|
سوق الأسهم.. وهيئة سوق المال
|
لا يمكن لي أن أفهم أو أتفهم لماذا كل هذه التقلبات في أسعار سوق الأسهم..
أو أن أتعرف على مبرر واحد أو سبب وحيد لما يجري لها..
نزولاً كان أو صعوداً في مؤشرها؟!!.
***
إذ يصيبني الدوار حين أفكر بأن أقوم ولو بمحاولة لفك الغموض الذي يلف هذا الوضع الغريب في سوق الأسهم السعودية..
وأقف فعلاً أمام ما أراه ويراه غيري حائراً وعاجزاً عن التوصل إلى تفسير له يجيب عن تساؤلات المواطنين.
***
فأسعار البترول تتصاعد وبمعدلات عالية لم تكن ضمن التقديرات أو التوقعات التي كانت تتحدث عنها المراكز والجهات المختصة..
ونتائج الربع الأول لجميع الشركات والبنوك سجلت أرقاماً قياسية بالزيادة وبنسب لم تكن هي الأخرى ضمن حسابات من له اهتمام بتتبع أو انتظار أدائها للشهور الثلاثة الماضية.
***
والقرارات التصحيحية التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لضبط إيقاع السوق وبينها تجزئة السهم وإعادة نسبة التذبذب إلى ما كانت عليه والسماح لغير السعوديين بدخول السوق حدّت من الهبوط الحاد، وبدأ المؤشر لأيام معدودة يحقق ارتفاعات معقولة متأثراً بهذه القرارات ومستجيباً لها، بانتظار نتائج الربع الأول للشركات ليكون أداء السوق بشكل أفضل حسب التوقعات.
***
فما الذي حصل حتى تهوي الأسعار بهذه السرعة وبهذه المعدلات الكبيرة؟..
ولماذا يستبدل اللون الأخضر باللون الأحمر، وأمامنا كل هذه المعطيات الإيجابية التي يفترض أن تساعد السوق على تماسكه، وتدفعه إلى الارتفاعات بالنسب المعقولة؟..
وهل من توضيح لدى هيئة سوق المال يجيب على هذه الأسئلة ومثلها كثير..
أم أنها ستتعامل مع ما يجري ببرود وعدم مبالاة مثلما فعلت وتعاملت مع الوضع السابق؟!.
***
لا نريد أن نتباكى على ما آل إليه سوقنا المالي.. أو يعتقد من يعتقد بأنه ليس في الإمكان أكثر مما كان..
فقرارات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله تدخلت في الوقت المناسب وأوقفت الانهيار أو الزلزال في سوق الأسهم..
وبقي دور هيئة سوق المال، إذ هي المعنية بمتابعة حركة السوق، وتتبع الأخطاء، ومعرفة الأسباب والوصول إلى حقيقة الوضع.
***
وما هو ضروري أن تفعله الهيئة الآن وقبل فوات الأوان..
هو أن تزيد من الجهد المبذول في محاصرة اللاعبين والعابثين إن وجدوا ومحاسبتهم..
ومن مسؤوليتها أن تطبق النظام على الجميع..
وهي لا تستطيع أن تفعل ذلك، إلا إذا كانت إمكاناتها البشرية والفنية قادرة على الوصول إليهم، ولا أعتقد أنها بجهازها الحالي محدود الإمكانات والخبرات بإمكانها أن تنجح في أداء دور كبير ومهم كهذا.
***
إني لا أشك في إخلاص من يعمل في هيئة سوق المال، بل إني على يقين من جديتهم في العمل..
وليس في تفكيري أن أشير إلى أي منهم بأنه مقصر في عمله، أو أنه يواجه مشكلة وليس لديه ما يمكن أن يفعله لمواجهتها بالحلول المناسبة..
ولكني أعتقد أن الهيئة تحتاج إلى مزيد من القدرات المتخصصة والمجربة، ممن لديهم خبرات تؤهلهم لمراقبة السوق وضبط أي تلاعب فيه.
وهو - ربما - ما تحتاجه الهيئة، دون تشكيك بالقائمين عليها، وينبغي أن تسعى إلى ذلك، وأن يكون هذا هو همها الأول والأخير.
***
ولا يعقل أن نبحث عن مبررات لهذا الذي حدث ويحدث في سوق الأسهم من باب الدفاع غير المشروع عن الهيئة، وهناك من وضع من المواطنين وغير المواطنين كل ما يملكه من مال في سوق الأسهم، ليفاجأ بعد أيام أو شهور أن رصيد عمره من المال قد غرق في بحر هذا السوق الغامض.
