|
قمة الخليج: آمال... وطموحات
|
هذه هي الرياض..
عاصمة العرب ومرجعيتهم عندما تشتد الخطوب، ومصدر الإلهام لمن يبحث عن الرأي الحكيم والكلمة الصادقة والأمان، كلما مس الأمة ما يسيء إليها، أو ينال من استقلالها وأمنها وحقها في حياة حرة كريمة وشريفة.
***
وها هي الرياض..
عاصمة من صنع فارسها الملك عبدالعزيز الوحدة الحقيقية على هذا الامتداد المترامي الطويل، فوحد القلوب قبل أن يوحد الأرض، وبنى وأشاد وطور في زمن التخاذل والإدعاء، وترك بعد رحيله منجزاً حضارياً، وبناءً شامخاً، ومدرسة في فن القيادة وأسلوب الحكم.
***
والرياض، المدينة والعاصمة..
إذ استقبلت قادة دول الخليج العربي صباح يوم السبت الماضي، ضيوفاً على الشعب وعلى ملك الشعب، بمثل ما اعتادوا عليه من حرارة الاستقبال، المفعم بالحب والتقدير، ضمن التقاليد السعودية في الحفاوة والتكريم التي تمتد حيثما كان هناك مواطن سعودي واحد على امتداد الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.
***
والرياض بمساحتها الكبيرة وبالملايين من سكانها التي تمثل لوحدها مساحة دولة وسكان دولة، ما أسعدها إذ فتحت أرضها وأجواءها وبحارها ومنافذها وقبل ذلك صدور أبنائها لهؤلاء القادة ولكل الأعضاء والمشاركين والمرافقين في هذا المؤتمر الخليجي المهم في بيتهم ولدى إخوانهم، وحيث الدفء الذي وجدوه في عاصمة العز والكرامة والشموخ والمُثل التي يجب أنْ يُحتذى بها.
***
وأبناء الخليج جميعاً، ومن غير أن أستثني أحداً منهم، كانوا يتطلعون إلى هذا المؤتمر بتفاؤل كبير، وبأمل أن ينجز القادة ما يضيف إلى ما سبق أن أنجزوه شيئاً جديداً لتعزيز استقرار المنطقة، ضمن التسلسل المتواصل من الإنجازات التي تحققت لشعوبنا، وبينها وأهمها هذه الوحدة التي فوتت الفرصة على الأعداء من أن يخترقوا هذا الوئام والحب والتعاون بين أبناء الدين الواحد واللغة الواحدة، والجوار والأهداف والهموم والمصلحة المشتركة، فضلاً عن القربى والنسب بين جميع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربي.
***
أجل، فإننا جميعاً، وفي ظل المتغيرات، وتسارع الأحداث على مستوى العالم، بما لا يمكن أن تبقى منطقتنا ودولنا وشعوبنا بعيدة عن الآثار المدمرة، ما لم يتواصل هذا التعاون بين قادة وحكومات وشعوب دول هذه المنطقة من خلال مجلسهم الذي عُقد هذا الأسبوع واحدة من أهم الدورات التاريخية في أكبر عواصم دول الخليج، وفي دولة تحتضن الحرمين الشريفين، ويتوجه إلى هذه الديار المقدسة أكثر من مليار مسلم - حيث القبلة - لأداء الصلاة خمس مرات في اليوم الواحد.
***
إن القرارات والتوصيات التي أعلن عنها، بعد أن أنهى المؤتمر اجتماعاته، كانت من حيث الأهمية والمستوى وبلوغ الأهداف منسجمة مع ما كانت تتطلع إليه الشعوب الخليجية، وهي بالتأكيد داعمة لترسيخ التعاون بين دولنا، ولتوفير الأجواء المناسبة لإشاعة الأمن والاستقرار والتطور لكل دولة من دولنا، ضمن الإستراتيجية الخليجية التي اكتسبت قوتها من خلال هذا الثراء في الخبرات والتجارب التي عزَّزتها الاجتماعات السنوية لقادتنا على مدى هذه السنوات الطويلة من عمر هذا المجلس.
***
ليرعى الله قادتنا ويوفقهم لعمل كل ما فيه مصلحة لدولنا وشعوبنا..
