* إعداد - صلاح عمر شنكل
بعض سائقي السيارات من المتهورين في القيادة يعتقدون أنه طالما بحوزتهم رخصة تأمين فليفعلوا ما يشاءون، ظناً منهم أن الرخصة تحميهم من كل ضرر يمكن أن يقع على الغير، وهذا - بالطبع - يقود إلى الاستهتار بحياة الناس،
ويجر إلى عواقب قد تكون وخيمة، فكيف يفهم هؤلاء وغيرهم، أن الغرض من الرخصة هو اتباع النظم وحماية الأرواح والسيارات من عواقب السرعة الجنونية،
ومخالفة قوانين السير، وأن الهدف منها الحد من المخاطر وليس تبريرها؟ وكيف نصل إلى صيغة تدفع باتجاه التقليل من الفهم الخاطئ، بل تصحيحه ليعي السائق، أياً كان، أن تأمين الرخصة لا يعني بحال من الأحوال، الاستهتار بحياة الآخرين،
أو التهاون في الالتزام بالأنظمة، وكيف نقنع هؤلاء أن تأمين الرخصة لا يحمي المتهور والمستهتر، ومن يعرض حياة غيره للخطر، وما هي الضوابط التي يمكن أن تقود إلى تلك الحلول؟
هذه التساؤلات، والاستفسارات، كانت جوهر محور النقاش لمنتدى الهاتف هذا الأسبوع، حملناها برمتها إلى أصدقاء المنتدى،
الذين - كعادتهم - تجاوبوا معها، وتفاعلوا بنشاط وحماس مبدين مرئياتهم التي لا شك ستسهم في جلب الحلول المنتظرة للحد من هذه الظاهرة واستئصالها مع الأيام؟
تطبيق خاطئ
عمرو بن إبراهيم محمد العمرو: نحن نتحدث عن نظام شرعه لنا المسؤولون هنا لكننا نجد أن الذي يؤمن هو على صنفين: أولاً التأمين النظامي من بعض الناس حيث يقوم بالتأمين متى ما انتهى تأمينه بينما نجد آخرين ربما لا يؤمن أحدهم إلا اذا أراد أن يجدد الرخصة فهو لا يلتزم بالنظام فهذا استهتار قبل أن نبدأ في الاستخدام الخاطئ للنظام، فنقول إن التأمين هو في الحقيقة أصل نظامي جديد على بلادنا وهو عنوان للتقدم حقيقة إذا أردنا أن نرى باقي الدول القريبة فنحن الآن نحاول أن نلحق بركب التقدم ونحس بذلك والحمد لله، لنجد أن هذا التأمين هو لمنفعة السائق أولاً وأخيراً وليس الغرض منه مبلغاً مالياً يؤخذ، فنقول إن استخدام التأمين يجب أن يكون استخداماً عقلانياً فأنت تتحدث عن سلامتك قبل أن تتحدث عن مبلغ مالي يذهب وعن سلامة آخرين نريدها قبل أن نفقد ولا نريد أن نفقد أرواحنا ولو فقدنا نقوداً فالسلامة هي مطلب أولي للجميع فيجب أن يكون هذا الاستخدام استخداماً متعقلاً دون استهتار، فلذلك نجد أن هناك ضوابط كثيرة منها:
1- نرى إعادة النظر في مسألة التأمين على الرخصة أو على المركبة وهل هو لصاحب المركبة أو للذي يقودها؟ وكذلك الفئات العمرية التي غالباً تتهاون في أمر القيادة يجب أن توضع لها ضوابط خاصة ورادعة.
2- يجب أن نعلم أن التأمين هو للسلامة وليس لأجل النظام أو أشياء أخرى ربما هي ليست جوهرية في هذا الموضوع. فسلامتك هي المطلب الأول والأخير وهذا الضابط يحميك إن شاء الله.
