|
عن الحوار أيضاً |
كنتُ أتمنى أن أقول لمَن يقرأ هذه الكلمات: إن مرحلة الاختلاف والخلافات والأخذ بالموقف الأُحادي الواحد دون قبول الرأي الآخر قد انتهت..
وإن خبراتنا وتجاربنا..
والمستوى المتنامي في تعليم شبابنا..
قد هذَّبت أسلوب الحوار فيما بيننا..
بل وكرَّست المبادئ الصحيحة القادرة على تجنيب الأمة الصدام والتصادم بين أفرادها..
هكذا كنتُ وما زلتُ أتمنى (ضمن أمور أخرى كثيرة) لو أنها هي القاعدة بعموم تفاصيلها وتفرُّعاتها, وليس لأن هناك حالة أو بعض حالات استثناء لجزئية أو جزئيات صغيرة منها.
***
وفي زعمي أن مثل هذه التمنِّيات حين نؤمن بها ونسعى نحو تطبيقها والالتزام بها، إنما نأخذ بأفضل السبل لبناء مستقبلنا نحو ما هو أفضل، باعتبارها هاجسنا جميعاً نحو تفعيل الكثير من المتطلبات الحضارية باتجاه تحقيق ما هو على قائمة الانتظار وهو كثير من مطالبنا، وهي مطالب علينا أن نعترف بأنها لم تتحقق رغم مضي زمن طويل منذ أن أطلَّ الصوت المخلص ينادي بتحقيقها..
وفي زعمي أيضاً أنه متى ما كان هناك تناغم فيما بيننا، في أسلوب الحوار ودواعيه والغرض منه، وما هو مفترض أن يحققه من نتائج مفيدة كي نخفي بها ونقضي من خلالها على افتعال الخلاف غير المبرَّر فيما بيننا أحياناً، فإن أهدافنا المشتركة ستكون موعودة بأسباب النجاح الذي نتمناه.
***
لا بأس أن نختلف أحياناً أو كثيراً لنتفق..
فالتباين في وجهات النظر مبدأ مقبول ضمن إطاره الصحيح..
بل ومطلوب وضروري..
وهو ظاهرة صحية..
باعتباره الخيار الأمثل لتصحيح الكثير من الأوضاع..
متى ما توصل المتحاورون إلى قواسم مشتركة فيما بينهم..
وأمكن تقريب وجهات النظر بتضييق مساحة الاختلافات..
وهذا يتحقق عند التزام الجميع بمبدأ القبول بالرأي الآخر واحترامه والاستنارة به.
***
وأحسب أن هذا التوجس هو هاجسنا جميعاً..
وأنه من باب الحرص نُثيره ويثيره غيرنا من حين لآخر..
وإلاَّ فنحن أول مَن يصفق لتعدُّد الآراء..
ففيها إثراء للفكر وخير كثير..
ومساهمة في الإصلاح والتقويم والإضافة الجميلة..
وهو يأتي تأصيلاً لحق الإنسان في التعبير الحر..
وقناعة بأن الإنسان بدون رأي..
ودولة بلا مؤسسات..
لن يكتب لمستقبلنا النجاح الذي نتمناه.
***
لذلك، علينا أن نمارس حقنا في إبداء وجهات نظرنا، ولكن بالكلمة الطيبة التي تصدر من القلب إلى القلب..
وبالضوابط المناسبة..
فلا يجرح أحد أحداً..
ولا يسيء شخص لآخر..
مع الالتزام التام والقاطع بعدم تفسير الأمور بغير ما قصده أو حرص أن يقوله هذا الشخص أو ذاك..
وبخاصة حين يكون هذا الرأي مكتوباً أو مسجَّلاً..
ولنا أن نتفق مع هذا الكاتب أو نختلف معه..
وأن نرده إلى الصحيح من الفكر إن كان مخطئاً..
أو نلتقي معه ونلتف حوله متى كان محقاً..
وهذا هو حوار العقلاء كما أفهمه وأنادي به.
خالد المالك
|
|
|
بعد سماح المحكمة العليا بالطعن في شرعية إيقافهم ارتفاع معنويات أهالي معتقلي جوانتانامو من السعوديين |
* إعداد محمد الزواوي
كان عبد الله الجويد على وشك البكاء من الفرحة عندما سمع قرار المحكمة الأمريكية العليا بأن معتقلي القاعدة البحرية الأمريكية بخليج جوانتانامو حيث يحتجز شقيقه يمكنهم الطعن في اعتقالهم أمام المحاكم الأمريكية.
