يبدو أننا أمام انفراج لبناني حقيقي لأزمته، وأن محاولات جدية من الأطراف المتنازعة للوصول إلى مصالحة، بتنازلات من كل الأطراف عن بعض قناعاتها، وصولاً إلى تسوية تنزع فتيل الصراع المزمن بينها.
ومن الواضح أن الجميع تعب وأرهق وطال به الانتظار للحل الذي لن يأتي باستخدام العصيان أو الاعتصام أو السلاح، ولن يأتي كذلك بالإصرار على تجاهل الرأي الآخر ومطالب الطرف الآخر فالوطن للمعارضة مثلما هو للموالاة.
***
لقد عانى الشعب اللبناني كثيراً وطويلاً، في أمنه ومأكله، في ظل جو غير مستقر، ومستقبل غامض، وتدخلات أجنبية تحرك الأوضاع في لبنان بما لا يخدمه ولا يوفر له ولشعبه الأمن والاستقرار.
وظل العقلاء من قادة العرب يتقدمهم ويقودهم الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعملون ليل نهار لإيقاف هذه الفتنة، والدعوة لجميع الفرقاء بأن يجلسوا على طاولة واحدة ويتفقوا لحل الخلافات فيما بينهم، إلى أن بدأت ملامح الحل للأزمة تلوح في الأفق.
***
فليس أجمل ولا أحلى من أن يتصافح الإخوة، وأن يجتمعوا للاتفاق على حلول مرضية لهم جميعاً، بعد أن تأكد لهم أن معالجة الأزمة لا تتم بالعناد واستعراض القوة، ولا بالتأثيرات الخارجية التي لا تريد الخير للبنانيين.
وما تم من لقاءات بين بعض الرموز اللبنانية بعد شهور من القطيعة للتفاهم على قواسم مشتركة لتقريب وجهات النظر، مع تواصل جهود المملكة والجامعة العربية لمساعدة الأطراف المتنازعة على تقريب المسافة بينها، إنما تصب هذه الجهود في الاتجاه الصحيح للوصول إلى ما نتمناه من خير واستقرار للبنان الشقيق.
***
وحذار أن يخرب أعداء لبنان هذه التوقعات المنتظرة للحل الآتي للأزمة بأن يسمح للغرباء بأن يتدخلوا فيما لا يعنيهم، وبالتالي يتم لهم إلحاق المزيد من الأضرار بمصلحة لبنان.
فقد كفى لبنان تعطيل المؤسسات، وانهيار الاقتصاد، وخلوها من غير اللبنانيين، وخوف الأبرياء من أن تبدأ الحرب بين لحظة وأخرى، دون أن تكون هناك قوة قادرة على إيقافها.
***
إن ما يتمناه كل محبّ للبنان، متعاطف مع شعب لبنان دون تمييز أو تفضيل أو انحياز لهذا الطرف أو ذاك، هو أن نراه وقد تعافى واستقرت أحواله، وعاد بمثل ما كان عليه: البلد الحضاري الجميل الذي يشعر مَن يزوره بالدفء وحرارة الحب في استقبال زوّاره.
وإنه لمن الظلم أن يُعامل بهذه القسوة، ويجرّد من تميُّزه وخصاله بإبقائه على فوهة حرب من الداخل والخارج، فيدفع الثمن الغالي هذا الشعب المغلوب على أمره، دون أن يستفيد من ذلك سوى أعداء لبنان ومَن لا يحبّ لبنان.
***
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب «2» ثم أرسلها إلى الكود 82244