|
اللهم لا تزدنا جهلاً فوق جهلنا!!
|
يقول محافظ مؤسسة النقد ما معناه: إن اقتصادنا قوي، وإن أداء البنوك جيد، وإنه لا تأثير على انخفاض قيمة الأسهم عليها..
فشكراً لمعاليه على هذه المعلومة التي لم نكن نعرفها من قبل؛ إذ كنا نعتقد (خطأ) قبل تصريح معاليه ولا نزال أن انهيار السوق وتأثر الملايين من المواطنين بتداعياته المدمرة، له علاقة بالاقتصاد الوطني وسلامته من التأثيرات السلبية، فاللهم لا تزدنا جهلاً فوق جهلنا!!
***
لكن.. ليسمح لي معاليه بأن أسأله: كيف يكون الاقتصاد الوطني قوياً وممتازاً، فيما أن سوقنا المالية خلال الفترة الماضية كانت تمر بمرحلة من الإنهاك باتجاه المزيد من الخسائر؟..
وإذا كانت بنوكنا - كما هي أغلب الشركات - تقدم أداء ممتازاً، والوضع الاقتصادي في بلادنا يتمتع بأحسن حالاته - وهذه حقيقة مؤكَّدة - فكيف به لا يؤثِّر إيجاباً في سوق مالية هي الكبرى والأكثر أهمية في المنطقة، إلا إذا كانت سوق الأسهم لا تعني مؤسسة النقد وليست ضمن أجندة اهتماماتها.
***
وهؤلاء الملايين - يا معالي المحافظ - الذي يتعاملون مع سوق الأسهم، وقد فقدوا كل أو بعض ما كانوا يملكونه من مال قلَّ أو كثر، كيف يمكن لمسؤول كبير مثلكم أن ينأى بنفسه عن مواساتهم ولا يفكر في التخفيف عنهم - ولو بالكلام - من الصدمة التي تعرضوا لها، حين تنفض يدك من المسؤولية في هذه المشكلة، مكتفياً بكلام معاد ومكرر عن بنوكنا واقتصادنا الوطني، بدلاً من تطمينهم من خلال خطوات تقترحونها لتساعد السوق في استرداد عافيته ومقاومة ذلك الانهيار.
***
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ظل يتابع وضع السوق رغم مشاغله الكثيرة، ومثله كان يفعل سمو ولي عهده الأمين؛ بهدف إصلاح ما تعانيه هذه السوق من خلل واضح، وبالتالي طمأنة الناس، وإعطاء المزيد من الأمل والثقة لهم بالمستقبل الموعود والمبشِّر بالخير إن شاء الله.
***
بينما تأتي اجتهادات محافظ مؤسسة النقد، محطمة لكثير من هذه الآمال؛ إذ إن كلامه يحمل كل مؤشرات اليأس والإحباط، وكأنه يقول (لا تنتظروا شيئاً)؛ كما لو أنه على ثقة بأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان..
مع أنه كان في غنى عن أن يتحدث بمثل هذه اللغة المتشائمة، وهو الذي يعرف أن المطلوب من مسؤول مثله أن يزرع الأمل والثقة والاطمئنان في نفوس كثيرة آذاها أداء السوق منذ بداية الانهيار.
***
إن التصحيح الحقيقي لسوق الأسهم بدأ - إن شاء الله - بدأ منذ صدور الأمر الملكي الكريم بتكليف قيادة جديدة لإدارة السوق برئاسة الدكتور عبد الرحمن التويجري..
ونحن على ثقة بقدرة الرئيس المكلَّف على تمكين السوق من عبور هذا النفق المظلم، بعد أن غابت المبادرات الضرورية من هيئة سوق المال في وقتها المناسب لإيقاف هذا الزلزال المدمر.
***
كما أننا على ثقة بأن هذا التغيير سوف يضع حداً لمعاناة الكثير من المواطنين مع سوق واعدة قابلة لاسترداد عافيتها في ظل مناخ اقتصادي واستثماري لا يضاهى..
كما أننا على ثقة بأن قيادة هيئة سوق المال الجديدة بإمكانها أن تعيد الابتسامة وتغيّب الحزن عن مواطنين صدموا وخسروا وتأثروا من هذه السوق..
وعندئذ لن يكون هناك أي كلام عن شكوى أو تذمر بعد ترميم بيت هيئة سوق المال من الداخل.
***
ومع كل هذا فجميل أن يرتفع المواطن فوق جراحه..
ويتجاهل همومه لبعض الوقت..
وينشغل عن مأساته بانتظار أمر ملكي منقذ لمعاناته..
وها هو صبره قد كلّل بواحد من أهم القرارات: أمر ملكي بتكليف الدكتور عبدالرحمن التويجري برئاسة هيئة سوق المال..
فشكراً أبا متعب، وكل التوفيق لك يا عبدالرحمن.
