|
هذا التشويه ..!! |
من المؤكد أننا جميعاً نسير على خطى من يحرص على أن يرى بلاده بمدنها وقراها في أجمل حُلَّة وأحسن صورة..
ليس فيها ما يشوِّه صورتها..
أو يعطي انطباعاً غير حسن عن حليتها..
وهاجس كل منَّا أن يراها صورة جذابة، أو لوحة خلابة تتميز على ما عداها من الأعمال الفنية الجميلة..
***
لكن ما نتمنَّاه شيء..
وما نراه شيء آخر..
فهناك مظاهر ينفر المرء منها..
وسلوك نتأذى منه، ونؤذى به..
هناك أشياء يتوقف الإنسان مستنكراً رؤيته لها..
وأخرى يثير وجودها استغراب المرء ودهشته..
***
فهذه الشوارع الجميلة النظيفة والمُعبَّدة..
لماذا نقسو عليها ونشوّهها بالحفريات..
ومتى تتوقف الآلة عن ممارسة هوايتها تقطيعاً بالشوارع طالما أنها لا تعيدها إلى الحال التي كانت عليها من قبل..
وأين المشرف والمراقب والمتابع ، ومن يحاسب المقصِّر والمهمل على ما آلت إليه شوارعنا الجميلة من تشويه للجماليات التي كانت عليها..؟
***
يحفرون الشوارع لتمديد الماء أو الكهرباء أو الهاتف..
ولا بأس في هذا لو أن هذه الشوارع تُعاد إلى وضعها السابق بعد إجراء التمديدات اللازمة..
يشقُّون قنوات في الشوارع لتمديد أنابيب لتصريف السيول والمجاري..
ومثل هذا العمل مقبول ومشروع لو أنه أتبع بعد الانتهاء من تنفيذه بإعادة الشوارع إلى ما كانت عليه..
غير أن ما نراه أنها لا تعود ثانية بمستوى ما كانت عليه..
وأن عين الرقيب تكون غائبة وغير جادة في محاسبة المقصِّر والمهمل وغير المبالي بما أوكل إليه من مهمات..
***
أشعر بمرارة..
بأسى..
وبألم..
كلما رأيت شارعاً قد انتهى من التمديدات ، ثم أعيد ترقيعه بسفلتة لا تلبث بعد بضعة أيام إلا وقد تحولت إلى أخاديد وحفر ونتوءات ، ولا أحد رأى ولا أحد سمع..
***
فيا أمانات المدن..
ويا كل البلديات..
أسألكم: هل يرضيكم هذه الحال ؟
وسلامتكم !!
خالد المالك
|
|
|
هل ينافس الذكاء الاصطناعي العقل البشري؟!! |
* إعداد محمد شاهين
البحث عن ماهية الذكاء شغل الفلاسفة قبل أكثر من ألفي عام، فقد حاولوا فهم كيف تتم رؤية الأشياء، وكيف يتم التعلم، والتذكر والتعليل. ومع حلول استخدام الكمبيوتر في الخمسينات تحولت هذه البحوث إلى أنظمة تجريبية واقعية.
وبالرغم من أن علماء النفس لم يتمكنوا من تحديد تعريف جامع شامل لمفهوم الذكاء الطبيعي أو البشري، إلا أنه يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي أو التوصل إلى مفهوم خاص حوله وهو أنه علم حديث من أحدث علوم الحاسب الآلي، وينتمي هذا العلم إلى الجيل الحديث من أجيال الحاسب الآلي ويهدف إلى أن يقوم الحاسب بمحاكاة عمليات الذكاء التي تتم داخل العقل البشري، بحيث تصبح لدى الحاسب المقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات بأسلوب منطقي ومرتب وبنفس طريقة تفكير العقل البشري.
الأمر الذي يستوجب التوقف عنده طويلا هو محاولة إكساب هذا الإنسان الآلي بعضا من الأحاسيس والمشاعر البشرية، وفكرة زرع بعض المشاعر والأحاسيس داخل الإنسان الآلي، من منطلق انه لم يكن ينقص صناعة الإنسان الآلي غير المشاعر. وقد سبقت أفلام الخيال العلمي في طرح هذه الفرضية البعيدة عن الواقع، وكعادتها حولتها إلى واقع ملموس. وقد تناول أحدها قصة وضع طفل آلي وسط عائلة من البشر، وجعله يكتسب نوعا من المشاعر بالتدرج وفق برنامج علمي خيالي، وتصل القصة إلى نجاح هذا البرنامج إذ أخذ الطفل الصناعي يحب أبويه الافتراضيين إلى حد يصدق المشاهد له أنه حب حقيقي.
