|
محاكمة صدام وأعوانه
|
تابعت - كغيري - محاكمة صدام وأعوانه..
وكأني أشاهد مسلسلاً رديئاً في الصوت والصورة وحتى في الإخراج..
كان كل شيء أمامي يوحي بعدم الانضباط، وافتقاد المحكمة لهيبتها ووقارها وسكينتها..
وشعرت بالضيق، كيف أن محاكمة عهد أو جرائم تتم بهذه الصورة وبهذا (التكتيك) الغريب.
***
فمن جانب لم أفهم لماذا يُؤخر نقل المداولات نصف ساعة عن موعده بدلاً من نقل مجريات المحاكمة مباشرة على الهواء..
ومن جانب آخر أتساءل لماذا يختفي الصوت - صوت المتهمين تحديداً - من حين لآخر..
حاولت أن أفسر أيضاً لماذا كانت سلطة القاضي ضعيفة في فرض الالتزام بالهدوء فما استطعت..
كانت هيبة المحكمة وقاضيها كما ظهر لي في حالة سيئة، كون النظام غائباً أو مغيّباً.
***
ولا أدري كيف ستكون الجلسات القادمة في ظل الصورة الهزيلة التي ظهرت بها المحكمة أمام العالم في الأسبوع الماضي..
هل ستعالج الأخطاء وكيف؟!
فالمشاهدون قد لا تعنيهم جميعاً نوعية الحكم الذي سيصدر بحق المتهمين، بقدر ما يهمهم أن يتابعوا مجريات المحاكمة بشكل مريح لهم..
وإذا كان هناك من تعنيه نوعية الأحكام التي ستصدر لاحقاً عن المحكمة، فرأيه في أحكام لم تصدر بعد سابق لأوانه.
***
وفيما أنا أكتب لكم عن محاكمة صدام ومساعديه، لا بد من التذكير بأن العراق يمر الآن بمرحلة دقيقة وخطيرة جداً..
وكل المؤشرات التي تتعلق بهذا الوطن الجريح مخيفة وقاتلة..
بدءاً من التلويح بالتقسيم..
إلى الاستمرار في الاحتلال..
إلى تهميش فئة من السكان وإقصائها من السلطة ومن أي دور يمكن أن تشارك به في المستقبل..
***
وهو لهذا يحتاج إلى محكمة لها هيبتها ووقارها ومصداقيتها في محاكمة أشخاص النظام البائد..
وهذا لا يتحقق إلا من خلال توفير الأجواء المناسبة المتعارف عليها كمتطلبات للمحاكم..
فالجرائم الإنسانية في العراق سواء في الماضي أو الحاضر وحتى في المستقبل تحتاج إلى هذا النوع من التهيئة والشفافية والتوجه الصادق نحو إيجاد محاكم ومحاكمات تصون وحدة العراق وتنصف شعبه من خصومه السابقين والحاليين ومن سيأتي بعدهم.
***
ومرة أخرى، وحيث إن العراق تنتظره بعد غد انتخابات مصيرية ومهمة في ظل وجود الاحتلال البغيض، وحيث تجري محاكمة رئيسه السابق وبعض مساعديه..
ومن خلال الرصد السريع لما جرى من تحضير لهذه الانتخابات، فربما يتبين للمتابع أن الانقسامات والخلافات هي اليوم على أشدها حتى بين أصحاب المذهب الواحد، فكيف بها بين القوميات والمذاهب والأطياف الأخرى..
لهذا فإن تطويق هذا النوع من الصراعات يجب أن تكون له الأولوية من الاهتمام باعتباره الحل الأمثل لبناء العراق الجديد.
***
والمقاومة العراقية كما يراها البعض - الأعمال الإرهابية كما يصفها البعض الآخر - إنما تعبر عن حالة يأس وإحباط لدى الشعب العراقي أو بعضه من الحالة العراقية..
وإن التباين في المواقف من مشاهد محاكمة صدام وأعوانه، وإن كان هذا يدخل ضمن القناعات الشخصية لشعب العراق، إلا أن هذه المحاكمة ينبغي أن تعطي صورة حسنة عن إسلوب التعامل في العراق الجديد..