***
ولا يمكن أن يلام من يكتب عن سوق يترنح، طالما أنه لم يسمع كلمة من مسؤول في الهيئة تكون مقنعة أو مطمئنة أو منسجمة مع الواقع..
إذ إن كل ما يصرح به المتحدث عن السوق - مع احترامي وتقديري له - في وادٍ وأداء السوق والمؤشر الذي يتراجع في واد آخر.
***
ولي ولغيري أن نتساءل: ماذا بقي من قرارات لتحريك السوق وتوجيهه نحو الوجهة السليمة بعد أن أمر الملك بدخول غير السعوديين وبتجزئة الأسهم وبتعديل سقف الذبذبة، وهي قرارات حكيمة ومهمة، ولم يعد هناك ما يمكن أن يكون أهم منها لعلاج الوضع، وأن ما هو مطلوب الآن هو أن نسمع من الهيئة عن جهودها وعملها وقراءتها للمستقبل عن سوق يلفه الغموض.
***
أعرف أن هذا الكلام لا يرضي أخي جماز السحيمي، ولا بقية القيادات التي تساعده في الهيئة، لكني أؤكد لهم أن ما أكتبه ينطلق من حب وتقدير لهم، لكنه ينطلق أيضاً من حب وتعاطف كبير مع من خسر ماله في غمضة عين دون أن يعرف لماذا وكيف ومن المسؤول فيما حدث.
خالد المالك
|
|
|
الديدان البحرية عديدة الأشواك كائنات دقيقة الحجم عظيمة الأثر
|
إن البحر، من وجهة نظر الدارس الأحيائي، عبارة عن مظاهر وعلاقات حياة بالدرجة الأولى. إن القانون الأساسي للحياة في البحار والمحيطات، يتلخص في: «ابحث عن شيئ تأكله، وتجنَّب أن تُؤكل!». وهكذا تسير الحياة في البحر، متمثلة في معمار هرمي كبير، أساسه العريض هو العلاقات الغذائية بين الكائنات الحية، التي يحكمها، بدورها، عاملان رئيسيان، هما: أنماط الإخصاب الوفير جدا، الذي يؤدي إلى التكاثر الضخم لمعظم أنواع الأحياء البحرية، والشراهة المفرطة، التي تدفع الكائنات القوية والكبيرة إلى افتراس الصغيرة عديمة الحيلة، بغير رحمة.
إن تلك القاعدة العريضة للهرم الغذائي في البحر تشمل ملايين البلايين من الكائنات الهائمة النباتية (الفيتوبلانكتون)، وهي نباتات مجهرية، تقوم بعمليات البناء الضوئي، وتنتشر في الطبقة السطحية المضاءة من مياه البحار والمحيطات. وتنتهي قمة هذا الهرم الغذائي البحري عند الحوت الأزرق، أضخم الثدييات البحرية، بل أضخم كائن حي في هذا الكون، إطلاقا، وقد يزيد طوله عن 30 مترا، ووزنه عن 130 طنا. وبين القاعدة والقمة، تتوزع أشكال الحياة البحرية، من أسماك، وقشريات، ورخويات، واسفنجيات، وجلدشوكيات..الخ.
