|
«مجلة الجزيرة» بعد عام على إطلالتها
|
تستكمل «مجلة الجزيرة» بصدور هذا العدد العام الأول من عمرها الصحفي المديد إن شاء الله..
وهي بذلك تبدأ سنتها الثانية كمجلة متفردة في مواضيعها ومنهجيتها وحتى في السمة المميزة لإخراجها..
ونأمل أن تشهد سنتها الجديدة وكل سنواتها القادمة مزيداً من التطوير بإضافة ما يلبي رغبة قرائها ويضيف جديداً لهم..
***
وتقتضي المناسبة مني أن أشير لقرائنا إلى أننا عندما فكرنا في إصدار هذه المجلة ضمن خطة طموحة لتطوير صحيفة «الجزيرة»..
وبينما كنا نعد لإصدارها بحيث لا تكون محاكاة أو تقليداً لمجلات أو صحف أو ملاحق أخرى..
وفيما أسرة تحريرها منهمكة بقيادة المهندس عبداللطيف العتيق نائب رئيس التحرير في وضع اللمسات الأخيرة عليها وقبل إطلالتها عليكم..
فقد كان هاجسنا جميعاً أن يكون الصدى لهذا الطرح الصحفي الجديد مشجعاً للثبات عليه وتطويره وتحسينه من عدد لآخر...
***
ولا أخفيكم سراً حين أقول لكم: إن هذا الإصدار قد قوبل بالرضا وبكثير من الامتنان، سواء بأسماعنا أو الكتابة لنا بكل العبارات المحفزة للعمل بمثل هذا المستوى الذي تابعتموه على مدى عام كامل..
وأن التقدير الذي ناله هذا الإصدار قد فاق تصورنا حين فكرنا بإصدار «مجلة الجزيرة» وحتى بعد طرحها بالأسواق..
بل إن هذا الاحتفاء الجميل باستقبال القراء لمجلتهم قد شجعنا على إصدار مجلات أخذت هي الأخرى نصيبها ومساحتها من تقدير القراء ومحبتهم وإعجابهم..
***
في مقابل ذلك..
هناك أعداء للنجاح..
وهؤلاء يسوؤهم أن يروا أعمالاً صحفية متميزة..
لكن لحسن الحظ فإن هؤلاء لا يعتدّ بآرائهم وبما كتبوه عن هذه المجلة أو غيرها...
لأنهم يجهلون أبجديات العمل الصحفي الصحيح..
ولأن بضاعتهم في فهم الصحافة لا تؤهلهم للحكم عليها أو إبداء الرأي فيها..
إنهم قلة وبالتالي فلا قيمة لما يكتبونه أو يقولونه عن هذه المجلة أو أي من الإصدارات الأخرى..
***
وبقدر ما أسعدنا من أثنى على تألق هذه المجلة وقدّر جهد أسرة تحريرها معتبرين ذلك منهم ضمن خطوات التحفيز والتشجيع لمزيد من الأعمال الصحفية القادمة..
ومع اعتزازنا الكبير بمن قال كلمة نقد نزيهة أو أبدى ملاحظة بناءة أو قدم لنا اقتراحاً وجيهاً باعتبار كل ذلك يخدم مستقبل المجلة ويساعد في تقديم المزيد من الخطوات التي تؤصل ما تحقق من نجاحات وتضيف عليها..
فإن من كتب عن جهل..
أو بطّن ثناءه بكلمات تُشم منها كراهيته لكل عمل صحفي ناجح..
فإن مثل هؤلاء لن يثبطوا من عزيمة الزملاء في الاستمرار بالتألق..
بل إن ما كتبوه سيقودهم إلى تقديم ما هو أفضل..
ضمن منافسة صحفية شريفة لن يكون البقاء فيها إلا لمن يقدم للقارئ ما هو أفضل..
وسيظل شعارنا وكما تعرفون «الجزيرة تكفيك»..
***
شكراً لمن تفاعل مع هذه المجلة بإعطائها حقها من النقد البناء والثناء المنصف والاقتراحات المفيدة..