3- يجب تكثيف التشديد على التأمين ورخصة القيادة
وقاية من التهور
رانيا سعيد : من رأيي الخاص أن تأمين الرخصة حماية فالحماية بهذا التأمين من يسلك طريقه بحذر والتزام ويكتب له القدر فهو في ذلك الوقت قدر الله وما شاء الله فعل، وهنا يأتي دور التأمين ويكون هو الدرع الواقي للسائق من الأضرار التي قد تحدث له، أما أن تكون هذه الرخصة المؤمنة بيد شاب متهور ويضع التأمين في وجه المدفع أي يكون هو الحاجز الواقي للتهور، فهذا فهم خاطئ لمعنى التأمين، واستغلال سيئ لهذا النظام، واستهتار بما يتوفر للناس من أنظمة تساعدهم في تيسير أمور حياتهم وتقلل المخاطر التي تفرضها بعض الظروف عليهم.
صك للاستهتار
وليد السهلي: أعتقد أن نظام التأمين تم إقراره لمصلحة الأفراد والمجتمع بشكل عام، وهو للحماية أكثر منه للتعويض، بمعنى أن القصد الأساسي هو أن يحترم الناس القانون أولاً، ثم إذا وقع مكروه - لا سمح الله - يكون هناك من التدابير ما يخفف الوطأة، لأننا في الماضي كنا إذا وقع حادث مميت ولم يكن بمقدور صاحبه السداد، لا يكون أمامه من بعد الله إلا أن يلجأ إلى أسلوب التسول والتوسل، وكلاهما في من إراقة ماء الوجه ما يجعل كل سائق أن يسير بالسرعة القانونية والنظام والحرص الذي يحفظ حياته - بإذن الله - ويحفظ حياة من يشاركونه الطريق، وجاء نظام التأمين على المركبة وعلى الرخصة من أجل حماية الأرواح والتقليل من التهور والسرعات الجنونية، ولإيجاد وسائل لتعويض المتضررين بحيث لا يتحمل الفرد الضعيف ذلك، أي يكون السد تضامنياً، ولكن للأسف استغل البعض ذلك، واعتبر وجود رخصة التأمين في جيبه بمثابة (صك غفران) يؤذي به من يشاء ويبطش به كما يشاء ويدهس ويفعل ما يروق له طالما هناك من يدفع نيابةً عنه، ومن يقوم بتسديد (قيمة) الأرواح المفقودة والخسائر المترتبة على تهوره واستهتاره بأنظمة السير. ومع يقيني أن أجهزتنا النظامية لا يفوت عليها إن كان السائق متهوراً أم أن الحادث وقع دون خطأ منه، لكن البعض ما زال يفهم التأمين أنه مجرد تحد للغير وعبث بأنظمة السير بموجب رخصة التأمين، وأرى ضرورة تكثيف الوعي بهذا الجانب وتبصير الناس بأهمية التأمين ومفهومه الأساسي حتى لا تضيع الأرواح تحت أقدام المتهورين الذين يأخذون الأمور بشكل مقلوب.
لا ضرر ولا ضرار
عبد العزيز الجوهر: في رأيي المسألة برمتها تتعلق بالضمير والأخلاق ومخافة الله سبحانه وتعالى، وكما تعلمون قال الرسول صلى الله عليه وسلم (لا ضرر ولا ضرار) فالذي يؤذي غيره ويضر الآخرين مخالف للشرع قبل أن يكون مخالفاً لقوانين المرور أو لأنظمة التأمين، وكذلك الأمر ينطبق على شركات التأمين نفسها فالبعض منها لا يطبق الاتفاقية المبرمة بينه وبين الطرف الثاني، الذي هو المواطن الذي يقوم بالتأمين على سيارته أو رخصة القيادة، ويتردد كثيراً أن هناك شركات تمارس النصب وضحاياها هم الذين يبحثون عن التأمين الأرخص، وإذا كان الأمر كذلك فالقضية متشعبة ومركبة وتحتاج إلى إصلاح شامل وتصحيح كامل، لكن الذي نراه ونتابعه، أن كثيراً من السائقين ومن فئة الشباب على وجه الخصوص يعتبرون رخصة التأمين بمثابة ضامن لهم في نوعية القيادة، وينظرون إليها كترخيص لتجاوز الحدود من حيث السرعة وعدم الانضباط في القيادة لذلك تجدهم لا يكترثون بأرواح الناس ولا حتى بممتلكاتهم لأنهم في قرارة أنفسهم مطمئنون بأن في أيديهم ما يحميهم حتى لو كانوا مخطئين، وهذا الفهم في نظري قاصر جداً وبحاجة إلى تصحيح، بل يتطلب حملة توعوية شاملة حتى يستقيم الأمر، لأن التأمين في الأساس لم ينشأ بهدف طمأنة المتهورين بل من أجل حماية أرواحهم وأرواح غيرهم ولكن متى نستطيع أن نقنع الجميع بذلك؟.
