|
مجلة الجزيرة ومتاعبها
|
قيل قديماً، إن الصحافة هي مهنة المتاعب..
ولم يخطىء، بل أصاب، من عرَّفها بذلك..
فهي بحق ذات تعب، ولكنه تعبٌ لذيذ..
وهي لمن مارسها، يستحيل عليه أن يبحث عن بديلٍ لها..
كما يستحيل على من ينتسب لها أن يضبط ساعات عمله فيها..
وأن يتنبأ بمستقبله فيها، طالما هي خياره واختياره..
ألم يقل قائلهم: «إنها مهنة المتاعب»؟
***
الصحافة، عالمٌ من الأضواء «والفلاشات» لمن يحب الظهور عامداً متعمداً، ولمن تجبره هي لا هو، قسراً على ذلك..
والصحافة، إشراقة جميلة لكل ذوي الطموح والمبدعين والنابهين، وهي كذلك مع غيرهم في مجالات أخرى..
الصحافة، دليلك للتعرُّف على الجميل وضده، على المدَّعي ونقيضه. إنها باختصار مَنْ تقوم ب«فلترة» هؤلاء وأولئك لقرائها.
***
وهي لهذا، فتعبها ليس لمن يعمل فيها فحسب، بل إن مثل هذا التعب قد يمتدُّ إلى من يتعامل معها أو يقترب منها أيضاً..
بعض هذا التعب قد يكون مشوِّقاً..
أحياناً تبحث عن مزيدٍ منه..
وبعضه تتمنى لو لم تكن ضمن عالمه.
***
ومجلة الجزيرة، جزء من هذا التعب اللذيذ الذي أعنيه..
إنها ضمن هذا الجو، داخل هذا العالم المجنون..
فأسرة تحريرها عددها جِدُّ قليل..
ولدى جميع أعضاء هذا الفريق التزامات أخرى كثيرة..
بما يغنيهم عن هذا الصداع الجميل..
لأنه لا مزيد من الوقت ولا مساحة من الفراغ تتيح لهم القيام بمثل هذا العمل..
بإصدار مجلة بهذا المستوى..
لكنه البحث عن المتاعب..
ضمن الحرص على القارىء..
وصولاً إلى النجاح الذي ننشده جميعاً..
خالد المالك
|
|
|
يرعاه الأمير سلمان المؤتمر الدولي للسرطان في رحاب «التخصصي»
|
مجلة الجزيرة خاص :
السرطان.. الدَّاء الذي لا يعرف الاستثناءات.. كل الأجهزة المهتمة بالصحة في العالم تستنفر طاقاتها لمواجهته، فهو جزء من معاناة الإنسانية في عصرها الحديث.. ينغَّص حياتها.. ويقلق منامها، ويهدِّد بقاءها على المدى الزمني القادم في حال استفحاله..
هذا الدَّاء الذي يهتم به اليوم المستشفى التخصصي من خلال مؤتمر دولي يرعاه أمير الرياض سلمان بن عبدالعزيز.. إنما يأتي الاهتمام به تناغماً مع الاهتمام الدولي بتنشيط البحث تجاهه وتعضيد الجهود المبذولة لتحجيمه على مختلف الأصعدة.
100 متخصص في علاج وأبحاث السرطان من داخل المملكة وخارجها تنادوا إلى المؤتمر، بينهم 50 متحدثاً من الولايات المتحدة وايران والهند وفرنسا والفلبين ولبنان وبلجيكا وكندا وايطاليا ومصر واستراليا والدنمارك وتركيا والكويت وألمانيا وجنوب افريقيا، ومساهمة العديد من المنظمات المحلية والعالمية من بينها معهد جيستاف رويسي، والشبكة العالمية لبحوث وعلاج السرطان، والاتحاد العالمي للسرطان، والمؤسسة الفرنسية العربية للسرطان، ومنظمة الصحة العالمية والوكالة العالمية للطاقة الذرية، والمركز الخليجي لسجل السرطان، والسجل الوطني للأورام، وجمعية مكافحة وعلاج السرطان، واتحاد الشرق الاوسط لأورام السرطان، والجمعية السعودية لأمراض الدم والأمراض السرطانية لدى الأطفال، واتحاد الشرق الأوسط للأطفال المصابين بالسرطان.
