|
مجلة الجزيرة ومتاعبها
|
قيل قديماً، إن الصحافة هي مهنة المتاعب..
ولم يخطىء، بل أصاب، من عرَّفها بذلك..
فهي بحق ذات تعب، ولكنه تعبٌ لذيذ..
وهي لمن مارسها، يستحيل عليه أن يبحث عن بديلٍ لها..
كما يستحيل على من ينتسب لها أن يضبط ساعات عمله فيها..
وأن يتنبأ بمستقبله فيها، طالما هي خياره واختياره..
ألم يقل قائلهم: «إنها مهنة المتاعب»؟
***
الصحافة، عالمٌ من الأضواء «والفلاشات» لمن يحب الظهور عامداً متعمداً، ولمن تجبره هي لا هو، قسراً على ذلك..
والصحافة، إشراقة جميلة لكل ذوي الطموح والمبدعين والنابهين، وهي كذلك مع غيرهم في مجالات أخرى..
الصحافة، دليلك للتعرُّف على الجميل وضده، على المدَّعي ونقيضه. إنها باختصار مَنْ تقوم ب«فلترة» هؤلاء وأولئك لقرائها.
***
وهي لهذا، فتعبها ليس لمن يعمل فيها فحسب، بل إن مثل هذا التعب قد يمتدُّ إلى من يتعامل معها أو يقترب منها أيضاً..
بعض هذا التعب قد يكون مشوِّقاً..
أحياناً تبحث عن مزيدٍ منه..
وبعضه تتمنى لو لم تكن ضمن عالمه.
***
ومجلة الجزيرة، جزء من هذا التعب اللذيذ الذي أعنيه..
إنها ضمن هذا الجو، داخل هذا العالم المجنون..
فأسرة تحريرها عددها جِدُّ قليل..
ولدى جميع أعضاء هذا الفريق التزامات أخرى كثيرة..
بما يغنيهم عن هذا الصداع الجميل..
لأنه لا مزيد من الوقت ولا مساحة من الفراغ تتيح لهم القيام بمثل هذا العمل..
بإصدار مجلة بهذا المستوى..
لكنه البحث عن المتاعب..
ضمن الحرص على القارىء..
وصولاً إلى النجاح الذي ننشده جميعاً..
خالد المالك
|
|
|
نموذجان يتسمان بالحداثة: صالة المعيشة بين «الكلاسيك» و«الحديث» عزيزي القارئ
|
إعداد: د. وليد السيد
في هذا الأسبوع من صفحة التصميم الداخلي نتناول ثلاثة مواضيع أساسية بالدراسة وإلقاء الضوء على جوانب مما يدور في أوساط عالم التصميم الداخلي عالميا وبخاصة في دول اوروبا الغربية.
في الموضوع الأول نستعرض نماذج من صالة المعيشة العائلية من جهة وصالة استقبال الضيوف من جهة ثانية. والعرض يتضمن عقد مقارنة بين النموذجين. الأول والثاني. أما الأول فيتسم بالصرامة والرسمية واعتماد مجموعة من العناصر التي تشكل كيانه وطابعه، فيما يمتاز النموذج الثاني بالهدوء والعفوية التي قد تكون أكثر شعبية وقبولا للكثيرين. ورغم ان النموذجين يتسمان بالحداثة إلا ان الثاني أكثر حداثة من الأول الذي قد يميل للكلاسيكية في بعض عناصره المستخدمة. والهدف من عرض النموذجين هو تنوير القارئ العزيز بما يدور حاليا في مجال التصميم الداخلي، وكذلك تنمية الحس الفني من ناحية أخرى بالتعرف على أسس ومبادئ عامة لا تقديم نماذج جاهزة للتقليد الحرفي.