نواحٍ خفية في عالم هذه الديدان وفوائد عظيمة
والديدان البحرية عديدة الأشواك، التي نتحدث عنها الآن، هي حلقة في هذه السلسلة الغذائية تحتل مكانا ما بين قمة هرم الغذاء في البحر وقاعدته. والحقيقة، أن الديدان بصفة عامة - قد استرعت اهتمام الإنسان منذ زمن بعيد. إن النظرة العابرة إليها لا يمكن أن تترك انطباعا أكثر من التقزز أو الاستخفاف بهذه الكائنات الواهنة اللزجة، التي تزحف ساعية، بأي اتجاه، ولكن النظرة الفاحصة المدققة يمكن أن تتوقف عند أشياء عديدة، وتلتفت إلى نواحي خفية في عالم هذه الديدان. ولقد حظيت الديدان الأرضية بالجزء الأعظم من اهتمامات الإنسان، وهذا أمر طبيعي، لأنها تشارك الإنسان بيئته على اليابس، أما الديدان البحرية، أو المائية بصفة عامة، فلم تلق الاهتمام اللائق إلا بعد تقدم دراسات علوم البحار الأحيائية، ولقد كان العالم «داروين» عام 1881م، هو أول من سلط الأضواء على ديدان الأرض، من خلال بعض أبحاثه عليها، وفي هذه الأبحاث المنشورة، أشار داروين إلى أهمية بعض أنواع هذه الديدان في زيادة خصوبة التربة. وللديدان البحرية، أو المائية على وجه العموم، دور ديدان الأرض المخصبة للتربة. إنها تزيد من خصوبة المياه مما يزيد من إنتاجيتها من الأسماك، فهي الغذاء المفضل لبعض أنواع الأسماك ذات الأهمية الاقتصادية العالية. ففي بعض التجارب التي أجريت في المرابي السمكية على تغذية صغار أسماك السالمون (الزريعة)، وجد الباحثون أنه لكي يزداد وزن مليون زريعة من سمك السالمون، من 250 ملليجرام إلى 500 ملليجرام، للواحدة، يلزم إطعامها 900 كجم من بيض سمك الكود لمدة 75 يوماأو 325 كجم من بيض سمك الكود، مع 325 كجم من الديدان، لمدة 50 يوما. أي أن استخدام الديدان في إطعام زريعة السالمون يقلل من كلفة بند التغذية، كما يقلل من الزمن اللازم لإنمائها.
طائفة الديدان البحرية
عديدة الأشواك
تمثل حلقة هامة في السلسلة الغذائية بالبيئة البحرية، إذ تكوِّن نسبة كبيرة من الحيوانات اللافقارية القاعية، التي تمثل مصدرا هاما للمواد العضوية، بعد موتها وتحللها، كما أنها، وهي حية، ضرورية كغذاء للعديد من أنواع الأسماك القاعية والعائمة. وقد قام الباحثون بدراسة محتويات المعدة لبعض أنواع الأسماك، مثل السفوليا (سمك موسى)، والدنيس، والاسكومبر، فوجدوا أن هذه الديدان تمثل نسبة كبيرة من غذائها، كما تبين أن يرقات الديدان عديدة الأشواك مفضلة كغذاء لبعض القشريات البحرية المهمة. كما أثبت التحليل الكيميائي لأجسام هذه الديدان احتواءها على بعض العناصر المشعة، مثل المنجنيز - 54، بنسبة تصل إلى 1151 ميكروجراما في الجرام الواحد من مسحوق هذه الديدان، بعد حرقها.
وتوجد الديدان البحرية عديدة الأشواك في جميع الأنظمة البيئية البحرية، وعلى الأسطح المغمورة ونصف المغمورة، وهي تتخذ في معيشتها أحد نمطين اثنين: إما هائمة، على مدار تاريخ حياتها، تسبح في الطبقةالعليا من الماء، مندرجة في الهائمات الحيوانية (الزوبلانكتون)، وإما جالسة، أو مستقرة، فور انتهاء طورها اليرقي الهائم، فوق أحد الأسطح العائمة، أو الثابتة، في الماء، حيث تتخذ لنفسها بيوتا بهيئة أنابيب تصنعها لنفسها، إما بشكل مؤقت، وإما دائم، تبنيها من ملح كربونات الكالسيوم الذائب في ماء البحر، ويبني بعض الأنواع شعابا رملية، تتكون من طبقات متتالية من تلك البيوت الأنبوبية المتضاغطة، أو من أنابيب مفردة، تبنيها من حبيبات الرمل، أو من فتات الأصداف. وثمة أنواع تدفن نفسها في قاع البحر، الطيني أو الرملي.
ديدان الإخصاب فيها خارجي
وقادرة على إنتاج الضوء
إن أحسن تعريف لهذه المجموعة من الديدان، هو أنها تلك التي طولها أكبر من عرضها، وليس لها عمود فقري، وأجسامها طرية، ولها تركيب داخلي بسيط، كطائفة من اللافقاريات الدنيا، فلجسمها تجويف واحد ممتد، هو التجويف السلومي، الذي يمتلئ بسائل يأخذ اسمه من اسم التجويف: السائل السلومي، الذي يعمل كجهاز دوري، كما يقوم بدور أساسي في عمليات الإخراج والتكاثر. وتتكاثر هذه الديدان لا جنسيا، فتنمو وحدات التناسل بالتبرعم من الطبقة المبطنة لتجويف السيلوم، حيث تجري في السائل السيلومي إلى الخارج. وتتقابل تلك الأمشاج في ماء البحر، حيث يتم التلقيح والإخصاب، خارجيا، لتبدأ دورة الحياة، التي تنتهي بالدودة الكاملة، فتظل سابحة حرة، أو تستقر، بعد الطور اليرقي، في أنابيب.