تركز فعاليات المؤتمر العلمي على نوعين من الامراض السرطانية وهما سرطان الثدي والغدد اللمفاوية، اذ تشكل نسبة الاصابة بسرطان الثدي لدى النساء في المملكة من بين أنواع السرطانات الاخرى حسب احصاءات السجل الوطني للأورام 8 ،19% وتحتل المرتبة الأولى، كما تمثل الغدد اللمفاوية نسبة 9 ،8 وتأتي في المرتبة الثانية من بين أكثر السرطانات انتشارا بين الرجال في السعودية بعد سرطان الكبد الذي تبلغ نسبة الاصابة به بين الرجال 8 ،9%، ويبلغ متوسط اصابة السعوديين بالسرطان نحو 70 حالة لكل مائة ألف مواطن، وتبلغ الأعداد سنوياً نحو 7000 سعودي مصابين بأمراض سرطانية مختلفة.
وأعلنت اللجنة المنظمة للمؤتمر انها تهدف من خلال هذا التجمع العالمي الى الاطلاع على آخر المستجدات التشخصية والعلاجية والبحثية فيما يتعلق بالأمراض السرطانية وتحديداً سرطان الثدي وسرطان الغدد اللمفاوية.
واعدت اللجنة المنظمة في اليوم الاخير من فعاليات المؤتمر مواجهة مرتقبة حول العلاج البديل على اختلاف انواعه، يشارك فيها الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد المطلق عضو هيئة كبار العلماء، والبروفيسور احمد صقر مدير المركز الاسلامي ورئيس مؤسسة المعرفة الاسلامية في الولايات المتحدة الامريكية، وفضيلة الشيخ الدكتور ابراهيم الزهراني الاستاذ المساعد بقسم العلوم الشرعية بكلية الملك فهد الامنية، والدكتور شوقي بزار باشي استشاري الاورام السرطانية ورئيس السجل الوطني للاورام بمستشفى الملك فيصل التخصصي.
وقد أصبح السرطان.. كابوس العصر!! وكل عصر والتحدي الأكبر ل«وهم» التقدم العلمي!! يقول محللون ان المرض بازدياد تفاقمه يقف شاهداً على سطحية ما يشاع عن تقدم علمي يحققه الانسان، بل ان السرطان أصبح صديقاً للتطور التقني والصناعي أو ما نطلق عليه هذا الوصف.. وكمن يمعن في التحديد يحقق الكابوس علاقة ايجابية مع تطور الانسان.. فكلما تقدم الانسان ظهرت وتفشت أمراض سرطانية متعددة اللون والشكل والمضمون!!
يكفي أن القاتل الأول للانسان ما زال طليقاً يلف معه الأطباء والعلماء في حيرة تمتد لأكثر من 100 عام، وما بين «لغز» السبب و«استحالة» الاجابة يطرق ضحاياه كل أبواب الممكن واللاممكن!!.. متأرجحين بين تردد العلم عن الجواب أو البحث عن حلول «طبيعية»، صراع مرير ذلك الذي يخوضه انسان القرن لاستنطاق الأسئلة الأولية في مشوار «المليون» سنة بحثاً عن الاجابة!!.. لماذا وكيف يحدث السرطان؟.. ناهيك عن حلول العلاج وما هيته.
يكتسب البحث عن «البديل» الطبي أهميته للمرضى.. بحثاً عن بارقة الأمل، حتى تظل شمعة الأمل مضاءة للمواطن السعودي وغيره.
غير أنه وكما يبدو فإن كل طرق المعيشة الحديثة قد تؤدي إلى الدخول في دائرة الخطر مثل طرق التغذية وتناول المكونات غير الطبيعية والتدخين وغيرها من الأسباب، وكما سيتضمن التحقيق فإن المملكة التي تشارك العالم في كونها تعاني من أنواع مختلفة من المرض تضطلع بدورها سواء لجهة التوعية ببعض السرطانات أو اتخاذ الاجراءات التي تحد من تناول منها مثل سياسة المملكة تجاه منتجات التبغ وفرض الرسوم العالية على دخولها.
