|
الانقلاب العسكري الأبيض
|
ما حدث في موريتانيا شأن موريتاني داخلي لا يحق لمثلي التدخل فيه، أو الانحياز لهذا الفريق أو ذاك..
وما تقرؤه لكاتب هذه السطور لا يعدو أن يكون مشاركة جانبية منه مثلما تفعل كلُّ الصحف، وكما يكتب كلُّ الكُتَّاب عندما يطرأ على الساحة ما يستوجب أو يستدعي إلى ذلك..
وأي تعليق على التطورات في البلد الشقيق تتناولها هذه السطور يجب أن تفهم على أنها قراءة تحليلية واستعراض لما جرى بما في ذلك ردود الفعل الدولية المتقلبة، ولا ينبغي أن يذهب القارئ بعيداً في محاولة فهمها..
***
ومما يثير الانتباه ويلفت النظر في الانقلاب العسكري الموريتاني الذي قاده العقيد علي ولد فال أن هناك الكثير من النقاط التي يمكن لي أن أجملها بما يلي:
1 أن هذا الانقلاب تم دون إراقة نقطة دم واحدة، ومن غير مقاومة أيضاً..
2 أن من قام به هم أصدقاء الرئيس معاوية ولد الطايع ومشاركوه في الانقلاب الذي أوصله إلى الحكم..
3 بل وهم تحديداً من أخمدوا عدة محاولات وحركات انقلابية سابقة ضد الرئيس المخلوع، وأودعوا من قام بها في غياهب السجون..
4 جرت العادة أن يصاحب الانقلابات العسكرية في العالم العربي العديد من القتلى، وتأخذ الأيام الأولى لنجاح التغيير أسلوب التصفيات الجسدية والانتقامات في صفوف من يوصفون بالمعارضة للانقلاب، وهذه ظاهرة لا تبدو ضمن الأيدولوجية العسكرية في موريتانيا، وهي حسنة يتميزون بها..
5 يلاحظ أن الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل سارعتا بمطالبة الانقلابيين بالالتزام بالشرعية، ما يعني رغبة الدولتين بعودة الرئيس المخلوع إلى السلطة ليبقى رئيساً لموريتانيا كما كان، وهو موقف يأتي مكافأة له على ما يبدو لاعترافه بإسرائيل، وإقامته علاقة حميمة وقوية ومتميزة معها..
6 لكن ما أن أعلن النظام الجديد عن التزامه بكل الاتفاقات والمعاهدات القائمة مع الدول ودون استثناء إسرائيل من ذلك، حتى وجدنا أمريكا تبادر بالإعلان عن تفهمها للانقلاب..
7 ومع هذا الموقف الأمريكي الانقلابي فقد تشجعت الجامعة العربية ومثلها منظمة الوحدة الأفريقية وكذلك العديد من الدول لتخرج عن صمتها وتحفظها وتعلن عن مواقف إيجابية داعمة ولو بخجل للتغيير في موريتانيا..
***
لقد أخلى الانقلابيون ساحتهم من أية مسؤولية على ما اتهموا به في بياناتهم رئيسهم السابق، وهو الذي قضى رئيساً لهم أكثر من عشرين عاماً، وهم من حالوا دون نجاح أكثر من محاولة انقلابية ربما كان هدفها تصحيح الوضع وقد يكون بدافع من شهيتهم ورغبتهم في الوصول إلى الحكم، وبالتالي تسلُّم السلطات والمسؤوليات في البلاد..
***
أريد أن أوجز هذا العرض وأن أنهي هذه المتابعة بما يمكن أن أعده ضمن التمنيات، فأقول:
إن الأمل في التغيير الجديد جِدّ كبير، بأن نرى موريتانيا دولة تعتمد في إدارة شؤونها على المؤسسات، وعلى خيار الانتخابات بعد سنين من الآن، وخصوصاً أن الانقلابيين هم من حددوا الموعد وزادوا عليه بأن أحداً منهم لن يكون له الحق في دخول الانتخابات..
