|
بانتظار الموعد والنتائج |
ها نحن نقترب من موعد انتخابات المجالس البلدية..
ومن التجربة التي تهيِّئ المجتمع إلى أن يتعلَّم ويتعرَّف أكثر وأكثر عن ثقافة الانتخابات..
في ضوء ما قيل ويُقال عنها من أنه آن أوان ممارستها في المملكة ضمن تقاليدها وثوابتها وما نرى أنه يصبُّ في مصلحة مواطنيها..
***
إذ لم يعد يفصلنا من الزمن عن البدء فيها سوى القليل..
بانتظار أن يكون التخطيط والإعداد الذي سبق الموعد المقرَّر لهذه الانتخابات قد أنجز خطواتٍ وآلياتٍ مهمة لإنجاحها..
بما لا يكون لأي منا مجال أو فرصة للانتقاد أو الطعن بمَنْ سيكون قد حصل على ثقة الناخبين بانتخابه..
***
وحسناً إذ جاء القرار بانتخابات المجالس البلدية بمضامينه وتفاصيله واضحاً وبلا غموض؛ حتى لا يكون للاجتهاد أو التفسير الخاطئ مجال في تشويه الصورة الجميلة المتوقَّعة لهذه الانتخابات قبل وبعد إجرائها..
***
وجميلٌ تشكيل لجان مختصة لهذه الانتخابات ضمن إطارها الصحيح وبالآلية التي ارتأتها هذه اللجان واعتمدتها الجهات العليا المنوط بها الترتيب والإشراف والمتابعة لكل خطوات إجرائها، بما يجعلنا على ثقة من أنها سوف تسير إن شاء الله وفق ما خُطِّط وحُدِّد لها..
***
ومن المهم جداً أن ننظر إلى هذه المجالس على أنها إضافة جديدة لتفعيل دورة العمل في المملكة، وتطوير مجالات التنمية في كل مجال، وبما يرضي المواطن ويساعد أجهزة الدولة في أداء مسؤولياتها؛ تحقيقاً لما نحن موعودون به إن شاء الله من تقدُّم في كل الميادين..
***
وعلى صاحب الحظ السعيد..
مَنْ سيحصل على ثقة الناخبين..
أن يكون مُدرِكاً وواعياً بما يتطلَّبه ويُلزمه نجاحه في الانتخابات من مسؤوليات..
وهي كثيرة، ليس بينها بالتأكيد الانصراف عن مهمته في المجلس إلى حب الظهور إعلامياً..
***
لقد وصل المواطن إلى مستوًى متقدِّم..
في ثقافته..
وتعليمه..
وتجاربه..
بحيث لن ينتخب إلاَّ مَنْ يثق الناخب بكفاءته ومصداقيته ونزاهته وحرصه على تبنِّي كل فكر نيِّر، أو مشروع مفيد، أو عمل يسهم في تحقيق الرفاه والعيش الكريم لناخبيه، وبالتالي لكل المواطنين، وهذا هو المهم.
خالد المالك
|
|
|
(فضيلة) يعتبرها البعض (نقيصة) الاعتذار.. حل سحري يغيب عن الزوجين! * تحقيق هيفاء دربك |
في قصة (هوى وكبرياء) للكاتبة الإنجليزية الشهيرة جين أوستن، تخطئ الزوجة المحبة في حق زوجها وترفض الاعتذار، بدعوى أن هذا الاعتذار ينال من كبريائها ويجرح كرامتها، و(يركب) الزوجان رأسيهما كما يقول التعبير الشعبي، ويدخل العناد من الباب فيهرب الحب من الشباك، وتكون النتيجة الحتمية هي ما سجلته السيدة أم كلثوم في إحدى أغانيها.. (وضاع الحب ضاع ما بين عند قلب وقلب.. ضاع)! وإذا كان الاعتراف بالخطأ فضيلة كما يقولون فإن هذه المقولة لا تنطبق على شيء مثل انطباقها على الحياة الزوجية، فعندما يرتكب أحد الطرفين خطأ ما، وتختلط مشاعر الحب والعشرة الطيبة بأشياء أخرى غير طيبة مثل المكابرة والمعاندة، لابد أن يبادر المخطئ إلى الاعتراف بخطئه، ليظل حبل المودة والرحمة موصولاً ويبقى الود ما بقي العتاب. التحقيق التالي يلقي الضوء على تبعات العناد بين الزوجين، ويكشف النقاب عن قصص واقعية لعبت فيها المكابرة دوراً شيطانياً في هدم الحياة الزوجية، وقصص أخرى كان الاعتذار فيها هو البطل و.. الحل السحري: في البداية تعترف إحدى المطلقات: بأن عنادها وإصرارها على عدم الاعتذار لزوجها أدى إلى (خراب بيتها) على حد تعبيرها وتضيف: كان زوجي عندما أخطأ يطلب مني أن اعتذر له عن الخطأ، وأصر أنا على عدم الاعتذار ومرة بعد مرة تدخل أهلي وأهله، وقالت لي إحدى قريباتي (الرجل يكره العناد قولي له آسفه وأريحيه وارتاحي من هذه المشاكل).. ولكني لم أفعل ذلك إلى أن تراكمت المشاكل يوماً بعد يوم ووقع الطلاق في نهاية المطاف.