يقول عبد الله الجويد 34 عاما ويعمل موظفاً مدنياً، في تقرير نشرته (كريستيان ساينس مونيتور): (سوف أذهب إلى الولايات المتحدة وأحضر المحاكمة إذا ما سمحوا لي بذلك، إن مجرد فكرة رؤية أخي وسماع صوته والجلوس معه ثانية تجعل المشاعر تفيض بداخلي).
وحكم المحكمة الأمريكية العليا سوف يسري على ما يقرب من 600 من السجناء، معظمهم تم القبض عليهم في أعقاب سقوط نظام طالبان الحاكم لأفغانستان عام 2001، وقد تذرعت الولايات المتحدة بأن القانون المدني الأمريكي لا يطبق على الإرهابيين المشتبه فيهم، وذلك لأن قاعدة جوانتانامو ليست ضمن الأراضي الأمريكية.
ويقول جويد الذي رفع القضية في يناير الماضي بالمشاركة مع عائلات اثنين من معتقلي جوانتانامو: إن ثقته قد عادت ثانية في النظام القضائي الأمريكي، ويضيف: (كان لدي أمل في الفوز بهذه القضية طالما أن الحكومة الأمريكية لم تكن طرفاً فيها).
ولكنه بالرغم من ذلك لا يزال يشعر بالغضب الشديد، ويقول: (لقد وضعوا أخي في قفص مثل الحيوان)، وأظهر صورة من إحدى المجلات تظهر رجالاً في ملابس برتقالية محبوسين في أقفاص في العراء.
وقد جمع جويد ملفاً ضخماً من قصاصات الصحف والمجلات عن المعتقلين، إضافة إلى صور وخطابات من أخيه عبد الرحمن الذي كان طالباً في باكستان عندما اندلعت الحرب.
ويعتقد جويد مثل جميع العائلات السعودية أن أخاه تم (بيعه) على يد مرتزقة باكستانيين وأفغان إلى القوات الأمريكية، ويضيف: (لقد أخذوا مبالغ تصل إلى أكثر من 3 آلاف دولار عن كل عربي يسلمونه إلى الأمريكيين).
وقد صدم العديد من السعوديين عندما سمعوا الأنباء بأن أبناءهم كانوا محتجزين في قاعدة جوانتانامو، فقد تلقى سعيد سالم الشحير على سبيل المثال أنباء تفيد بأن ابنه سالم 20 عاماً قد لقي مصرعه في أفغانستان أثناء الهجمات الأمريكية، وقد جاء أصدقاؤه وأهله يعزونه لمدة ثلاثة أيام في منزله في منطقة عسير، ولكن بعد ثمانية أشهر علم سعيد أن ابنه الآخر قد تلقى خطاباً من سالم عن طريق الصليب الأحمر وأنه لا يزال على قيد الحياة.
يقول سعيد: (لقد شعرت بسعادة بالغة بأنه لا يزال على قيد الحياة، ولكني شعرت بالحزن في الوقت ذاته لأنه كان في أيدي الأمريكيين في كوبا، ولا أعلم ما الذي يفعلونه معه، ولكن في خطابه الأخير تم حذف 13 سطراً من إجمالي 29 سطراً من خطابه).
وقد سببت صور انتهاكات سجن أبو غريب في العراق على أيدي القوات الأمريكية الكثير من الآلام لعائلات المعتقلين السعوديين في جوانتانامو.
يوسف السليمي له أخ معتقل في جوانتانامو، ويضيف: (لقد أحيت انتهاكات سجن أبو غريب كل آلام الاعتقال التي مر بها يحيى أمامنا ثانية منذ ثلاث سنوات، وكأنه اعتقل الأسبوع الماضي فقط وليس منذ ثلاث سنوات).
لذا لم يخبر يوسف أمه عن فضائح سجن أبو غريب واستطاع كتمانها لعدة أسابيع، وقام بإخفاء الجرائد ولم يسمح لها بدخول المنزل، ولكن عندما عثرت والدته على إحدى تلك الجرائد المخبأة وشاهدت الصور سقطت على الأرض.
