|
هذا التشويه ..!! |
من المؤكد أننا جميعاً نسير على خطى من يحرص على أن يرى بلاده بمدنها وقراها في أجمل حُلَّة وأحسن صورة..
ليس فيها ما يشوِّه صورتها..
أو يعطي انطباعاً غير حسن عن حليتها..
وهاجس كل منَّا أن يراها صورة جذابة، أو لوحة خلابة تتميز على ما عداها من الأعمال الفنية الجميلة..
***
لكن ما نتمنَّاه شيء..
وما نراه شيء آخر..
فهناك مظاهر ينفر المرء منها..
وسلوك نتأذى منه، ونؤذى به..
هناك أشياء يتوقف الإنسان مستنكراً رؤيته لها..
وأخرى يثير وجودها استغراب المرء ودهشته..
***
فهذه الشوارع الجميلة النظيفة والمُعبَّدة..
لماذا نقسو عليها ونشوّهها بالحفريات..
ومتى تتوقف الآلة عن ممارسة هوايتها تقطيعاً بالشوارع طالما أنها لا تعيدها إلى الحال التي كانت عليها من قبل..
وأين المشرف والمراقب والمتابع ، ومن يحاسب المقصِّر والمهمل على ما آلت إليه شوارعنا الجميلة من تشويه للجماليات التي كانت عليها..؟
***
يحفرون الشوارع لتمديد الماء أو الكهرباء أو الهاتف..
ولا بأس في هذا لو أن هذه الشوارع تُعاد إلى وضعها السابق بعد إجراء التمديدات اللازمة..
يشقُّون قنوات في الشوارع لتمديد أنابيب لتصريف السيول والمجاري..
ومثل هذا العمل مقبول ومشروع لو أنه أتبع بعد الانتهاء من تنفيذه بإعادة الشوارع إلى ما كانت عليه..
غير أن ما نراه أنها لا تعود ثانية بمستوى ما كانت عليه..
وأن عين الرقيب تكون غائبة وغير جادة في محاسبة المقصِّر والمهمل وغير المبالي بما أوكل إليه من مهمات..
***
أشعر بمرارة..
بأسى..
وبألم..
كلما رأيت شارعاً قد انتهى من التمديدات ، ثم أعيد ترقيعه بسفلتة لا تلبث بعد بضعة أيام إلا وقد تحولت إلى أخاديد وحفر ونتوءات ، ولا أحد رأى ولا أحد سمع..
***
فيا أمانات المدن..
ويا كل البلديات..
أسألكم: هل يرضيكم هذه الحال ؟
وسلامتكم !!
خالد المالك
|
|
|
مستشار الأمن القومي الأمريكي في إدارة كلينتون: الديموقراطيون مطالبون بتحديد ملامح سياستهم الخارجية |
* إعداد إسلام السعدني
فيما تتسارع وتيرة معركة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، باتت تلك الانتخابات المقرر إجراؤها في نوفمبر القادم المحور الرئيسي لجدل واسع النطاق تموج به أمريكا حول النتائج التي ستتمخض عنها، وعما إذا كانت ستسفر عن بقاء الرئيس (جورج بوش) في الحكم أم ستأتي بإدارة ديموقراطية إلى البيت الأبيض بعد غياب دام أربع سنوات، وقد كانت إمكانية عودة الديموقراطيين إلى الحكم وما يتوجب عليهم فعله على صعيد السياسة الخارجية في هذه الحالة، محوراً للمقال الذي نشرته دورية (فورين أفيرز) ل (صاموئيل برجر) مستشار الأمن القومي الأمريكي في إدارة الرئيس الديموقراطي السابق (بيل كلينتون)، والذي يطرح فيه (برجر) رؤيته لما يتعين على أية إدارة ديموقراطية انتهاجه من سياسات على الساحة الدولية حال تربعها على قمة السلطة في واشنطن.
في مستهل مقاله يؤكد (برجر) أن الجدل الحاد الناشب في الولايات المتحدة حالياً خلال عام الانتخابات الرئاسية حول محددات السياسة الخارجية الأمريكية لا ينصب فقط حول وسائل هذه السياسة بل يمتد أيضاً إلى الغايات المرجوة منها. ويشير إلى حقيقة كون معظم الديموقراطيين يوافقون على بعض سياسات الرئيس (جورج بوش) الخارجية بشأن عدد من القضايا ومن بين هذه القضايا مسألتا مكافحة الإرهاب والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل.
وأوضح (برجر) أن هؤلاء الديموقراطيين يرون من هذا المنظور أن الحرب في أفغانستان كانت ضرورية وعادلة، وأن عراق صدام حسين كان يمثل تهديداً ينبغي التعامل معه بشكل أو بآخر.
وأضاف المسؤول الأمريكي السابق في مقاله أن إدارة بوش بدأت بمرور الوقت تتبنى بعض أفكار الديموقراطيين على الأقل على مستوى التصريحات وهي تلك الأفكار التي تتحدث عن أن إحراز النصر على الإرهاب يتطلب من الولايات المتحدة ما هو أكثر من مجرد تدمير وإنهاء نظام حكم فاسد على سبيل المثال بل يستلزم توفير بديل جيد لهذا الشيء السيئ الذي تم تدميره لدعم هؤلاء الأشخاص الذين يطمحون في العيش في مناخ من الحرية والسلام يستطيعون في ظله قهر الفقر والمرض.
