|
الافتتاحية
|
من بوابة الأمل..
ومن الرغبة في الإصلاح ..
ضمن التدرّج في تحقيق الهدف ..
بالآلية التي تسعى الدولة لتنفيذها..
بلا وصاية من أحد..
أو تأثير من الغير ..
أو استجابة لضغوط من آخرين ..
***
من هذه البوابة..
وبهذا الفهم..
وبالتطلع دائماً نحو ما هو أفضل وأصلح لنا..
وبما ينسجم مع أوضاعنا وظروفنا، لا بما يتوافق مع أوضاع غيرنا..
أو يكون بمقاساتهم لا بقياساتنا ..
***
وفق هذا التصور ها هو الأمل يتحقق..
بهدوء وروّية وقراءة صحيحة مستقبلية لكل خطوة نخطوها نحو الأمام..
وبهذا الفهم الواعي نعطي كلّ مرحلة حقها في تحقيق ما هو لها من هذه الآمال دون تقليد أو محاكاة لما يفعله غيرنا، بل أن يكون بمواصفاتنا ومقاساتنا..
***
وما من أحد إلا ويسرّه أن يرى بلاده في أحسن صورة وأجمل مظهر في كل الميادين والمجالات..
وأن يراها دولة متحضرة قادرة على استيعاب كلّ جديد ينهض بها إلى آفاق رحبة نحو التطور والتقدم..
يشترك في هذا الموقف ويتفهمه القيادة والشعب، ويجتهد الجميع في بلورة الأفكار وتنفيذها وفق التصور الذي يفترض فيه أن يحقق الخير للوطن والمواطن..
***
الإصلاح، كلمة جميلة ونغم حلو وهدف استراتيجي يعني الجميع..
وهو مطروح من الدولة..
وهو حديث المجتمع..
إنه خيار الجميع، حكومةً وشعباً..
وقد بدأت المملكة بخطوات جادّة وهادئة على هذا الطريق الطويل..
عن إيمان وقناعة من الدولة بإنجازه بوصفه امتداداً لما تمّ تحقيقه منذ عهد المؤسس وإلى اليوم..
***
أكتب هذا..
وقد أُعلن عن توسيع فرص مشاركة المواطنين في مجلس الشورى..
وعن إنجاز مشروع انتخابات المجالس البلدية..
مع تنظيم الحوار الوطني لبلورة آمال وتطلعات المواطنين والتعرّف عليها تمهيداً لتحقيق ما هو مفيد منها..
والتوسع في تنظيم الهيئات والجمعيات والاتحادات بحيث تشمل كلّ المهن والتخصّصات في بلادنا..
***
وعلى الطريق سيكون المواطن إن شاء الله موعوداً بما هو أكثر وأكثر..
والمهمّ أن يتعاون الجميع..
ويكون التصرّف بحكمة وتعقل..
ولا يطالب أيٌّ منا إلا بما يرى أن فيه فائدة للوطن..
وأن يكون ذلك ضمن الضوابط وبالأسلوب الحضاري الذي يتفق الجميع عليه.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
بريطانيا واجهت نفس الأزمة قبل 80 عاماً هل ينقذ (لورانس العرب) الأمريكيين من الورطة العراقية؟!
|
* إعداد أشرف البربري
في ربيع عام 1920 وقعت قوات الاحتلال البريطانية تحت حصار الثورة العراقية التي بدأت من مدينة الفلوجة، وانطلقت الطائرات البريطانية التي كانت بدائية في ذلك الوقت تلقى بقنابلها على المقاومة في المدن العراقية المحتلة في حين بدأت القوات البريطانية عمليات تمشيط وتفتيش من منزل إلى منزل لتصادر الأسلحة مما أسفر عن استشهاد آلاف العراقيين.