هل يتحول الإنسان إلى آلة؟
بالرغم من أن القصة تنطوي على كثير من المبالغة والتي تصل إلى حد غير مقبول أحياناً، إلا أنها تلفت النظر إلى الطبيعة البشرية في هذا العصر، حيث تنهال التساؤلات على العقول.
فهل يصبح الإنسان آلة في داخله؟. هل تكتسب ذواتنا طبائع الآلات كما اعتادت أجسامنا التعامل معها؟. وبالأحرى، هل يدرك الإنسان ما هو فيه من اتجاه للميكنة البشرية؟!.
لا شك أن التطور الهائل الموجود في العالم اليوم والمظاهر التقنية والحضارة الرقمية، كل ذلك لا شك أنه تغلغل في حياة الناس في كل المجتمعات بحيث أصبح ضرورة لا غنى عنها على الإطلاق. كما لا يمكن إغفال ما لهذه الحضارة من فوائد ومميزات.
ولكن ما أود الإشارة إليه هنا وأنا أنعم بهذه الحضارة انها ليست خالصة الفوائد دون وجود العيوب والمؤثرات السلبية. ولعل القارئ هنا يتخيل أن المؤثرات تعني المضار الصحية التي تسببها الأجهزة والمصانع والمواد المستخدمة في الصناعات المختلفة وما إلى ذلك. والحقيقة أنه بالرغم من أهمية تلك المؤثرات بالنسبة لحياة الفرد إلا أن هناك مؤثرات أخرى قد لا يدركها الإنسان مباشرة ولكنها تعتبر أكثر أهمية وأشد أثراً على الحياة العامة والخاصة بالإنسان على حد سواء.
الميكنة البشرية..
كان الحديث عن الإنسان الآلي وتطوره مجرد مثال للتدخل في الخلقة البشرية، حيث إن هناك أمثلة كثيرة على تلك المحاكاة والتقليد. ولنأخذ مثالاً على ذلك الأبحاث التي بدأت تؤتي أُكلها في مجال الأعضاء التعويضية الصناعية في جسم الإنسان.
لقد بدا قريباً لنا أن نرى جسم الإنسان يشتمل على أعضاء صناعية مثل الكبد والقلب الصناعي وأخيراً المخ الصناعي.
لقد بدا للعلم أنه من السهل الآن إنجاز جهاز يحل محل بعض أجزاء المخ ويتصل بأعضاء الجسم ليقوم بالتحكم فيها. والأمثلة على ذلك كثيرة، إحدى الجامعات الأمريكية قامت بتصنيع وتجربة أحد الأجهزة التي يفترض أن تحل محل المخ في الإنسان وذلك للتغلب على بعض أنواع الأمراض المستعصية مثل مرض الزهايمر والفشل المخي.
إلا إن النظر إلى العملية في حد ذاتها شيء مخيف. وهذا ما يجعل تلك العمليات المتعلقة بالمخ وكل ما يعتبره العلماء انتصاراً يلقى المعارضة من قبل المنتصرين للأخلاقيات والأعراف. كما تثير هذه العمليات الكثير من القضايا مثل ما إذا كانت هذه الآلات التي تثبت في المخ سوف تعالج فقط الأمراض وتتغلب على العيوب الموجودة في المخ الطبيعي، أم أنها سوف تنطوي على تأثيرات أخرى على طباع وسلوك ووعي الإنسان المعالَج؟. وعلى ذلك كانت هناك كثير من القضايا التي أثيرت لمجرد ذكر إمكانية العبث بمخ الإنسان، ذلك العضو الذي يحمل هوية المخلوق وذاكرته وعاداته ودينه وكل ما اكتسب من خبرة.
وللتذكير: أليس هذا ما نراه في أفلام الخيال العلمي حيث يحتوي جسم الرجل على آلة أو جهاز ما لفائدة ما؟!. ألم يصبح من غير العقل أن نطلق عليه خيالاً علمياً بعد الآن؟!.
دعونا نستعرض بعض الأمثلة الأخرى:
جهاز لقراءة العقول
قامت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بتطوير برنامج كمبيوتر يمكنه قراءة الكلمات قبل نطقها من خلال تحليل إشارات الأعصاب في أفواه الناس وحلوقهم، حيث أظهرت النتائج الأولية أن مجسات بحجم الأزرار يتم وضعها اسفل الذقن وعلى كل جانبي تفاحة أدم يمكنها التقاط الأعصاب من اللسان والحلق والحبال الصوتية ويمكن بالفعل استخدامها لقراءة العقول.