***
نتمنَّى لموريتانيا ولشعبها الشقيق في ظل نظامه الجديد المزيد من التقدم والكثير من التوفيق، وأن تتم الانتخابات الموعود بها من نظامه الجديد بعد عامين من الآن وفق آليات تساعد على نجاح وتسريع هذه الانتخابات، وبما سيسبق بدء الانتخابات من تحضير ربما قاد هذا البلد الفقير نحو مستقبل أفضل إذا ما تحقق له ما هو موعود به من إصلاحات.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
النساء.. هل يفضلن الزوج (الثرثار)؟!
|
* القاهرة/ تحقيق ولاء حمادة
أظهرت دراسة ميدانية أجراها (مركز البحوث النفسية) بجامعة القاهرة، أن المرأة المعاصرة أكثر ميلاً إلى الرجل الثرثار كثير الكلام من الرجل الصموت، وأن نحو 40% من الزيجات تواجه المتاعب بسبب ميل الزوج إلى الصمت، وتفضيله تجاذب أطراف الحديث مع زملائه وأصدقائه خارج المنزل، بينما يلتزم هذا الزوج جانب الصمت في المنزل، الأمر الذي تعتبره الزوجة نوعاً من (الشح العاطفي) ! والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: لماذا تفضل النساء الرجل كثير الكلام ويفضلنه ثرثاراً، بينما يأخذ الرجال جانب الحذر والتحفظ وأحياناً العداء من مثل هذا الرجل الذي يتحدث في (الفاضي والمليان)؟ هل طغيان وسائل الإعلام مثل المحطات الفضائية والإنترنت وسواها، جعلت الرجل الثرثار عملة نادرة في هذا الزمان؟!
***
في البداية تقول عايدة عبد الله (مدرسة): نعم السيدات وخاصة الزوجات بدأن يبحثن عن الرجل كثير الكلام (الرغاي) لتعويض ما يعانونه في بيوتهن من (سكوت الأزواج) لأن مشكلة صمت الزوج أصبحت ظاهرة مجتمعية خطيرة وما تزال المرأة ترفضها تماماً، لأنها تعتبر أن بوح زوجها لها وكثرة كلامه معها، نوعاً من الاهتمام والاستلطاف، أما سكوت الزوج فقد يكون دليلاً على عدم الرضا، ومن هنا تشعر الزوجة بانزعاج شديد من هذا الصمت المريب ! وتمسك إحدى زميلاتها بطرف الحديث مؤكدة أن الرجل الثرثار (مسل) ويعطي الحياة روحاً ويعطي للبيت حساً (صوتاً) عكس الرجل الصامت الذي يدخل الشك في قلب زوجته بسبب سكوته الدائم.
في بيتنا أبو الهول!!
* سألتها.. ولماذا لا يكون خير الأمور الوسط؟
لم يعد الرجل للأسف وسطياً، فهو إما ثرثار وإما صامت لا ينطق مثل تمثال (أبو الهول) القابع في بيتنا. فالمرأة بطبيعتها تحب الكلام.. أي إما تتحدث هي أو يتحدث إليها أحد، ومن هنا تأتي الإشكالية بين الرجل والمرأة.