لأن الخوف على العراق، على مستقبل شعب العراق، يزداد - كما نرى - يوماً بعد آخر، والمَخْرَجُ من هذه الأزمة لا يتم إلا (بكلمة سواء) بين كل أفراد هذا الشعب ومن غير تمييز أو مفاضلة، ولكن متى وكيف، هذا هو السؤال!!.
خالد المالك
|
|
| width="68%" valign="top" align="center" dir="rtl">
تيدي بوندي .. اسمه أصبح أفضل مرادف لمعنى القتل
|
* إعداد - وليد الشهري
كانت الفترة ما بين عام 1974م وحتى العام 1978م واحدة من أفظع الفترات التي مرت على الولايات المتحدة الأمريكية. وبطل الرعب في هذه الفترة رجل في الثلاثينيات من عمره يتصف بالذكاء الحاد وبرودة الملامح وهي واحدة من أكثر الصفات التي تتطابق مع المجرمين الذين سجل التاريخ بشائع أعمالهم الإجرامية، وكما هو معهود فإن استخدام الذكاء يعد أحد أخطر الصفات إذا ما توافر في المجرم حيث يصعب على رجال الشرطة والمحققين القبض عليه في الوقت المناسب لتجنب المزيد من توارد أكياس الجثث التي يخلفها وراءه.
وعودة لهذه الفترة التي لم تتجاوز أربع السنوات راح ضحيتها زهاء الـ 35 امرأة تمثل العدد الذي تم الكشف عنه في حين توقع الخبراء الأمنيون والمحققون أن الضحايا يفوقون هذا العدد.
هذه الأعداد المهولة ارتكبتها أيدي شخصيتنا الإجرامية لهذا الأسبوع المخيفة في هدوئها وذكائها وبرودة أعصابها حتى أصبحت رمزاً للشر إلى وقتنا الحالي وتصدرت قصصها وجرائمها شاشات دور السينما الأمريكية التي استنبطت قمة الشر والوحشية من هذه الجرائم، هذه الشخصية تقمصها تيد بوندي والذي إذا ما سمع أسمه دب الخوف والهلع أنفس الناس لكثرة ما شاهدوا وسمعوا عن هذا المجرم.
***
النجاة بأعجوبة
في الرابع من يناير سنة 1974م لم يتوقع زملاء السكن لجوني لينزس 18 عاماً بأن تكون قد تعرضت لمكروه عندما أرادوا تفقد حالتها حين لاحظوا تغيبها عن الجامعة في صباح ذلك اليوم ليصطدموا بذلك المنظر البشع لجوني وهي تسبح في بركة من الدماء نزفتها جراء الاعتداء الوحشي الذي تعرضت له بأيدي مغتصبها الذي لم يكتف بجريمته الشنعاء بل تجاوز ذلك عندما اعتدي عليها بإحدى أرجل السرير الخشبية التي كان قد اقتلعها وانهال على رأس الفتاة بالضرب حتى ظن أنها فارقت الحياة.
وعلى الفور قام زملاؤها بإبلاغ الشرطة ومن ثم نقلوها للمستشفى حيث كتب لها عمر جديد لم يكتب لـ 35 ضحية كانت نهاياتها ميتة أكثر تطرفاً ووحشية، فقد كانت محظوظة حين نجت من أيدي أبشع سفاحي أمريكا في ذلك العصر.
***
نشأة الوحش المتعطش
ولد ثيودور بوندي كويل (واشتهر لاحقاً باسم تيد بوندي) في الرابع والعشرين من شهر نوفمبر سنة 1946م من علاقة غير شرعية لأمه مع أحد أفراد القوات الجوية الأمريكية. وفي ذلك الوقت كانت غالبية المجتمع الأمريكي تنبذ النساء اللاتي يقمن مثل هذه العلاقات خارج إطار الزوجية فما كان من أمه لويس كويل إلا أن أقامت في مسكن حكومي مخصص لغير المتزوجات اللاتي حملن من علاقات محرمة خارج إطار الزوجية ومكثت في ذلك المسكن ثلاثة اشهر انتقلت منه لمنزل والديها في مدينة فيلادلفيا.
وهناك تربى بوندي معتقداً أن جديه هما والداه الأصليان وأن أمه لويس هي في الأساس أخته، وتم ذلك لخوف أمه عليه من مقت المجتمع المتحفظ آنذاك. وبعد ذلك بأربع سنوات انتقل مع أمه إلى مدينة تكوما بواشنطن للعيش مع أقارب لهم هناك.