خالد المالك
|
|
|
قصة حب بين الهنديات والذهب
|
* إعداد - عايدة السنوسي:
منذ آلاف السنين ظل الذهب المعدن صاحب البريق الذي يخطف الأبصار، وإذا كان العديد من مجتمعات العالم قد شهدت تحولات ثقافية تراجعت معها قيمة الذهب سواء كوسيلة للتباهي والتفاخر أو حتى لحفظ المدخرات فإن الهنود مازالوا يعشقون الذهب.
وقد نشرت صحيفة (كريستيان سياينس مونيتور) الأمريكية تقريرا عن عشق الهنود للمعدن الأصفر تحت عنوان (قصة حب باهظة الثمن بين الهنود والذهب).
تقول الصحيفة: إن الذهب يحتل عرش الحلي والمجوهرات في الهند إلى الدرجة التي يمكن معها القول: إن كل الحلي المستخدمة في الهند تقريبا مصنوعة من الذهب، وقد وصلت قيمة الحلي الذهبية في الهند إلى حوالي 200 مليار دولار، كما زادت مشتريات الهنود من الذهب بنسبة 40 في المئة خلال العام الحالي الأمر الذي جعل الهند أكبر مشتر للمعدن الثمين في العالم. والحقيقة أن الذهب ربما يمثل وسيلة استثمار جيدة بعد أن ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ 22 عاما، ولكن الخبراء يحذرون من الآثار السلبية لحمى اقتناء الذهب على الاقتصاد الهندي الذي أصبح واحداً من أسرع الاقتصاديات الآسيوية والعالمية نمواً.
يقول الخبراء: إنه سيكون من الأفضل ضخ الأموال التي يتم تجميدها كحلي ذهبية في الاقتصاد الهندي على المدى الطويل، ويقول المحللون: إن ما يزيد من أهمية تسييل هذا المخزون الذهبي الضخم لدى أفراد الشعب الهندي وتحويلها إلى سيولة نقدية يمكن استثمارها حقيقة أن قيمة هذا المخزون تصل إلى حوالي ثلث إجمالي حجم الاقتصاد الهندي، يصل إجمالي حجم الاقتصاد الهندي إلى 690 مليار دولار، ولكن المشكلة أن هناك تراثا ثقافيا راسخا لدى الهنود يقدر الحلي الذهبية والمجوهرات، ويجعلها علامة أساسية من علامات الثراء وسمو المكانة الاجتماعية الأمر الذي يعرقل الجهود التي تبذل حاليا لتحويل مدخرات الهنود من الشكل الذهبي لها إلى أشكال استثمارية أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية.
تقول ديانا فاريل مدير معهد ماكينزي العالمي في سان فرانسيسكو (من المهم القول: إن الاقتصاد الهندي يمكن أن ينمو بمعدلات أسرع إذا ما تم استثمار الأموال المدخرة كذهب في أشكال استثمارية أكثر إنتاجية).
أما شيتان أهيا المحلل الاقتصادي في فرع بنك مورجان ستانلي الاستثماري الأمريكي بمدينة بومباي الهندية فيقول: إن تحويل ثروة الهنود من الذهب والمجوهرات إلى استثمارات مالية لن يضيف إلى معدل نمو الاقتصاد الهندي أكثر من أربعة أعشار النقطة المئوية سنوياً، وهو مقدار هزيل جداً في ضوء معدل نمو الاقتصاد الهندي الكبير، ومع ذلك فإن تحويل هذه النسبة الضئيلة إلى أموال سوف يشير إلى أن الهنود يحرمون أنفسهم من مكاسب تقدر بمليارات الدولارات سنويا.
وقد أشار أهيا في تقرير نشر في وقت سابق من العام الحالي إلى أن مليارات الدولارات يخسرها الهنود سنويا بالفعل بسبب اكتناز الذهب في خزائنهم. ورغم كل هذه التقارير والتوصيات لا يبدو أن الشعب الهندي مستعدا للتخلي عن واحدة من أهم مصادر العزة الاجتماعية والتفاخر وهي صندوق المجوهرات والحلي الذهبية التي تحتفظ بها السيدات وبخاصة أبناء الطبقة الوسطى، فالذهب والمعادن الثمينة تحتل مكانة متميزة في التراث الثقافي للمجتمع الهندي الأمر الذي يزيد جاذبيته كوسيلة للادخار، على سبيل المثال فإن الذهب يتواجد بقوة في الملاحم والتراث الديني الهندي. كما أن الزوجين يرتديان أنواعا معينة من القلائد الذهبية كطقس من طقوس الزواج، وعندما يرزق الزوجان بطفل وليد يجب وضع خاتم ذهبي على شفاه الطفل لضمان الحظ السعيد له وفقاً لمعتقداتهم.
وفي بعض مناطق الهند يتم وضع الحلقان الذهبية في آذان الأطفال الصغار بما في ذلك الأولاد لحمايتهم من الشرور، كما أن التماثيل والأشكال الذهبية تشكل جزءا أساسيا في صلوات أتباع أغلب الديانات الوثنية في الهند، وبغض النظر عن القيمة الاحتفالية والاجتماعية للذهب فإن أغلب الهنود ينظرون إلى المعدن الأصفر باعتباره أداة استثمار آمنة خاصة، وأنه يمكن تحويله إلى أموال سائلة في أي وقت وبسهولة كبيرة.
