|
لو تعلمنا ..!! |
دروس كثيرة يتاح للمرء أن يتعلمها في الحياة فلا يفعل..
أنواع من الدروس وأشكال من العبر..
تأتي بالصدفة..
أو تمر على عوالمنا بفعل موقف هنا أو حدث هناك..
قد يأتي ذلك في سفر..
وقد يصادفنا في لحظة غضب..
وأحياناً قد تكون مسببة..
وربما لا تكون كذلك.
***
الناس غالباً لا يعيرونها اهتماماً..
وإن أعارها البعض شيئاً من اهتمامه فلا يكون ذلك بالقدر الذي ينبغي..
والعجيب أننا نحزن بشكل متأخر حين تمر مثل هذه المشاهد دون الإفادة منها..
ويتعزز هذا الشعور حين يصادفك موقف تشعر كما لو أن له علاقة أو صلة بدرس سابق مرَّ بك دون أن تتوقف عنده بما فيه الكفاية..
أو تستفيد منه بما لا يثير حزنك مما قد يواجهك من مشاهد حزينة أو سعيدة مما يمر به كل منا في حياته.
***
من المؤكد أن الإنسان مجموعة عواطف..
ومشاعر إنسانية غاية في الرقة..
ويحمل في داخله الكثير من الصفات التي يتأثر ويؤثر فيها..
وهو وإن حاول أن يظهر بغير حقيقته..
ويبدو بصورة مغايرة لشخصيته..
فإن المواقف التي تمر به وتراوح عادة بين ما هو سعيد وغير سعيد سوف تكشف واقعه..
ضعفه ..
وقوته ..
قدرته على الاستنارة من دروس الحياة..
وتجنب الوقوع في الأخطاء المدمرة..
فهل المجتمع هكذا..؟
وأين هو من هذا الذي يُذَكّره فينسى..
ويوقظه فينام..
ويدعوه إلى تجنب الوقوع في فخ المشاكل فلا يفعل.
***
ليتكم ..
وليتني ..
نتعلم من الحياة بقدر ما تعطيه لنا من عبر ودروس..
وتمضي أعمارنا في الاستزادة من التجارب التي تجنبنا المشاكل..
لتبقى صورة كل منا حية وخالدة في ذواكر الجميع..
ببهاء ووفق ما يتمناه كل فرد لنفسه..
وبما يؤطر هذه الصورة بالجمال الذي لا يؤذي..
وبالسمعة التي تكون مادة للدروس الجيدة التي نستقيها من الحياة ونعلمها للآخرين.
خالد المالك
|
|
|
الاكتئاب المبطن كبار السن المعتدى عليهم في كندا |
كما هو الحال مع العديد من المشاكل الاجتماعية فإن ملف الاعتداء على كبار السن يظل من المحذورات التي ما زال البعض يشعرون بالخجل عند البوح بها علانية.
وبعد أن صار الكلام صريحاً عن العنف بين الأزواج والعنف ضد الأطفال وضد كبار السن صار الكنديون يبحثون عن المخرج من هذا الإشكال الذي أصبح حقيقة قائمة أمامهم.
فالكلام بشكل صريح عن المشكلة يعني خطوة كبيرة نحو العثور على حل لها في إطار جماعي يمنح الفرصة لأكثر عدد من الأشخاص كي يبدوا رأيهم أولاً وبالتالي إشعارهم بخطورة الوضع كي يرفضوا التعامل بينهم بأسلوب العنف.
****
لقد حان الوقت للكلام وبشكل علني وقاطع عن المعاملة السيئة التي يلاقيها كبار السن في المجتمع من قبل أشخاص يستعملون العنف كطريقة للتعبير عن أنفسهم وآرائهم.
لدينا الكثير كي نتعلمه من هذا النوع من العنف ضد كبار السن، أي الطريقة التي يُعامل بها هؤلاء، والأسباب التي تجعل الضحية لا يخبر أحداً وبالتالي لا يلجأ إلى التبليغ عن حادثة العنف خوفاً من تكرارها ضده من جديد.
يجب القول: إن أهم شيء في هذه النقطة أن العديد من الناس يجهلون القانون، وبالتالي لا يستعملون حقهم في الإبلاغ عن المعتدين عليهم، وربما لأن المجتمع الذي يعيشون فيه لا يرحم الضعفاء وبالتالي لا يجيد العطف على كبار السن أيضاً.
لهذا يتوجب العمل الجماعي على توحيد الجهود للتركيز على هذه النقطة بالذات، ولإشعار الجميع أن ثمة قانوناً وإجراءات وعواقب من جراء الاعتداء على كبار السن.