القسم الآخر من هذا الأسبوع يتطرق لنموذج من المطبخ الذي يقع بين الكلاسيكية في مظهره وبين الحداثة بفكرته. وتتلخص فكرته بتوزيع الاحيزة الفراغية التي يضعها المصمم أساساً بدلا من تكديسها في فراغ واحد يسمى المطبخ تقليديا. والهدف المتوخى من هذا التوزيع هو اجتماعي ووظيفي يمكن تلمس نتائجه من خلال تفاعل العائلة بشكل أكبر وبدمج الأنشطة العائلية من خلال توازن مدروس بين الأنشطة ومدى اتصالها وامكانية حجبها أو عزلها عند الحاجة. والنماذج الأخرى المرفقة تعطي القارئ ومضات أو لمسات من هنا وهناك حيث يمكن تبين بعض الجوانب في تصميم أجزاء المطبخ أو الحمام الحديث بطريقة ذكية وجذابة لتؤدي أغراضاً متعددة بعضها وظيفي وبعضها جمالي فني دون المساس بالحيز الفراغي للمطبخ نفسه بل هي اضافات لعناصر موجودة أصلا. وبالاضافة إلى ذلك هناك أحد النماذج الحديثة للمطبخ غير الاعتيادي ذو المنحنيات والخطوط المتعرجة.
أما القسم الثالث فنخصصه للحديقة المنزلية وأحد النماذج والأفكار في كيفية تنسيق الحديقة وأبرز مميزاتها وانعكاساتها على الجالس من نواح نفسية وبصرية.
آملين تقديم الجديد والمفيد للقارئ العزيز دوما.
نقدم لك عزيزنا القارئ في هذا العدد من هذا الأسبوع نموذجين متباينين لصالة الجلوس.
أما الأولى فتعكس الرسمية والفخامة من خلال مجموعة من العناصر التي سنناقشها تاليا، فيما تمثل الصالة التالية بما فيها من عناصر التصميم الداخلي الطابع الأقل رسمية بل الطابع العفوي الذي قد يحبذه البعض وبخاصة في أوقات الراحة والاستجمام للعائلة ولاستقبال بعض الضيوف القريبين من العائلة.
أما الطابع الأول وهو الذي انتشر في مناطق عديدة من العالم العربي كبلاد الشام وبعض دول حوض البحر المتوسط وفي الصالات الرسمية لبعض دول الخليج، بالإضافة إلى انتشاره بشكل واسع في دول اوروبا وبخاصة ايطاليا وبعض أقاليم الحضر الانجليزي فيتسم بالرسمية وأبرز مقوماته والتي تظهر بالصورة المرفقة ما يلي:
أولا اعتماد التصميم الداخلي على عنصر الزخرفة بشكل أساسي. وهذه الزخرفة التي تتسم بالتفاصيل الدقيقة والأناقة واستعمال التشكيلات الورقية النباتية لا تقتصر فقط على عنصر دون آخر، إذ تبدأ من الحوائط التي تعلوها الأفاريز المنمّقة والتي غالباً ما تأخذ أشكال بروزات تمتد على طول الجدار وتحتوي هذه التشكيلات زخارف وتصميمات طولية .
ومن الجدير ذكره وكما يلاحظ بالصورة ان هذه التصميمات الجدارية تقسم إلى ثلاثة أجزاء أولها يمثل القاعدة ويرتفع لمسافة قصيرة عن الأرض قد لا تزيد عن 40 سنتيمترا «أو بحسب التصميم»، وثانيها وهو الجزء الأطول وهو جسم الحائط المزخرف، وثالثها هو التاج أو القمة. ويلاحظ النقلات الثلاثية الأبعاد بين هذه الأجزاء الثلاثة والتي تضفي بعداً ثالثاً وجمالا على التصميم اذ يبدو كجسم يقبل الظل والنور بأسطحه المختلفة.