وفي أغسطس من العام نفسه أعلن الجنرالات البريطانيون القضاء على الثورة، ولكن كولونيلاً بريطانياً معارضاً كان قد ترك الخدمة العسكرية نشر مقالات، حينذاك، في صحيفة (التايمز) اللندنية تتناقض تماما مع نبرة الانتصار التي تحدث بها القادة العسكريون والحكام المدنيون البريطانيون في العراق عن القضاء على المقاومة. فقد كتب هذا الكولونيل من العراق يقول إن (شعب إنجلترا اقتيد إلى فخ في العراق وسوف يجد صعوبة بالغة في النجاة منه بشرفه وكرامته.. فالأوضاع أسوأ كثيرا مما يقال لنا ونحن اليوم لا نبعد كثيرا عن الكارثة) . وكان كاتب هذا المقال هو الكولونيل وضابط المخابرات البريطاني تي إي لورانس المعروف باسم (لورانس العرب) .
وقد عادت الروح لتلك الكلمات التي كتبها قبل أكثر من ثمانين عاما عندما وجدت قوات الاحتلال الأمريكية في العراق نفسها في نفس المأزق الذي واجهته القوات البريطانية قبل ثمانية عقود. فالمؤرخون العسكريون والصحفيون اليوم توصلوا إلى نفس النتيجة التي توصل إليها لورانس من قبل وهي أن الولايات المتحدة وضعت نفسها في فخ بالعراق لن تنجو منه بسهولة وسيكون الثمن من كرامة وشرف الشعب الأمريكي عندما يشاهد كيف تنشر قواته المسلحة بأحدث ما عرفته البشرية من أسلحة القتل والدمار في كل أنحاء العراق لقمع المقاومة المسلحة من جانب شعب خاضع للاحتلال.
وقد ذكرت تقارير صحفية أن قيادة القوات الأمريكية أصدرت توجيهاتها للضباط الأمريكيين المتوجهين إلى العراق بقراءة كتاب (أعمدة الحكمة السبعة) الذي كتبه لورانس العرب وعرض فيه تشريحا عبقريا للعقلية العربية وكيفية التعامل معها ضمن قائمة تضم مائة كتاب.
وفي هذا الكتاب يتحدث لورانس العرب عن الثورة العربية عام 1917 التي قادها الشريف حسين ضد الحكم التركي أثناء الحرب العالمية الأولى.
وذكرت صحيفة (كريستيان ساينس مونيتور) في تقرير لها أنه يمكن تصنيف الكتب التي تضمها هذه القائمة إلى ثلاث فئات: الأولى تتناول كيفية حشد الجهود من أجل إقامة إمبراطورية أمريكية في منطقة الشرق الأوسط، والثانية مجموعة كتب عامة عن كيفية مواجهة الثورات الشعبية، وأخيرا تاريخ حرب فيتنام، وربما لم يستفد البريطانيون من (أعمدة الحكمة السبعة) في احتلال العراق ولكن مؤلف الكتاب لورانس نفسه لعب دورا رئيسيا في قرارات الاستعمار البريطاني التي قادت إلى ترتيبات العراق الحديث وإقامة نظام حكم ملكي ضعيف به في عشرينيات القرن العشرين. وهذه القرارات ذاتها هي التي قادت إلى سلسلة من الأحداث الدموية ثم سمحت بعد ذلك بصعود نجم صدام حسين منذ سبعينيات القرن العشرين ثم إلى الحرب الحالية.
وكان لورانس يشكو دائما من افتقاد بريطانيا للصدق مع النفس في الجدل الدائر بشأن مسار الأحداث بالعراق. وتتكرر نفس الشكوى تقريبا بالنسبة لموقف الإدارة الأمريكية من الأزمة الراهنة. فهناك تقرير سري للمخابرات الأمريكية يقدم صورة مخيفة لحقيقة الوضع الحالي بالعراق في الوقت الذي يواصل فيه المسؤولون الأمريكيون الحديث عن التقدم الذي تحققه قوات الاحتلال الأمريكي في العراق. وقد وصف القادة العسكريون الأمريكيون الحملة الأخيرة ضد مدينة الفلوجة بأنها قصمت ظهر المقاومة ولكننا وجدنا أن المقاتلين تمكنوا من الانسحاب من المدينة قبل الهجوم ثم عادوا إليها من جديد.
