|
حرية الإنسان!!
|
أحياناً، يقضي المرء بعضاً من وقته وحيداً في حالة تأمل وصمت فإذا به يفاجأ بمن يزوره فيقطع عليه هذا الصمت أو يقتحم عليه أجواء هذا التأمل، أو يشاركه بوجهة نظر أو تعليق بما لا حاجة له بمشاركة منه.
ولا أحد يشعر بانزعاج مثلما يشعر به ذلك الإنسان الذي فضل أن يبتعد عن الناس ويلقي بهمومه بعيداً عنهم، ويستسلم لتفكير ربما قاده إلى شيء من الراحة الذهنية والجسدية، وبينما هو كذلك إذا بمن يطرق عليه باب خلوته ويفسد عليه هذا الجو.
***
الوظيفة - بمسؤولياتها ومتطلباتها والتزامات صاحبها- لا تمنح الإنسان دائماً كل رغباته، بما في ذلك تملك الوقت، وممارسة الهوايات، وحق المفاضلة والاختيار بين ما يروق له ويقترب من اهتماماته وبين ما لا يتوافق مع مزاجه.
قد يبقى لدى بعض من يمارسون عمل الوظيفة -بحسب حجم المسؤوليات الملقاة عليهم- قليل أو كثير من الوقت الذي يكون بمقدوره عندئذ استقطاع بعضه للتأمل والمراجعة، وليحتفظ بما تبقى منه بعد ذلك لمسؤولياته ولأشيائه الأخرى.
***
غير أن أحداً منا لا يمكن أن يدعي بأنه أعطى للوظيفة وقتها المستحق، ومن ثم وجد بعد ذلك وقتاً كافياً ليمضيه منفرداً للتأمل والمراجعة، بعيداً عن تأثير الآخر على أفكاره وعلى مسارات توجهاته.
لا أعني أن الأفكار والرؤى لا تولد إلا بمعزل عن الناس، ولا أقول إن صفاء الذهن إنما ينحصر دائماً وأبداً بالوحدة والبعد عن الآخرين، كما لو أن ذلك يدخل ضمن طقوس التفكير السليم بشكل دائم.
***
أحياناً يستهلكك العمل، فتخرج بعد انقضاء الساعات المحددة له مجهداً ومرهقاً، وقد تكون عندئذٍ عازفاً عن لقاء الآخرين، لأنك لا تملك القدرة على التركيز في الحديث، أو المشاركة بالرأي الذي ترضى عنه، حتى وإن أظهرت من باب المجاملة شيئاً من التجاوب مع محدثك أو من صادف أن التقاك في قارعة الطريق.
قصدت من ذلك، أن الإنسان - مع الوظيفة ومع أي مشاغل أخرى مجهدة - يحتاج أحياناً إلى وقت يستقطعه ويوظفه - دونما مشاركة مع أحد - لما يوفره له من الراحة والمتعة في هذه الحياة، ويفترض أن يكون هذا المفهوم من المسلمات لكل منا.
***
فهناك من يجد هذه المتعة في مشاهدة مباراة لكرة القدم من غير أن يكون إلى جانبه أحد من الأشخاص، وقد يسعى البعض إلى الابتعاد عن التجمعات إما للقراءة أومن أجل الاستمتاع ببرنامج في التلفاز، وقد يخلو المرء بنفسه لبعض الوقت يراجع فيه بعض أوراقه القديمة وما يكون في ملفاته من صور لها دلالاتها وأثيرة على نفسه وهكذا.
وأكثر ما يزعج الإنسان حين يفاجأ بمن يطرق عليه باب خلوته دون أن يسبق ذلك أي اتصال أو تنسيق، بزعم أن العلاقة تتجاوز مثل هذا التحضير لمثل هذه الزيارة, وهي حالة يشتكي منها الكثيرون، وأنا أنقلها كما سمعتها منهم حيث إنني لم أجد أحداً لا يتفق مع هذه الملاحظة، وإن شئت فقل مع هذه الظاهرة.
***
ولا ينبغي أن يفهم من هذا الكلام، أنني أدعو إلى عدم التواصل، أو أسعى إلى إقناع من يقرأ لي هذه السطور بأن خيار الوحدة على مجالسة الآخرين هو الخيار الأفضل دائماً، وإنما ما أريد قوله: إن العمل لا بد أن يصاحبه أو يتبعه فترة راحة يقضيها الإنسان بحسب ما تمليه عليه رغباته، وبما ينسجم واهتماماته وميله لأي من النشاطات البدنية والذهنية، وإن من المهم تنظيم الزيارات فيما بين الإنسان وغيره حتى لا يقع أحدنا بخطأ سوء التقدير، أو أن يكون اجتهاده في مثل هذه المبادرات في غير محله.