وهناك ارتبطت والدته بعلاقة عاطفية مع أحد الطباخين بالجيش الأمريكي ويدعى جون كولبيبر بوندي وتزوج العاشقان سنة 1951م وتبنى تيد اسم أبيه بالتبني واصبح اسمه تيد بوندي وهو الاسم الذي سيلازمه حتى مماته.
وحاول جون التقرب لتيد كاب ولكن محاولاته باءت بالفشل فقد حاول إشراكه في نشاطات مدرسية للأباء مع الأبناء ومع ذلك فشل مجدداً ومع مرور الوقت أصبح لتيد أربعة إخوان جدد من زواج أمه من جون وكان يمضي وقته بعد المدرسة في رعايتهم.
ولوحظ في صغره خجله الشديد وانعدام الإحساس بالراحة لمن حوله. وعلى الرغم من تراكم المسؤوليات والاضطرابات النفسية التي عانى منها إلا أن علاماته المدرسية كانت غير متوقعه فكان الأول على أقرانه في جميع المراحل وتجلت قدراته العقلية المبهرة منذ مراحله الدراسية الأولى. وفي عمر المراهقة ظهرت اهتمامات جديدة لبوندي وبالأخص في الرياضة والسياسة.
وبعد أن أنهى دراسته الثانوية التحق بجامعة واشنطن واشتغل في عدة أعمال لتسديد أقساط دراسته بالجامعة وفي هذه المرحلة كون علاقة مع فتاة أحلامه التي طالما حلم بها ولكن هذه العلاقة كانت السبب في إشعال الفتيل الذي فجر الوحش الساكن داخله.
***
من الحب ما صدم
كانت الفتاة التي تعرف عليها تيد من عائلة ثرية في كاليفورنيا وعلى الرغم من إعجابها التام بتيد إلا أنه لم يصدق وهو يقف مذهولا بإعجاب فتاة من هذه الطبقة الراقية به.
واستمرت علاقتهما على الرغم من الاختلافات الكثيرة بينهما إلا أن الشيء الوحيد الذي جمعهما هو حبهما للتزلج على الجليد ومع مرور السنوات وبعد أن تخرجت حبيبته في الجامعة قامت بفسخ علاقتها به فجن جنونه لهذا الخبر وحاول إنقاذ العلاقة بعدة طرق إلا أنه لم يتمكن من ذلك وعندما عادت إلى أهلها في كاليفورنيا استمر تيد في مراسلتها أملا في أن يلين قلبها له وتعود إليه مجددا.
وعندما فقد الأمل أصيب بيأس كبير وصدمة لم يفق منها فترك دراسته. ولم يقف الأمر عند ذلك، فصدم بخبر جديد حيث إنه في العام 1969م اكتشف تيد حقيقة لم يكن يتوقعها فعرف أن أخته المحبة له هي في الحقيقة أمه وأبوه وأمه هما في الحقيقة أجداده فكانت صدمة لم يكن في مقدوره احتمالها.
ولكن المدهش في الأمر أن تيد تبدل من الفتى ذي الحياء الزائد إلى شخص صاحب ثقة قوية وشخصية قوية لإثبات نفسه للعالم. أعاد تسجيل نفسه في جامعة واشنطن ولكن هذه المرة قام بدراسة علم النفس.
وبعد وقت بسيط تعرف بوندي على إليزابيث كيندال والتي تعمل سكرتيرة في إحدى الشركات ومطلقة ولها من زوجها الأول بنت، ومن الغريب أنها وجدت في بوندي الأب المثالي لطفلتها ولكن تيد لم يكن ليعيد الكرة مرة أخرى فقد زرع الكره في قلبه تجاه النساء وأصبح يرى في كل فتاة يقابلها نموذجا مشابها لفتاة كاليفورنيا التي اعتقد أنها قد أهانته بتركها له.