وكذلك تستعمل الزخرفة في الأسقف وتتبع أنماطاً هندسية بديعة لا مجال لحصرها والتي تعتمد على الابداعية الذهنية للمصمم، وغالبا ما تشتق هذه التصميمات من النماذج والتشكيلات الهندسية. ويمكن استعمال الزخارف الإسلامية التي راجت في معظم مدن شمال افريقيا والتي تعتمد وحدة مزخرفة متكررة والتي تنتج من دوران شكل هندسي كالمربع مثلا حول نفسه لتشكيل المثمن ومن ثم دوران المثمن لإيجاد تشكيلات دائرية الخ. وكما هو الحال في معظم الأحيان يمكن ان تكون التشكيلات خطية تمتد على جوانب السقف المحاذية للجدار مع وجود زخرفة دائرية في مركز السقف.
ومن الجدير ذكره ان هذه التصميمات الداخلية قد يتم إدراجها في الحسبان من قبل المعماري المصمم، أو في أحيان أخرى تتم الاستعانة بالمصمم الداخلي المختص. أما الميزة الثانية لهذا الطابع فهي المحورية، وهذه الميزة تتمثل في اعتماد محاور الفراغ الأساسية في التقسيمات والتصميمات الفراغية داخل الصالة. ومن الأمثلة على ذلك مثلا وجود المنطقة التي تتوسط الصورة والتي تحتوي في بعض الاحيان مدفأة حقيقية أو صناعية أحيانا، أو يمكن الاستعاضة عنها بمكيف الهواء البارد في حالة المناطق الحارة. وأبرز الملامح المحورية الأخرى الثريا المدلاة من السقف والتي تتبع محاور واضحة رأسية وافقية. وهذه الثريا أيضا تعبر عن الميزة الثالثة لهذا النموذج وهو علو الفراغ حيث تعتمد الفراغات العالية في هذا التصميم من أجل إعطاء طابع الأبهة والفخامة. أما الصور الأخرى التي تتبع هذا النموذج فتظهر بها عناصر كالمنضدة الجانبية والتي تم تصميمها بشكل متناسق مع فكرة الزخارف الورقية، وكذلك المرآة الحائطية والتي تعكس نفس الفكرة الزخرفية. ويلاحظ أيضا ان الألوان المستعملة هي الذهبي أو الأصفر الفاتح «البيج» والذي يتناسق مع الفكرة المطلوب إعطاؤها وهي الفخامة.
أما النموذج الآخر فيتباين مع ما يبقى من نواح متعددة يسهل تبينها، أبرزها التجريدية أو خلو الزخرفة والتركيز بدلا من ذلك على عناصر الأثاث والعناصر الأخرى كالمرآة الحائطية الكبيرة، أو المنضدة القزمة الثقيلة المصنوعة من الخشب وبلونها الطبيعي والتي تتربع في مكان ما من الغرفة «ليس بالضرورة ان يكون وسطها»، وكذلك اعتماد الإطلالة المباشرة للحارة باستعمال النوافذ الكبيرة التي تبدأ من الأرض (French Windows). وفي هذه الحالة يمكن استعمال الأرضيات الخشبية «الا أنها غير منتشرة في بلادنا ويمكن الاستعاضة عنها بالرخام أو الجرانيت» إذ تضفي بهاء على الفراغ الداخلي أثناء النهار لدى انعكاس ضوء النهار عليها.
وبالخلاصة فإن أبرز ما يميز هذا الطابع هو العفوية البسيطة والحرية في توزيع عناصر الأثاث بشكل يقابل الخارج وليس الداخل كما هو الحال في النموذج الأول.
وتجدر ملاحظة ان المقارنة التي نعقدها تسهل للقارئ الكريم التمييز بين النماذج المختلفة وتمييز ما يناسب مع التحويرات التي تناسب ذوقه الخاص من نواح متعددة، إذ ان له الخيار الأخير في الألوان والنماذج وكذلك المواد المستعملة، إنما هذه إشارات وتذكيرات لإيقاظ بعض النقاط المهمة في ذهن القارئ لاخذها أو بعضها بعين الاعتبار.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|