|
أمريكا بين فيتنام والعراق |
تغيّر الزمن..
مثلما تغيّر المكان أيضاً..
اختفت دول من خريطة العالم..
وولدت أخرى..
فيما أمريكا لا غيرها! لم تتغير.
***
فبين عدوان أمريكا على فيتنام وعدوانها على العراق هناك مسافة زمنية طويلة..
كنا نعتقد أنها فترة زمنية كافية لأمريكا كي تتأمل وتتعلم..
وأن إذلالها في فيتنام ربما علّمها الكثير من الدروس والعبر..
فإذا بها تكرر الخطأ وتعود من جديد لممارسته؛ ما كرّه العالم بها على نحو ما نراه اليوم في العراق الشقيق.
***
يا لها من مأساة!!..
أطفال عراقيون يُقتلون بوحشية..
ونساء لا ترحم الطائرات ضعفهن..
وعدوان لا يفرّق بين البريء والمذنب..
ولا يستثنى الشجر والحجر من هذا التمادي في العدوان.
***
نعم كان (صدام) طاغية العصر..
ومجرماً ووحشاً أذاق شعب العراق السمّ الزعاف..
واتسم حكمه ولأكثر من ثلاثة عقود بالفساد وظلم الشعب..
وهذا هو قدر كل شعب يُحكم بالأغلال والحديد والنار، ومصير كلّ حاكم فاسد.
***
واليوم، وقد اختفى نظام صدام حسين..
وغاب حزبه عن مسرح الحياة وإلى الأبد..
ما الذي تريده أمريكا من احتلالها العراق..؟
وما الهدف من هذا التسلط الأمريكي الذي يودي يومياً بحياة المئات من الأبرياء..؟
وما الفارق بين نار صدام وما يُزعم عن جنة أمريكا..؟
***
إن حرب فيتنام تتكرر وتتجدد ولكن هذه المرة من بلاد الرافدين..
وهناك قواسم مشتركة بين ما كان يجري ذات يوم في فيتنام وما يجري اليوم في عاصمة العباسيين..
بل إن ما يمارس اليوم في العراق لا يبعد كثيراً من حيث الشبه عمّا يجري لإخواننا في فلسطين على أيدي اليهود المعتدين..
إنه مثلث كريه لمساحة يُعتدى فيها على شعبين أعزلين..
والسؤال: متى تتعلم الولايات المتحدة أن شعوب العالم وقد ولدوا أحراراً لن يقبلوا أن تستعبدهم أو تنال هي أو غيرها من كراماتهم؟
خالد المالك
|
|
|
الداخل اليه مفقود سجن 1391..غوانتانامو إسرائيلي!! |
* إعداد ياسمينة صالح
المؤسسة العسكرية التي تحمل اسم (1391)! هكذا يلقبون السجن الممتد على طول أكبر مساحة تطل على مرتفعات (كيبوتز) في قلب إسرائيل.. لا تكاد ترى ذلك السجن القائم على ذلك الكم من الاسمنت المسلح الصلب، فالأشجار تكاد تغطيه ناهيك عن انه يبدو منعزلا عن المدينة بحيث انك لن تستطيع لمح تقاطعاته إلا بشق الأنفس، بالإضافة إلى أنك سترى جنديين يتبادلان الحراسة على مقربة من بوابة صغيرة وبرجي مراقبة يقف عندها عشرات الجنود المسلحين، بعضهم بوجه مغطى وهم الذين تطلق عليهم إدارة السجن الكوماندوس الخاص.
المراقبة تتم بأكثر الوسائل تطورا بدءا بالمنظار الخارق للأشعة تحت البنفسجية، والمنظار الليلي والحواجز الكثيرة المحيطة بالسجن والمتكونة جلها من أشعة الليزر الفتاكة. من الخارج، يمكنك أن ترى مجموعة من البنايات ذات المستوى المتساوي مع بعضها، فتبدو لك أشبه بمخافر الشرطة التي يسميها الإسرائيليون (تاغارت)، والتي ترمز إلى الشكل العسكري الصارم. البريطانيون هم الذين بنوا ذلك المعتقل الضخم عام 1930 حيث كان يستعمله الجنود البريطانيون كمعبر استراحة للجنود في مرورهم إلى فلسطين. وقد بنت بريطانيا العديد من مثل هذا المكان الذي تحول مع الوقت إلى سجن أو ثكنة عسكرية استولى عليها الإسرائيليون منذ قيام الدولة العبرية في مايو من عام 1948.
لكن الذي يبدو مثيرا للدهشة أنه في مخرج السجن لا يمكنك أن تميز أي علامة أو إشارة سوى رقم بقي هو نفسه منذ سنوات طويلة انه الرقم 1391.
السر الذي ربما فاجأ العالم هو أن سجن1391 القريب من الخط الأخضر، للحدود ما قبل عام 1967 بين إسرائيل والضفة الغربية يبدو مختلفا تماما.
فهو لا مكان له على الخارطة، كما أن الطيران الحربي الإسرائيلي تم مسح صوره من الخريطة الجوية العسكرية، وليس هنالك أي إشارة أو توضيح إسرائيلي يرمز إلى وجوده، ناهيك عن أن رقم 1391 تم حذفه بمجرد نشر المجلة الألمانية لخبر وجود ذلك المعتقل.