***
حياة جديدة وبداية مخيفة
في الفترة ما بين 1969م و1972م كان تيد قد التحق بعد تخرجه بعدة مدارس في القانون وانضم للسلك السياسي الذي طالما سحره في شبابه حيث قام بإدارة المخيم الانتخابي لإعادة انتخاب حاكم واشنطن. وشارك في عدة أعمال تطوعية في المدينة كما أنه كرم من قبل شرطة سياتل لإنقاذه حياة طفل من الغرق في إحدى البرك.
وبدت حياة بوندي تتبدل للأفضل وبدا مرتاحاً للإنجازات التي قام بتحقيقها ومن خلال أعماله السياسية استطاع تكوين علاقات قوية ضمن أصحاب النفوذ في الحزب الجمهوري. وخلال إحدى رحلاته لكاليفورنيا في رحلة عمل للحزب الجمهوري في مدينة واشنطن تقابل تيد مع فتاته الأولى بنت الثراء الكاليفورنية.
وخلال لقائها انبهرت بالتغيير الجذري في شخصية بوندي وكيف اصبح شخصا ذا شخصية نافذة ومنصب راق بعكس ما كان عليه في السابق فأغرمت به من جديد وكان بوندي قد التقاها مرات عدة وطلب يدها للزواج حتى تأكد من حبها له فقطع علاقته بها فجأةً ودون سابق إنذار واختفى دون أثر.
لم يكن بوندي يحبها إطلاقا بل كان ينوي الانتقام بتركها كما تركته في السابق ويبدو أن خطته نجحت بامتياز.
***
السفاح بوندي يبدأ إزهاق الأرواح
في مدينة واشنطن عاشت ليندا آن ،وهي فتاة في الحادي والعشرين من العمر وطالبة في المراحل الأخيرة بجامعة واشنطن في علم النفس، وكانت تعمل مذيعة أخبار في إحدى محطات الراديو المحلية وتعيش مع أربع فتيات أخريات في سكن قمن باستئجاره وقد اعتادت ليندا أن تضبط المنبه يومياً على الساعة الخامسة والنصف صباحاً لتذهب إلى عملها في المحطة ولكن المنبه ظل يرن دون أن يتوقف فظنت زميلتها في السكن أن ليندا قد أكثرت في الشراب ليلاً ولم تستطع النوم ولكنها فوجئت بأن الغرفة فارغة ولم يبد لها أن هناك شيئا مختلفا فظنت أن ليندا قد نسيت أن تطفئ المنبه.
ولكن بعد وقت قصير اتصل مسؤولو المحطة للاستفسار عن سبب غيابها. وإلى الآن كانت الأوضاع تبدو طبيعية ولكن عندما اتصل أهلها ظهراً للاستفسار عن سبب تغيبها عن مأدبة الغداء التي سبق ان اتفق عليها فدب عندئذ الخوف في نفسها ونفس زميلاتها الأخريات فقررن الاتصال بالشرطة التي قامت بالتحقيق في الأمر.
وأثناء الكشف الذي قام به خبراء الجنايات في غرفة ليندا اكتشفوا وجود بقع من الدم على وسادتها وعلى فراشها وكذلك على ثوب النوم الذي علق بشكل مرتب في خزانة الغرفة التابعة لها.
بعد ذلك بدأت تأتي الشرطة بلاغات عديدة في صيف وخريف تلك السنة عن فتيات اختفين في ظروف غامضة وكل الفتيات اللاتي تم اختطافهن كانت تجمع بينهن صفات مشتركة منها أنهن يتمتعن بالبياض ونحافة الأجسام وشعرهن له فرقة في منتصف الرأس وطويل حتى الظهر ويلبسن الثياب الفضفاضة.
***
الوسيم المريب
عندما قامت لجنة التحقيق في البحث الجاد عن أي دليل قد يكشف عن القاتل تلقت عددا آخر من البلاغات التي تفيد باختفاء فتيات بطريقة مشابهة فقامت الشرطة بأخذ الدلائل المشتركة بين عمليات الخطف واكتشفت أن معظم الفتيات يدرسن في الجامعات المحلية فقررت البدء بالتحقيق من هناك.
وعندما بدأت لجنة التحقيق باستجواب عدد كبير من الطلبة في الجامعة اجمع بعضهم على تواجد شخص مريب وغامض وسيم الملامح في الفترة التي اختفت فيها الفتيات، وما ذكرهم به هو أنه كان يحضر للجامعة مرتدياً جبيرة تارة يضعها في يده وتارة أخرى في رجله وكان يدعي صعوبة حمله كتبه ويطلب من الفتيات اللاتي يكن حوله مساعدته في حمل كتبه.