في ظل تنامي الحاجة إلى توفير الكثير من المتطلبات التي توفر الخير والنماء ورغد العيش والاستقرار لكل أبناء المنطقة سواء من أهلها أو من المقيمين فيها..
وليحرس الله هذه الدول المحظوظة بما أفاء الله لها وعليها من النعم والخيرات، وهو ما أغناها عن غيرها، وحماها من ذل الخضوع، إلا لله الواحد الأحد..
وليوفِّق الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإخوانه قادة دول مجلس التعاون في تطبيق ما اتفقوا عليه من قرارات هي بالتأكيد بمستوى التحدي والتطلع وبما يتناسب وآمال هذه الأمة.
خالد المالك
|
|
|
حين تجاوزت ملكة بريطانيا أزمة توني بلير!
|
* إعداد - محمد رضا
تريد أن تستمتع بهذا الفيلم لكن شيئاً ما يدفعك دائماً إلى الخلف. أهي حقيقة أنه يستند إلى سيناريو كان يمكن أن ينتهي في ثلثي ساعة لولا استعانة الفيلم بالعديد من الأشرطة الوثائقية؟ أهو الشعور بأن هناك كوميديا يمكن أن تولد من الوضع المطروح لولا أن هناك أيضاً الشعور بأن لا شيء مضحكاً حول الموت؟ الفيلم هو (الملكة) والمخرج هو ستيفن فريرز الذي دخل السينما في أوائل السبعينات بفيلم بوليسي عنوانه (تحري) مع الشاب حينها ألبرت فيناي وحقق من حينها أكثر من ثلاثين فيلماً لو رصفتها جنباً إلى جنب لبدا التفاوت بينها واضحاً. هذا الفيلم يأتي من بين تلك التي تتوسط المسافة بين الجيّد والعادي. يبدو فقيراً في مقوّماته وعناصره الإنتاجية من اللقطة رقم واحد، ولا يخيب أملك في هذه الناحية من هذه اللقطة حتى النهاية. لكنه يملك أيضاً رغبة في وصف العلاقة بين الملكة ورعاياها بمن فيهم رئيس الوزراء البريطاني ما يضع الملكة تحت ظلالة رمادية غير مثيرة للتعاطف. لكن الممثلة التي تقوم بها، هيلين ميرين، هي التي تستخرج هذا التعاطف بسبب قدرتها الفذّة على إداء الشخصية.
إنه حكاية صراع بين صاحبة الجلالة الملكة إليزابث الثانية (هيلين ميرين) وبين رئيس الوزراء البريطاني توني بلير (كما يؤديه مايكل شين الشبيه بتوني بلير إلى حد ما). وفي خضم هذا الصراع هناك الكثير مما يقوله الفيلم ولو أن الكثير منه يصبح مكرّراً وفي النهاية لا يترك التأثير المطلوب.
في العام 1997 وصل توني بلير إلى الحكم وفي العام نفسه قضت الأميرة دايانا حتفها في حادثة سيارة شهيرة. الفيلم يبدأ بمتابعة الملكة دايانا وصول توني بلير إلى الحكم محاطاً بإقبال جعله أكثر شعبية من ونستون تشرشل، كما يقرر الفيلم. وكما البروتوكولات المتّبعة، تستدعيه الملكة إلى القصر لكي تمنحه إذن تشكيل الحكومة. وهنا يبدأ فريرز تمرير دراسته الموجزة عن (الأتيكيت).
كيف يتصرّف كل منهما في حضرة الآخر. متى تعلن الملكة لرئيس وزرائها انتهاء المقابلة وكيف يتصرّف إذا لم يكن يعرف ماذا سيفعل تجاهها في وضع ما.
الأمر الذي ينتج عنه قدراً من السخرية حتى ولو أن فريرز لا يقصد ذلك. لكن التشويه أيضاً نتيجة، ذلك أن المرء ليس متأكداً وهو يشاهد هذا الفصل من المشاهد ما إذا كانت الشكليات المتّبعة هي عبارة عما شاهدناه فقط. فإذا كانت هي، فهي إذاً لا تستحق الكثير من التعليق، وإذا لم تكن فإن الفيلم لم يكن أميناً تجاه نقل الواقع.
