|
مع الصيف..! |
كلما حل موسم صيف جديد..
وأغلقت المدارس والجامعات أبوابها..
كلما أشرعت الأبواب لهجرة خارجية جديدة..
بحثاً عن سياحة لا تتوفر عناصرها وربما مقوماتها في بلادنا.
***
ومع كل صيف..
وكل صيف وأنتم بخير..
يقفز السؤال القديم الجديد...
ويعود التساؤل من جديد...
أما آن لهذه الهجرة بهذه الأعداد الكبيرة أن تتوقف؟!
***
ومع هذا التساؤل المهم...
وقد تزامن مع مواعيد السفر إلى ديار غير ديارنا..
فيما نخيلنا توشك أن تسقط لنا رطبا جنياً ..
حيث موسم فاكهة الصيف التي يحرمنا السفر منها..
ألم يشعرنا ذلك بشيء من الرغبة لمراجعة الموقف والتفكير
الجاد بما يصحح الوضع بأي صورة من الصور؟..
***
نعم للتجديد في نمط حياة كل منا..
بالسفر المجدي والمفيد..
وبممارسة بعض النشاطات البريئة..
وبالتعاطي مع بعض تجارب وخبرات الآخرين..
لمن يجد في ذلك راحته..
ولكن أليس بمقدورنا أن نوفر لمن لا يرغب السفر ولو بعض متطلباته؛ لكي يشعر بالراحة إن لم يقدم أو يفكر بالسفر؟..
***
ماذا يضيرنا لو تتبعنا هذا الذي يغري المواطن كي يسيح في بلاد الله الواسعة؟..
فقد نكتشف أنه يمكن لنا أن نوفر له هنا ما هو ممكن تحقيقه ضمن توطينه صيفاًً في بلادنا..
حتى لا نجد أنفسنا ذات يوم وقد أفرغت مدننا من قاطنيها مع كل صيف جديد يطل علينا..
***
لا أقول هذا تهويناً من الظاهرة..
أو دعوة لمحاكاة غيرنا بكل ما يتيحه ويوفره لزائريه صيفاً وشتاء وما بينهما وعلى مدى العام..
ما أدعو إليه هو التفكير الجاد بالمشكلة الظاهرة ! والبحث عن طوق نجاة لها..
بما لا يقوض أو يسيء إلى ثوابتنا أو يخدش تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف..
***
هناك تخوف لا معنى له من دخول عوامل جذب جديدة للسياحة في بلادنا..
بتوقعات مسبقة يفترضها البعض دون دليل أو سند يمكن الاعتداد به..
ومع هذا فمثل هذه التوقعات هي التي تشكل عامل طرد وتشجع المواطن على السفر بحثاً عن بديل للمفقود في بلادنا..
***
ليت مجلس الشورى والجهات المختصة وفي الدورة القادمة أو إحدى الدورات من الحوار الوطني يتم تناول هذه القضية..
فيحدد لنا خطورتها وأسلوب المعالجة الصحيحة لها..
باقتراح أو تأكيد على ما ينبغي أن نفعله ونواجه به هذا الهروب الجماعي إلى الخارج صيف كل عام..
دون إكراه لأحد..
أو إلزام بعدم سفره..
وإنما توعية للجميع كخطوة مهمة على الطريق الطويل بما يفيد الوطن والمواطن في هذا الاتجاه..
والقرار في النهاية قرارك وقراري..
ولكلٍ منَّا أن يختار الطريق الذي يوصله إلى ما يريد.
خالد المالك
|
|
|
شعارها (نبني أولاً ثم يأتي الزوار إلينا) دبي.. مدينة الحلم العربي! |
* إعداد محمد الزواوي
سقطت شمس الأصيل الاستوائية في الخليج من وراء أشجار النخيل والرمال البيضاء على شاطئ الجميرة، ومع سقوط الظلام ظهرت أضواء آلات البناء العملاقة على بعد عدة مئات من الأمتار من الساحل داخل المياه. تلك الأضواء من داخل المياه في مناطق أخرى من الجزيرة العربية تشير إلى العمل الدؤوب على مدار الساعة داخل منصات النفط داخل المياه، ولكن دبي تقوم ببناء جزر صناعية ومبانٍ عليها داخل المياه. ودبي لديها بالفعل نفط وغاز، ولكنهما يسهمان في 6% فقط من إجمالي الدخل الاقتصادي للإمارة، ومن المعتقد أن النفط سوف ينضب من دبي في غضون عشر سنوات، في حين أن هناك إمارة أخرى من الإمارات السبع الذين يكونون دولة الإمارات العربية المتحدة وهي أبو ظبي تحتوي على رابع أكبر آبار النفط في العالم.