طبيبة تجبرها ظروف عملها على الاختلاط مع زملائها الأطباء تقول: رغم متاعب العمل، وضيق الوقت، إلا أنني بدأت أحب بالفعل الرجل (كثير الكلام) وذلك لأن زوجي وهو طبيب أيضاً يعود إلى البيت منهكاً حسب قوله ولا يتحدث إلا في الضرورات وفي حدود ضيقة جداً، وإذا سألته أي سؤال ولو في المهنة يرد باقتضاب يغيظ، لهذا أسعد عندما أجد زميلاتي يتحدثن معي، ويحكين لي بعض الحكايات أو المواقف الطريفة أو حتى المؤسفة التي تحدث لهن. وتضيف الطبيبة: ولدينا بالفعل زميل لا يكف عن الكلام طوال النهار، في الجد وفي الهزل، ولا يدع فرصة جلوس أحد معه إلا ويحكي له حكايات في أي شيء وكل شيء، وكثيراً ما نلجأ إليه نحن زميلاته الطبيبات حينما نحتاج إلى التحدث في أي شيء غير الأمراض والمرض والأدوية، نسأله عما يحدث في المجتمع، وعن الحوادث، وعن السياسة فينطلق في الحكي المرغوب أحياناً، وغير المرغوب في بعض الأحيان لكنه في كل الأحوال يجعل الوقت يمر سريعاً وننسى ونحن جالسات معه بعض المشاكل والهموم سواء في العمل أو البيت.. لهذا فهو نموذج غير مرفوض طول الوقت، ولكن بعض الوقت.
إحدى المضيفات الجويات تقول: أحياناً ما تمتد رحلة الطيران أكثر من 12 ساعة متواصلة مثلاً، وأغلب الركاب ينامون أو يهدأون بعد فترة من الوقت، ونجلس نحن المضيفات متيقظات طول الرحلة، لهذا غالباً ما نحتاج إلى شيء مسل أو طريف ليمر معه الوقت سريعاً. تضيف المضيفة: لهذا نفرح جداً عندما نعرف أن زميلاً معروفاً بثرثرته سيكون معنا في الرحلات الطويلة..
وتستطرد: لكن المهم في هذا الثرثار أن يكون لطيفاً وخفيف الظل حتى يتقبل الناس ثرثرته ويحبوها.
وتتفق سها أبو المجد (مهندسة كمبيوتر) مع الرأي السابق وتضيف: نعم الرجل كثير الكلام أفضل بكثير من الرجل الساكت أغلب الوقت أو الذي لا يتكلم إلا للضرورة، وإذا تكلم اختصر.. فهذا ممل للغاية، لكن قد يكون الثرثار أيضاً مملاً للغاية إذا لم يكن خفيف الظل، وفي حكيه وكلامه جاذبية. وتختلف زميلتها علا محمود (مهندسة) مع كل الآراء السابقة مؤكدة أن الثرثار رجل يفتقد للياقة الاجتماعية، لأنه لا يراعي إذا كان الذي يتحدث إليه مستعداً لقبول الكلام والرغي أم لا؟ وأحياناً أخرى يكون سخيفاً ولا يشعر بذلك، وتضيف: المفترض في الرجل أن يكون رزيناً وعاقلاً، قليل الكلام طبعاً، وليس عديم الكلام، لأن بعض الزوجات يشكون من عدم تحدث أزواجهن معهن وأرى على وجوههن أحياناً شيئاً من الألم بسبب هذه الحالة، لهذا أرى أن خير الأمور الوسط وخاصة في الحياة الزوجية، أما في المجتمع بشكل عام فأعتقد أن الشخص الثرثار مرفوض.
قانون الكلام
وعلى الجانب الآخر يقف الرجال رافضين تماماً لفكرة الثرثرة سواء عند الرجال أو النساء على حد السواء فمثلاً الكاتب الصحفي السعودي فوزي خياط يتساءل: كيف يمكن أن تقبلوا بالإنسان الثرثار.. ذلك الذي تحسه يزحف نحوك بلسانه وكأنه يطبق على أنفاسك؟! هل يمكن أن تحتملوا ذلك الثرثار وهو يقول كل الذي يفيد ولا يفيد.. وكل المهم وغير المهم؟ إنكم بلا شك ترفضون الاستمتاع أو الجلوس إلى الإنسان الثرثار، لأنه لا يحترم قانون الكلام، والذي يؤكد على أن الخير (قل ودل) إضافة إلى أن الثرثار يهدر وقته، ووقت من حوله في ما لا يمكن السكوت عليه أو تجاوزه.
