج النفسي والمريض؟ والإجابة هي: لا بالطبع.. فهناك انواع أخرى من العلاج النفسي منها العلاج النفسي، والجماعي، والعلاج الزواجي والعلاج الدوائي والعلاج النفسي للأسرة، ويعد الأخير نوعاً من العلاج يركز على اعتبار الأسرة وحدة العمل العلاجي وليس الفرد المريض نفسياً، بمعنى أن المعالج النفسي يتعامل مع الأسرة ككل، ويقابلهم جميعاً، فالمشكلة هنا مجزأة، كل فرد من أفراد الأسرة له دور في حدوث المشكلة بل وهذه المشكلة تنعكس عليه بشكل أو بآخر، فإذا رجعت بذاكرتك إلى أي مشكلة عانى منها أحد أفراد أسرتك ستجد أن مشكلته تلك قد أثرت عليك وعلى الأعضاء الآخرين في الأسرة.. فمثلاً تدرك بعض الأمهات أن مشكلات أطفالهن ترجع إلى طريقة تعامل الأم والأب مع الطفل، وتدرك بحسها أن الطفل يتحسن سلوكه حين يكون مع أشخاص آخرين!! واذا تساءلنا من هو صاحب المشكلة سندرك أنها الأسرة ككل!!.
وقد بدأ العلاج الأسري كطريقة علاجية واضحة في فترة الخمسينيات رغم أن هناك بعض العوامل التي ساعدت في ظهور هذا النوع من العلاج قبل تلك الفترة، وبمضي الوقت أصبحت هناك قناعة واضحة بأن أسرة المريض عامل وسيط مهم جداً في نجاح العلاج النفسي، وقد اكتشف هذا النوع من العلاج حينما لاحظ المعالجون النفسيون ان التحسن الملحوظ للمرضى يتم فقط حينما يسمح النظام الأسري بحدوث التغيرات السلوكية الدائمة التي يتطلبها العلاج، وإلا تنهار كل المحاولات العلاجية فتزداد حالة المريض سوءاً بسبب تأثيرات الأسرة، بحيث يمكن القول إن التقدم في العلاج الأسري قد حدث عندما بدأت الرؤية تنتقل من المريض نفسه إلى رؤيتها في العلاقات المرضية مع والديه مثلاً، وعندما تغيرت رؤية المريض من كونه ضحية إلى رؤيته على أنه يعكس في اضطرابه جانباً محدوداً من مرض والديه أو أعضاء أسرته.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|