خالد المالك
|
|
|
يحيي الفخراني: (سليم البدري) أهم شخصياتي في الشهر الكريم
|
* القاهرة - خاص:
أدوار كثيرة متميزة تلك التي يمتعنا بها النجم المحبوب يحيي الفخراني من خلال مسلسلات الإذاعة والتليفزيون.. وعلى مدار أكثر من عشر سنوات، أصبح جزءاً من كل أسرة مصرية وعربية خلال شهر رمضان المبارك، وإذا لم يشاهده الجمهور على شاشة رمضان فإنه يشعر بأن أحد أفراد الأسرة قد تغيَّب عن المائدة الرمضانية، وأنه يفتقد ضيفاً عزيراً.. وهو من أكثر الفنانين ارتباطاً بهذا الشهر.. فمن منا ينسى أدواره في مسلسلات (أيام المرح) و(صيام صيام) و(أبنائي الأعزاء شكراً).. ومن لا يذكر أو يتذكر سليم باشا البدري في مسلسل (ليالي الحلمية).. ومن لم يصرخ معه ومع الكاتب الكبير مصطفي أمين في وجه الفساد في كل زمان ومكان في مسلسل (لا).. ثم من لم يشاركه لحظات الأمل واليأس ومشاعر الرومانسية الجميلة في مسلسله (نصف ربيع الآخر).. ومن لم تضحكه خفة ظله ومرحه وقبعة بوتشي أو بشر عامر عبدالظاهر في مسلسل (زيزينيا).. ومن لم يتسامح ويتعاطف مع سيد عبدالحفيظ في مسلسل (أوبرا عايدة).. وأخيراً، من منا لم يقف إلى جانبه، وينبهر بأدائه الرائع لشخصية جابر مأمون نصار في مسلسل (للعدالة وجوه كثيرة)،شخصية جحا الساخرة.
حكايتي مع رمضان
وعن أسباب تألقه في شهر رمضان على الشاشة الصغيرة.. يقول (الفخراني): (لاشك، أنني محظوظ بالنسبة لأعمالي التليفزيونية، حيث إن جميع أدواري جيدة وجديدة وتضيف إلى رصيدي.. ومحظوظ أيضاً لأن أعمالي تأخذ بركة الشهر الكريم فتنجح، وأنجح معها أنا أيضاً).. وقد كانت بدايته مع مسلسلات رمضان من خلال مسلسل (أيام المرح) الذي كتبه عاصم توفيق وأخرجه محمد فاضل، وكان أول مسلسل يُعرض بعد فوازير ثلاثي أضواء المسرح، وفي نفس موعد إذاعتها عقب الإفطار مباشرة، وعندما عُرض المسلسل نجح نجاحاً مبهراً.. ثم كان مسلسل (أبنائي الأعزاء شكراً) مع الفنان القدير عبدالمنعم مدبولي.. حتي جاءته الفرصة الذهبية في مسلسل (صيام صيام) الذي يعتبر أول بطولة مطلقة له في التليفزيون، وكان أول مسلسل يُعد خصيصاً لشهر رمضان، وامتد عرضه طوال أيام الشهر ونجح نجاحاً كبيراً، الأمر الذي جعله أكثر تركيزاً في كل ما يقدمه على الشاشة الصغيرة.
وتتوالى نجاحات الفخراني الرمضانية، فيعرض له التلفزيون الجزء الثاني من مسلسل (ليالي الحلمية) - حيث لم يُعرض الجزء الأول في شهر رمضان - وهو مسلسل له طابع مميز وخاص، وارتبط به المشاهدون بأجزائه الخمسة علي مدار سبع سنوات، عُرض منها أربعة أجزاء خلال أربعة مواسم رمضانية.. وأبدع يحيي الفخراني في أداء شخصية (الباشا) سليم البدري، ووضع بصماته الخاصة في أدائه ببراعة واتقان، وهي من الشخصيات الثرية جداً التي قدَّمها بمتعة وانسجام شديدين وتعايش معها تماماً.. وقد تجمعت عناصر كثيرة لإنجاح (ليالي الحلمية) أهمها التأليف والإخراج والفنانون المشتركون فيه، فكاتب المسلسل أسامة أنور عكاشة واحد من أكفأ كتاب الدراما التليفزيونية ولديه إمكانيات إبداعية رائعة، ومخرجه إسماعيل عبدالحافظ مخرج متميز ذو رؤية خاصة وله باع طويل في مجال الدراما التليفزيونية، ناهيك عن اشتراك عدد كبير من النجوم والممثلين الأكفاء في هذا العمل.