وما صدم رجال التحقيق أن أغلب الضحايا قد تكلمن مع هذا الشخص الغامض يوم اختفائهن.
كما قام أحد الطلاب بإفادة رجال التحقيق بأنه شاهد الرجل نفسه يقوم بطلب المساعدة من فتاة في مواقف الجامعة بداعي أنه لم يستطع تشغيل سيارته وطلب مساعدتها ولم تشاهد تلك الفتاة منذ ذلك اليوم.
وفي شهر أغسطس من سنة 1974م اكتشفت بقايا جثث متحللة لعدد من الفتيات في بحيرة واشنطن وكانت عبارة عن أجزاء مفصلة ومتحللة تحللا شديدا وتم التعرف على جثتين منها وكان التعرف عليهما في ذلك الحي يعتبر إعجازا غير مسبوق نظرا لشدة تحلل الجثث.
وتعود الجثتان اللتان تم التعرف عليهما لكل من جانيس اوت ودنيس نازلوند. وقد شوهدت اوت آخر مرة وهي تتحدث لشخص غريب تقرب منها لمحادثتها طالبا منها مساعدته في حمل قاربه إلى سيارته حيث إنه كان يضع جبيرة في يده لم تمكنه من حمل القارب ومن خلال الحديث بينهما سمعه الشهود وهو يعرف بنفسه لجانيس على أنه تيد وعندما وافقت على مساعدته اختفت في نفس اليوم دون أي أثر.
وبالنسبة لدنيس فقد كانت تقضي فترة ما بعد الظهيرة مع عشيقها وأصدقائها في البحيرة وعند ذهابها إلى دورة المياه الموجودة هناك اختفت فجأة في ظروف اكتنفها الغموض الشديد.
***
هجمات جريئة تكشف الغموض
يبدو أن تيد بوندي قد أصابه الغرور وقل خوفه من أن يكتشف بعد أن قام بأكثر من عملية قتل دون أن يكشف عن هويته فكاد هذا الغرور أن يطيح بهويته. فبعد أن قام بعدة جرائم خطف وقتل وبعد اكتشاف الجثث المتحللة أدركت الشرطة بأنها أمام قاتل بارد ومحترف وستصعب عليها مهمة اكتشافه فقامت بجمع أقوال الشهود وجلبت أحد الرسامين الخبيرين لمحاولة تكوين رسم مشابه له ونشره في وسائل الإعلام.
وعند نشر الصورة صادف أن شاهدت اليزابيث كيندال عشيقته الثانية الصورة فتأكدت أن الصورة تعود لتيد حبيبها وحين قرأت المعلومات المصرحة لصاحب الصورة وجدت تطابقا كبيراً بينها وبين تيد فقد ذكرت الشرطة أقوال الشهود عن القاتل حيث أن تيد يملك السيارة نفسها وهي من نوع (VW) كما لاحظت وجود عكازات في غرفة نوم تيد لم يستخدمها في حياته حيث إنها لا تذكر أن تيد قد تعرض لأذى قد يجبره على استعمالها فقامت بالاتصال على الشرطة مؤكدة لهم أن عشيقها قد تكون له علاقة بما يجري من عمليات للقتل. فطلبت الشرطة منها جلب بعض الصور لتيد لعرضها على الشهود، وعند عرض الصور على الشهود لم يتمكنوا من التعرف عليه فقررت الشرطة غض النظر عن تيد والتركيز على مسرح الجرائم.
وفي الثامن من أغسطس سنة 1974م اكتشفت الشرطة دليلاً عرف فيما بعد بأنه المنعطف الأهم في التحقيق. ففي أحد أسواق مدينة يوتاه الأمريكية كانت كارول دارونش 18 عاماً خارجة من السوق إلى المواقف السفلية وحين همت بركوب سيارتها تعرض لها شخص غريب عرف بنفسه على انه الشرطي روزلاند من الشرطة المحلية وأخبرها بأن سيارتها قد اقتحمت من قبل شخص غريب وطلب منها تفقد حاجياتها للتأكد من عدم سرقتها وبعد أن قامت بتنفيذ ما طلب منها أكدت له بأن أغراضها كما هي لم تسرق.