يقول جيل ليلاند الخبير الاقتصادي في مجلس الذهب العالمي ومقره لندن: (إن الذهب من أكثر أشكال الادخار أمنا في المناطق الريفية وبخاصة بالنسبة للنساء حيث إن خدمات البنوك لا تكون متاحة أغلب الوقت في تلك الأماكن.. على سبيل المثال ففي وقت سابق من العام الحالي كانت هناك موجة بيع واسعة لكميات صغيرة من الذهب في ولاية تاميل نادو الهندية حيث كان الناس في هذه المناطق قد حولوا أكثر من نصف الأموال التي حصلوا عليها كمعونات في أعقاب كارثة أمواج المد العاتية (تسونامي) التي ضربت الولاية أواخر عام 2005 إلى مشغولات ذهبية للاحتفاظ بها.. فالنساء يستطعن التزين بتلك المشغولات والاحتفاظ بها كمدخرات مضمونة لا يمكن تبديدها بسهولة. والمفارقة أن الاعتبارات الأمنية لا تجعل الفقراء أو حتى المشردين الهنود يترددون في تحويل أموالهم القليلة إلى مشغولات ذهبية.
في الوقت نفسه فإن الطبقة الوسطى في المجتمع الهندي مازالت تنظر بكثير من الشك تجاه الأدوات الاستثمارية الحديثة مع صناديق الادخار في البنوك والأوراق المالية حيث يفضل أفرادها الاحتفاظ بمدخراتهم في صورة أصول ثابتة مثل الذهب والعقارات.
تقول السيدة فاريل (الهنود لا يثقون في النظام المصرفي الهندي بقدر ثقتهم في الذهب كوسيلة ادخار).
وأشارت فاريل إلى أنها أجرت دراسة في الهند مؤخراً أظهرت أن حجم الأصول المالية في الهند بما في ذلك الودائع المصرفية والأسهم والسندات لا يزيد عن 900 مليار دولار وهو أقل من خمس حجم الأصول المالية في الصين.
وأشار تقرير فاريل إلى أن تخلف القطاع المصرفي الهندي يشكل عقبة كؤود أمام تقدم الاقتصاد الهندي حيث إن الأصول المالية تشكل في النهاية القناة التي تتدفق من خلالها الأموال إلى المجالات الاستثمارية المختلفة سواء صناعية أو زراعية أو بنية أساسية، وقد حاولت الحكومة الهندية من خلال العديد من الخطط ومنذ الستينيات دمج كميات الذهب التي يحتفظ بها الهنود في منازلهم إلى النظام المالي الهندي من خلال إصدار سندات يتم استبدالها بالذهب ولكن كل هذه الجهود باءت بالفشل.
ورغم ذلك يظل الأمل معلقا بارتفاع معدل الثراء في الهند، فكلما زادت الثروة في أيدي الهنود زادت احتمالات التحول نحو الاستثمار في الأدوات المالية مثل الأسهم والسندات، ويقول محللون: إن بناء الثقة في النظام المالي الهندي وإصلاح هذا النظام عوامل جوهرية لاستمرار المعجزة الاقتصادية الهندية.
تقول فاريل (مع تزايد الثروة ونمو الدخل يمكن أن نتوقع المزيد من رسوخ النظام المصرفي والقطاعات المالية في الهند.. وهذا التطور يحدث ببطء ولكن المطلوب إصلاحات مالية جادة لمساعدة هذه العملية على المضي قدما)، ولكن ورغم الإصلاحات فمن غير المتوقع أن يستبدل الهنود الأوراق المالية بالذهب في المستقبل المنظور.
وككل تطور في الهند فإن الخبراء يتوقعون أن يستغرق الأمر وقتا طويلا، يقول شيف تانيجا الصحفي السابق في الهند والمدير الحالي لمؤسسة سيرولي أسوشيتس للاستشارات المالية في الهند (يحتاج التخلص من أسر الذهب إلى وقت طويل، وهذا لن يتحقق خلال خمس أو عشر سنوات مقبلة، وقد يحتاج الأمر إلى جيلين كاملين، ولكنني على ثقة من أن التغيير سيحدث في النهاية).
ولعل استطلاع رأي سكان حي باندرا الراقي في مدينة بومباي العاصمة الاقتصادية للهند يؤيد وجهة نظر تانيجا حيث يقول شيرلي بهافناني الذي يعمل كمساعد مدير لشركة تأجير سيارات راقية إنه (يمكن استثمار مدخراته في سوق الأسهم ولكنه بالتأكيد سيشتري الذهب لأنه أضمن كما أنه أقرب إلى المال السائل ويمكن بيعه في أي وقت ولا تنسى أيضاً أنه يبدو شيئا قيما).
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|