ولكن أفكار لورانس تقدم المساعدة في التعامل مع المقاومة العربية المستمرة. فقد كتب لورانس يقول (الأتراك الذين كانوا يحكمون الدول العربية اعتقدوا أن الثورة تشبه الحرب تماما وتعاملوا معها باعتبارها حربا حقيقية) . وكتب لورانس في (تقييم الثورة) يقول: إن التعامل مع الثورة باعتبارها حربا يعني أن قوة الاحتلال تحاول تناول الحساء بسكين. كما تناول لورانس طبيعة المهمة الجنونية التي يواجهها الجنود عندما يجدون أنفسهم أمام عدو يضرب ويجري ليختفي ويذوب بين الناس على أساس أن الوقت دائما في صالح التمرد. يقول لورانس: (يبدو دائما الجندي النظامي في مثل هذه المواقف عاجزا ولا يجد أي هدف محدد ليطلق عليه النار.. وهو ربما يسيطر على الأرض التي يقف عليها ولكنه لا يعرف على أي هدف) يمكن أن يصوب عليه مسدسه.
ولكن غموضا كبيرا يحيط بصدى بمثل هذه التعليقات لدى الجنرالات الأمريكيين في العراق حاليا. فقد صرح الجنرال جون ساتلر قائد الهجوم الأمريكي ضد الفلوجة في الرابع عشر من نوفمبر الماضي (لقد قصمنا ظهر العدو وحررنا الفلوجة) . ولكن منذ صدر تصريح هذا الجنرال لقي أكثر من عشرين جندياً أمريكياً مصرعهم في المدينة (المحررة) .
ويجب التأكيد على أن لورانس كان رجلا مختلا بمقاييس اليوم. كما أنه كان ذا عقلية استعمارية تماما حيث لم يكن ينظر إلى العرب الذين عمل معهم باعتبارهم أصدقاء أو أنداداً ولكن باعتبارهم شعوبا بدائية. كما أن بعض أفكاره تبدو مخيفة للغاية. ففي رسالة إلى إحدى الصحف اللندنية أثناء اشتعال ثورة العشرين في العراق قال: (إنه لأمر غريب ألا نستخدم الغازات السامة في مثل هذه المواقف) . والحقيقة أن الاختلافات بين الماضي الاستعماري البريطاني في العراق والحاضر الاستعماري الأمريكي هناك كثيرة وحيوية. ولكن محللين يقولون إن تجربة الاستعمار البريطاني في العراق يمكن أن تقدم دروسا للأمريكيين خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات العراقية أواخر الشهر المقبل مع احتمالات اشتداد أعمال العنف ومقاطعة غالبية السنة العراقيين الذين يمثلون حوالي عشرين في المائة من عدد السكان لهذه الانتخابات. وقد كانت الأقلية السنية هي المسيطرة على الحكم في العراق منذ قيام الدولة الحديثة عام 1921. ففي كلمة للجنرال البريطاني ستانلي مود قائد قوات الغزو البريطاني للعراق خلال الحرب العالمية الثانية في بغداد بعد قليل من سقوطها في قبضة البريطانيين عام 1917: (إن جيوشنا لم تأت إلى مدنكم وأراضيكم كغزاة أو أعداء وإنما كمحررين.. ولكن أنتم يا شعب بغداد لا تتصورون أن أمل الحكومة البريطانية هو إقامة مؤسسات حكم بالعراق موالية لها، ولكن أمل الحكومة البريطانية هو أن يستمتع أهل بغداد بثرواتهم وحياتهم في ظل مؤسسات خاضعة لقوانينكم المقدسة) . ولكن لم تمر سوى سنوات قليلة حتى جاءت القوات البريطانية بشخص غير عراقي وجعلت منه ملكا على العراق.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|