عند ذلك طلب منها أن تأتي معه إلى مركز الشرطة لمحاولة التعرف على بعض صور المشبوهين الذين تم القبض عليهم وكانت كارول من الغباء أن تصدق كلامه على الرغم من عدم تواجدها عند السيارة لحظة وقوع السرقة ولكن عندما اكتشفت بأنه سيقلها في سيارة (VW) طلبت منه إن يريها إثباتا يؤكد أقواله بأنه شرطي فأراها شارة ذهبية واركبها السيارة وفي الطريق لاحظت كارول أنه يسير في اتجاه معاكس لمركز الشرطة وطلبت منه أن ينزلها فتوقف فجأة في طريق معزول وأنزلها بعنف من السيارة وعندما قاومته بشدة قام بلف يدها ودفعها بقوة شديدة تجاه السيارة إلا أن كارول استطاعت أن توجه له ضربة قوية حررتها من بين براثنه ومن ثم ركضت بأقصى قواها تجاه الطريق العام لتفاجأ بتواجد زوجين ذاهبين للمدينة وعندما أخبرتهما بما حدث لها أخذاها مباشرة لمركز الشرطة.
وهناك قامت كارول بإلقاء أنواع الشتائم على رجال الشرطة وكيف أن أحد عناصرها قد حاول قتلها إلا أن قائد الشرطة لم يتعرف على اسم روزلاند بين فرقته وعندما ذهبوا لموقع الجريمة تأكدوا من أنه القاتل المنشود ولكنه كعادته هرب دون أي أثر يدل عليه.
وتلا هذا الاعتداء عدد كبير من جرائم القتل ولا زالت الشرطة في حيرة من أمرها مكفوفة الأيدي والأرجل لا تعرف من أين لها أن تتعرف على هذا القاتل الشرس.
***
نهاية مجرم
وفي السادس عشر من أغسطس سنة 1975م كان الرقيب بوب هاورد في دوريته المعتادة يجوب الأحياء لاحظ سيارة من نوع (VW) مرت بسرعة كبيرة بجانبه وعندما أراد تسليط الأضواء على لوحاته الخلفية أطفأ السائق الإنارة كاملا وانطلق بسرعة كبيرة فتحرك الرقيب بوب وراءه بسرعة وعند القبض عليه اكتشفت الشرطة وجود قيود يدوية وحبل وأسلاك، وقناع رياضي كامل للوجه.
وفي مكتب التحقيقات لم يكن صعباً على رجال الشرطة جمع الدلائل الدامغة ضد بوندي فعندما جلبوا كارول دارونش للتعرف على المعتدي عليها من ضمن عدد من المشتبه بهم لم يكن صعباً أن تختار بوندي من أول نظرة فالرعب الذي عاشته لم ينسها ذلك الوجه الوسيم عندما تحول في جزء من الثانية إلى ملامح متوحشة ومتعطشة للدماء كما تعرف عدد آخر من الشهود على بوندي.
وكان لشهادة اليزابيث كيندال عشيقته الثانية قوة ضاربة أخرى فقد اعترفت بأنها قد لاحظت تواجد بوندي في عدد كبير من المواقع التي ارتكبت فيها الجرائم ومشاهدتها للعكازات والجبيرة وفاس صغير في سيارته ومن ثم تم عرض بوندي للمحاكمة وحدد موعد المحاكمة في الثالث والعشرين من فبراير لسنة 1976م بتهمة اختطافه لكارول دارونش.
وكان بوندي بارد الأعصاب أثناء جلوسه معتقداً أن براءته ستظهر في اقرب فرصة ولكنه صدم بحكم القاضي بعد أن أجمعت هيئة المحلفين على انه وجد مذنبا في التهمة الموجهة ليحكم عليه القاضي بخمس عشرة سنة خلف القضبان في سجن ولاية يوتاه المركزي.