أما من خالف القاعدة عن جهل أو تجاهل، فنريد أن نطمئنه بأن ذلك لن يحول دون تقديم المزيد من الأعمال الصحفية الأكثر إبداعاً مع كل عدد يصدر من هذه المجلة الغنية بكل عناصر التفوق والنجاح.
+++++++++++++++++++
خالد المالك
+++++++++++++++++++
|
|
|
البدء من الصفر في العراق توماس فريدمان(*)
|
كنت أقود سيارتي عائدا من مكتب الأمم المتحدة في بغداد منذ بضعة أيام، ومررت بتقاطع مروري كان يقف فيه مدني عراقي مرتديا ثوبا بنيا وكان يقوم بتوجيه حركة المرور، ولم أدر إذا كان ذلك الرجل مجرد رجل طيب يتطوع لذلك العمل أم مجرد رجل فقد عقله. كانت تعلو وجهه ابتسامة عريضة وكان يلوح للسيارات هنا وهناك بحماس قائد أوركسترا. وقد أطاعت بعض السيارات إرشاداته، في حين لم تطعه سيارات أخرى، ولكن بدون شك أن ذلك كان أفضل من لا شيء. قفز هذا الرجل إلى مخيلتي عندما تذكرت إحدى المناقشات التي دارت حول ما إذا كان لدينا قوات كافية في العراق أم لا، وقد كانت الحقيقة هي أننا لا يوجد لدينا جنود بصورة كافية حتى لمجرد تنظيم المرور في البلاد.
وقضية عدد القوات قضية معقدة أكثر مما تبدو، ليس لأنها تتعلق فقط بالعدد، ولكن ما نحتاجه في العراق اليوم هو شيء آخر تماما أكثر تعقيدا: نريد العقلية المناسبة، والحكومة العراقية المناسبة والقوات المناسبة.
دعونا نبدأ من العقلية. نحن لا نقوم «بإعادة بناء» العراق، ولكننا «نبني» عراقا جديدا من الصفر. إن ما انهار في العراق ليس فقط جيش صدام حسين وحزبه والنظام الحكومي، ولكن أيضا التوازن الداخلي بين السنة والشيعة والأكراد العراقيين، والذي كان يجمعهم جميعا قبضة صدام الحديدية، كما أن التقارير عن العراق في ظل حكم صدام لم توضح لنا كيف استطاع صدام الفقير والمحطم أن ينجح في ذلك.
إن العراق اليوم هي «ليبيريا العرب»، باختصار، إن العراق ليست زهرية ورد سوف نكسرها لكي نزيل المياه العفنة بداخلها ثم بعد ذلك نفكر كيف نقوم بلصق أجزائها مع بعضها البعض. إن ما يجب علينا فعله هو صنع زهرية جديدة تماما؛ يجب علينا أن نحفر لنحصل على الطين، ثم نقوم بعمل خليط الفخار، وبعد ذلك نشكله ثم ندهنه (وهذا سيكلفنا أكثر بكثير جدا مما أخبرنا به الرئيس بوش).
وهذا يقودنا إلى النقطة الثانية. نعم نحن بحاجة إلى مزيد من الجنود على الأرض، ولكننا أيضا في حاجة إلى التنوع الصحيح: قوات شرطة عسكرية، خبراء في الشئون المدنية، وضباط لديهم القدرة على الابتكار. بالطبع لا تزال هناك حرب عصابات يجب على الولايات المتحدة أن تنتصر فيها، ولكن المهمة الرئيسية للجنود الأمريكيين في العراق اليوم هي مهمة سياسية: مساعدة المدن في أن تعيد تنظيم أنفسها، فتح المدارس ومعالجة التوتر وحالة الغليان بين الجماعات العرقية المختلفة؛ إذا كانت القوات البلغارية والبولندية تستطيع المساعدة في ذلك إذن أحضروهم لنا.. أما إذا كانت الإجابة بالنفي... فليبقوا في منازلهم أفضل.
