إعداد - صلاح عمر شنكل
كثر الحديث عن الترقية الوظيفية، وما يعتريها من ملابسات، ومن ظلم أحياناً؛ فالبعض يشتكي من عدم الترقية سنوات طويلة، والبعض الآخر يزعم أنها تتم بطرق لا يفهم أحد معاييرها، وهناك من يدّعي أن ترقيته حُجبت أو خُطفت، وهكذا، والأمر ليس مقصوراً على مؤسسات القطاع الخاص أو العام، وإنما هي ثقافة تفشت في الكثير من الدول، وصارت تنتقل كما تنتقل الأعاصير، وإنفلونزا الطير؛ فهي لا تحتاج إلى تأشيرة سفر أو إلى تذاكر طيران، فقط تحط رحالها أينما ساعدت الأجواء على ذلك؛ فكيف تتم الترقية للموظفين يا ترى؟! وما أسس وضوابط الترقية؟ ومَن الذي يستحقها؟ ولماذا تتأخر ترقيات البعض، بينما لا تعرف ترقيات البعض الآخر التثاؤب أو العثرات؟! وما أبرز المخالفات التي ترتكب في الترقيات الوظيفية؟
لمعرفة الكثير عن هذه القضية تم طرحها محوراً للنقاش على أصدقاء (منتدى الهاتف)؛ فكان التفاعل الذي يعكس مدى رؤية الناس حول المشكلة، وجاءت مشاركات المنتدين، كما عهدناها، بها الكثير من العفوية، متجاوبةً مع ما طرح من إشكالية؛ فإليكموها كما وردتنا.
أخلاقيات وسلوكيات
( أبو تركي: الترقية من أهم الأمور بالنسبة للموظف، ولولاها لظل هذا الموظف أو العامل طوال حياته في مكانه، وهي من الأشياء المحفزة، ولها ضوابط وقوانين وأعراف متفق عليها في كل بلدان العالم، وفي كل مجالات الحياة لا يكون هناك تطور في ميادين العمل بلا ترقية، وظيفية ومالية، ولن يكون العامل أو الموظف مستحقاً لتلك الترقية ما لم يلتزم بتلك الضوابط، وقوانين العمل وأخلاقياته، وسلوكياته الإيجابية، ولكن ما نراه في العالم اليوم لا يستند إلى أي من تلك القيم في كثير من جوانبه، وغالباً يرتكز على المزاج وعلى معايير أخرى.
واسطة وشفاعة
(عمرو بن إبراهيم العمرو (كاتب صحفي): الترقية الوظيفية، وما أدراك ما الترقية؟! أمل كل صالح، ومكسب كل حريص، كيف لا وهي عتبة من عتبات سلم النجاح، ودرجة من درجات التفوق والفلاح؟ فكل موظف أو موظفة أو عامل أو عاملة يحلم بهذا اليوم؛ فهو بداية التجديد وإيذان بعهد جديد في المركز الوظيفي، وعقد قصة مع عهد وظيفي جديد فيه تغيير للدماء الشابة؛ لذا نرى أن هذه الترقية مهمة ضرورية للجميع ولا نستغني عنها؛ لذا باتت لها مقتضيات وضوابط؛ أولى هذه الضوابط أن تكون هذه الترقية لمن يستحق عملاً بأن يكون وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وثانياً أن تكون هذه الترقية باسمها الحقيقي ترقية؛ أي منح صلاحيات لهذا الشخص المرقى مع إعطائه سلطات تتيح له أن يعمل ويبدع؛ لأنها جاءته بناء على جدارته. ثالثاً أن تكون مكافأة؛ فهي حق، لكنها حق يكافأ به من يستحق، ومن هو أهل لهذه الترقية وأهمس في أذن الجميع بأن يخشوا الله سبحانه وأن يمنحوا هذه الترقية لمن هو مستحق لها. ونجد في بعض المخالفات أن بعض الأشخاص قد يبحث عن الترقية عن طريق الوساطات أو الشفاعات، وهو غير جدير بذلك، وبعض الأشخاص إذا ترقى يرى نفسه على باقي زملائه، وأنه أصبح مديراً لهم، ويجب عليهم أن يحترموه، حتى ولو كان مخطئاً، بينما الدين الإسلامي حثنا على أن نقبل الحق، وأن نعطي كل ذي حق حقه، وكذلك بعض الأشخاص يستخدمون السلطات بشكل واسع دونما مراعاة لله في كون هذه السلطات جاءت من الترقية التي لم تأت إلا مراعاة لأنه يعمل في هذا القطاع وأنه يميز عن غيره لولا أنه عامل في هذا القطاع فقط، وكلنا مجندون لخدمة الدين ثم الملك والوطن، ونتمنى من الجميع أن يراعوا الأمانة في كل شيء وأن تكون هذه الترقية بداية عهداً جديداً وسعيداً للموظفين عموماً المرقى منهم وغير المرقى بأن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب هو شعار الجميع وهو ديدن الرضا لجميع الناس.. وشكراً ل(الجزيرة).
