|
الفنانة مديحة العجروش
|
كانت لهجتها خليطاً من لهجة أهالي نجد والحجاز ومصر، مثلما هي لقطاتها الفوتوغرافية التي تنوعت بانتقائها لزواياها وأماكنها وألوانها ومدلولاتها.
تتحدث بالعامية أحياناً وبالفصحى أحياناً أخرى، وتجيب عن الأسئلة بلغة ساخرة ومشهد تمثيلي يزيد من حرصها على إيصال المعلومة إلى كل من كان يشاهدها ويستمع إليها.
هذه هي مديحة العجروش رائدة التصوير (الفوتوغرافي) بين كل السعوديات، ومن تصنف بوصفها بين الرواد القلة من المصورين السعوديين المبدعين وذوي المهارات العالية في هذا المجال.
شاهدتها مصادفة على شاشة الإخبارية بعد ظهر يوم الجمعة الماضي، واستمتعت بحديثها ومعلوماتها والتلقائية الجميلة التي كانت تتحدث بها، والثقة بالنفس التي ميزت شخصيتها وبلورت أفكارها، وأبانت بشكل جلي ما كانت تود أن تقوله لمشاهديها.
أعمالها الإبداعية كثيرة، وهو نتاج موهبتها، وفي جانب آخر - ومثلما قالت مديحة خلال اللقاء - فالإرادة والتصميم على بلوغ أهدافها هو الذي ساعدها على النجاح الذي تحقق، وعلى الصمود في مواجهة كل المعوقات والمثبطات التي كانت ستحول دون نجاحها لو استسلمت لذلك.
ألبومها - كتابها - عن عسير يعد نقلة نوعية لمستوى ونوعية الكتاب السعودي الإعلامي الذي لم تسبق إليه، وهو بما ترمز إليه الصور الجميلة التي شاهدناها إنما يمثل تاريخ وموروث وطبيعة منطقة خلابة في هذا الوطن الغالي هي منطقة عسير.
وبعض ما روته الفنانة مديحة العجروش من قصص ومعان وهواجس وتطلعات وآمال في لقائها بالإخبارية، كانت بمثابة لقطات فوتوغرافية أخرى تنم عن ذائقة فنية جميلة، وعن سقف عال من الثقافة التي استخدمتها في أعمالها الإبداعية.
وأستغرب أن يتوقف نشاط مديحة التأليفي عند هذا الكتاب، ولا تواصل مشوارها الجميل بإصدار كتب أخرى عن مناطق أخرى، وبخاصة أن المملكة فقيرة في هذا النوع من الإصدارات مقارنة بغيرها من الدول.
وهذه الفنانة لها نشاطات أخرى كثيرة استمعت إلى بعضها خلال هذا اللقاء المتلفز، فهي تقوم بأعمال تطوعية كثيرة لبعض الجمعيات الخيرية وبينها الاهتمام بالطفل والأسرة، وهي - بحكم التخصص - تمارس عملها في مجال علم النفس، دون أن يؤثر ذلك على نشاطها الإبداعي في مجال التصوير.
وغير ذلك، فهي تدرب من يرغبن أن يتعلمن مهنة وفن التصوير، وتذكرهن بأنه مجال جيد للحصول على عمل وعلى دخل مادي مجز، مؤكدة تفاؤلها بنجاحها في هذه التجربة، وبخاصة إذا ما ساعدها تصميم من يرغبن الخوض في هذا الميدان الإبداعي الرحب وعلى التعاطي الجيد مع ما هو مطلوب منهن لإتقان المهنة وتطوير الموهبة.
بقي أن أحيي الإخبارية على انتقائها الجيد للمبدعين والمبدعات ليتحدثوا عن تجاربهم الغنية بالثراء الفكري والثقافي والفني والاقتصادي والعلمي من حين لآخر، حتى يتعرف الجميع على هذا الكنز المخبوء من القدرات في بلادنا.
وربما ساعد هذا التوجه من الإخبارية على تحفيز الأسماء الغائبة أو المغيبة في تقديم تجاربهم للآخرين بأمل أن يستفاد منها أو من بعضها بحسب قيمتها وأهميتها وميل بعضنا أو كلنا لها.