المملكة والسرطان
وفيما لم تتوفر لدينا احصائيات حديثة عن معدلات الاصابة بالسرطان في المملكة إلا أن استشاري الأورام في مستشفى الملك فيصل التخصصي الدكتور داحش عجارم يكشف ل «الجزيرة» بأن مرض سرطان المثانة يمثل 3 ،6 في المائة من نسب السرطان في المملكة ومعدل الاصابة فيه حوالي 2 ،9 من 100 ألف فرد ويبلغ عدد الرجال المصابين 5 أضعاف النساء المصابات.
يقول الدكتور داحش : «سرطان المثانة هو عبارة عن تكاثر غير طبيعي وشاذ لخلايا المثانة يؤدي إلى تلف الأنسجة الطبيعية موضعياً وفي بقايا أنسجة الجسم البعيدة إذا ما انتشر إليها». هذا النمو المتسارع وغير المنتظم حسب الدكتور داحش يبدأ بتكوين أورام في المثانة أو في الأجزاء الأخرى من الجسم إذا ما انتشر إليها. والأورام الخبيثة السرطانية بمقدورها أن تمتد وتتلف الأنسجة السليمة والأعضاء القريبة منها وقد يتم الانتقال عن طريق الدورة الدموية أو الدورة اللمفاوية إلى أماكن أخرى مختلفة، ينمو السرطان بالمثانة في البطانة الداخلية للمثانة ويبدو كورم لحمي صغير ووحيد ومتعدد منه ينتشر إلى الأجزاء الأخرى من الجسم.. وحول معدل الاصابة في المملكة يقول ان النتائج الأولية من السجل الوطني للأورام ما بين يناير 1994م وديسمبر 1996م قد أظهرت أن هناك 578 حالة مسجلة في المملكة أي حوالي 3 ،6 في المائة من نسب السرطان ومعدل الاصابة به حوالي 2 ،9 بين كل 100 ألف من السكان.
وهكذا تحتل بلادنا المرتبة السابعة لدى الرجال ونسبة الاصابة به لدى الرجال حوالي 5 أضعاف النساء.
ينوه الدكتور داحش قائلاً: «ليس هناك سبب واضح لسرطان المثانة ومن العوامل المتعددة التي قد تؤدي إلى سرطان المثانة تدخين السجائر حيث ان المصابين بهذا المرض من المدخنين ثلاثة أضعاف غير المدخنين وكذلك سرطان المثانة الحرشفي له علاقة بالاصابة بالبلهارسيا.. ومن العوامل المسببة له التعرض للعوامل السرطانية في مكان العمل مثل المصانع الكيميائية والمطاط والمطابع وغيرها».
سألنا الأخصائي عن أعراض هذه النمط من السرطان فقال: «من أهم أعراض سرطان المثانة هو وجود الدم في البول «بول مدمم» فيتغير لون البول حسب الكمية الموجودة فيه من الدم الذي يخرج في بداية ونهاية التبول ومن العلامات الأخرى كذلك الآلام أثناء التبول والحاجة إلى كثرة التبول وهذه العلامات لا تعني أن المريض مصاب بالسرطان فقد تحدث مع أمراض أخرى خاصة التهابات البول والبلهارسيا وغيرها. ويضيف محذراً «إذا ما راجع الطبيب في حالة متأخرة أي بعد انتشار المرض فقد يكون هناك أعراض حسب مدى الانتشار منها الآلام في الجسم وأعراض تلف الكلية وفشلها».