من الواقع
(نعمة سليم الطلحي (كلية التربية بمكة): منذ أن تعينت عام 1407 قبل 21 عاماً لم أترق من المرتبة السابعة إلى المرتبة التي تليها وراتبي متجمد منذ ثماني سنوات مع العلم بأن تقديراتي كلها ممتازة في الأداء الوظيفي، وأحمل مسؤولية تأخر الترقية كل من له صلة بذلك، وأحمل هذه الأمانة، وسأسأله يوم الدين، ومَن هو السبب في تأخر الترقيات.
ثقافة التسلق
(حصة الزويد - الرياض: الجميع ينشد التميز في حياته والنجاح في العمل يعكس جانباً من النجاح في الحياة، ومن ذلك الترقية في الوظيفة وهناك العديد من الموظفين والموظفات يبذلون الأسباب ويعملون بانتظام وأحياناً يعملون زيادة على ساعات العمل فنجدهم يستحقون الترقية بجدارة؛ لأنهم سعوا إلى ذلك وحصلوا على هذا المنصب بجهد وتعب، ولكن من الموظفين من ينال الترقية في وظيفته من خلال الواسطة أو يكون مدير الشركة أو القطاع الذي يعمل فيه قريب له فيفضله على غيره، حتى لو لم يكن مستحقاً لها؛ فالواجب على رجال الأعمال ومديري الشركات والمؤسسات أن يتقوا الله في ذلك ويعدلوا بين الموظفين؛ حتى لا تعم الفوضى والفساد في بلادنا الحبيبة، وحتى لا تنعدم الثقة بين الناس، فحينما يرقى الشخص الأمين المخلص المحب لعمله، فسيكون ذلك إضافة لكل قيم الخير، ويعد مكسباً لمنظمة العمل ولأصحاب العمل، أما عندما يرقى من لا يستحق فسيكون ذلك على حساب المصلحة العامة، ويكون تشجيعاً للنصب والاحتيال، وسيادة لثقافة التسلق وسرقة حقوق الآخرين في الترقية الوظيفية.
الظلم ظلمات
(سعود السالم: الترقية الوظيفية من الأشياء التي ينتظرها الموظف لكي تنقله إلى مرحلة جديدة من العمل، يجب أن تنعكس على أدائه، وعلى الإنتاجية للجهة التي يعمل بها، لكنها أيضا يجب أن تراعى فيها الضوابط والأصول؛ لأن كثيراً من مشاكل الترقيات، سواء تأخرها أو ذهابها لمن لا يستحق، ليس ناتجاً من الموظف المرقى، بل من الجهة التي منحته الترقية، وغالباً تكون تلك الترقية بموجب توصية أو تزكية، وهنا المسؤولية أمام الله؛ إذ يجب ألا يزكي أحد أحداً إن لم يكن مستحقاً لتلك التزكية أو التوصية، حتى لا يذهب الحق إلى غير أهله، وفي هذا ظلم عظيم والعياذ بالله، ولكي لا ندخل في هذه الزاوية الضيقة، يجب علينا ألا نبحث عن شيء لا نستحقه، وألا نعطي الترقية لشخص غير مؤهل لها؛ فالمسؤولية عظيمة، والظلم ظلمات يوم القيامة.
أهل الثقة
(منال السعد: الترقية الوظيفية فيها الكثير من الضوابط والأنظمة، ولكن قليلاً ما يلتزم الناس بها، أما المخالفات التي عادة ما تحدث فيها فهي تتمثل في الآتي: أولاً إعطاء الترقية لمن لا يستحقها، وهذا يحدث للأسف في الكثير من المؤسسات والمصالح، وفي الكثير من دول العالم، وخصوصا في عالمنا العربي الإسلامي، وكذلك استغلال الترقية لتصفية الحسابات بين الزملاء، وهذا يتنافى مع أخلاقيات العمل، كما أن البعض يسعى لأخذ حق الآخرين في الترقية إما عن طريق النصب أو الخداع والوشاية الكاذبة وغير ذلك؛ حتى يكون مقربا من المسؤول فيحظى بالثقة ومن ثم يحظى بكل حوافز هذه الثقة. والمخالفات من الكثرة بحيث تستعصي على العدّ والحصر، يتفنن فيها المخالفون بكل الوسائل والأساليب، وأملنا كل أملنا أن يخشى الناس ربهم في سرقة حق الغير في الترقية الوظيفية، وأن يلتزم الناس بالأخلاق والسلوك الجيد؛ فالأرزاق قسمها الله يوم أن خلق السموات والأرض، ولن يزيدها (النصب) ولن ينقصها الصدق.