قيم مقلوبة
مها الحربي: التأمين على رخصة القيادة أو المركبة، هو نوع من النظام يجب اتباعه واحترامه بغض النظر هل هناك حوادث أم لا، وبغض النظر هل نريد تجديد الاستمارة أو الرخصة أم لا، لكن بكل أسف البعض يرى أن ذلك ضروري فقط عند تجديد الإجراءات، مثلما يعتقد البعض أيضاً أن استخدام حزام الأمان يكون ضرورياً فقط عندما نعبر نقطة تفتيش، وهذا فهم خاطئ لهذه الأنظمة، وعدم استيعاب لضرورة تطبيقها بل لأهميتها، ولا غرابة إذا حينما نجد من يعتقد أن تأمين الرخصة يوفر له الحماية بأن يقود بالكيفية التي يراها وأن يسرع بالطريقة التي تروق له، إنه فهم كذلك أو أراد أن يفهم ذلك الفهم، فمن يا ترى المسؤول عن ذلك الخلط في الفهم، ومن الذي يمكن أن يقوم بتصحيح تلك المفاهيم.
وثيقة عهد
خالد الغامدي: الكثير من الناس يعتقد أن التأمين على رخصة القيادة هو لحماية السائق ما بعد الحادث - لا قدر الله - ولكن قد يكون جزء من هذا الفهم صحيحاً وليس كله، وحتى الجزء الصحيح لا يحمل كل الحقيقة، لأن التأمين لحماية عدة أطراف ولكن قبل وقوع الحوادث، لأنك حينما تقوم بعدة حوادث وأخطاء مرورية متكررة لن تجد شركة تؤمن لك فيما بعد، كما أن التأمين عقد شراكة واتفاقية بين طرفين لا بد أن تجد الاحترام من قبل الطرفين، فهي وثيقة عهد لماذا يهمل السائق، ثم يلقي باللائمة على شركات التأمين، وفي رأيي الشخصي أن وجود تأمين لدى السائق يذكره دائماً بضرورة الحفاظ على روحه وأرواح الآخرين، وليس تصريحاً بالسرعة والتهور والاستهتار بغيره، ومن سوء فهم هذا الإجراء أن بعضنا حينما يسمع أن قريباً لديه ارتكب حادثاً مرورياً نتجت عنه أضرار كبيرة، أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو (هل لديه تأمين) أو يسأل (هل قام بتجديد تأمين الرخصة) أي فقط يفكر البعض في تخليص السائق وليس الأضرار التي لحقت بالأطراف الأخرى، هذه كلها مفاهيم خاطئة لمبدأ نظام التأمين فمتى نصححها؟.
المغزى والهدف
عوض المطيري: هناك من ينظر إلى أي نوع من النظم واللوائح والقوانين على أنها لم توجد إلا من أجل الحد من حريته، فيتعمد انتهاكها وعدم الالتزام بها، ويراها البعض على أنها ضده وليست في مصلحته بينما الحقيقة تقول غير ذلك، وإذا كان الالتزام بتأمين الرخصة هو إجراء ضد السائق، فإن إصلاح الفرامل، وصيانة موتور السيارة أيضاً ضد مصلحته، لأن كليهما يهدف إلى تحقيق سلامة السائق ومن يستغلون الطريق معه.
المشكلة إذن في كيفية استيعاب المغزى من هذه النظم واللوائح، والوصول إلى الفهم الواقعي لها حتى تؤدي دورها في خدمة المجتمع وتجنيبه الكثير من الآلام والأضرار التي طالما عانى منها وفقد الكثير من أبنائه بسبب الجهل بتلك الأنظمة والتهاون في الالتزام بها، فنحن أمام معضلة لا تتمثل في إيجاد القوانين أو النظم بل في كيفية فهمها وتطبيقها بالطريقة التي تحمي أرواحنا وممتلكاتنا جميعاً سائقينَ ومارةً وأصحابَ مركبات.