التشخيص
عندما يأتي المريض بأعراض مشابهة لأعراض سرطان المثانة فإن الطبيب قد يصل إلى تشخيص هذا المرض بعد أخذ التاريخ المرضي للمريض وعمل الفحص الأكلينكي/ السريري الشامل حيث قد يكتشف الطبيب ورماً أثناء فحص المستقيم أو المهبل، كما يقوم بفحص عينات البول تحت المجهر للتأكد من وجود خلايا سرطانية وفي معظم الأحيان يحتاج المريض إلى استكشاف داخل المثانة بواسطة المنظار المثاني وفيه إذا ما شاهد الطبيب المختص أي ورم غير طبيعي في جدار المثانة الداخلي فإنه يقوم بأخذ عينة للتحليل النسيجي.
فيما يتعلق بالعلاج يقول الدكتور داحش ان العلاجات المتوفرة لمثل هذا المرض هو العلاج بالعقاقير داخل المثانة والعلاج الجراحي والعلاج بالاشعاع الكيميائي والعلاج التلطفي. وعندما يكون سرطان المثانة سطحياً حيث توجد الأورام في بطانة المثانة فيمكن أن تستأصل جراحياً عن طريق المنظار إذا ما كانت هذه الأورام صغيرة وقليلة، أما عندما ينتشر السرطان إلى جدار المثانة ويتعمق فيه فإن العلاج المثالي هو استئصال المثانة بالكامل وجذرياً وقد يستدعي ذلك استئصال بعض الأعضاء المحيطة بالمثانة مثل البروستاتا في الرجال والرحم في النساء، وقد يقترح الطبيب كذلك للمريض الطرق البديلة لتخزين البول والتخلص منه وهناك عدة طرق متبعة مثل استعمال الأمعاء أو تثبيت كيس بلاستيكي خارجي، وفي حالات المرض المنتشر غير القابل للعلاج الكيميائي يعطى المريض علاجات تلطيفية حسب الحاجة مثل مهدئات الآلام وغيرها.
وحسب الدكتور داحش فإن ثمة مضاعفات لاعطاء العقاقير الكيميائية أو الحيوية داخل المثانة وكذلك استئصال المثانة جراحياً لكن المضاعفات تختلف من مريض لآخر وعادة الطبيب المعالج يشرحها للمريض بالتفصيل قبل البدء في تلك المعالجة سواء كانت جراحية أو شعاعية أو كيميائية.
يقول الدكتور داحش:«هذا المرض يحتاج إلى علاج جراحي جذري أحياناً مما يستدعي استئصال المثانة وما حولها مثل البروستاتا لدى الرجال والرحم والمهبل لدى النساء وهذه تؤدي إلى مشاكل تتعلق بالقدرة الجنسية وكذلك العلاج الكيميائي الذي يوصف في بعض هذه الأحيان مؤدياً إلى مضاعفات عدة منها العجز الجنسي».
سرطان المعدة
من جانبه يتناول استشاري الأمراض الباطنة والأورام الدكتور عبدالعزيز أبا حسين سرطان المعدة السبب الثاني للوفاة من السرطانات في العالم، يقول أبا حسين ان حوالي 80 في المائة من المرضى بسرطان المعدة من الأعمار فوق سن الخمسين وأغلبهم في العقد السابع من العمر ونادراً ما يصيب الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن سن الأربعين، ويعتبر الرجال أكثر اصابة من النساء بنسبة 2 إلى 1 ويعد معدل الاصابة في قارة آسيا أكثر بكثير من أوروبا وأمريكا ففي اليابان مثلاً يبلغ معدل الاصابة به حوالي 80 ضعف أمريكا.
وحول مدى انتشاره في المملكة يكشف أبا حسين أن سرطان المعدة يأتي في المرتبة السادسة بين الرجال وبنسبة 4 ،5 في المائة من مجموع الأمراض السرطانية المكتشفة في المملكة وبين النساء يأتي في المرتبة العاشرة بنسبة 3 ،5 في المائة ونسبة الاصابة بهذا الداء بين الرجال إلى النساء هي 1:2 كما في المعدلات العالمية وتعتبر منطقة نجران أكثر المناطق اصابة بهذا المرض تليها الرياض ثم المنطقة الشرقية وتعتبر منطقتا القصيم والشمالية أقل مناطق المملكة اصابة، غير أن نسبة الشفاء من سرطان المعدة كبيرة بشرط أن يتم اكتشاف المرض في مراحله الأولى كما تحدث د. ابا حسين ل«الجزيرة» عن أسباب الاصابة بهذا المرض ومدى انتشاره في المملكة وغيرها من الأمور.