سألتها. . لماذا لم تعتذري؟
كنت أشعر أن ذلك سوف يضعف شخصيتي أمام زوجي، ويجعله يتعالى عليَّ، كما أن كبريائي منعني وكان إصراره يدخل الشك في نفسي بأنه يريد أن يهينني ويتعمد إذلالي، لهذا أصريت على عدم الاعتذار رغم حبي له وكان ما كان، وها أنا الآن أعض أصابع الندم، فالعناد والكبرياء هما أس البلاء!
وفي السياق نفسه تحكي السيدة نادية عبد الفتاح عن صديقة لها تعيش في جحيم زوجي، بسبب عنادها هي وزوجها أمام بعضهما البعض، على النطق هذه الكلمة البسيطة والكبيرة في آن واحد وهي كلمة (آسفة) و(آسف) رغم أنها تحل مشاكل كثيرة، وأنصح بها الكثيرات عندما يبحن لي بمشاكل حياتهن الزوجية، فأقول للزوجة اعتذري له، حتى إذا لم يكن ما فعلتيه خطأ من وجهة نظرك أنت وكان زوجك يرى أنك مخطئة ويصر على سماع الاعتذار، فلابد أن تعتذري حتى تمر العاصفة.
ولكن الدكتورة فوزية شفيق تختلف مع الرأي السابق وتقول: أعتقد أن كثرة الاعتذار يضيع الهيبة وتضعف الشخصية، وتجعل الزوجة تصغر في عيون زوجها، وتضيف: أنا مثلاً لا أعتذر صراحة حتى لا يتمرد زوجي، ولكني أقدم من الأقوال والأفعال ما يساوي الاعتذار بطريقة غير مباشرة فاللبيب بالإشارة يفهم!
ومن جهة أخرى يقول زوج (سابق): كانت هواية زوجتي المفضلة أن أعتذر لها على الملأ، فعندما يقع خلاف أو شجار بيننا تحاول إظهاري بمظهر المخطئ لأبدي أسفي، وإذا أخطأت هي طلبت منها الاعتذار تصفني بأنني أريد إذلالها وإهدار كرامتها، وتصاعد الأمر بيننا على هذا النحو إلى أن وقع الطلاق.
ويرفض زوج شاب فكرة الاعتذار من الأساس قائلاً: من طبيعة الرجل أنه لا يعتذر إلا إذا وقع منه خطأ فادح لا يغتفر، أما الأخطاء البسيطة التي يمكن أن تحدث يومياً بين الأزواج فلا يجب أن يعتذر الزوج عنها، لأن ذلك يسقطه من عين الزوجة عاجلاً أو آجلاً.
الثقوب السوداء
وسألنا الإعلامي الشاب عصام الفرماوي (مذيع بالتليفزيون المصري): عن مسألة الاعتذار بين الزوجين فقال: الواقع أن الأخطاء في الحياة الزوجية ضرورة لابد منها، ولكن لا يجب أن تكون بمثابة (الثقوب السوداء) التي تعكر صفو الحياة المشتركة، ولكننا بسبب جهلنا وتربيتنا الخاطئة وعقدنا المختلفة نتسبب في إيذاء بعضنا لبعض، ثم نتعالى ونبخل بكلمة اعتذار ربما تحل المشكلة وتعيد المياه إلى مجاريها. وتحكي السيدة عفاف جمال الدين عن واقعة حدثت في عائلتها قائلة: اجتمع كبار رجال العائلة لحل مشكلة زوجية بين إثنين من أفرادها وبعد أن عرض كل طرف شكواه من الآخر رأي كبير العائلة أن الأخطاء متساوية، وأن كلا الزوجين مخطئ، فطلب من كل منهما أن يعتذر للآخر حتى تصفو النفوس، ولكن للأسف الشديد أذن علينا الفجر وكنا قد جلسنا بعد صلاة المغرب، وكل طرف يعاند ويكابر ويرفض الاعتذار للآخر فطرح أحد أفراد العائلة فكرة الطلاق إذا أصر على عدم التصافي ورفض اعتراف كل طرف بخطئه في حق الآخر، ولكن لا حياة لمن تنادي.