يجب أن نتكلم في الأمر
تعد منظمة الصحة العالمية أن العنف ضد الكبار سواء كان عملاً منعزلاً أو مكرراً، فإنه يعد جنحة خطيرة ضد أشخاص تتعرض حياتهم إلى خطر الاكتئاب الشديد من جراء تلك الاعتداءات. نعلم جيداً أن العنف والإهمال شيئان يصعب التبليغ عنهما، لهذا تبدو الإحصائيات شبه معدومة، بعض عمليات سبر الآراء أكدت أن العنف ليس شيئاً سهلاً يمكن الإبلاغ عنه بسهولة، لأن الخوف من الآخر يبقى هو الذي يجعل الشرطة لا تتدخل في الأخير إلا في حالة وصول بلاغ لها فقط، وفي حالة وصول حادثة العنف ضد الشخص إلى درجة الإصابة الظاهرة، وهذا بحد ذاته يعد خطأً كبيراً يتخبط فيه المجتمع ككل اليوم.
من يعتدي على كبار السن؟
غالباً ما تأتي المعاملة السيئة من شخص مقرب، يعرفه المعتدى عليه جيداً، واحد من أفراد العائلة مثلاً، صديق، ممرض، أو حتى موظف في المؤسسة (مؤسسة رعاية المسنين).
ثمة حقيقة تقول: إن الأبناء يشكلون المتهم رقم واحد ويأتي الزوج أو الزوجة بنسبة الثلث أي (71%).
النساء المسنات يتعرضن للعنف بنسبة 36% من قبل الشباب، بينما الرجال المسنون يتعرضون للعنف بنسبة أقل أحياناً، ربما لأنهم أقل احتكاكاً بالمجتمع وأقل خروجاً إلى الشارع.
العنف الحاصل أحياناً في دور المسنين لا يبدو لافتاً للانتباه داخل المجتمع، على الرغم من أنه موجود فعلاً.
كذلك الإهمال الذي هو أيضاً جزء لا يتجزأ من العنف، فمن خلال تحقيق صدر حديثاً أثبت أن عدد الوفيات داخل مراكز رعاية المسنين نتيجة الإهمال، وعدم الاعتناء الصحيح بالمقيمين في المراكز المتخصصة قد بلغ حداً خطيراً، ناهيك عن الحوادث اليومية مثل السقوط الذي يؤدي في حالات كثيرة إلى الموت السريع.
هناك حقيقة أخرى تقول: إن بعض كبار السن أكثر تعرضاً من غيرهم وهم:
* الأشخاص الأكبر سناً.
* تعرض النساء أكثر من الرجال للعنف.
* الأشخاص المنعزلون عن المجتمع.
* الأشخاص غير القادرين على الحركة والمعتمدين على مساعدة غيرهم.
* الأشخاص الذين يعتمدون على ممرضين يتعاطون الخمر أو المخدرات.
طبعاً هناك عناصر تجعل المسنين أكثر تعرضاًَ للعنف، مثل حالتهم الصحية أو المعنوية، وشكلهم الخارجي الذي يوحي بالضعف وعدم القدرة على الدفاع عن النفس، ناهيك عن أنهم موجودون في مجتمع لا يتحدث عن العنف بشكل صريح.
مجتمع يعيش فيه العديد من الأميين وغير الواعين بمخاطر ما يجري حولهم.
أسباب إهدار حقوق المسنين
البعض يوجه أصابع الاتهام إلى الأطر الاجتماعية والسياسية التي أهدرت الحقوق الإنسانية وبالخصوص أهدرت حقوق المسنين عبر عزلهم وبشكل مباشر في دور للعجزة.
وثمة من يعتبر أن خروج الزوجة إلى العمل خارج البيت جعل الأطفال يعيشون وضعاً مختلفاً في غياب الأم وبالتالي خلقت لديهم حالة من الرغبة في الانتقام من الأطراف التي يعتبرونها مسئولة عن عزلتهم أي المجتمع المدني بكل مؤسساته وميكانزماته وفئاته خصوصاً البشرية منها.
وهنالك من يعتقد أن عدم القدرة على التفاهم بين الكبار والصغار خلق حالة من الانسداد بين جيلين مختلفين ولهذا تحول العنف إلى أسلوب للتفاهم!
الروح الجماعية تتدخل
يجب القول: إن الروح الجماعية هي الانطلاقة إلى التخفيف من حدة الأزمة، لأن الجماعة تعني اجتماع الكثير من الجهود لأجل القضاء على العنف عبر تقديم النصائح وفق علاج نفسي لضحايا أعمال العنف، ناهيك على أن الجهود الجماعية استطاعت أن تجعل القانون طرفاً في الأزمة عبر تقديم المعتدين إلى العدالة وبالتالي معاقبتهم وفق القانون، لهذا كانت الجهود الجماعية الاحترافية والرسمية في غاية الأهمية خدمة لمجتمع يريد الدفاع عن نفسه من العنف.
داخل المؤسسات
العمل على الوقوف في وجه العنف داخل المؤسسات يعني الوقوف في وجه الانهيار الذي يهدد المجتمع، وبالخصوص المرتبط بالسياسة التي تتعامل معها بعض الأجهزة التي أدت إلى تفشي ظاهرة العنف بسبب نقص اليد العاملة المتخصصة وبالتالي نقص الإمكانات.
يجب القول إن الآلية المستعملة أو المتخذة لحماية المسنين من العنف تختلف من محافظة إلى أخرى.