وكما يقول أحد العلماء (إن الإشارات البيولوجية تنشأ عند القراءة أو التحدث مع الذات سواء مع أو بدون حركة للشفاه أو الوجه). وذلك يعني أن الجهاز سوف يدخل إلى المخ حتى يخبرنا بما يود الإنسان التفوه به، بل وما يفكر به أيضاً قبل أن ينطق.
ومن ناحية أخرى، قال (فيل جرين) وهو عالم كمبيوتر يركز على الكلام والسمع بجامعة شيفلد بالمملكة المتحدة عن هذا البحث (مثير ومبتكر) وأضاف (انه إذا كنت لا تتحدث فعلاً وتفكر فقط في الكلام، عندئذ على الأقل يتم إرسال بعض الرسائل من المخ إلى الحبال الصوتية).
أما علماء وكالة ناسا فقد كان في رأيهم أن هذه المجسات يمكن استخدامها في الحياة اليومية بشكل بارع حيث يمكن للأفراد استخدامها في وسائل النقل المزدحمة بدون أن يسمعهم الآخرون.
أسلاك في اليد لتحريك الأشياء
وقد قام فريق من العلماء في إحدى الجامعات البريطانية بزرع نظام دقيق من الأقطاب الكهربائية في ساعد بروفيسور لعلم الضبط بالمملكة المتحدة، كيفين وارويك، حيث يسمح هذا الجهاز الذي يبلغ طوله سنتمترا واحدا الاتصال الثنائي بين الكمبيوتر والنيترونات في العصب الأوسط بذراع الدكتور وارويك. وفي حين يأمل القائمون على المشروع ظهور نتائج طبية كبيرة لعدد كبير من الأشخاص، وخاصة لمساعدة المصابين في العمود الفقري على التحرك، يأتي خبراء الهندسة الحيوية ليطلقوا على هذا المشروع أنه ليس إلا (وسيلة للتحايل) وأضاف نيك دونالدسون بجامعة لندن انه جيد للصناعة الترفيهية، ولكنه لن يسهم بأي جديد في علم الأعصاب وعلاجها.
في عام 1998، قام وارويك بزرع جهاز إرسال بسيط بشكل مؤقت في ذراعه تم توصيله لاسلكياً بالكمبيوتر، ولذلك عندما كان يتجول في قسمه بالجامعة، كانت الأبواب تفتح والمصابيح تعمل.
ويتكون الجهاز الجديد الذي تم زرعه من نظام من الأقطاب الكهربائية الصغيرة به 100 زرار معدني، كل منها بسمك الشعر البشري، فيما تمتد الأسلاك التي تم توصيلها بالجهاز إلى 15 سنتمتراً على ذراع «وارويك» وتبرز من الجلد، وتم توصيل هذه الأسلاك بجهاز استقبال وإرسال لاسلكي يمكنه توصيله مع جهاز الكمبيوتر.
وقال وارويك لمجلة (نيوساينتست) (سوف نقوم بوضع الإشارات في الأعصاب لنرى ما إذا كان من الممكن أن نحصل على حركة في اليد وإذا تمكّنا من جعل أصابعي تتحرك، فذلك سوف يكون شيئاً مثيراً).
أبحاث مماثلة على الحيوان
ويتم استخدام النظام المزروع في ذراع وارويك على الحيوانات للقيام بأبحاث عصبية علمية ولفحص النشاط المتزامن لعدد من الخلايا العصبية تصل إلى 100 خلية، إلا إن دونالدسون غير مقتنع بأن تجربة وارويك سوف ينتج عنها نتائج قيمة وأضاف (أشك في أنهم خلال أسابيع قليلة سيقومون بأي شيء مفيد في علم الأعصاب).
ومن ناحية أخرى، يقول وارويك إنه يأمل أن يتم استخدام مثل هذه الجراحات الترقيعية العصبية لاستعادة الوظائف الحسية والحركية المفقودة بسبب الإصابة بالعامود الفقري، والأمراض العصبية الأخرى أو في حالة بتر الأطراف. كما تم استخدام الحث الكهربائي لمساعدة المرضى المصابين في العامود الفقري على المشي، إلا إن حركة السير التي يقومون بها تعتبر ضعيفة المستوى نسبياً وفقاً للمقاييس الطبيعية. وأضاف دونالدسون (من وجهة نظري أنه لن تقوم تكنولوجيا على المدى القصير بجعل المصابين بالشلل يسيرون أفضل مما تم وسيكون هذا التوجه مفيداً فقط لعلاج محدود للضرر ينطوي على مراقبة وحث خلية عصبية واحدة أو اثنتين).