أما عن الأسباب فهناك أسباب بيئية وأسباب وراثية: في الأولى يزداد سرطان المعدة في الطبقة الفقيرة وغير المتعلمة من المجتمع ويزداد في الأشخاص الذين يعملون في التعدين وخاصة الفحم والنيكل والذين يعملون في مصانع المطاط وكذلك في الأشخاص الذين يتعرضون لبعض المواد الكيميائية كالاسبستوس، كما يزداد في الأشخاص الذين يتناولون اللحوم المدخنة والأسماك المملحة والأغذية التي تحتوي على مركبات النيتروزامين، كما أنه يوجد علاقة وأن كانت ليست قوية جداً ولكنها موجودة بين التدخين وشرب المسكرات وزيادة هذا الداء، ووجد كذلك علاقة بين الاصابة بنوع من البكتيريا تدعى الهيلوباكثر بيلوري وهذا النوع من السرطان، كما يوجد زيادة في الاصابة بهذا الداء في المرضى الذين تقل عندهم افرازات حمض المعدة لأي سبب من الأسباب وهي كثيرة ومتعددة.
ويضيف:«نوعية الغذاء وجد أنه له بعض الأهمية حيث وجد أنه في الناس الذين يحتوي غذاؤهم على الكثير من الفواكه والخضار الطازجة والألياف الغذائية وفيتامين «ج» هذا النوع من الغذاء يوفر لهم نوعاً من الحماية ضد هذا السرطان». وعن أعراض المرض يقول أنه في مراحل المرض الأولى قد لا يكون هناك أعراض واضحة ولكن قد يشتكي المريض من احد أو عدد من الأعراض التالية: فقدان الوزن، ألم أو ورم أو انتفاخ في أعلى البطن أو عسر الهضم أو غثيان أو قيء، صعوبة في البلغ أو تغيير في لون البراز إلى الأسود أو البني الداكن.
وبعد تحدثه عن التشخيص يقول الدكتور أبا حسين ان الجراحة هي الأمل الوحيد في الشفاء بعد الله سبحانه وتعالى من هذا المرض، وللأسف الشديد في المملكة كما في دول العالم الأخرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا يتم اكتشاف المرض في مراحل متقدمة جداً في أكثر من 70 في المائة من الحالات، وفي هذه المراحل المتقدمة لا يمكن عمل جراحة تقضي على هذا الورم بشكل كامل ولكن قد تعمل الجراحة في هذه الحالات لتخفيف الأعراض الناتجة مثل النزف والانسداد والألم، العلاج بالأدوية الكيميائية وبشكل أقل العلاج بالأشعة قد تستخدم في هذا المرض وذلك لتخفيف الأعراض وذلك بتقليل حجم الورم بشكل مؤقت ولكن لا تؤدي إلى الشفاء التام.
سرطان الفراعنة
بالعودة إلى التاريخ.. يعتقد بعض المتتبعين لأثر هذا المرض العضال أن السرطان ليس مرضاً حديثاً وان تم اكتشافه خلال القرن الماضي، حيث وجدت على جدران بعض المعابد الفرعونية رسوم تدل على معرفتهم به.
كلمة سرطان Cancer مأخوذة من الاصل اللاتيني وتعني سرطان البحر وذلك وصف للشكل الذي تتخذه الخلايا المريضة في نموها المتشعب وكأنها ارجل وكلابيات هذا الكائن البحري. هنا خطأ شائع في استخدام كلمة سرطان لوصف الاورام والصحيح هو ان الاورام Tumours هي اللفظ العام لوصف الخلايا التي تنمو ككتلة دون سيطرة، وتنقسم الاورام الى نوعين حميدة وخبيثة.
الأورام الحميدة Benign tumours وهي غير ضارة بطبيعتها «الا اذا نمت في احد الاعضاءالهامة كالمخ» ويكون نموها ككتلة متماثلة ويمكن السيطرة عليها.