وما الذي حدث؟
انتهت الجلسة على لا شيء، وذهبت الزوجة إلى بيت أهلها، وعاد الزوج إلى بيته، وقلنا ربما بعدهما عن بعضهما لفترة قد يحل المشكلة ويبادر أحدهما أو كلاهما بالاعتذار، ولكن ذلك لم يحدث، والخلاف والشقاق قائم منذ أكثر من خمس شهور وكل طرف مُصر على أن (يركب دماغه) والآخر مصر على عدم الاعتذار، ومازالت المشكلة قائمة حتى هذه اللحظة، ويعلق أحمد أبو الوفا (مهندس معماري) على هذه المشكلة قائلاً: يظن البعض أن الاعتراف بالخطأ قد يحط من قدرهم أمام أزواجهم أو أمام الناس، غير أن العكس هو الصحيح، فاعتراف المرء بخطئه فضيلة ولا يعد منقصة له أبداً، ولن يجعله صغيراً أو حقيراً، بل سوف يكبر في نظر الآخرين، وهذا الاعتراف يضيف إلى شخصيته بعداً آخر، وهو بعد قوة وليس ضعفاً.
الكرامة المجروحة
وتمسك بطرف الحديث الإذاعية المعروفة أمينة صبري رئيس إذاعة (صوت العرب) مؤكدة: أن الخطأ في التربية، خاصة تربية الأبناء هو السبب، فالبنت قد توجه منذ صغرها على الاعتذار عند الخطأ، ولكن الولد لا يتم توجيهه إلى ذلك اعتقاداً من الأهل بأن يضعف ذلك شخصيته في المستقبل، وبالتالي ينشأ الشخص على المكابرة والمغالطة والعناد. وتضيف أمينة صبري: هناك مسألة أخرى وهي أنه إذا بادر أحد الزوجين إلى الاعتذار عن خطئه، فإن على الطرف الآخر أن يفتح له قلبه وذراعيه، وألا يعتبر ذلك فرصة للتنكيل به أو التشفي فيه، بل ينبغي غض الطرف عن أخطائه تلك، ويجب على الطرف الذي تم الاعتذار له أن يعتبر ذلك فضيلة وخطوة إيجابية من الطرف الآخر تستحق التقدير والاحترام لا اللوم والتبكيت.
ولكن الروائية عفاف السيد ترفض مبدأ الاعتذار للرجل مؤكدة أنه ينبغي على الرجل إذا أخطأت المرأة ألا يجبرها على الاعتذار مهما بدر منها من سلوك، ذلك لأن للمرأة كبرياءها وكرامتها وعاطفتها التي تأبى لها مثل هذا الموقف، فمن مصلحة الرجل والمرأة عدم الإصرار على الاعتذار لأن جرح كرامة المرأة سوف تكون له إنعكاسات وخيمة على الطرفين، فعاطفة المرأة رقيقة لدرجة أن أي جرح فيها تظل بصمته على نفسيتها فترة طويلة.. عكس الرجل الذي يمتلك قدرة كبيرة على التحمل وبالتالي المفروض عليه أن يتحمل، وشخصية الرجل يجب أن تكون في ضبط النفس والحكمة وليس السرعة في الغضب، والتشفي من المرأة عندما يقع منها خطأ بل قد يتصيد لها الأخطاء ليشعرها أنها كيان أقل ومخلوق أضعف.