***
الذكاء الإجرامي يتغلب على العدل القضائي
بعد أن ارتاح المحققون للقبض على القاتل تفرغوا لجمع الأدلة الدامغة التي تربط بوندي بحوادث الخطف والقتل المختلفة والتي أرعبت الأمريكيين. وبعد الانتهاء من جمع الأدلة المختلفة قامت الشرطة برفع الدعوة في ملف عامر للمحكمة وحددت موعد محاكمته في أبريل سنة 1977م وعند الاستعداد لبدء المحاكمة لم يكن بوندي مسرورا بالمحامي الذي عينته المحكمة للدفاع عنه فقام بطرده وقرر الدفاع عن نفسه نظراً لخبرته القضائية من خلال دراسته الجامعية ولذلك طلب من المحكمة أمرا يأذن له بالخروج من السجن تحت الحراسة لمراجعة مكتبة المحكمة من أجل الترافع عن الدعوى المقامة ضده ولم يكن أحد يتوقع أن بوندي يخطط للهروب من السجن.
ففي أحد الأيام وخلال نقله الروتيني لمكتبة المحكمة استطاع بوندي الهرب من نافذة مفتوحة والقفز إلى الخارج مما أدى إلى إصابته في كاحله ونظراً لأنه لم يكن مكبلا بقيود يدوية ولا بأغلال في قدميه كان هروبه سهلا بين الجموع في المدينة إلا أنه لم يبتعد كثيرا حتى قامت الشرطة باعتقاله مجددا وإيداعه مرة أخرى السجن. وبعد هذه الحادثة بسبعة أشهر وتحديداً في الثلاثين من شهر ديسمبر قام بالزحف خلال السقف العلوي لسجن مقاطعة غارفيلد ولم يكتشف أحد هروبه إلا في ظهيرة اليوم التالي. أصبح بوندي في حياة جديدة بولاية فلوريدا الأمريكية وأصبح زائرا دائما للجامعة ويتسلل لحضور المحاضرات الدراسية.
ومن ثم العودة لشقته التي كانت مليئة بالمسروقات فأصبح بوندي يملك موهبة إجرامية ثانية وهي السرقة.
***
رعب مدى الحياة
وفي الرابع عشر من شهر يناير لم يتوقع عدد من الطالبات الساكنات بسكن الجامعة الخاص بالفتيات أن يواجهن رعباً سيظل حبيس أفكارهم مدى الحياة. فقد اعتادت الفتيات التسلل خارج السكن والسهر حتى ساعات الصباح الأولى في الخارج.
إحداهن كانت نيتا نيري حيث قام صديقها بتوصيلها إلى المسكن وعند دخولها سمعت صوت أحدهم يتجول في الغرف العلوية وعندما سمعت نزوله على الدرج اختبأت في الممر ظناً منها انه أحد المشرفين على السكن لتفاجأ برجل عادي بيده ملاءة يغطي بها أداة غريبة وألقى نظرة فاحصة وسريعة على المكان ليختفي بسرعة البرق راكضاً للخارج وعندما قامت نيتا بإيقاظ بعض زميلاتها في السكن اكتشفن مقتل إحدى صديقاتهن ووجدنها تصارع الحياة في سريرها حيث غاصت في بحر من الدماء لينقلها على عجل إلى المستشفى.
بعد ذلك اكتشفت الشرطة عددا من الجثث إحداهن كانت لطفلة في الثانية عشرة من عمرها اختطفت من أمام منزل والديها ليجدوا جثتها في إحدى الأراضي المنعزلة القريبة من المدينة.
وتم القبض على بوندي بنفس السيناريو الأول حيث أوقف بسبب السرعة من قبل أحد رجال الشرطة وعند تكبيله قاوم الشرطي بعنف إلا أنه لم يستطع الاستمرار في مقاومته فتم القبض عليه.
وبدأت محاكمته حيث كان مطلوبا في جرائم لولايتين مختلفتين وتم اتهامه ببعض جرائمه التي تملك الشرطة أدلة دامغة تدينه بما صنعت يداه وتم التغاضي عن جرائم عديدة بحجة عدم كفاية الأدلة وفي ليلة الحكم صرخ بوندي صرخة مرعبة عند سماعه الحكم الذي أقره القاضي والاس جوبلنغ والذي يقضي بالحكم عليه بالإعدام مرتين على كلا المحاكمتين وتم تقرير الإعدام بأن يتم بالكرسي الكهربائي ليكتب القضاء نهاية أحد أكثر السفاحين وحشية في تاريخ أمريكا.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|