|
مستقبل الأمة
|
ما كان لي أن أقول شيئا عن أوضاع أمتنا..
وأن أتحدث لها وعنها بما أرضى به أو لا أرضى عنه..
لولا ما أراه من حالة تمزق تمر بها..
ومن خوف عليها في ظل تداعيات ما يجري لها ومنها.
***
وأخطر ما نخاف منه..
وأشد إيلاما مما يثير فزعنا..
أن تكون أمتنا اليوم ليست بأحسن مما كانت عليه..
إن لم يكن تشخيص حالتها يقول ويتحدث بما هو أنكى وأشد.
***
وحين تكون الأمة في خطر..
ومع امتداد هذا الخطر إلى كل جزء من جسمها..
مثلما تمتد النار إلى الهشيم..
يكون العلاج وتكون المعالجة..
فوق قدرة البشر وبما لا تحقق له شيئا من تمنياته وآماله..
***
والمأساة الكبرى حيث تتجذر المشاكل..
وتنهش هذا الجسم العليل..
لتسقط في أيدينا وتفكيرنا وعقولنا القدرة على تلمس الأسباب وبالتالي معرفة العلاج..
فنضيع وسط الزحام دون أن تتضح الرؤية لنا أو ينقشع الظلام أمامنا.
***
إن هذه الأمة العربية والإسلامية..
على امتداد المساحة التي تقيم عليها..
وبكل هذه الكثافة السكانية التي تتواجد في هذا الجزء الهام من العالم..
مطالبة الآن وسريعا بمراجعة مواقفها لمعرفة مدى علاقتها بالظروف التي تمر بها..
على أمل أن تتضح الرؤية لما غاب طويلا أو غُيّب عنها..
***
وإن هذه الأمة..
الموصومة مع شديد الأسف بالإرهاب..
المحبطة بفعل الأشرار فيها..
عليها أن تعيد حساباتها..
في مجمل قضاياها وتواجهاتها درءا للخطر المحدق الذي ربما يكون قادما للتأثير سلبا بأكثر مما تواجهه الآن.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
الأمهات تنكزار سفوك
|
امتلأت مجتمعاتنا الشرقية بثغراتٍ كبيرة في معظم مجالات حياتها، وأصبح جسدها من الهشاشة ما لا يتصوره الصديق، وما لم يحلم به العدو يوماً ما، فجواتٌ كبيرة وصغيرة شلت حركة الجسد وأبطلت الحراك هنا وهناك... ووسط هذا الفشل الكبير تنهض الأمهات ليثبتن جدارة الأم الشرقية على مستويات شتى في التربية والتعليم والتأهيل والثقافة الأصيلة، ولتؤكد لنظيراتها على الطرف الآخر من المعمورة، أنها الأفضل في التربية والأنقى في العصامية والأجدر في الثقافة.
وجه كالحٌ للأمومة الغربية شوه كل تقنية وعلم ميز مجتمعاتها، أم تلد طفلا شوهته الكحول وهو ما زال جنيناً، وأخرى تنقل لمولودها الفيروس ليبدأ رحلة عذابه وأم تكوي بالنار جسد طفلها أو تميته برفسة قدم أو شواء بالفرن الناري... تحولت الأمهات في هذا الجزء من الكرة الأرضية إلى مربيات دون مشاعر آلات تحركها آلات، تربي أطفالها بوسائل إلكترونية وتقنيات حديثة، توقظه بجرس كهربائي ، وترضعه بالرضاعة العجيبة، وتسهر على نومه بميقاتي رهيب حساسيته تفوق حساسية الأم الطبيعية، وتتركه لساعات طويلة يكابد الحسرة وحرمان العاطفة لتتجه إلى العمل بعد أن تقدم له وجبة رضاعة على نغمات موسيقى الجاز ، لا تغنيه ولا تعوضه الحنان المفقود، أو تترنح في سهرة مسائية، حيث تلتقي صرخات الصغير مع أصداء موسيقى البوب... وإن كبر الطفل رمته بين الألعاب الإلكترونية والهياكل والأشباح البلاستيكية، ثم بعدها إلى الشوارع والأزقة، فقد بلغ الثامنة عشرة، وإذا ما فقدته بكت عليه لبرهة ثم عطست وغادرت المقبرة إلى حيث لا ندري... صراخ وعويل الأم يعلو من الأبواب والنوافذ تستنجد أو تهرب من وحش كاسر هو الزوج أو تصرخ من ألم طفل يستعصي على كل شيء... أمهاتنا في الشرق بلسم على الجرح، نهاية المطاف وملجأ الربان الغارق أم مثالية تحول حياتها إلى ورشة عمل توزع عليها الوظائف والنشاطات، صباحٌ مليء بالعنفوان والعمل ونهارٌ كله جد ومثابرة ومساء حلو تحلو لحظاته بحنان يعم الأسرة بكامل مكوناتها... واجهت التقاليد البائدة والقيم الدخيلة بنفس عميق وصبر بلا حدود، طورت ثقافتها العلمية والعملية لكنها لم تفقد رقتها وحنانها... وأثبتت للجميع أن هذه المنطقة المبتلية بالمشاكل من صراعات وحروب وأوبئة تحمل في مكنوناتها شريحة من الأمهات تحبذ الانفتاح والانعتاق لكن داخل دائرة الأصالة والتشبث بالموروث الأصيل، فكانت أكثر الشرائح توازناً واتزانا. فلتحيا أمهاتنا رمزاً للأمومة الحقة.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|