فعندما ذهبت القوات الأمريكية لغزو أفغانستان كان يحيى عمره 19 عاماً، وكان مضى على زواجه شهران فقط، وقد قضت الأنباء الحزينة القادمة من أفغانستان مضجع يحيى عندما شاهدها في الأخبار المسائية، ويقول أخوه يوسف: (إننا لم يكن لدينا أي علم أنه حتى قد ذهب إلى أفغانستان).
أما بدر الزهراني الشاب الذي يدرّس القرآن فله أخ توأم اسمه فواز، وقد قضى أخوه عاماً ونصف العام في جوانتانامو، وقد قام بدر بتجميع تلك الملاحظات آملاً في أن يقوم بنشرها في كتاب في يوم من الأيام.
ولا أحد يعلم سواء من المطلق سراحهم أو من عائلاتهم أو من محاميهم لماذا تم إطلاق سراح البعض واحتجاز البعض، ولا يزال هناك 124 سعودياً محتجزين في جوانتانامو.
وقد حكى فواز لأخيه كيف تم أخذه بعد أشهر من الاعتقال في أفغانستان، ووضعوه على متن طائرة بعد تعمية عينيه وتقييد رجليه ويديه وسد أذنيه وتغطية فمه لفترة بدت وكأنها لعدة أيام، وبعدما هبطت بهم الطائرة لم يكن يعلم في أي قارة هو، يقول: (لقد ظن أخي أنه ربما في أفريقيا أو آسيا، فقد كانت هناك الكثير من الأشجار وكان الجو شديد الحرارة)، ثم كتب لهم بعد ذلك قائلاً: (إننا مع الأمريكيين في بلد تسمى كوبا، ادعوا الله من أجلنا).
وقد سمع بعض القصص عن سوء المعاملة، ولكن المعتقلين كان يسمح لهم بالصلاة وحفظ القرآن والترويح عن بعضهم البعض، يقول بدر: (لقد أصبحوا أكثر إيماناً في جوانتانامو، فكلهم لجؤوا إلى الله وذلك لأنه لا أحد سواه تعالى يمكن أن يلجؤوا إليه).
ويقول عبد الله القحطاني إن أخاه جابر الذي كان يعمل في مجموعة (الوفاء) الخيرية، تم القبض عليه عندما كان يمشي في الشارع، وقد سمع أنه كان يمكن أن يطلق سراح أخيه بدفع أموال إلى خاطفيه الباكستانيين، وقدم طلباً من أجل الحصول على تصريح من الحكومة للسفر إلى باكستان، وعندما حصل على ذلك التصريح كان أخوه قد تم (بيعه) وكان في طريقه إلى جوانتانامو.
أما جويد، فقام بتثقيف نفسه عن القانون الدولي، وامتلأ حديثه بإشارات إلى معاهدة جنيف وحقوق السجناء والدستور الأمريكي.
وكان يسافر بصفة دورية إلى الرياض وجدة للتحدث مع المسؤولين, كما سافر إلى أبها وإلى مكة للمقابلة والتنسيق مع العائلات هناك.
يقول: (لقد كان وضعاً جديداً تماماً علينا، فمعظم العائلات التي لها أبناء في جوانتانامو عائلات بسيطة ذات دخل محدود، ولم يكونوا يعلمون إلى أين يذهبون أو إلى من يتحدثون إليه، وقد استغرقنا بعض الوقت قبل أن نقوم بالتنسيق في هذا الأمر).
ويقول القحطاني: إنه بالرغم من جهود المحامين والحكومة السعودية إلا أن قضية المعتقلين ظلت معلقة لعدة سنوات، والآن قد أعطت الأنباء عن حكم المحكمة العليا العائلات دفعة قوية، كنا في حاجة ماسة إليه، ويقول: (أنا متحمس للغاية لدرجة أنني لا أستطيع التفكير أو الكلام، فقد كان هذا أول خبر سار سمعته منذ أن تم القبض على جابر، وذلك نصر من الله ونصر للعدالة ولا بد أن الله تعالى قد استجاب لدعائنا).
وقد حمل جويد ملحوظة حذرة عندما سافر إلى منزل والديه ليخبرهم بتلك الأنباء السارة، فقال لهم: (إن هذه هي الخطوة الأولى على طريق طويل للغاية، وسوف أبذل كل ما أملك من مال ووقت حتى يرجع أخي إلى منزله).
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|