|
المنافسة على القارىء..!
|
تحرص الصحافة على ان تدخل الى كل بيت وأن توجد في كل مكتب..
يتابعها ويطلع عليها ويتفاعل معها اكبر عدد من القراء..
وهي لهذا توظف كل امكاناتها من اجل كسب متابعتهم لها وقناعتهم بما يكتب فيها..
وفي سعيها لتحقيق هذا الغرض تتجاوب عادة مع قرائها بما يؤدي الى تقريبهم اليها وبالتالي الى انجاح هذا الهدف..
***
ولأن عنصر المنافسة بين الصحف والمجلات يقوم في جزء منه على التميز والابتكار والتجديد..
ضمن جهد يفترض انه يستند إلى أصول المهنة وأخلاقياتها..
وبالاعتماد على آليات وأدوات تستثمرها الصحيفة أو المجلة لانجاح برنامجها في انجاز ما تخطط له..
وصولا الى تحقيق ماهو مطلوب لكسب السبق في المنافسة مع رصيفاتها..
فإن القارىء يلحظ التباين أحيانا بين هذه الصحيفة او المجلة وتلك..
في اخراجها..
ومستوى الطباعة..
في مادتها..
وتوجهاتها..
بل وفي اسلوبها لمخاطبة القراء..
والمحصلة ان كل صحيفة او مجلة موعودة بشيء من النجاح او الفشل بقدر ما تبذله من جهد وتقدمه من عطاء..
***
وفي مجلة الجزيرة..
هناك محاولات للتجديد..
بتقديم ما لا يقدمه الزملاء في الاصدارات الاخرى..
لكيلا تكون مجلة الجزيرة محاكاة لأفكار الآخرين..
وتكراراً لطروحات غيرها..
وهذا يتطلب قراءة جيدة ومتواصلة لكل ما يعج به السوق من اصدارات..
***
وعليَّ أن أؤكد أن الزملاء يقومون بذلك..
الصحيح انهم يحاولون..
لكن السؤال: هل كسبوا الرهان..؟
وقدموا هذه المجلة كما لو انها عروس كل المجلات الاسبوعية..
في منافسة شريفة تقوم على عنصر الابداع..
وبالاعتماد على الطرح الرصين والجاد..
***
للاجابة على ذلك أقول:
ليس من الانصاف في شيء ان نتجاهل كل هذا الجهد..
ان ننسى او نتناسى هذا العمل الأنيق..
ان نغفل او نتغافل عن هذا الانجاز المميز..
ونشيح بوجوهنا عن عمل خلاق كهذا..
والا لأصبحنا كمن لا يعنيه هذا الحماس المتقد..
كما لو اننا لا نتجاوب مع مثل هذا النشاط الابداعي المتفوق..
بصورته الجميلة التي نراها في مجلة الجزيرة..
بملامحه الأنيقة في كل صفحات المجلة..
***
دعوني، باسم قراء المجلة، أقول بتجرد للزملاء في اسرة تحريرها، شكراً لكم، فأنتم تؤكدون مع زملائكم في صحيفة الجزيرة لقرائكم: ان الجزيرة تكفيك.
++
خالد المالك
++
|
|
|
جاسوس برتبة دبلوماسي: سقوط ماكسيم مارتينوف بخدع الماكياج والتمثيل
|
تدور وقائع هذه القضية بين مدينتي برلين الشرقية ونيويورك عندما قام أحدالضباط العاملين بالقوات الجوية الروسية بدعوة ضابط أمريكي أثناء تواجده في برلين في مهمة رسمية في صيف عام 1954م، وذلك لتناول طعام الغذاء بمقر القيادة المركزية الواقعة بمدينة برلين حيث تبين فيما بعد أن الضابط الروسي على علم مسبق بأن الضابط الأمريكي ينوي التقاعد بعد الانتهاء من مهمته بألمانيا والعودة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتم الاتفاق على أن يتقابلا أمام النصب التذكاري للجندي المجهول ثم يتجها سويا إلى أحد المنازل المهجورة والواقعة بالقرب من مركز القيادة.
وبالفعل تم اللقاء في المكان والميعاد المحددين وأثناء تناولاهما طعام الغذاء بالمنزل انضم إليهما شخص ثالث يرتدي ثيابا مدنية وشرع في تقديم نفسه للضابط الأمريكي وتحدث معه بلهجة أمريكية موضحا له أنه قد سبق له العمل بمدينة نيويورك أثناء الحرب العالمية الثانية، وأنه يرغب في السفر هو وأسرته إلى هناك مرة أخرى نظرا لتردي الأوضاع بالاتحاد السوفييتي آنذاك، وبالفعل تم تحديد موعد اللقاء الأول في 15 نوفمبر 1954م بحي مانهاتن بمدينة نيويورك، ولكنه أشار إلى أنه من المحتمل أن يقوم شخص آخر بالحضور في الموعد المحدد بدلا منه، وبناء عليه تم الاتفاق على كلمة السر التي يستطيع بموجبها كلا منهما التعرف على الآخر.
وطلب الشخص المدني من الضابط الأمريكي أن يقوم بإحضار بعض المعلومات والكتيبات والخرائط التي تخص «وحدة ليفينورث العسكرية» التي يعمل بها الضابط الأمريكي الذي أكد بدوره على صعوبة الحصول على تلك البيانات نظرا لأنه سوف يكون خارج الخدمة في ذلك الوقت ولكنه لم يقطع عليه الأمل ووعده بالتفكير وتدبير هذا الأمر حتى يحين موعد اللقاء.
