يضع افتاب موناف ميمون البالغ من العمر تسعة أعوام خططاً لمستقبل مشرق، فبعد أن ينهي دراسته سيشتري طائرة ويصبح طياراً مثل الشخص الذي راه في إعلان بإحدى المجلات.
وقال: (طلبت من أخي أن يشترى لي طائرة).. وتختفي الابتسامة من على وجهه حين يتذكر أسرته التي فقدها.
وميمون مثل معظم رفاقه في دار للأيتام فقد شقيقه إلى جانب باقي أفراد أسرته في أسوأ أعمال شغب في الهند قبل خمسة أعوام. وأسفرت المصادمات بين الهندوس والمسلمين في ولاية جوجارات الغربية عن مقتل أكثر من 2500 معظمهم من المسلمين وتشريد نحو 200 ألف وخلفت نحو 400 يتيم.
ووجد عدد كبير من نزلاء دار الأيتام وعددهم 132 أن آباءهم وأشقاءهم وأحباءهم يطعنون أو يذبحون أو تضرم فيهم النار أحياء بعد أن اطلق القوميون الهندوس الذين كانوا يحكمون الولاية لهم العنان.
ويقول المسؤولون في دار الأيتام: إن الاطفال بدأوا يلملمون شتات حياتهم بعد خمسة أعوام من المآسي التي كابدوها. وترعى كوثر بانو وهي مربية شابة الأطفال منذ عام 2002 حين بدأت دار الايتام كمأوي مؤقت وتقول: أفضل وسيلة للتعامل مع الجراح هي الحب.. حب الأم.. نحاول أن نجعله بيتاً لهم.
وحوّلت جمعية خيرية إسلامية المأوى المؤقت لدار أيتام في عام 2003 ويضم أيضاً بعض الأطفال الذين تيتموا
إثر زلزال مدمر في المنطقة في عام 2001م.
ويعد الأطفال وبعضهم هُوجم وأصيب خلال أعمال الشغب حكيم الدين قاسمي المشرف على الدار أباً لهم. ويقسم الأطفال لمجموعات يضم كل منها 12 طفلاً ولكل مجموعة أم ترعى الاطفال وتطعمهم وتحافظ على نظافتهم، بل تروي لهم حكاية قبل خلودهم للنوم.
وتقول كافيتا المعلمة في مدرسة دار الأيتام: الأطفال أذكياء ومن الواضح أنه يمكنهم النجاح ببعض التوجيه. إنهم مثل الأطفال العاديين ولكن البعض اهدأ قليلاً فحسب. ويشجع مرشدو الأطفال على ممارسة الرياضة والرسم للتعامل مع ماضيهم العنيف.
ومن آن لآخر يعثر المربيون على طفل يبكي في سريره أثناء الليل. وتقول المربية زارينا بانو: يوجد طفل يدعى سيف يبكي أحياناً طوال الليل ويبكينا أيضاً.. نعلم أنه يفتقد أسرته.
وكان شيخ ساجد في الثامنة من عمره حين وقعت أحداث عام 2002 وشاهد حشداً هندوسياً يقتل أمه ولم يعرف مصير أبيه. ويقول ساجد: إنه يريد أن يصبح طبيباً وحين يوجه إليه سؤال عن السبب يجيب جرح أخي قدمه في حادث ذات مرة ولم يكن هناك طبيب في قريتنا. ومات الأخ أيضاً بطعنات الحشود مع الأم.