|
ألم يكن هناك ما هو أفضل..؟! |
هالني ما سمعت..
وما قرأت..
وما كان مثيراً لانتباهي..
غريباً على كثير من قناعاتي..
بما فاجأني به الزملاء من حدة في التعبير عن وجهات نظر لهم..
وبالانفعال على نحو ما قرأنا لهم من آراء..
ولا بأس في هذا، لو أن تلك الآراء لم تخرج عن السياق المطلوب..
وعلى المضامين التي لا يجهلونها..
وما كان لمثلي إلا أن يحتفي بها لو أن قائليها وكاتبيها من الزملاء أحسنوا في تقديمها لمن وجهوها لهم بأسلوب مغاير لذلك الطرح..
***
أقول هذا توطئة لكلام مخلص من محب عن هيئة الصحفيين السعوديين وما أدراك ما هيئة الصحفيين السعوديين في يوم ميلادها الذي أُخر لبعض الوقت وعسى ألا يُؤخر لكثير من الوقت..
وأقول هذا عن زملاء أعزاء أجلهم وأقدرهم وأشعر بمرارة وأسى كلما تنامى إلى علمي أو قيل لي ان سوءاً قد مس أياً منهم..
أقول هذا لأقلام وآراء لها مكانتها الكبيرة عندي ولا تزال، وأعتذر لها إذا ما كان هناك خطأ قانوني أو استراتيجي يستوجب مثل هذا الاعتذار لأن رؤساء التحرير رشحوا أنفسهم لمجلس ادارة الهيئة ثم أعلنوا عن انسحابهم..
مع أن مثل هذا الخطأ لم يتبين لي ولا لغيري ولا لهم بالتأكيد إذ إن قوائم المرشحين بمن فيهم رؤساء التحرير كانت بتصرفهم، وكان عليهم فيما لو عُقد الاجتماع حجب الأصوات عن رؤساء التحرير وإعطاؤها لغيرهم دون كل هذه الضجة المفتعلة وغير المبررة..
***
ولقد أحسن رؤساء التحرير وهم يتيحون الفرصة لهؤلاء الزملاء لنشر وجهات نظرهم، وفتح المجال أمامهم للتعبير عن كل قناعاتهم وتصوراتهم ضمن ما تتمتع به صحافتنا من هامش ملموس في التعبير المسؤول عن كثير من القضايا التي تمس مصالح المواطنين..
وبين هذه القضايا هذه التجربة الانتخابية الجديدة التي صعُب على بعض الزملاء أعضاء هيئة الصحفيين السعوديين تمريرها مع وجود رؤساء التحرير على قائمة المرشحين وبهذا العدد الكبير..
فضلاً عن عدم قبول الزميلات بتهميش دورهن وفق ما تم الاعلان عنه من تفاصيل عن آلية الانتخابات وشروطها ومتطلباتها التي اطلع الجميع عليها..
***
وهذه وجهات نظر نسلم بها ونحترمها ونقدرها لقائليها ومتبنيها والمنادين بها لو أن مثل ذلك تم بشيء من الهدوء والموضوعية، وهو ما كان سيأخذها إلى نتائج أسرع وأفضل باتجاه ما يتفق الجميع عليه من أنه يصب في مصلحة الهيئة والمنتمين لها من الإعلاميين وبخاصة من الصحفيين..
***
ما أريد أن أقوله: إن تأجيل الانتخابات بهدف فتح المجال أمام من يرغب من الزملاء في الاشتراك في الهيئة أو الترشيح لمجلس الادارة هو فسحة للجميع لمراجعة المواقف والتحضير الأفضل للجمعية، ومن ثم الاطمئنان إن شاء الله على أن الجمعية لن تولد ميتة..
ما أريد أن أقوله أيضاً :إن التعامل مع مثل هذا الحدث ينبغي أن تصاحبه نظرة واقعية تمكننا جميعاً من اعطاء الصوت لمن يستحقه عند اختيار الزملاء لأول مجلس لإدارة الهيئة..
وما أريد أن أقوله كذلك: إن مسؤولية العضو لا تقتصر ولا تنتهي عند اختيار أعضاء مجلس الادارة، وإنما ينبغي أن تمتد هذه المسؤولية ومن الجميع إلى بذل كل جهد ممكن لإنجاح هذا المشروع الكبير..
وما أريد أن أقوله أخيراً: إن على رؤساء التحرير أن يستجيبوا لرغبة الزملاء بالاكتفاء بما قدموه من جهد خلال فترة التأسيس، ويتركوا إدارة الجمعية لمن يرغب من الزملاء لاستكمال العمل الكبير الذي تحتاج إليه وقد فعلوا ذلك بإعلانهم الانسحاب..