الرقابة الإسرائيلية فرضت على الإعلام حالة من التعتيم الشديد بحيث انه تم فرض قانون المنع الإجباري لأي صحيفة يمكنها التطرق ولو من باب التشبيه إلى ذلك السجن باسم الأمن القومي، حتى الصحفيين الأجانب والمحامين القادمين من الخارج يتعرضون للطرد إن هم تكلموا أو نطقوا باسم سجن 1391!
جرائم مرعبة
وعلى الرغم من ذلك التعتيم الإسرائيلي الرسمي على المكان، إلا أن الكلام عن الجرائم المرعبة المرتكبة ضد السجناء العرب في ذلك المعتقل بدأت تعلو إلى السطح.
جريدة إسرائيلية وصفت ذلك السجن بأنه غوانتانامو إسرائيلي. في أكتوبر من سنة 2003، أدانت جمعية قضائية دولية برئاسة ريتشارد جولستون مصير المعتقلين الذين حرموا من ابسط حقوقهم كسجناء أو معتقلين سياسيين في معتقل غوانتانامو الاسرائيلي. تلك الجمعية أدانت بشكل صريح سجن 1391، واعتبرته حفرة سوداء من حفر الاحتلال الإسرائيلي في المنطقة، وقد جاء التقرير على شكل بنود وضعت إسرائيل لأول مرة أمام المجتمع القضائي الدولي كدولة حرب وليست كدولة سلام.
ما يحدث خلف جدران السجن يعكس بشكل واضح ومسموع الفضائح الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، وضد السجناء تحديدا، وهو اغتصاب رهيب للحقوق المدنية الفلسطينية يضاف إلى اغتصاب الأرض والحريات الشخصية التي تمارسها الدولة العبرية ضد الشعب الفلسطيني تحديدا.
وربما على عكس معتقل غوانتانامو الذي يعرفه الصغير والكبير، فإن سجن 1391، يعد سجنا سريا إسرائيليا محذوفا اسمه وشكله ومكانه من كل الخرائط الإسرائيلية حتى على مستوى الإدارات البلدية، لا يمكنك العثور على اسمه أو مكانه. وطبعا هذا هو السبب الذي جعل المجتمع الدولي لا يفتح تحقيقا حول الممارسات غير الإنسانية للجنود الإسرائيليين ضد السجناء والتي بلغت فظاعتها حد إقامة محرقة جماعية لحرق السجناء أحياء كما أوردته مجلة (كان) الألمانية.. حتى الجمعية الدولية العامة للصليب الأحمر أبدت جهلها التام بوجود سجن إسرائيلي يحمل اسم سجن 1391على الرغم من أن العديد من النداءات المستغيثة كانت ترتفع من عائلات المعتقلين الفلسطينيين الذين كانوا يجهلون مصير أبنائهم وذويهم إلى درجة أنه لم تهتم لا جمعية قانونية أو قضائية أو إنسانية بالأمر بتوجيه السؤال مباشرة إلى الإسرائيليين: أين تضعون هؤلاء السجناء؟ إن كان القاضي (جولدستون) قد أعلن أن (662 شخصا منعوا من الحصول على حق الدفاع وحق المحاكمة العادلة) فإن هنالك 700 فلسطيني منهم 211 امرأة موجودون داخل ذلك السجن منذ عشرات السنين، ومن دون أن توجه إليهم تهمة واضحة أكثر من كونهم فلسطينيين وأنهم يناهضون الاحتلال الإسرائيلي لهم.
البروفيسور الدانمركي (جونسون بريشت) كتب في مقالة نشرتها جريدة (كروستاتش) الدنمركية مقالة قال فيها إن ثمة وقائع تدل على أن إسرائيل ارتكبت محرقة ضد الفلسطينيين في سجن 1391، وأن العديد من الدول الغربية تعرف بذلك ولكنها لا تستطيع الاعتراف لأن إسرائيل دولة تساندها الولايات الأمريكية المتحدة! الشيء الذي يبدو حقيقيا اليوم أن الآلاف من المعتقلين الفلسطينيين موجودون داخل ذلك السجن السري جدا، ومن بينهم السجناء اللبنانيون الذين اعتقلتهم إسرائيل إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان في سنة 1982، وأن المئات تم تصفيتهم جسديا بعد أن سحبت إسرائيل أعضاءهم وباعتها في صفقة سرية للمستشفيات الأمريكية المختصة بتجارة الأعضاء البشرية، مقابل دعم مالي أمريكي لمواصلة إدارة ذلك السجن إلى يومنا هذا.
وبعد أربعة أشهر من نشر المجلة الألمانية تحقيقها حول السجن، بدأت تظهر في إسرائيل بوادر الكشف عن الحقيقة من خلال الحملة التي كان يشنها الحزب اليساري، وبعض المثقفين الإسرائيليين للكشف عن ملابسات المحرقة الإسرائيلية.