خالد المالك
|
|
|
مخاوف من تحول العراق إلى دولة مليشيات كابوس (اللبننة) يجثم على صدر العراقيين
|
* إعداد - أشرف البربري
رغم مرور حوالي أسبوعين على حادث تفجير ضريحي الإمامين الشيعيين بمدينة سامراء العراقية وما أعقبه من مواجهات عنيفة بين الشيعة والسنة ما زال شبح الحرب الأهلية يحلق بقوة فوق سماء العراق.
فإذا كانت القيادات السياسية والدينية في العراق سارعت بالدعوة إلى التهدئة وتفويت الفرصة على الراغبين في إشعال الحرب الأهلية في العراق فإن الحقائق على الأرض تقول إن هذه الدعوات لا تجد آذانا صاغية بالصورة المطلوبة.
وقد نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية تحليلاً تحت عنوان (لبننة العراق.. مستقبل مخيف).
تقول الصحيفة الأمريكية إن موجة العنف الطائفي التي شهدها العراق في أعقاب تفجير الضريحين تشكل ضربة قوية لكل الآمال في إعادة بناء دولة العراق الموحدة القادرة على البقاء.
وبدلاً من العمل من أجل إعادة بناء النظام السياسي والاقتصادي للعراق فإن الموارد العراقية والأمريكية المخصصة لهذا الغرض اتجهت إلى محاولات منع اشتعال الحرب الأهلية بين الشيعة والسنة المشتبه في تورط عناصر منهم في التفجيرات.
ويقول الخبراء إن عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة مازالت تدور داخل دائرة مفرغة بسبب الخلافات بين القوى السياسية الأمر الذي بات يهدد ليس العراق فحسب بل المنطقة كلها بطوفان من الفوضى.
يقول حسين علي كمال رئيس مخابرات وزارة الداخلية العراقية (إننا نخصص كل وقتنا لكي نتفادى كل ما يمكن أن يكون عواقب وخيمة.. فلو استمر تزايد الهجمات المسلحة والجرائم فلا أعتقد أن أحدا في العراق يمكن أن ينجو منها).
والحقيقة أن رسم صورة لمستقبل العراق يضعنا أمام دولة تتوزع فيها السلطة بين رجال دين تحولوا إلى قادة مليشيات مسلحة.
كما أن السيطرة على المدارس والمستشفيات والطرق والسكك الحديدية أصبحت تخضع للتقسيم العرقي في البلاد. وأخيرا فإن الحكومة المركزية الضعيفة تخضع لنفوذ القوى الخارجية التي تلعب أدوارا مثيرة للقلق في العراق.
***
مأزق خطير
وبالطبع فإن هذا السيناريو يشكل مأزقا خطيرا بالنسبة لصناع القرار في واشنطن الذين يتحينون الفرصة من أجل عودة أدنى قدر ممكن من الاستقرار إلى العراق حتى يتمكنوا من خفض الوجود العسكري الأمريكي هناك وكذلك تقليص النفوذ السياسي للأمريكيين في بغداد.
ولكن يبدو أن هذا الحلم ما زال بعيد المنال في ظل ضعف الحكومة العراقية وعجزها عن الإمساك بخيوط السلطة بالصورة التي تضمن الاستقرار والأمن.
يقول إدوارد ووكر المساعد السابق لوزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأدنى الأمور في العراق تبدو منذ وقت طويلة متجهة في طريق الحرب الطائفية وجاء حادث تفجير الضريحين ليزيد من سرعة الانزلاق نحو هذه الحالة المخيفة.. فما نتحدث عنه الآن هم أناس ينظرون فقط إلى أنفسهم ولا أعتقد أننا قادرون على تغيير هذه الحقيقة الآن.
ويحذر المتشائمون من تحول العراق إلى دولة منهارة مثل الصومال أو أفغانستان في ظل حكم طالبان ليصبح أقرب إلى (ثقب أسود) في منطقة الشرق الأوسط ينشر الدمار والتفكك في كل دول المنطقة. ولكن هناك محللين يقولون إنه من السابق لأوانه الآن الحديث عن انهيار الدولة العراقية ولكن يمكن القول إن العراق قد يعاني لوقت طويل من حالة عدم الاستقرار الأمني والسياسي على الطريقة اللبنانية.