أما الشاعر أحمد زرزور.. فيقول: لعل أكثر صفة تلتصق بالرجل وتنتقص منه في نظر أقرانه من الرجال هي صفة الثرثرة، فإلى وقت قريب كان ذاك النعت أنثوياً بحتاً لأن المرأة أميل إلى التحدث والكلام خاصة عند الأزمات والضيق، فهي تشكو وتتذمر، وتخرج انفعالاتها.. عكس الرجل الذي ينطوي على ذاته ولا يظهر همومه لأحد.
ويضيف زرزور قائلاً: نعترف أن صفة الثرثرة التي التصقت بالمرأة حتى خلنا أنها صفة فطرية فيها. هذا الزعم لم يعد هو القاعدة في عصرنا هذا، بعدما ظهر في المجتمع نموذج الرجل الثرثار كثير الكلام والحكي، وهو موجود بالفعل في المجتمع، قد يكون زميل عمل أو دراسة أو جاراً أو قريباً المهم هو موجود هنا أو هناك.. ولكن لو يعرف الثرثار كم يضيق الناس به، لما نبس ببنت شفة!
ويقول الدكتور سالم الرفاعي (أستاذ المناهج التربوية): الثرثار مريض بداء الكلام ويحكي أموراً لا معنى لها، وليست ذات صلة بما يعرض من أحداث، وهو يرغب أن تشاركه زوجته أو من يجلس معه جميع اهتماماته وخبراته، والزوجة مفروض عليها سماعه لمجرد أنه زوجها مثلاً، وهو يظن أن ما يقوله كلام ضروري. ويضيف د. الرفاعي: والشخص الثرثار قد يغلب عليه طابع المرح وهو اجتماعي يحب الناس، ويوقع نفسه في الحرج كثيراً ويضيق به الناس، ويبتعدون عنه، وكثيراً ما يفقد ثقة الآخرين به خوفاً من أن ينقل كلامهم، ويثرثر بما يقولونه أو يفعلونه، فيحاولون اجتنابه وعدم التحدث أمامه بأي أسرار أو أمور خاصة. وقد ذم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الرجل الثرثار واعتبره كاذباً، ولو حدث بما هو صحيح، فقد قال (كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع).
ويرى د. هاشم بحري أستاذ الطب النفسي: أن الشخص كثير الكلام يشعرك بالملل والسأم، وبالتالي لا يستطيع أن يحقق أهدافه المرجوة، لأن الكلام مجرد وسيلة للتعبير والتفاهم، أما الرجل الذي يستمع أكثر مما يتكلم وإذا تكلم ففي حدود المطلوب فهو شخص قوي الشخصية والتأثير، واسع المدى واثق الخطى.. فضلاً عن أن الرجل الثرثار يقع في الأخطاء كثيراً نتيجة كثرة كلامه في كل المجالات والتي في أغلبها تكون هامشية أو غير مجدية للمستمع وعامة من كثر كلامه كثر غلطه، وقديماً قالوا (لسانك حصانك إن صنته صانك).
أما المرأة التي تحب الرجل الثرثار فهي امرأة محرومة من التحدث مع الرجل سواء كان أباً، أو أخاً، أو زوجاً.. وهو نوع من الحرمان العاطفي، الرجل الصامت أصبح ظاهرة بالفعل في مجتمعاتنا، بعد ما دخل الكمبيوتر والدش في كل بيت وانصرف أفراد الأسرة كل إلى جهازه، فالزوج أو الأب أو الأخ يقضي ساعات طويلة أمام الجهاز سواء الكمبيوتر أو التلفزيون إلى أن يصاب بالإرهاق فيلجأ للنوم أو الراحة ويفقد رغبته في التحدث مع أهل البيت وهكذا فإن الكلام كنوع من (الفضفضة) أو البوح مطلوب ولكن في حدود، وكل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده!
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|