صنّاع سينما وفنانون تحت الضوء

ركّز مهرجان روتردام بوجه عام فعالياته هذه السنة على التجارب السينمائية المجدّدة والمستقلة، وعلى تسليط الضوء على الجواهر المدفونة أو غير المصقولة في عالم السينما، مبتعداً عن السينما التقليدية الشائعة والأسماء والنجوم الكبيرة المعروفة عالمياً. ولا يكتفي المهرجان فقط بإتاحة الفرصة لعرض الأفلام المستقلة وذات الطابع الفني والتجديدي، بل يساهم في تمويلها وإنتاجها أيضا من خلال المنح التي تتراوح بين 10 آلاف - 30 ألف يورو. وفي هذه الدورة تم التركيز في فعالية (صنّاع سينما وفنانون تحت الضوء) على المخرج الفرنسي - الموريتاني (عبد الرحمن سيساكو) باعتباره واحداً من أبرز المخرجين الأفارقة المعاصرين حيث عرض فيلمه السياسي المعروف (باماكو) الذي يعتبر واحداً من أبرز عروض المهرجان. كما تم التركيز على المخرج الصيني من هونغ كونغ (جوني تو) حيث عرض عدد من أفلامه الشهيرة مثل (انتخاب) و(انتخاب 2) و(الثلاثي البطل) وغيرها. وكما اختار المهرجان الفيلم القصير (النهاردة 30 نوفمبر) إخراج محمود سليمان ليمثل مصر في المسابقة الرسمية في قسم الأفلام القصيرة وهو أحد ثلاثة أقسام رئيسية يضمها المهرجان وهي مسابقة الأفلام الطويلة ومسابقة الأفلام التسجيلية، كان الفيلم قد سبق له الاشتراك في المسابقة الرسمية في العديد من المهرجانات الدولية كان آخرها مهرجان Lunel لأفلام دول البحر المتوسط في فرنسا والذي أقيم في مدينة لونيل في الفترة من 14 إلى 27 مارس الماضي، كما حصد الفيلم 6 جوائز كان أهمها جائزة (جيرهارد ليمان) في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي في سويسرا.

46 فيلماً مستقلاً في (سينمارت)

ومن الفعاليات المهمة جدا، المرتبطة بصندوق هوبرت بالس والمكملة لعمله فعالية (CineMart) أو سوق الأفلام المشتركة الإنتاج، الذي استمر لمدة خمسة أيام ويوفر فرصة اللقاء بين أصحاب المشاريع والمبادرات السينمائية والممولين المحتملين من منتجين وموزعين وشركات كبرى. وفي هذا العام هناك 46 فيلماً مستقلاً معروضاً في (سينمارت) لبعض من أهم الأسماء في عالم السينما الفنية مثل كيم كي-دوك، محمد صلاح - هارون، ستيفن ايليوت، بروس ويبر وآخرين... لم نسمع بهم أبداً. لقد واجه المسئولون عن هذا القسم صعوبات حقيقية في اختيار الأفلام المعروضة من بين أكثر من 500 مشروع تم عرضها عليهم. كما تضمن القسم ورش عمل ودورات تدريبية قصيرة لصنّاع الأفلام الشباب خلال أيام المهرجان وبعد انتهائه أيضا. وهناك جوائز مالية في هذا القسم من المهرجان مقدمة من قبل قناة (أر تي) الفرنسية - الألمانية، ومن (مؤسسة الأمير كلاوس) الهولندية أيضا. كما تم خلال أيام المهرجان تسليط الضوء على مدينتي بوخارست وطهران، من خلال عروض أفلام روائية وتسجيلية وحفلات موسيقى حية لفنانين من رومانيا وإيران. هناك فرقة بنات موسيقية من ايران تقدم أغاني وموسيقى الراغ والريغاي تحمل اسم (أبجيز) اضافة لذلك هناك سلسلة معارض فنية (غير تقليدية) صاحبت أيام المهرجان. هذا المعرض يمزج الفنون التشكيلية بالعروض السينمائية والفيديوية والغرافيكية وألعاب الفيديو والكمبيوتر تحت شعار لافت للنظر (سرعة الضوء)، حيث تركّز على الدور غير التقليدي الذي يلعبه الضوء (تقنيات وتطبيقات ومعدات) في حياتنا الفنية والثقافية واليومية أيضاَ.

دعم 600 مشروع سينمائي حول العالم

تجدر الإشارة إلى ان صندوق هوبرت بالس التابع للمهرجان يلعب دوراً عالمياً رائداً يحتذى من قبل الهيئات المانحة العالمية الأخرى في دعم صناعة السينما وصنّاع الأفلام في الأقطار النامية بشكل عام. إذ أن المنح المالية التي يقدمها الصندوق تشكّل اعترافاً فنياً وقبولاً أولياً بالمشروع السينمائي المعني، وتسهّل اجتذاب ممولين آخرين لذلك المشروع. وخلال العشرين عاما الماضية قدم الصندوق الدعم إلى ما يقارب الـ 600 مشروع سينمائي حول العالم. وفي كل عام، يخصص الصندوق ما يزيد على مليون يورو لدعم النتاجات السينمائية المختلفة. ومن بين أحدث المشاريع التي دعمها الصندوق هي فيلم (مناخات) للمخرج نوري بيلغ سيلان، فيلم (أوبرا جاوة) للمخرج غارين نغروهو، والفيلم الفائز بجائزة النمر لعام 2006 (جنيه الكلب) للمخرج مانويل نييتو زاس. وفي عام 2006، قدم هذا الصندوق الدعم الى 58 مبادرة ومشروع سينمائي حول العالم.

الجدير بالذكر ان الصندوق يقوم بتمويله كل من: وزارة الخارجية الهولندية، ومنظمات ومؤسسات تنموية غير حكومية متعددة في هولندا، إضافة الى شبكة البثّ العام الهولندية.