لقد استغلت دبي عائداتها النفطية بحكمة على مر السنوات الماضية، لتستثمر في نوع آخر من المشاريع المستقبلية، فقد استبدلت النفط والمواد الهيدرو كربونية بالبشر وتوسعت لتصبح محوراً للسياحة والأعمال في المنطقة، والتي يأتي إليها 1.5 مليار فرد من المناطق المجاورة إليها والتي تبعد عنها مسافة ساعتين طيران. وتلك الآلات التي تعمل قبالة سواحل الجميرة تضع أساسات لمنازل على واحدة من أكبر الجزر الصناعية في العالم، وصممت الجزيرة لتكون على شكل شجرة نخيل.
وتلك المنازل ستكون للاعبي كرة القدم وللأغنياء الآخرين الراغبين في التمتع بالشمس. ونجوم كرة القدم الإنجليز بقيادة ديفيد بيكهام كانوا من بين أوائل المشترين هناك، وقد تم بيع 2000 فيلا في أسبوع واحد العام الماضي. (واليوم حتى المباني غير المكتملة تباع بأسعار خيالية الآن في السوق السوداء). ومثل تلك الجزر من صنع البشر ضاعفت من مساحة ساحل دبي القصير الذي يبلغ طوله 40كم إلى أربعة أضعاف. ومنذ ثلاثين عاماً فقط لم يكن هناك أي شيء في دبي ولكن فقط جدول مياه صغير، وكان مكانًا لشيوخ القبائل يجتمعون فيه، ولا تزال القوارب العربية ذات الصواري تمخر عباب الخليج قبالة سواحلها. ولكن في كافة النواحي الأخرى تحولت إمارة دبي بصورة حادة لتصبح الآن منارة للأعمال غير النفطية في العالم العربي، في تلك المنطقة التي بها أمثلة قليلة للغاية على نجاح الرأسمالية، وهي تتمتع بحكم سديد، فالأمير الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم جاءت قراراته الاقتصادية سديدة وصائبة، وكانت تهدف بالأساس إلى العمل لصالح قوى السوق وليس ضده.
واليوم دبي بها 272 فندقاً بها 30 ألف غرفة، و30 سوقاً تجارياً ضخماً وما يقرب من 5 ملايين أجنبي يزورونها كل عام، وقد تضاعفت سعة مطاراتها ثلاثة أضعاف، لتستقبل 60 مليون مسافر سنوياً، أما في صحراء الإمارة فقد شيدت على أراضي دبي حديقة ملاهٍ بتكلفة 19 مليار دولار، ويبلغ مساحتها ضعف حجم مدينة (ديزني وورلد) في ولاية فلوريدا الأمريكية.
وشعار تلك الإمارة الصغيرة والتي تبعد مقدار ساعة من معظم بلدان دول الخليج سواء بالسيارة أو الطائرة، يجب أن يكون: (نبني أولاً ثم يأتي الزوار إلينا)، فقد تم اكتشاف النفط عام 1966 في البلاد، مما أمن أموالاً سائلة لتمويل مشاريع تحديث الإمارة، مثل أكبر ميناء من صنع الإنسان في العالم في جبل علي، والذي وضع دبي على الخريطة لتصبح محوراً لعمليات الشحن في الشرق الأوسط، و تستخدمه الآن ما يقرب من ألفي وستمائة شركة في المنطقة الحرة، وتستخدمه كمنصة رئيسية للتجارة مع الصين والتي ازدهرت بصورة كبيرة مؤخراً.
والآن هناك 100 شركة خطوط جوية تربط دبي بما يقرب من 145 جهة في العالم، كما أن دبي قد عقدت صفقة (فضاءات) مفتوحة مع الولايات المتحدة، فسوف تبدأ شركة طيران الإمارات الشهر القادم خدمات طيران بلا توقف إلى نيويورك، ويعقبها رحلات طيران إلى سان فرانسيسكو وشيكاجو، وسوف تسمح للأمريكيين بالوصول إلى دول الخليج العربي وإفريقيا بدون الحاجة إلى تغيير رحلاتهم عن طريق أوروبا. كما ازدهرت شركة طيران الإمارات من خلال المنافسة، واستطاعت أن تجني أرباحاً في جميع مراحلها فيما عدا سنة واحدة منذ إنشائها عام 1985، وفي العام الماضي وبالرغم من التوتر بشأن العمليات الإرهابية وحرب العراق القريبة من أراضيها، حققت شركة الإمارات ربحًا صافيًا قفز بنسبة 73% ليصبح 1.6 مليار درهم (429 مليون دولار)، وذلك مع زيادة عدد الركاب بنسبة 23%. وقد نمت الشركة بصورة ثابتة لدرجة أن الشيخ أحمد وموريس فلاناجان وهو أحد القوى الدافعة لخطوط الإمارات منذ وقت طويل، لم يترددا في شراء أكبر طائرات العالم العام الماضي، من طائرات البوينج والإير باص والتي بلغ سعرها 19 مليار دولار، بما في ذلك ما لا يقل عن 45 من طائرات الإيرباص ذات المستويين العملاقة من طراز A380.