اما الاورام الخبيثة Malignant tumours فهي ما يمكن ان نطلق عليها مجازا السرطان حيث انها ضارة بطبيعتها وتنمو نموا غير منتظم وتحتاج الى علاج فعال وسريع يمنع انتشارها.
مراحل المرض
بداية نعرف بأن الاورام ليست معدية كما انها ليست وراثية بالمفهوم الشائع اي انها لا تنتقل من الآباء الى ابنائهم، ولكن تحدث الاصابة بالمرض نتيجة خلل جيني في خلية او اكثر وهذه هي اولى مراحل المرض وتعرف بالحث Induction ينتج الخلل عن تعرض الخلية الى مادة مولدة للسرطان بكمية ضئيلة جدا «قد تكون مركباً كيميائياً او اشعاعاً او غيرها» والتي بمرور الوقت ومع تعرض الخلايا الى مواد غير مولدة للسرطان يكون لها تأثير يدفع الخلايا الى تكوين ورم وهي مرحلة Promotion ومع تكاثر الخلايا وفقدان السيطرة على نموها غير المتوازن «لا تأخذ شكلها الطبيعي» وايضا على انقسامها المتسارع تدخل بذلك الى المرحلة الاخيرة Progression.
الورم الدماغي
الاورام الحميدة للدماغ لا تحتوي على خلايا سرطانية، وعادة يمكن استئصال هذه الاورام دون احتمال ظهورها مرة اخرى. ورغم ان هذا النوع من الاورام لا ينتشر في الانسجة المجاورة، الا انها يمكن ان تظهر في منطقة حساسة من الدماغ وبالتالي تؤدي الى اعراض خطيرة وهنا يطلق عليه ورم خبيث وان لم يكن في طبيعة الحال كذلك.
اما اورام الدماغ الخبيثة او سرطان المخ فتأثر بشكل خطير على الوظائف الحيوية للمخ، ولهذا تهدد حياة المريض. والمعروف عنها انها تنمو بسرعة وتحتشد كما انها تغزو الانسجة المحيطة بها في بعض الاحيان يبقى الورم محصورا دون ان يزداد حجمه ويعرف حينها بالورم المغلف Encapsulated.
يستخدم الاطباء في وصف الحالة المرضية مقياساً يتكون من اربع مراحل اعتمادا على شكل الخلايا تحت المجهر، بحيث ان المرحلة الاولى هي الاقل خطورة، اما المرحلة الرابعة فهي الاخطر وتظهر فيها الخلايا غير طبيعية كما يتسارع نموها اي انها تكون خلايا خبيثة.
الاشخاص المعرضون للاصابة بالمرض
رغم احتمالية ظهور اورام الدماغ في جميع الاعمار، الا ان الدراسات والابحاث تشير الى انها اكثر شيوعا في فئتين عمريتين:
الفئة الاولى هي الاطفال ما بين 3 الى 12 عاما، اما الفئة الثانية فهي البالغون ما بين 40 الى 70 عاما. كما لاحظ الباحثون انتشار انواع معينة من اورام الدماغ بين العاملين في مجالات الصناعة كالعاملين في تكرير البترول وتصنيع المطاط والادوية، ايضا العاملون في مجال الكيمياء اكثر عرضة للاصابة بأورام الدماغ.
كما يهتم بعض الباحثين بحالات الاصابة بالفيروسات وسجل العائلة المرضي في الاصابة بالاورام الدماغية.
أعراض الاصابة
تعتمد الاعراض اعتمادا رئيسيا على مكان ظهور الورم في المخ حيث يحتوي المخ على المراكز الرئيسية التي تسيطر على العمليات الحسية وايضا الحيوية المختلفة فنجد مقدمة المخ مسؤولة عن التفكير واتخاذ القرار، والوسطى تتحكم في المزاج والحركة اما مؤخرة الدماغ فتحفز التنفس وانتظام انقباض القلب. ايضا هناك مراكز الرؤية والكلام والسمع وغيره وظهور الورم في اي من هذه المراكز يؤدي الى ظهور اعراض خاصة ويعتمد ظهور الاعراض ايضا على حجم الورم.