بعد هذا الفصل المثير للمراقبة وليس للاهتمام تقع الأزمة الحقيقية بينهما حين تموت الأميرة ديانا في حادثة النفق الباريسي الشهيرة وتقرر الملكة أن الأميرة، التي كانت تخلّت عن امتيازاتها الملكية، يجب أن تُعامل حسب تقاليد شخصية لا علاقة للبلاط الملكي بها. يدعمها في هذا الموقف زوجها الأمير فيليب (يقوم به الأميركي جيمس كرومويل بلكنة إنكليزية كاملة) وأمها المتشددة. ما لم تحسب له الملكة حساباً هو أن إذلالها لابنها الأمير تشارلز بعدم موافقتها على نقل جثمان ديانا بطائرة ملكية، وعدم استجابتها لرغبة الإعلام البريطاني، الذي سريعاً ما عبّر عن رغبة الشعب، بأن تحيط الملكة جنازة الأميرة ديانا بالمراسيم الملكية المتوقّعة جعلها تبدو الشريرة في أعين الملايين. ليس هذا فقط بل، وربما لأول مرة في القرن العشرين، بدأ الحديث حول ما إذا كانت الملكية ضرورية بالنسبة للإنكليز.
انقلاب على المبادئ
شعبية الملكة تبعاً لذلك هبطت كون الشعب البريطاني كان أكثر حبّاً للأميرة من أن يسمح لأي برتوكول بمعاملتها كما لو أنها نكرة. البريطانيون، كما غيرهم في أنحاء أخرى من العالم، أرادوا جنازة ملكية تليق بالأميرة، بينما كانت الملكة تضن بالانتقال من قصرها الريفي إلى لندن لذلك. وفي حين كانت شعبية الملكة في هبوط كانت شعبية توني بلير في صعود كونه سعى لإقناع الملكة بتغيير موقفها. لذلك حين نجح حقق نصراً بينما حققت الملكة هزيمة شخصية كما اعترفت له. وفي الوسط الصحافة البريطانية التي انتقدت الملكة لدرجة جعلتها تشعر، ثم تدرك، كم هي محاصرة ومعزولة.
على ذلك، يتبدّى لنا كيف أن عزيمة الملكة وإصرارها جنّباها المزيد من الأزمات في الداخل. ومع أنها أمّت الجنازة في النهاية ومرّت بصفوف المشيعين الا أنها أمسكت العصا من الوسط بحكمة، بل تلمّست حب الناس لها حينما أُهديت باقة من الورد استقبلتها بابتسامة تقدير تبعث على الإعجاب.
وهناك تمرير غير مقصود، على الغالب، حول انتهازية رئيس الوزراء توني بلير، الذي انتقل من صف معارض للملكة، ثم مستغل للوضع قبل أن ينتقل إلى ملعبها كاملاً. هل يصف الفيلم هنا حاله حين انقلب على المبادئ التي قام حزبه عليها وجعله ممارسات الحزب الاقتصادية مثلاً شبيهة بتلك التي يتبنّاها حزب المحافظين؟
مهما يكن فإن هذا هو كل الفيلم. والباقي عبارة عن الكثير من الأشرطة التوثيقية التي تصوّر ما نراه في الدراما. أو تضيف إليها في المدّة الزمنية وليس في القيمة الفنية. ما يحاوله الفيلم هنا هو الاستعانة بأرشيف تلفزيوني لأجل توثيق الفيلم بالحقيقة، لكن النتيجة هي إشعار المشاهد بأن السبب الوحيد للاستعانة بكل هذا القدر من الأرشيف هو التوفير، ما يدفع الفيلم صوب الهوية التلفزيونية. أما ما ينقذ الفيلم حقيقة فهو تمثيل هيلين ميرين، حيث من المؤكد أنها ستكون واحدة من المرشّحات المقبلات لسباق أوسكار أفضل ممثلة، ولن يدهشني إذا ما خرجت بالأوسكار فعلاً. ميرين الوحيدة التي أعرف اليوم التي تستطيع أن تعكس صورتين متناقضتين في وقت واحد. فهي في هذا الدور هي باردة وحارة. جافة وعطوفة. وفي وسط ذلك هي ملكة وإنسانة بمعنى أن لديها تقاليد ورثتها وقلباً رقيقاً ولو أن العاطفة في نهاية الأمر موزّعة على مسائل دون أخرى.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|