صراع الإنسان والآلة
ولا يجب أن يعتقد القارئ أن هذه المحاولات جديدة على العالم أو أنها وليدة هذه الأيام فقط وإنما هي موجودة منذ فترة ليست بالبعيدة، حيث يمكن القول إنها بدأت مع بزوغ فجر الحاسبات الآلية تلك العقول الإلكترونية التي كان تصميمها في الأساس محاولة لابتكار عقول تحاكي العقل البشري أو على الأقل تقوم ببعض وظائفه. ولعل من أشهر المواجهات التي كانت تعقد بين العقل البشري والعقل الإلكتروني هي تلك المباريات على لعبة الشطرنج والتي كانت تقام لها مسابقات سنوية.
وقد بدأت مثل هذه المسابقات في طرح سؤال مهم ألا وهو: هل يمكن لجهاز الكمبيوتر أن يفكر؟. والحقيقة أن مباريات الشطرنج بدأت منذ منتصف القرن الماضي وبالتحديد في عام 1945 عندما استخدم آلان تونرج لعبة الشطرنج على الكمبيوتر كمثل لقدرات ذلك العقل الصناعي أو ما اصطلح عليه فيما بعد تحت مسمى ذكاء الكمبيوتر، أو الذكاء الاصطناعي. بعد ذلك قام آلان بتصميم أول برنامج للعبة الشطرنج على الكمبيوتر وبعد ذلك توالت المحاولات وكما توالت الجولات بين العقل الاصطناعي وبين عقل الإنسان حيث استمرت إلى الآن، حيث كان من أشهر المتصارعين البرنامج الشهير والذي صممته شركة مايكروسوفت تحت اسم DEEP BLUE وكان الخصم البشري هو السوفييتي كاسباروف.
أما المفاجأة فكانت انتصار الكمبيوتر على اللاعب كاسباروف في أول مباراة من نوعها. ولكن بعد ذلك استرد العقل البشري التاج في هذه اللعبة. ولكن المعركة استمرت سجالاً بين الطرفين، وهي مستمرة إلى الآن حتى مع بطل العالم الحالي للعبة الشطرنج على الكمبيوتر الروسي أيضاً فلاديمير كارمنيك.
عقل الإنسان... اللغز المحير
البشر هم التجسيد الوحيد الحقيقي للذكاء الواعي على هذا الكوكب بالإضافة إلى بعض الحيوانات القليلة التي تشترك مع البشر في بعض سمات الذكاء مثل القردة مثلا، وإذا أردنا أن نجعل أجهزة الكمبيوتر أكثر ذكاء فمن الأفضل أن نتطلع إلى مملكة الحيوانات، ونحن رغم معرفتنا الكبيرة عن المخ ما زلنا نجهل الطريقة التي يعمل بها أو يؤدي بها وظائفه.
في عام 1949 اكتشف العالم النفسي دونالد هيب اكتشافا كبيراً حيث قدم مبدأ عاماً للتعلم بسيط جدا ولكنه للأسف غير معروف للكثيرين، حيث توصل إلى أن توصيلات إدخال المعلومات إلى الخلية العصبية متصلة بتوصيلات خروج البيانات من الخلايا العصبية الأخرى في الشبكة العصبية..
وتقوم هذه الخلية بإرسال الإشارة التي تحفز الخلايا الأخرى عندما يتجاوز إجمالي المداخل قيمة الحد الأدنى، وتأخذ الإشارة التي ترسلها الخلية العصبية شكل انفجار عشوائي من النبضات، ويؤدي ذلك إلى سلوك معقد للشبكة برمتها، وهو سلوك معقد ومن الصعب تحليله. وحتى اليوم ما زال الإنسان يحتاج إلى محاكاة شبكات صغيرة جداً لاكتشاف ما يمكن أن يكون عليه سلوكها. إن أهم ميزة في المخ البشري والتي لا تقتصر على كونها شبكات عصبية هائلة هي التعلم، والسؤال هو ما هذا الذي يحدث داخل هذا العقل لكي تحدث عملية التعلم؟!
بدأ العالم بعد ذلك ينمي فكرة إحلال الذكاء الصناعي محل الذكاء الطبيعي أو البشري إلى أن وصل العالم إلى وقت يحل فيه الكمبيوتر محل الإنسان، من أجل الإنجاز العلمي تارة ومن أجل الترفيه والانتصارات العلمية فقط تارة أخرى.
والعجيب أننا ندرك ذلك وننبهر به. إنه الضوء الذي يخطف الأبصار، ولم لا طالما ينعم الإنسان بالترف والراحة والرفاهية والسعادة على ظهر الكوكب. والمشكلة أن إنسان العصر لا يرى من كل هذه التقنيات إلا الوجه المشرق منها، بالرغم من أن هناك وجهاً أكثر قساوة ينتظره في الجهة الأخرى.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|