***
وبهذا، أستطيع أن أقول أخيراً لقد كفى الله رؤساء التحرير ما كانوا سيلاقونه لو أمضوا المزيد من الوقت في التطوع لخدمة الجمعية، وبالتالي خدمة الزملاء بتبني ما كانوا يفكرون فيه، بل وبما يكون قد غاب عنهم في ظل هذا الحماس الزائد الذي صاحب إعلان دعوة المنتخبين للهيئة لترشيح من يتوسَّمون فيهم الخير لمجلس إدارتها.
خالد المالك
|
|
|
تنشر الموت والدمار في دائرة تتسع باستمرار المستوطنات الإسرائيلية.. خلايا سرطانية!! |
* بقلم يوروي أفينيري(*)
في حرب الخامس من يونيو عام 1967 قتل عدة مئات من الجنود الاسرائيليين أثناء اجتياحهم للضفة الغربية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان، وفي حرب أكتوبر عام 1973 قتل حوالي ألفي جندي إسرائيلي في محاولة من جانب إسرائيل للاحتفاط بالارض التي غزتها، وفي حرب لبنان التي استمرت عشرين عاما قتل حوالي ألف جندي إسرائيلي من أجل غزو جنوب لبنان واحتلاله.
والمفاجأة أن نعلم أن كل هؤلاء الجنود «قتلوا» وهذا معناه أن من قتلهم ارتكب جريمة قتل غير قانونية.
والحقيقة أنهم «لقوا مصرعهم»، فهم رغم كل شيء لم يكونوا مجرد يهود عزل في جيتو عندما لقوا مصرعهم، ولكنهم سقطوا كجنود في حرب، ونحن الآن بالفعل نعود إلى الجيتو أي ذلك الحي المغلق الذي اعتاد أن يتجمع فيه اليهود في أي مدينة من مدن العالم يتواجدون فيها ليعيشوا فيه بعيدا عن باقي أهل المدينة وهو ما يعرف في مصر على سبيل المثال باسم «حارة اليهود».
ومرة ثانية عدنا يهود بؤساء خائفين، فحتى ونحن نرتدي الزي العسكري، وحتى ونحن مدججون بالسلاح، وحتى ونحن نمتلك دبابات وطائرات وصواريخ وأسلحة نووية، وأحسرتاه نقتل على يد الآخرين.
والحقيقة أن إطلاق فعل «قتل» على الجنود الذين يسقطون صرعى أثناء عمليات عسكرية هو أحد المبتكرات اللفظية للانتفاضة الفلسطينية الراهنة في عهد رئيس الوزراء الاسرائيلي آرييل شارون، وقد بدا ذلك واضحا تماما الايام الماضية وفي عشية عمليتين عسكريتين فلسطينيتين.
ففي قرية عين يابرود الفلسطينية لقي ثلاثة جنود إسرائيليين مصرعهم في كمين فلسطيني، كانت مهمة هؤلاء الجنود حراسة الطريق الموصل إلى مستوطنة عوفرا الإسرائيلية شمال رام الله، وكانوا يقومون بدورية على أقدامهم في القرية، وبعد مرورهم المعتاد كانوا في طريق عودتهم حيث كمن لهم ثلاثة فلسطينيين ليلقي ثلاثة جنود مصرعهم ويصاب رابع، وقد نجح المهاجمون الفلسطينيون في الفرار.
كانت العملية نموذجا كلاسيكيا لعمليات حرب العصابات، وليست إرهابا، فالهجوم لم يستهدف مدنيين، والمهاجمون كانوا مقاتلين استهدفوا جنودا في منطقة محتلة، فلو ان هؤلاء الجنود كانوا ألمانا وسقطوا بهذه الطريقة في فرنسا أثناء الاحتلال الالماني لفرنسا أو أنهم كانوا فرنسيين في الجزائر أثناء الاحتلال الفرنسي للجزائر لم يكن أحد يستطيع أن يحلم باعتبارهم «قتلوا»، ولكن في التلفزيون الاسرائيلي تحدث المراسل عن «مقتل» ثلاثة جنود على يد «إرهابيين»، وبعد هذا الحادث بعدة أيام وقع حادث آخر أكثر صدمة، فقد تمكن مسلح فلسطيني من التسلل إلى مستوطنة نيتساريم بقطاع غزة والدخول إلى قاعدة عسكرية ليقتل ثلاثة جنود رجل وامرأتين قبل أن يتمكن الجنود الاسرائيليون من قتله.