ويتسبب وجود الورم في مكان حيوي بالدماغ مع ضغط كتلة الورم على الدماغ اثناء نموها داخل الحيز المحدود للجمجمة الى ظهور الاعراض.
كما يمكن ان تظهر الاعراض نتيجة تجمع السائل حول الورم وتعرف edema ايضا تظهر الاعراض عندما تقوم كتلة الورم بمنع تدفق السائل الشوكي واحتجازه في بطينات المخ.
والاعراض الاكثر شيوعا هي:
الصداع الذي يشتد بالنهار وتقل حدته تدريجيا خلال اليوم.
الشعور بالغثيان او القيء.
ظهور مشكلات في الاعضاء الحسية او الحركية او الذاكرة.
تشخيص المرض
بالاضافة لمعرفة السجل المرضي الخاص بالمرض وعائلته، يقوم الطبيب باجراء فحص شامل للحالة الصحية للمريض، ويتضمن ذلك الفحوصات التي يقيس الطبيب من خلالها استجابة المريض للمنبهات الحسية المختلفة، التناسق العضلي العصبي، الافعال المنعكسة والاستجابة للالم ايضا يقوم الطبيب بفحص العينين حيث تظهر علامات الضغط الزائد في الجمجمة.
بناء على الفحوصات السابقة يحدد الطبيب الاختبارات المتخصصة ومنها:
اولا: عمل فحص CAT يقوم الطبيب من خلاله بأخذ صور بالأشعة السينية للمخ ويجرى هذا الاختبار احيانا بحقن صبغات متضادة معينة في الاوردة قبل عمل الاشعة يستغرق هذا الفحص حوالي نصف الساعة للحصول على صور كاملة، وتظهر الاورام كبيرة الحجم واضحة في هذا الاختبار ولكن الاورام صغيرة الحجم «اقل من 1 سم» قد لا تظهر.
ثانيا: اذا تأكد الطبيب من وجود الورم او ما زال هناك احتمالاً كبيراً في وجوده يلجأ الطبيب الى الاختبار التالي وهو MRI صور الرنين المغناطيسي وهي بسيطة وغير مؤلمة وتعطي نتائج دقيقة جدا للاورام صغيرة الحجم لكنها عالية التكلفة لذلك يلجأ لها الطبيب كتأكيد.
ثالثا: اما الوسيلة الوحيدة لمعرفة نوع الورم تحديدا فتتم عن طريق اخذ عينة من الورم وهي الآن آمنة «احتمالية وفاة المريض من اخذ العينة اقل من 1%» وذلك باستخدام وسيلة حديثة «stereotacti».
العلاج
يمكن علاج الورم الدماغي عن طريق الجراحة، العلاج بالاشعاع او العلاج الكيميائي ويعتمد ذلك على حالة المريض واحتياجه وقد يلجأ الطبيب الى استخدام اكثر من وسيلة علاج معا اذا تطلبت حالة المريض.
والاهم هو ان يتلقى المريض العلاج السليم من البداية منعا للآثار السلبية من جراء عودة المرض مرة اخرى.
يقول دارسون ان هناك حوالي 15 الف حالة سنويا لورم الدماغ الاولي في الولايات المتحدة الامريكية، فيما اعداد الوفيات منه تصل الى 10 آلاف حالة سنويا، وهكذا يمثل الورم الدماغي الاولي نسبة 2% من مجمل اصابات الاورام سنويا في الولايات المتحدة.
اما الورم الدماغي الثانوي فهو الاكثر شيوعا ويصل الى 80 ألف حالة سنويا وتمثل وفيات سرطان الدماغ 20% من مجمل وفيات المرضى بالسرطان كما تمثل اصابات الاطفال بالورم الاولي نسبة 20% والغالبية العظمى من البالغين.
العلاج الجراحي
يعتبر العلاج الجراحي العلاج الاقدم للاورام وتتنوع الجراحات بين جراحة بسيطة لازالة ورم سطحي في الجلد واخرى شديدة التعقيد لازالة ورم من البنكرياس.