وقد تبادلت دبي وخطوط الإمارات مساعدة بعضهما البعض في النمو الاقتصادي، وقد بدأ هذا في أوائل التسعينيات عندما أقنعت شركة الطيران الفنادق بتقديم عروض رخيصة الثمن نظير إقامة قصيرة، وبدلاً من تغيير تلك العروض بعد فترة من الزمن أصبحت دبي مكانًا يستقر فيه المسافرون ورجال الأعمال لفترات طويلة لتكون محطة في طرق تجارتهم من أوروبا إلى أستراليا ومن بقية أنحاء العالم.
وقد قامت الإمارة ببناء أسواق تجارية ضخمة خالية من الضرائب وتبنت العديد من الفعاليات الرياضية، أبرزها دورة جولف دبي (ديزرت كلاسيك) وكأس العالم بدبي لسباق الخيول، وبذلك أصبحت وجهة لقضاء العطلات، كما قدمت مزايا ومغريات سياحية أخرى، مثل رحلات السفاري الصحراوية ورحلات بحرية على القوارب العربية ذات الصواري. وكان أمام الإمارة الكثير من المصاعب للتغلب عليها، وتقول أنتينا ميهرا مديرة التسويق في مطار دبي أنه مع كل تطور جديد مثل ميناء جبل علي الذي يستقبل الحاويات العملاقة وأكبر هويس لإصلاح السفن في المنطقة, والمناطق التجارية الحرة الخالية من الجمارك والضرائب، وسلاسل الفنادق الشاطئية كانت تتوقع الإمارة أن يكون عبئاً مالياً كبيراً ويحقق خسائر مادية ضخمة، ولكنه تحول ليصبح الدجاجة التي تبيض ذهباً للبلاد. ودبي لا تزال تستفيد من الأموال التي تتلقاها من دخلها المنتظم من تصديرها للنفط والذي يعني أنها ليست بحاجة إلى جمع الضرائب، ولكن الأهم من ذلك هو استفادتها واستقطابها أموالاً ومواهب من كل من بيروت وبغداد وكابول، وأيضاً من المناطق الاخرى. وفيما يتعلق بالمقاييس العربية تعد دبي إمارة مفتوحة بصورة كبيرة بالنسبة للأجانب، فبالنسبة لسكانها الذين يبلغون 1.5 مليون نسمة هناك 80% منهم من المغتربين، وفي عالم الأعمال فإن البريطانيين والهنود والإيرانيين واللبنانيين استطاعوا تحقيق نجاحات بارزة، في حين تستقطب الأعمال المضنية لبناء الجزر الاصطناعية هناك المزيد من الهنود والباكستانيين المتعطشين للعمل عبر المحيط. وقد ساعد حاكم دبي على وجود تلك الظروف المواتية عن طريق العمل المتوافق مع السوق، وقد صرح محمد علي العبار رئيس لجنة التطوير الاقتصادي بدبي وأحد مسؤولي البنوك الاستثمارية السابق: (إن مهمتنا هي فتح الأبواب للقطاع الخاص)، كما أنه يدير أيضاً شركة (الإعمار)، وهي شركة تطوير معماري تقوم ببناء برج دبي، وهو برج للمكاتب التجارية، وسوف يكون أعلى مبنى في العالم عندما يتم الانتهاء منه بعد عدة سنوات، وسوف يكون في أدواره العليا مشروع فندق مشترك مع مؤسسة جورجيو أرماني.
أما في المناطق التجارة الحرة في دبي فعلى غير العادة لا تحتاج الإمارة إلى أية شركاء لها، فهذه المناطق الصناعية تتطور الآن لتجذب قطاع الشركات الخدمية، وذلك بإجراء توسعات لتسكين الشركات المتخصصة في النشاطات المتشابهة، فعلى سبيل المثال نجد (مدينة الإنترنت) والتي تحتوي على المكاتب الإقليمية لشركات مثل مايكروسوفت وديل وسيمنز وإتش بي وأوراكل وآي بي إم.
و(المدينة الإعلامية) تضم المكاتب الإقليمية لعدة محطات تليفزيونية، ومن المقرر أن يتم إنشاء (قرية معلوماتية) سوف تجذب العديد من الشركات التي تعمل في ذلك المجال. ومعظم رؤوس الأموال لتلك المشاريع قد أتت من مستثمرين في منطقة الخليج ومن السعودية، وبناء على تلك القاعدة فإن دبي تنوي أن تجعل من نفسها عاصمة الأسواق والتجارة الأولى في المنطقة، كما بدأت تتضح معالم مركز دبي المالي الدولي الآن، والذي سيصبح مدينة جديدة بها ناطحات سحاب تشابه منطقة (كناري وارف) في العاصمة البريطانية لندن، كما ان هناك العديد من أكبر البنوك الاستثمارية في العالم تطرق أبواب دبي الآن.
وإذا ما نجحت دبي في تلك المشاريع المستقبلية وسجلها التاريخي يؤكد على أنها سوف تنجح فإن دبي سوف توجه صفعة أخرى إلى النقاد الذين يعزفون على وتر واحد بشأن ماضيها، بدلاً من التأكيد على صورتها العصرية كمنتجع مزدهر للسياحة ومحور هام للتجارة والأعمال.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|