وفي التعليق على هذا الحادث أيضا قال المراسل العسكري للتلفزيون الاسرائيلي ان الجنود الاسرائيليين الثلاثة «قتلوا» على يد «إرهابيين» في عملية «إرهابية»، فهل فعلا هؤلاء الجنود قتلوا؟ وهل ما حدث إرهاب؟ وهل يكون كذلك عندما يستهدف مستوطنة محصنة؟ أعتقد أن الامر يحتاج إلى شيء من التحليل لكي نفهم طبيعة الحملة العسكرية الإسرائيلية الراهنة ككل.
نيتساريم عبارة عن مستوطنة صغيرة على شاطئ البحر المتوسط في قطاع غزة المحتل وبعيدة جدا عن أي مستوطنة أخرى، وقد تم زرع هذه المستوطنة وسط بحر من الفلسطينيين الذين يزيد عددهم عن مليون وربع المليون فلسطيني أكثر من نصفهم لاجئون في منطقة أي أعلى مناطق العالم كثافة سكانية، وتتولى كتيبة عسكرية إسرائيلية كاملة تأمين هذه المستوطنة دون أن تكفي لتوفير الامن لها، ولكي تصل إليها من إسرائيل يحتاج المرء إلى عبور كل قطاع غزة ولذلك فكل التحركات من المستوطنة وإليها يتم في سيارات مصفحة، وحتى الآن لقي أكثر من عشرين جنديا إسرائيليا مصرعهم أثناء حمايتهم لهذه المستوطنة أو الطرق المؤدية إليها، أليس هذا جنوناً؟ فحتى المستوطنون يقولون ان الجيش هو الذي طلب إقامة هذه المستوطنة لكي تكون نقطة مراقبة وسيطرة له في قطاع غزة، وقد اختفى اليهود المتدينون المتطرفون من المستوطنة ليحل محلهم مجموعة من المغامرين الذين يغامرون بأرواحهم وأرواح أبنائهم ناهيك عن المخاطرة بأرواح الجنود رجالا ونساء الذين لا يملكون خيارا آخر سوى الخدمة العسكرية في هذه القاعدة التي تحمي المستوطنة تنفيذا للاوامر، فالحكومة الإسرائيلية تضحي بهؤلاء الجنود لحماية المستوطنة.
معاناة فلسطينية
ونأتي إلى الفلسطينيين، فهم يعانون أكثر من أي إنسان آخر على هذه الارض، فأي شخص يقترب من المستوطنة يتعرض لاطلاق الرصاص من القوات الإسرائيلية فورا، وأي شيء يقام أو ينمو بالقرب من المستوطنة أي على طول الطريق الذي يربط بينها وبين اسرائيل يقتلع أو يزال فورا، وقبل أيام أزال الجيش الاسرائيلي برجين سكنيين في قطاع غزة يصل ارتفاع كل برج 12 طابقا ويضمان معا أكثر من مائة شقة بدعوى أنه يمكن من خلال هذين البرجين مراقبة الحركة داخل المستوطنة.
فهذه المستوطنات خلايا سرطانية تنشر تأثيرها الضار في كل المنطقة المحيطة بها، فكل مستوطنة تدمر ببطء المناطق المحيطة بها في دائرة تزداد اتساعا باستمرار، ويمكن رسم عملية الاستيطان كما يلي:
على أحد المرتفعات يأتي بعض اليهود بمنزلين متحركين لوضعهما على هذا المرتفع معلنين إقامة بؤرة استيطانية بدون تصريح من الحكومة الإسرائيلية،تعلن الحكومة أنها لن تتسامح مع مثل هذه الاعمال غير القانونية وتتحدث عن إزالة هذه البؤر.
يرسل الجيش الاسرائيلي مجموعة من الجنود لحراسة هذه البؤرة قائلا انه لا يستطيع ترك اليهود في أي مكان في هذه الارض المعادية دون حماية حتى إذا كان وجودهم غير مشروع، وبنفس المنطق يتم مد خطوط المياه والكهرباء والتليفونات إلى هذه البؤر.
وبينما يتم إرجاء مناقشة قضية إزالة المستوطنات في الحكومة يستمر تمددها، وتقرر الحكومة الاعتراف بالامر الواقع الذي تحقق وتعتبر المستوطنات قانونية.