دعونا نسأل الكولونيل رالف بيكر، قائد اللواء الثاني الذي يشرف على منطقتين من مناطق العاصمة بغداد. وقد قام هو وضباطه بإدارة انتخابات غير رسمية لانتخاب مجلس محلي، وحث سكان الأحياء على ترشيح أفراد الشرطة الذين يثقون فيهم.
وقد أخبرني من مكتبه في بغداد قائلا: «أولاً قمنا بتعليمهم كيفية إدارة اجتماع، فقد كان يجب علينا أن نعلمهم أن يكون لهم برنامج خاص بهم، وبدلا من طريقتهم القديمة في الحوار والاجتماع الذي كان الكل فيه يتحدث وكان الاجتماع بلا شكل أو تنظيم، الآن أصبحوا يجتمعون في مجلس حقيقي ويرفعون أيديهم من أجل طلب التحدث، وقد خصصنا لكل فرد منهم خمس دقائق ليعبر فيها عما يريد، وكانت تلك من بدائيات إدارة الحوار، وقد علمناهم كيف يقترحون الأفكار ثم يصوتون عليها... كما جعلناهم يضعون المدارس في أولوياتهم، وأن إصلاحها يأتي في المرتبة الأولى، كما كان يجب علينا أن نبني مصداقية معهم. وذلك بأنه بعد التأكد من أنهم قد وضعوا لهم أولوية ما، فيجب أن تنجز، وهذا يساعدهم على بناء مصداقية مع الناخبين. وهناك عملية تعليمية كبيرة تجري هنا في العراق وهي مؤسسة على أساس ديموقراطي، وكلما أسرعنا في جعل العراقيين يتحملون المسؤولية كان خروجنا من هناك أسرع».
وهذا يقودنا إلى النقطة الثالثة: فنحن بحاجة إلى أن يقوم المجلس العراقي الجديد المكون من 25 فردا في أن يفعلوا أشياء ثلاثة الآن؛ فيجب عليهم تعيين حكومة، وبذلك يكون العراقيون هم من يديرون كل الوزارات، كما يجب عليهم أن يعلنوا عن برنامج شغل وظائف يستوعب 300 ألف شخص، وبذلك يرى الناس بعض المزايا الملموسة التي قدمتها لهم حكومتهم، ثم أخيرا يعرضون إعادة تعيين أي جندي عراقي عمل في السابق ويريد أن يخدم في الجيش الجديد، طالما أنه لم يتورط في جرائم صدام حسين؛ فقد كان قرار حل الجيش العراقي خطأ فادحا للغاية، وإلقاء كل أولئك الجنود الذين تم تسريحهم من الخدمة في الشوارع بلا مورد رزق، دون أن تكون هناك قوات أمريكية كافية لتحل محلهم.
وكل ما سبق من شأنه أن يضع مزيدا من الوجوه العراقية الجديدة في المناصب الحكومية والجهاز الأمني للبلاد، وبذلك يبدأ العراقيون في استعادة قوميتهم الوطنية من أجل بناء حكومة جديدة وانتزاعها من يد الموالين لصدام حسين الذين يريدون العودة ثانية إلى الحكم تحت الشعار الزائف الذي يرفعونه وهو «تحريرالعراق من القوة المحتلة الأجنبية».
ويجب عليّ أن أكرر ثانية القول المأثور لرئيس جامعة هارفاد لاري سامرز: «في تاريخ العالم، لم يقم أحد أبدا بغسيل سيارة مستأجرة»، ومعظم العراقيين يعتقدون أنهم الآن مستأجرون لبلادهم وليسوا مالكيها؛ بداية استأجروها من صدام حسين، والآن من الأمريكيين؛ لذا يجب عليهم أن يمنحوا ملكية بلادهم. وإذا كان فريق إدارة بوش مستعدا لتحقيق ذلك في الوقت المناسب، ولديه الطاقة والأموال اللازمة، فهذا شيء عظيم. ولكن إذا لم يكن يملك كل ذلك، فيجب علينا أن نفعل الشيء الضروري؛ وهو الاستعانة بالأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
+++++++++++++++++++++
(*) عن «نيويورك تايمز»
+++++++++++++++++++++
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|