ولهذه الديدان القدرة على إنتاج الضوء، الذي يساعد الأفراد من نفس النوع على التعارف والتقارب. وفي بعض الأنواع، يستخدم هذا الضوء في التمويه على الأعداء وخداعها، أو يساعد في اصطياد الهائمات الحية الدقيقة، التي يجتذبها الضوء، فتلتقمها الدودة. أما الأنواع المختبئة داخل أنابيب، فتحصل على غذائها بأسلوب مختلف. إنها مزودة بما يشبه الأذرع الحساسة، المتحورة من الرأس، تمتد خارج الأنبوب لتلتقط وحدات الغذاء التي تقترب منها في الماء. وثمة أنواع أخرى، تتغذى بأن تخرج بلعومها، الذي يكون مندغما داخل الرأس، كنصفي جورب متداخلين حيث ينطلق البلعوم ليتنص الفريسة، ثم يعود إلى وضعه داخل الرأس.
الحشف البحري ظاهرة تضر
ببعض الأنشطة البحرية
وتساهم الديدان البحرية عديدة الأشواك بدور كبير في تكوين واحدة من الظواهر الأحيائية الخطيرة في البحر، هي ظاهرة (الحشف البحري) ، المتمثلة في التجمعات النباتية والحيوانية النامية بكثافة كبيرة فوق سطح أي جسم مغمور أو شبه مغمور في مياه البحر. إن هذه التجمعات من الكائنات الحية المختلفة تنمو على قيعان المراكب، وعلى الأشياء المثبتة أو العائمة، مثل (الشمندورات) وأعمدة الجسور، وكابلات الاتصالات. وتنمو هذه التجمعات وفق أصول محددة، وفي تتابع ثابت، فتبدأ كائنات البكتيريا البحرية في الترسب على هذه الأسطح أولا، لتعدها كمسرح لظاهرة الحشف، إنها تفرز فوقها طبق لزجة، تكون بمثابة المصيدة للكائنات الهائمة النباتية، التي لا تلبث أن تجتذب الهائمات الحيوانية، فتسارع إلى الموقع مجموعات من الكائنات البحرية الباحثة عن الطعام، من بينها هذه الديدان، موضوع حديثنا، فتلتصق يرقاتها بأسطح الأجسام المغمورة بالماء، حيث وحدات طعامها متوافرة بكثرة، وتبدأ في النمو وتكوين أعشاشها، أو هياكلها الكلسية. وتكون المحصلة، أن ينشأ تزاحم شديد، فهنا سوق، ومطاعم، ومخابئ، وملاعب، وفخاخ منصوبة، وحيوات تبزغ، وموت يعصب. عالم عجيب!.
وللحشف البحري أضراره التي يعرفها المتصلون بالبيئة البحرية. إنه يعمل على تآكل الأسطح التي ينمو فوقها، سواء أكانت خشبية أم معدنية، مما يعني زيادة كلفة الأنشطة البحرية، في صورة مصاريف تنظيف السفن من الحشف، أو زيادة مؤثرة في استهلاك الوقود، نتيجة الثقل الإضافي للحشف، الذي يعمل بالوقت ذاته، على الإقلال من سرعة الوحدات البحرية، ويتضاعف تأثير هذا الضرر في حالة الوحدات البحرية العسكرية، التي ينبغي أن يتوافر لها على الدوام عنصرا خفة الحركة والقدرة على المناورة.
وهذا جانب سيئ في سيرة هذه الديدان، التي ندرسها لنتعرف عليها أكثر، فنعمل على تعظيم أوجه الاستفادة منها، كما أن تدارس سلوكياتها قد يعيننا على إيجاد وسيلة لمقاومة ظاهرة الحشف التي تضر باقتصاديات الأنشطة البحرية. والجدير بالذكر، أن هذه الدراسات قد ساعدت، فعلا، في إيجاد وتطوير أنواع من الطلاءات، أثبتت كفاءة عالية في التخفيف من أضرار الحشف البحري.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|