يقول مارك سيدرا الباحث المتخصص في شئون إعادة بناء الدول بعد الحروب والصراعات بمركز بون الدولي للحوار بألمانيا "آمال وتوقعات الولايات المتحدة وحلفائها بشأن العراق تقلصت بشدة.. فقد أصبح الهدف الرئيسي الآن هو مجرد إقامة دولة عراقية قادرة على ضبط حالة الفوضى والاضطراب القائمة واحتواء المستوى المرتفع من العنف ومنع تحول هذا العنف إلى حرب أهلية وانتقاله إلى الدول المجاورة لينشر عدم الاستقرار في المنطقة.
وحتى قبل تفجيرات ضريحي الإمامين الشيعيين فإن سلطة الجماعات المسلحة سواء الشيعية أو السنية بدت أقوى كثيرا من سلطة الحكومة المركزية وهو الأمر الذي يثير الكثير من الشكوك بشأن مستقبل الاستقرار في العراق. يقول فيبي مير خبير الشئون العراقية في معهد السلام الأمريكي إن هذا أدى إلى ظهور قدر كبير جدا جدا من اللامركزية وفي الوقت نفسه أدى إلى الفشل في توفير الخدمات.. وحتى يمكن للعراقيين تشكيل حكومة مركزية حقيقية فإنهم لن يتمكنوا من ممارسة أي سلطة مركزية فعالة. وهذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل.
ويقول محللون إن من بين الثغرات الرئيسية في محاولات بناء الحكومة العراقية هو الاعتماد على الجماعات العرقية والدينية في العراق. فالأحزاب السياسية والكتل البرلمانية وحتى التشكيلات العسكرية والوزارات منقسمة وفقا لانتماءات طائفية.
وبسبب التمييز ضد كل من الشيعة والأكراد في عهد نظام الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين فإن واشنطن شجعت الطائفية في العراق بعد الغزو الأمريكي له في محاولة منها لضمان تمثيل كل الطوائف والمجموعات العرقية والدينية العراقية في الحكومة الجديدة. ولكن محللين يقولون إن مثل هذه الحكومة التي تقوم على أسس طائفية أبعد ما تكون عن الاستقرار.
وتلك قضية سياسية تتحول إلى تهديد وجودي أو ميزة لإحدى المجموعات على حساب المجموعات الأخرى.
***
أسس طائفية
والحقيقة أن النظام السياسي الذي قام في لبنان مطلع التسعينيات وفي أعقاب حرب أهلية استمرت 15 عاما انطلق أيضا من أسس طائفية.
ففي ذلك الوقت كان الهدف الأساسي هو وقف العنف من خلال ضمان حصول كل الطوائف والجماعات اللبنانية على تمثيل في الحكومة بصورة مؤقتة. ولكن ما كان ينظر إليه باعتباره نظام انتقالي مؤقت أصبح من الصعب إلغاؤه بعد مرور أكثر من 15 عاما.
فما زالت الانقسامات الطائفية والدينية هي التي تحكم لبنان ومازالت تشكل مصدرا لاضطرابات محتملة في أي لحظة.
يقول تيمور جوكسيل المستشار في الأمم المتحدة والذي راقب الحرب الأهلية في لبنان إن ما يجري في العراق الآن هو تكرار لما حدث في لبنان من خلال السعي إلى وقف العنف بتوزيع السلطات على أسس طائفية ولذلك يتجاهل الجميع محاولات بناء مؤسسات دولة بالمعنى الحقيقي. وقد تم إرجاء كل خطط تفكيك الميليشيات المسلحة في العراق في محاولة من جانب الحكومة والاحتلال بالعراق لاستقطابها.
ولذلك نجد أن مدينة الصدر وهي إحدى ضواحي العاصمة العراقية بغداد ويعيش فيها حوالي عشرة في المائة من إجمالي سكان العراق تخضع تماما لعناصر الميليشيا الموالية للزعيم الشيعي مقتدى الصدر المعروفة باسم جيش المهدي. فهذه العناصر تفرض سيطرتها تماما على كل شيء في شوارع المدينة دون وجود حقيقي لعناصر الشرطة.