وبعد ذلك غادر الضابط الأمريكي المكان بعدما قام بعمل رسم كروكي لمنطقة منهاتن موضحا بها مكان اللقاء المنتظر، ثم قام بحزم أمتعته تمهيدا للسفر والعودة مرة أخرى إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وبمجرد وصوله قام بالإدلاء بكافة تفاصيل هذا الاجتماع إلى السلطات الأمنية المختصة والتي بدورها أحالت الأمر لمكتب التحقيقات الفيدرالي FBI0 قام مكتب التحقيقات الفيدرالي باتخاذ التدابيرالأمنية اللازمة وعمل خطة محكمة للإيقاع بهذا المخطط التخابري والذي يتزامن مع الاجتماع المنتظر في 25 نوفمبر 1954م، وتحددت ملامح هذه الخطة بأن يقوم مكتب التحقيقات الفيدرالي باختيار أحد العناصر العاملة بها للقيام بهذه المهمة بحيث يتوفر لديه نفس الملامح والسمات الشخصية للضابط الأمريكي، فضلا عن قيام أحد المتخصصين في فن الماكياج بوضع اللمسات الفنية على وجه عميل مكتب التحقيقات بحيث يصعب على أي شخص التمييز بينه وبين الضابط الحقيقي، وكان لزاما على عميل مكتب التحقيقات التطبع بشخصية وتصرفات وانفعالات الضابط الأمريكي في جميع النواحي وإدراكه لأدق تفاصيل تاريخ عائلته وحياته اليومية وهواياته والأماكن التي يتردد عليها فضلا عن كل مايتعلق بخدمته السابقة بألمانيا وأية تفاصيل ضرورية أخرى.
ثم جاء موعد اللقاء الذي طال انتظاره وبالتحديد في 25 نوفمبر 1954م وفي تمام الساعة الرابعة بعد الظهر استقل عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي (البديل) التاكسي متجها نحو المكان المتفق عليه بحي مانهاتن حيث لاحظ وجود أحد الأشخاص واقفا بأحد النواصي شاخصا بصره عليه، وبعد مرور خمس دقائق تقدم هذا الشخص واقترب من العميل الخاص باعتبار أنه الضابط الأمريكي وتبادلا سويا كلمات السر المتفق عليها، وبدأ على الفور تعريف نفسه على أنه «شولتز» (وتبين أنه شخصية معروفة ومسجلة بمكتب التحقيقات الفيدرالي وأن اسمه الحقيقي «ماكسيم مارتينوف» أحد الملحقين بالمفوضية الروسية التابعة للأمم المتحدة).
اقترح العميل الخاص بمكتب التحقيقات (الضابط البديل) على «شولتز» مصاحبته سيرا على الأقدام إلى الحديقة المركزية، وهناك بدأ «شولتز» توجيه بعض الأسئلة والاستفسارات المتعلقة بوحدة ليفينورث العسكرية التي يعمل بها الضابط بينما جاءت الإجابة عليها بشكل مقتضب وبدون تحقيق الأهداف المرجوة الأمر الذي أثار حفيظة شولتز وجعلته يفصح عن رغبته في أن يقوم الضابط بموافاته وعلى الأقل ببيانات ومعلومات هامة تتعلق بالحالة العسكرية للولايات المتحدة ثم عرض عليه بعض المال مبررا ذلك بأنه نظير تكاليف السفر إلى نيويورك، واتفقا على أن يكون اللقاء القادم في 15 يناير 1955م بنفس المكان السابق.
ثم حان موعد المشهد الأخير وفي الموعد المحدد اقترح «شولتز» على الضابط الذهاب إلى أحد الفنادق القريبة لتناول طعام الغداء حيث قام الضابط بدوره بالإفصاح عما لديه من معلومات وبيانات هامة تحتويها الحقيبة التي يحملها. وعند دخول المطعم ارتسمت على وجه «شولتز» بعض علامات القلق والتوتر أعلن على اثرها عن عدم ارتياحه لهذا المكان وأن لديه رغبة شديدة في الحصول على الحقيبة ومغادرة المكان فورا، وفي هذه اللحظة انقلبت الأمور رأسا على عقب وبموجب اتفاق مسبق اندفع أفراد القوة الخاصة التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي الذين أحكموا محاصرة المكان وقاموا بإلقاء القبض على «شولتز» الذي وقف شارد الذهن وغير مصدق لما يحدث له، ولكنه تماسك نفسه وأبرز بعض الأوراق الخاصة به وقام بتعريف نفسه بأن اسمه الحقيقي «ماكسيم مارتينوف» أحد الملحقين بالمفوضية الروسية التابعة للأمم المتحدة وأنه يتمتع بالحصانة الدبلوماسية إلا أن أفراد مكتب التحقيقات وجهوا إليه تهمة التجسس والتخابر لصالح الاتحاد السوفيتي.
وفي 21 فبراير 1955م أعلنت السلطات الأمنية بالبيت الأبيض أن «ماكسيم مارتينوف» شخصية دبلوماسية غير مرغوب فيها نظرا لإقدامه على أعمال التجسس والتخابر لصالح دولة أجنبية والتي من شأنها الإضرار بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، وبناء على ثبوت التهمة المنسوبة إليه فقد تم ترحيله في 26 فبراير 1955م عائدا إلى بلاده، وهنا تنتهي أحداث واحدة من محاولات التجسس يلعب دور البطولة فيها شخصيات دبلوماسية معروفة.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|