وعن شخصية سليم البدري يقول الفخراني: (المؤلف عرض عليَّ شخصية العمدة ولم تكن واضحة المعالم لي فلم أقبلها، ثم عرض عليَّ شخصية الباشا فاخترتها على الفور.. وهي شخصية من لحم ودم تأكل وتشرب وتحب وتكره، لذلك أحببتها وتشبعت بها كما أحبها وتشبع بها جمهور المشاهدين.. وقد كنا جميعاً من الممثلين إلى المخرج والمؤلف مجموعة عمل واحدة تحس أنها منتقاة بدقة، ولذلك نجح المسلسل نتيجة جهود هذه المجموعة رغم اختلاف وجهات النظر حول بعض المشاهد، لكننا كنا نتفاهم ونتبع أسلوب الإقناع بروح الجماعة في إطار الحب والتفاهم).
شخصيات رمضانية ناجحة
وقد توقع الكثيرون للنجم يحيي الفخراني أنه سيظل أسيراً لشخصية (سليم باشا البدري) لسنوات طويلة، ولكنه فاجأ الجميع بنوعية أخرى من الأدوار والشخصيات - الرمضانية أيضاً - التي قدمها خلال السنوات الماضية، وحقق بها نجاحاً كبيراً فاق بعضها شهرة (سليم البدري).. وأولها شخصية (عبد المتعال محجوب) في مسلسل (لا) والذي تحول من خلالها إلى (موظف مضطهد) وأبدع الفخراني - كعادته - وتألق وتفوق على الجميع في هذا الدور، لدرجة أن مؤلف القصة وهو الكاتب الكبير مصطفى أمين اتصل به وقال له: (لولا أنني أعرف) عبدالمتعال (بطل روايتي شخصياً لتصورت أنه أنت).. وبتلك الشهادة الكبيرة من مصطفى أمين ازداد الفخراني تمسكاً وإصراراً بمبدئه وخطه الفني الذي لا يقبل سوي الجيد من الأعمال.. وهو يقول عن هذا الدور: (لقد وجدت في تجربتي الأولى مع مصطفى أمين متعة حقيقية، خصوصاً وأن دوري في المسلسل كان جديداً عليَّ تماماً وغير مكرر، ولم أقدمه من قبل شكلاً ومضموناً، وأجمل ما في الموضوع تلك الحرية التي وفرها التليفزيون في تقديم هذا العمل دون أية اعتراضات).
ويستمر (الفخراني) في تسجيل علاماته المتميزة والبارزة في طريق الدراما التليفزيونية الرمضانية، ليقدم لنا شخصية (د. ربيع الحسيني) في مسلسل (نصف ربيع الآخر).. وشخصية بشر عامر عبد الظاهر في مسلسل (زيزينيا)، والتي حصل عن أدائه لها على جائزة أحسن ممثل من مهرجان القاهرة الرابع للإذاعة والتليفزيون، وهي ليست الجائزة الأولى ولا الأخيرة، فقد حصل الفخراني - خلال مشواره الفني - على 50 جائزة أهمها جائزة الدولة التشجيعية في التمثيل عام 1993م، وهذه الجائزة لا تمنح لأي شخص إلا بإجماع الأصوات أي تكون بنسبة 100%.. ثم شخصية (سيد أوبرا) المحامي في مسلسل (أوبرا عايدة).. وأخيراً شخصية (جابر مأمون نصار) في مسلسل (للعدالة وجوه كثيرة)، وقد أثار هذا العمل كثيراً من الجدل ونال إعجاب الجمهور وتقدير النقاد، لأنه يعالج قضية مهمة من قضايا المجتمع ويمس جرحاً غائراً في جسد الوطن، قد نال عنه جائزة أحسن ممثل في مهرجان الاذاعة والتليفزيون الأخير، وفي العام الماضي ارتدى الفخراني عباءة جحا المصري، ليقدم شكلا جديدا، فهو فنان ضد القولبة، دائم التغيير، ودائما ما يفاجئ جمهوره بما يقدمه من جديد.
***
بطاقة تعارف
(يحيي الفخراني) من مواليد 1945م، وحصل على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1971م، وكان عضواً بارزاً في فريق التمثيل بالكلية وحصل على جائزة أحسن ممثل على مستوى الجامعات المصرية.. وبعد تخرجه مارس المهنة لفترة قصيرة كممارس عام في صندوق الخدمات الطبية بالتليفزيون وكان ينوي التخصص في الأمراض النفسية والعصبية.. وقتها كان يعتبر الفن هواية فقط، ولكنه وقع في دائرة الاحتراف، وإن كان يعترف دائماً بأنه ما يزال هاوياً.. وهجر الطب، واستقر بموهبته على شاطئ الفن، واستطاع بصدقه الفني أن يخترق الصفوف الأمامية وينال إعجاب مشاهديه.. ابتسامته أبرز ما يميز ملامح وجهه، وطيبة قلبه جزء من نقاء أعماقه، حتى أنك تحس عندما تشاهده بأنه واحد من أفراد عائلتك.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|