الداخل مفقود
كل شخص يدخل إلى سجن 1391 هو شخص ميت مسبقا، لأن الذاهبين إليه لا خروج لهم منه أبدا.. هذا ما تؤكده المحامية الإسرائيلية (لياه تسيمل) التي ظلت تدافع منذ السبعينيات عن حق السجناء الفلسطينيين في المعاملة والاحترام، لهذا فإن الممارسات الإسرائيلية بخصوص هذا الموضع تؤكد أن العمل بسياسة القمع هو العمل الإسرائيلي الأول في العالم.
وتضيف: (الإسرائيليون ينكرون وجود سجن 1391، مع أننا كمحامين نعرف بوجوده ونعرف مكانه، ونعرف أن الجرائم المرتكبة فيه لا يمكن مقارنتها إطلاقا مع جرائم النازيين أيام الحرب العالمية الثانية، فكيف يمكننا الصمت وكأن شيئا لم يحدث؟ ما يجري من تعتيم هو الديكتاتورية العبرية المطلقة) تقول (لياه تسيمل): بعض المعلومات التي حصلنا عليها من أشخاص متفرقين تؤكد أن ثمة طرقاً خاصة لعملية الاستنطاق التي تصل عادة الى التعذيب حتى الموت. هناك الاغتصاب.. والتعذيب بالإبر، والحقن بمادة مخدرة تجعل الأسير مدمنا سهلا للمخدرات حتى الموت أيضا.
أول الخيوط التي فضحت سجن 1391 كشفتها السيدة (تسيمل) بعد أن عادت إسرائيل الى احتلال الضفة الغربية في إطار ما أسمته بعملية (البناء الجديدة) لشهر ابريل من سنة 2003. الى غاية تلك الفترة فقد كان سجن 1391 خاصا بالسجناء الأجانب، لبنانيين وأردنيين وإيرانيين.. كم عددهم؟ لا نعرف.
جمعية أصدقاء سجناء (نزاريه) أكدوا للصحف الأجنبية أن 15 سجينا عربيا (اختفوا) من قائمة السجناء هناك.
وبعد العديد من الإصرار داخل وخارج إسرائيل، استطاعت السيدة (تسيمل) إجبار المعنيين بالأمر على الاعتراف بنقطة مهمة وهي أن سجن 1391، استقبل عددا قليلا من السجناء الفلسطينيين منذ عام 2000، وأنه من بين الذين وجدوا داخل السجن هو (مروان البرغوثي) الذي تدور محاكمته في إسرائيل.
هذا الاعتراف الذي يبدو بسيطا يؤكد أن سحن 1391 حقيقي وأن إسرائيل كذبت على طول الخط لأنها ببساطة حذفت مكانه وزمانه من كل خرائطها الرسمية وهو الشيء الذي يعني أنه ليس سجنا عاديا كما يدعي الإسرائيليون بل هو سجن يوازي غوانتانامو إن لم يكن يتجاوزه في الفظاعة.
طرق التعذيب الأكثر ذكرا في تقارير المحامين الذين اتصلوا بعدد من المعتقلين السابقين في سجن 1391 تؤكد ما يلي:
1 نقص في ساعات النوم، مع إصرار الإسرائيليين على خلق جو من الضجيج لإحداث حالة من عدم القدرة على التركيز أو التوازن النفسي.
2 العزلة التامة التي يفرضها الإسرائيليون على السجين بحيث انه لن يستطيع الخروج من حفرة مظلمة لا يخاطب فيها أحداً، وعادة ما تكون تلك الحفرة مليئة بالماء البارد.
3 التعذيب الجسدي الذي يصل الى حد الاغتصاب.
الضرب المبرح واستعمال حقن مخدرة لإجبار السجين على الهلوسة وعلى قول ما يريدون سماعه منه.
الفلسطينيون الذين مروا من سجن 1391 اعترفوا أنهم كانوا تحت رحمة مكتب الاستخبارات (الشين بيت) وأن هنالك فرقة يطلق عليها اسم: فرقة 504 مكونة من رجال الكوماندوس الذين تلقوا تدريباتهم في الولايات المتحدة الأمريكية فهم الذين يقومون باستجواب المعتقلين بالقوة التي تصل الى حد القتل المباشر والعمدي.
السلطات الإسرائيلية التي اعترفت بصعوبة عن وجود سجن 1391، أعلنت في بيان أن السجن يدخل في إطار الأسرار الأمنية للدولة العبرية.
ولهذا فإن الاعتقاد القوي يقول إن ثمة سجونا متشابهة وربما ألعن من سجن 1391، وأنها سرية حذفتها إسرائيل من الوجود على الخرائط أيضا.
الولايات الأمريكية المتحدة تعرف جيدا وجود تلك السجون الإسرائيلية، تعرف الأماكن ومواقع وجودها، وتعرف عدد وأسماء السجناء فيها وتعرف جيدا أن القمع الإسرائيلي داخل تلك السجون من صنع الجنود الإسرائيليين الذين تعتبرهم الإدارة الأمريكية خبرة جيدة في مجال التعامل مع السجناء الذين اعتقلتهم أمريكا في حربها على أفغانستان والعراق، وهو الشيء الذي تقوله كل المعطيات الآن بالذات.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|