يلخص الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة القضية قائلاً: من الثابت أن الاعتراف بالخطأ علامة من علامات قوة الشخصية واستوائها، فالشخص غير السوي وحده هو الذي يصر على موقفه برفض الاعتذار والرضوخ لمتطلبات الطرف الآخر، وفي الحياة الزوجية ينبغي أن تسود مبادئ المودة والرحمة والتفاهم المتبادل، مما يوجب على الطرفين معاً عدم اللدد في الخصومة أو العناد الذي يؤدي إلى الكفر كما يقول أسلافنا، والكفر هنا معناه الكفران بالحياة المشتركة والمصير الواحد، وهو الأمر الذي يبذر بذور الشقاق والخلاف بين الزوجين، وقد يؤدي في النهاية إلى الطلاق وهدم البيت، فلا غضاضة في الاعتذار ولا مندوحة من الاعتراف بالخطأ تمهيداً للإصلاح وصوناً لدوام العشرة الطيبة.
العيش في سلام
وعن صعوبة الاعتذار عند الرجل الشرقي يؤكد دكتور يسري عبد المحسن: أن الرجل الشرقي لا يعتذر، وللأسف أصبحت المرأة مثله يصعب عليهما نطق هذه الكلمة رغم بساطتها، والأثر الرائع الذي تتركه خلفها، وأن كانت المرأة تلجأ إليها بنسبة أكثر قليلاً من الرجال الذين يرفضونها تماماً لأنها تعلن بوضوح اعترافهم بالخطأ وانتصار الطرف الآخر عليهم.. وهذا ليس ذكاءً، فالسعادة الزوجية تقع مسؤوليتها على كلا الزوجين!
شجاعة الاعتذار
أما الدكتور (أشرف غيث) أستاذ الاجتماع بجامعة حلوان ينصح الأزواج باتباع بعض النقاط التي لها مفعول السحر للبيت السعيد، وهي القواعد التي وضعها المؤلفان (دبليني ثيني وشيري شيندر( في كتابهما قواعد تعامل الأزواج الذي وجه أكثر من 43 نصيحة تعلم الزوجين كيف يعيشان في سلام دون أن يقدم أحدهما تنازلات، ودون أن يصل الصراع بينهما لمرحلة الكراهية، وأهم هذه النصائح كما يذكر دكتور أشرف غيث هي عدم ترك الموضوع الرئيسي للخلاف، والتطرق لموضوعات أخرى مع الاعتراف باختلاف وجهات النظر بينهما وتقبلها، والابتعاد عن تبادل الاتهامات في كل خلاف، وأهم من ذلك، هو شجاعة الاعتذار، فعند إدراك أحد الزوجين وقوعه في الخطأ فعليه أن يتحلى بالشجاعة، ليعترف به ويعتذر قبل أن يأوي لفراشه، لأن ترك الأمر للغد قد يزيد الأمر تعقيداً، ويصعب الاعتذار بعد ذلك..! ويشير الدكتور هاشم بحري في أنه لا يخلو بيت من الخلافات الزوجية فالشجار الزوجي لا مفر منه، وحتى لا تتحول البيوت لساحات للحرب، عقب كل مناقشة، هناك عدة حلول لنزع فتيل هذه الحرب الباردة لعل أولها هو كلمة (آسف) والتي تعتبر الحل السحري، فهي وحدها قادرة على قلب موازين المعركة لصالح الشخص المعتذر، بل وتشعر الطرف الآخر بالندم، وتأنيب الضمير على جرح مشاعر شريك حياته.
الدكتور (أحمد المجدوب) أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أكد بدوره على أن الاعتذار ضرورة بين الأزواج فنحن بشر وكلنا يخطئ..
وقد تناولت العديد من الدراسات الأسباب المؤدية للطلاق، ليتضح منها أن معظمها أسباب تافهة تفاقمت بسبب عناد كلا الزوجين، وتكبرهما رغم معرفة المخطئ حجم خطئه، لكنه لا يعترف به، وبالتالي لا يعتذر بل قد يستمر في الخطأ ضارباً بحياته الأسرية عرض الحائط. وأخيراً يشير دكتور عبد الرحمن الصوفي أستاذ الاجتماع بجامعة حلوان إلى أن هناك بعض العوامل التي تمنح السعادة الزوجية منها الثناء الدائم بين الأزواج وهو ما يحقق بسمة متبادلة بينهما، أيضاً الانصات باهتمام للطرف الآخر، مما يشجعه على مواصلة حديثة، والتخلص من هموم تثقل صدره، مع التفاهم ومحاولة كل طرف إرضاء الآخر، وعدم جرح مشاعره، وقتها لن تصبح كلمة الاعتذار مستحيلة بل ضرورة يحرص عليها الطرفان.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|