وعلى مر السنوات تطورت الاساليب الجراحية تطورا ملحوظا فأصبح اجراء الجراحة أيسر وأكثر أمناً من السابق. وتشير الاحصاءات الى انخفاض معدلات الوفاة نتيجة جراحات ازالة اورام البنكرياس من 40% الى 10%.
ايضا استحدثت تقنيات الفحص ومنها المسح ثلاثي الابعاد للمخ والتي تتيح الفرصة للتعامل الدقيق خاصة مع الاورام صغيرة الحجم مما يزيد فرص نجاح الجراحة. وهذه التقنيات تستخدم ايضا مع اورام الثدي.
هناك ايضا تقنيات مستحدثة تعرف بالتدبيس وهي افضل الحلول لاعادة وصل الامعاء بعد ازالة الاورام من القولون او المستقيم بدلا من اللجوء إلى تحويل خروج الفضلات من جسم المريض عن طريق فتحة في البطن Colostomy ولا ننسى الجراحات الدقيقة التي يتم فيها استخدام الليزر وLaparoscopy حيث تستخدم كاميرا دقيقة توجه الى الورم وازالته بالليزر دون اللجوء الى استخدام ادوات الجراحة التقليدية.
ما الجديد؟
لقد ابتدعت وسائل الرعاية المتطورة بعد الجراحة والتي تكفل الراحة التامة وتجنب التعرض لاي عدوى او اصابات وبهذا يستعيد المريض نشاطه سريعا. مع كل هذه التطورات يبقى دور الجراحة في علاج الاورام قاصرا على الاورام المحدودة في اعضاء معينة ولا تكون الجراحة فعالة في حالة الاورام الانتقالية التي تنتشر بين الاعضاء. يتطلب اجراء الجراحة من الطبيب المعالج مراعاة استئصال كامل كتلة الورم وتجنب ترك اي خلايا مريضة لضمان علاج المريض بشكل سليم.
ولتحقيق ذلك اتبعت حاليا استراتيجية استخدام اكثر من وسيلة علاجية الى جانب الجراحة «مثل العلاج الكيميائي او الاشعاعي» وهي تكمل الدور الجراحي عن طريق التخلص من اي خلايا مريضة لم يتم استئصالها جراحيا. كما ان هذه العلاجات المصاحبة لها دور فعال في استعادة نشاط الاعضاء وتجنب الاعراض الجانبية فمثلا الجراحة لاورام العضلات عادة ما تتسبب في ظهور نسبة اعاقة، اما حيث يتم معالجة المريض مسبقا بالاشعاع او العلاج الكيمائي بحيث يقل دور الجراحة لاقصى حد ممكن مما يحسن من اداء العضو المصاب بعد الجراحة ويقلل من نسبة الاعاقة به.
تشير تقديرات المعهد القومي الامريكي للسرطان الى ان نسبة 35% من جميع انواع السرطان لها علاقة بنوع الغذاء الذي نتناوله وهناك ايضا بعض العادات الاجتماعية مثل التدخين التي تزيد من عرضة الاشخاص للاصابة بالسرطان بنسبة 85%.
وحول الاغذية الملائمة يقول خبراء المعهد ان الاغذية من المصادر النباتية لها فوائد وقائية فضلا عن الاغذية من المصادر الحيوانية ولا يعني ذلك انها جميعا بلا مضار، ولكن العديد منها لها دور هام لما تقدمه من مواد ضرورية لصحة الانسان وهناك المكونات الغذائية النباتية التي تعمل كمضادات للاكسدة واخرى مضادات للسرطان متوفرة في الخضروات الورقية داكنة اللون والحمضيات «كالبرتقال والليمون» والحبوب المختلفة.
ولكننا بعاداتنا الغذائية الخاطئة نتناول العديد من الاطعمة التي لا فائدة منها اذا لم تكن بالفعل مضرة للصحة العامة مثل الحلويات والكثير من الاطعمة التي تحتوي على الدهون الحيوانية المشبعة.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|