بعض المحافظات تعتمد على قوانين صارمة تعرف باسم قانون الحافظة، وبالتالي تسعى إلى فرض مشروع اجتماعي صارم والبعض يعتمد على الحلول النفسية لعلاج الظاهرة.
جمعية الدفاع عن المجتمع التي تعرف باسم: (لنعمل) تعترف أن ضعف القوانين هو الذي ساعد على تفشي ظاهرة العنف ضد كبار السن، وكذلك الإهمال في تطبيق القانون نفسه، عبر عدم المتابعة القضائية للمشتبه أنه ارتكب جنحة العنف لعدم دقة الأدلة وعدم كفايتها.
بينما لجنة الحقوق لمدينة كيبك الكندية تسعى إلى تغيير نظام المؤسسات التي ترعى المسنين، من خلال تطبيق قوانين تحفظ حقوق المسن الذي يقيم فيها سواء في داخل المؤسسة أو خارج المؤسسة.
تغيير السلوك
العنف في المؤسسات ناتج عن تصرفات أحادية ومع ذلك، فتلك التصرفات موجودة في وسط تحكمه الأعراف التي ترفض السكوت عن الخطأ.
عندما يسعى البعض إلى فتح مؤسسة لرعاية المسنين يختار المكان ويختار الشكل للمؤسسة ولكنه ينسى اختيار الأطر البشرية الفاعلة والقادرة على الأداء الجيد، ولهذا السبب يحدث التصادم. و
عندما يصاب الممرض بالاكتئاب مثلاً فسينعكس ذلك على عمله ناهيك على أن الضغط سيكون كبيراً عليه بسبب كثرة العمل وقلة الدعم من مسؤولية، مما يساهم في تحويل عمله إلى أداة عنف ضد المسنين الذين يسكنون المؤسسة ولهذا حان الوقت لتغيير السلوك السلبي عبر وضع أسس سليمة للرعاية.
الحلول بسيطة جدا أولها تغيير في النظرة السلبية التي تتعامل بها الإدارة مع موظفي المؤسسات المختصة في رعاية المسنين.
وتسهيل أداء الطاقم المختص عبر توفير أجواء عمل طبيعية وخالية من الضغط في ساعات العمل، والبحث عن مؤطرين مدربين ومحترفين.
إن البحث عن أسلوب (المنزل) في قيام مؤسسات رعاية المسنين هو الأسلوب الإنساني الأمثل والأفضل لتجاوز الكثير من المشاكل والصعوبات والأزمات ولتجاوز العنف نفسه، هناك مثال حي على ذلك يتمثل في (إقامة أيفون بروني) في مدينة مونتريال التي وضعت جملة من القوانين ومن التوصيات التي يعتبر الأهم منها الحق في تلقي التعليم المناسب وحرية التعبير والحق في أن يكون للشخص أسراره الخاصة والحق في الكرامة والاحترام، والحق في الاستمرارية والحق في المسؤولية التي تعني التكامل مع أداء الآخرين.
هذا الميثاق تبلورت عنه مجموعة من القوانين الأخرى التي جعلت العمل يمشي بطريقة أسهل وأوضح مما انعكس على المؤسسات التي صارت تعرف ازدهاراً كبيراً في خدماتها وتنظيمها معا.
في تلك المؤسسات يعتمد على مبدأ الخبرة وعادة يفتح الباب للمتطوعين ليكون الأداء أفضل، على اعتبار أن المتطوع يكون جاهزاً للعمل برغبة أكبر ورغبة أكثر في أداء عمل أفضل.
كيف نحارب العنف؟
العنف أو الإهمال المرتكبين ضد المسنين سواء داخل البيت أو في مؤسسات رعاية الشيخوخة مشكلة موجودة، ولهذا يجب الكشف عنها كي يتم تصفيتها والقضاء عليها من مجتمعنا.
ويجب على كبار السن أن يعرفوا أولاً حقوقهم كي يعرفوا أن من أهم حقوقهم الإخبار عن حالة العنف التي يتعرضون لها.
وعلى الأهل أن تكون لهم دراية في كيفية التعامل مع العنف في حالة حدوثه، بمعنى أن تكون لهم دراية في الإسعافات الأولية مثلاً.
وعلى المؤسسات بالمقابل أن تهيئ للموظفين فيها الأجواء المناسبة لأجل تحمل مسؤوليتهم إزاء أي خطر.
كما أن القوانين الصارمة يمكنها أن تحد من عمليات العنف ضد المسنين سواء داخل البيوت أو في الأماكن العامة أو في مؤسسات الرعاية، كما أن الدعم الجماعي يلعب الدور المهم لأداء أفضل، بحيث يكون كل فرد مسؤولاً عن عمله وعن حماية مجتمعه من العنف عبر تغيير جذري في فكره السلبي.
في الأخير نقول: إن كل واحد منّا يجب أن يساهم بما في وسعه لمحاربة العنف سواء كان العنف جسدياً أو نفسياً أو إهمالاً، عبر تناول الظاهرة بكل صراحة وجدية للعثور على حلول لها.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|