يصادر الحاكم العسكري الاسرائيلي للمناطق الفلسطينية المحتلة مساحات واسعة من الاراضي الزراعية الفلسطينية من أجل تنمية المستوطنة، ولنفس الغرض يصادر الحاكم العسكري الاسرائيلي مرة أخرى مساحات شاسعة من الاراضي الفلسطينية مرة أخرى لاقامة طريق يربط بين المستوطنة وإسرائيل، ويصل اتساع الطريق والنطاق الامني له إلى ما بين ستين وثمانين مترا، ويحاول الفلسطينيون مهاجمة المستوطنة التي أقيمت على أرضهم، ولمنع الهجمات عن المستوطنة يتم إعلان منطقة عرضها 400 متر باعتبارها منطقة آمنة مغلقة أمام الفلسطينيين حول المستوطنة، ويفقد الفلسطينيون مزارع الزيتون والحقول المملوكة لهم في هذه المنطقة لصالح الاسرائيليين، وهذا يوفر دوافع لشن المزيد من الهجمات ضد المستوطنة الإسرائيلية، ولاسباب أمنية يقتلع الاسرائيليون جميع الاشجار والمباني المحيطة بالمستوطنة حتى لا توفر أي غطاء لمهاجمي المستوطنة أو الطرق المؤدية إليها، وقد اخترع الجيش كلمة عبرية جديدة تعني «الرؤية» بحيث يدمر أي منزل فلسطيني يمكن من خلاله مهاجمة المستوطنة أو الطرق المؤدية إليها، وكإجراء وقائي يدمر الجيش الاسرائيلي أي مبنى فلسطيني يمكن من خلاله رؤية المستوطنة، ويتم إطلاق النار على أي فلسطيني يقترب من المنطقة المحيطة بالمستوطنة للاشتباه في أنه جاء لشن هجوم أو للتجسس على المستوطنة، وبهذه الطريقة فإن المستوطنة تنشر الموت والدمار في دائرة تتسع باستمرار حولها، وتصبح حياة الفلسطينيين في القرى المجاورة لهذه المستوطنة قطعة من الجحيم، يفقد الفلسطينيون أمنهم ومصدر عيشهم، وهناك المئات من مثل هذه القرى الفلسطينية التي تقع بين مستوطنتين وهو ما يجعلها محاصرة من كل الجهات وربما يمتد الحصار إلى ساحات القرى نفسها، وتتحول حياة وممتلكات هؤلاء الفلسطينيين إلى هدف مفضل لهجمات عصابات المستوطنين، وهذه العملية مستمرة منذ عشرات السنين في مختلف أنحاء المناطق الفلسطينية المحتلة، فهي تتم ببطء وبصورة يومية بعيدا عن أعين الاسرائيليين أنفسهم.
وفي العام الاخير ظهر «الجدار العازل» كأخطبوط يلتهم المزيد من الاراضي الفلسطينية بدعوى تأمين المستوطنات، وهذا الجدار يجعل الحياة بالنسبة لمئات الآلاف من الفلسطينيين شبه مستحيلة.
من المفترض أن يتكلف هذا الجدار حوالي عشرة مليارات شيكل إسرائيلي بما يعادل ملياري دولار، وبالطبع من المستحيل أن نضيف إليه نفقات المستوطنات نفسها لانها تنفق عدة مليارات من الشياكل سنويا، وربما يكون من الاسهل حساب التكلفة البشرية التي تدفعها إسرائيل من أجل الاحتفاظ بمثل هذه المستوطنات، وقد أصاب مصرع الجنود الاسرائيليين في مستوطنة نيتساريم المجتمع الاسرائيلي بالصدمة، وبدأ الكثيرون من الاسرائيليين وربما للمرة الاولى يتساءلون، لماذا؟ ومن أجل أي شيء؟، أطلق والد أحد الجنود الاسرائيليين الذي لقي مصرعه في عملية عين اليابرود على ما يحدث بأنه «مقامرة إسرائيلية»، وصرخت أم إحدى المجندات التي قتلت في عملية نيتساريم في التلفزيون الاسرائيلي بأن ابنتها ماتت «بسبب المستوطنين»، والحقيقة أن هناك مؤشرات عديدة على ظهور حالة من الاتزان والعقل بين الاسرائيليين بما في ذلك داخل قيادة الجيش نفسه بالنسبة لقضية المستوطنات خاصة وبالنسبة للصراع ككل، فهل يمكن اعتبار ما يحدث تغييراً في الرأي العام الاسرائيلي؟ ربما يكون كذلك.
(*) ناشط سلام إسرائيلي في جماعة «جوش شالوم»
ترجمة: اشرف البربري
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|