وحتى القوات الأمريكية التي خاضت معاركة ضارية ضد جيش المهدي سواء في مدينة الصدر أو في مدينة النجف جنوب العراق توصلت إلى قناعة بأن هذه المليشيات موجودة في مدينة الصدر لكي تبقى ولا يمكن القضاء عليها.
وقد ينتهي الأمر بعناصر المليشيات الشيعية بالانضمام إلى قوات الأمن الحكومية بالفعل بعد أن سيطر الشيعة على وزارتي الداخلية والدفاع العراقيتين في الحكومة الجديدة.
يقول الميجور جنرال ريك لينش أحد قادة قوات الاحتلال الأمريكي في العراق إن الوقت لا يسمح للحكومة العراقية باتخاذ أي إجراءات محددة ضد المليشيات. فهذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل حتى يمكن معالجته.
***
محاولات أمريكية
ويحاول السفير الأمريكي لدى العراق زلماي خليل زاد إقناع العراقيين اختيار تكنوقراط سياسيين لتولي الوزارات الحساسة في العراق مثل الداخلية والدفاع بعيدا عن التنظيمات السياسية الطائفية القائمة.
لكن تفجر أعمال العنف مؤخراً أدى إلى حالة احتقان غير مسبوقة بين الشيعة والسنة حيث ينظر كل طرف إلى نفسه كضحية.
ولذلك فإن أقصى ما يمكن أن يفعله المسئولون الأمريكيون والعراقيون هو العمل من أجل منع انقسام قوات الأمن على أسس طائفية، فالدوريات العسكرية في المناطق الغربية من بغداد ذات الأغلبية السنية تقوم بها وحدات عسكرية ذات أغلبية سنية.
في حين تتولى وحدات الأمن ذات الأغلبية الشيعية القيام بالدوريات في المناطق الشرقية من بغداد.
ولذلك فعندما زاد عدد الاتصالات الهاتفية بالشرطة من المناطق الغربية للإبلاغ عن هجمات أو اعتداءات على المساجد كان التجاهل الواضح هو مصير هذه الاتصالات من جانب عناصر الشرطة وأغلبهم من الشيعة لأنهم يتجنبون دخول هذه المناطق ذات الأغلبية السنية.
يقول إدوارد ووكر هناك قطاعات كبيرة من أفراد الشرطة والجيش العراقيين يتصرف أفرادها على أسس طائفية تماماً.
وأضاف ووكر الذي يرأس حالياً معهد دراسات الشرق الأوسط وهو مركز أبحاث مستقل في العاصمة الأمريكية واشنطن حاولنا كثيرا تحقيق الاندماج بين الشيعة والسنة في أجهزة الأمن والجيش ولكن لا يبدو أننا حققنا أي نجاح حتى الآن.
كانت الولايات المتحدة تأمل في تولي نخبة مؤهلة من السياسيين والمهنيين العراقيين قيادة العراق بعد الإطاحة بالرئيس المخلوع صدام حسين.
ولكن هذا الأمل تبدد عندما اتجهت الولايات المتحدة إلى المعارضين العراقيين في المنفى الذين كانوا يتحركون على أسس طائفية تماماً، وكانت النتيجة هي ظهور حكومة عراقية عاجزة ينظر فيها الوزراء إلى وزاراتهم باعتبارها البقرة الحلوب بالنسبة لأنصارهم فأسرفوا في تعيين هؤلاء المواليين بمرتبات كبيرة وتغاضوا عن فسادهم.
وكما هو الحال في لبنان الذي عانى من انتهاك سيادته من جانب العديد من القوى الإقليمية المجاورة فإن العراق تحول إلى ساحة للمواجهة بين القوى الإقليمية والدولية المتنافسة، فمع ضعف الحكومة العراقية وغياب الهوية القومية القوية فإن الدول المجاورة تدعم مصالح جماعات طائفية أو عرقية معينة، فإيران تساند الشيعة والأتراك يؤيدون الأقلية التركمانية والأردن تناصر السنة.
يقول سيدرا إنه بات واضحا اهتمام الدول المجاورة بما يجري في العراق وتدخلها فيه.
وإذا كانت الحكومة العراقية تحاول تأكيد سيادة العراق فإنها مازالت فاشلة في ذلك حتى الآن.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|