وقال (برجر) إنه على الرغم من هذا الاتفاق الظاهري في الآراء بين الجمهوريين والديموقراطيين إلا أن إدارة (بوش) في سعيها لتحقيق هذه الأهداف كانت محكومة بمجموعة من المبادئ المتطرفة التي تتناول كيفية تحرك الولايات المتحدة على الصعيد العالمي، موضحاً أن الخبراء الاستراتيجيين الرئيسيين بداخل الإدارة الحالية يرون أن القوة التي تمتلكها أمريكا خاصة في المجال العسكري هي الوسيلة الوحيدة التي يمكن لواشنطن استخدامها لتحقيق مصالحها في مثل هذا العالم المضطرب. وأضاف أن هؤلاء المفكرين يرون أنه لا يهم كثيراً ما إذا كانت الولايات المتحدة تحظى بالإعجاب والتقدير من جانب شعوب العالم أم لا طالما ظلت مهيبة الجانب على الساحة الدولية.
تحالفات مؤقتة
وأوضح (برجر) أن الخبراء الاستراتيجيين في الإدارة الأمريكية يرون أيضاً أنه من الأفضل للبلاد الاستعانة بتحالفات مؤقتة لدعم تحركاتها على الصعيد الخارجي بدلاً من التحالفات الدائمة، وذلك انطلاقاً من أن التحالفات الدائمة توجب على أمريكا تقديم الكثير من التنازلات.
وأشار إلى أن هذه الرؤية تفترض كذلك أن الولايات المتحدة باتت بحكم الظروف الحالية قوة حكيمة ذات نوايا حسنة، ومن هذا المنظور لا تعد واشنطن في حاجة لأن تحظى بالقبول أو الشرعية من الآخرين.
ويواصل مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق عرضه للرؤى التي يتبناها خبراء الشؤون الاستراتيجية في إدارة (بوش) قائلا إن هؤلاء يؤمنون بأن المنظمات الدولية والقانون الدولي ليسوا إلا فخاً اصطنعته الدول الضعيفة لتقييد تحركات أمريكا على الصعيد الخارجي.
ثم ينتقل (برجر) بعد ذلك إلى نقطة أخرى مشيراً إلى الخلافات الحادة التي تعصف بالإدارة الأمريكية نفسها حالياً بين وزير الخارجية (كولن باول) ووزير الدفاع (دونالد رامسفيلد)، واصفاً هذه الخلافات بأنها بمثابة (صراع حضارات) حقيقي، وليست مجرد اختلافات في وجهات النظر حول بعض السياسات مثل مسألة شن الحرب على العراق، أو حجم المبالغ التي يتم تخصيصها للمساعدات الخارجية وما إلى ذلك.
ويضيف أن هذا التباين في الرؤى يعبر عن مفاهيم متناقضة بكل ما في الكلمة من معانٍ تسود أروقة الإدارة الأمريكية، مشيراً إلى أن هذه المفاهيم تتمحور حول الدور الذي يتعين على الولايات المتحدة الاضطلاع به في العالم.
ويوضح (برجر) أن تلك الخلافات تعكس في جوهرها أيضاً معركة تدور رحاها بين هؤلاء ممن يرون أن قوة أمريكا تتعاظم وتتزايد عندما تعمل بشكل متناغم مع حلفائها للدفاع عن القيم والمصالح المشتركة، وبين من يعتقدون أنه إما أن تتحرك الولايات المتحدة بشكل منفرد على الصعيد الدولي أو من الأفضل لها ألا تتحرك على الاطلاق.
ويؤكد أنه طالما لا يشعر المتشددون في إدارة (بوش) بالخجل أو الحرج وهم يدافعون عن رؤيتهم الخاصة بسياسة البلاد الخارجية خلال المرحلة المقبلة، فإن على الديموقراطيين بدورهم أن يكونوا واضحين خاصة في عام الانتخابات بشأن ما يعتزمون القيام به لتعزيز الأمن والاستقرار والرفاهية في الولايات المتحدة، وما يريدون فعله لنشر القيم الديموقراطية في العالم واستعادة نفوذ ومكانة أمريكا وقدرتها على قيادته.
وشدد (برجر) على ضرورة أن يحدد الديموقراطيون ملامح السياسة الخارجية التي سينتهجونها إذا ما وصلوا إلى الحكم في أمريكا، مؤكداً أن هذه السياسة لا يجب أن تتضمن تحديد الأهداف التي ينبغي أن تحققها الولايات المتحدة على الصعيد الدولي فحسب، ولكن يجب أيضاً أن تشتمل على الآليات التي يمكن من خلالها إعادة بناء قدرة البلاد على تحقيق تلك الأهداف.
وأشار (برجر) في مقاله إلى أن كل الإدارات الأمريكية التي أقدمت على شن حروب سواء كانت جمهورية أو ديموقراطية رأت أن هناك أشياءً في العالم ينبغي على البلاد التصدي لها عسكرياً، من قبيل أنظمة حكم تشكل تهديداً للولايات المتحدة أو أفراد يستحقون وصمهم بأنهم شياطين لا يمكن وقفهم عن غيهم سوى بالقوة.
وطرح (برجر: رؤية مفادها أنه بالرغم من أن على أمريكا العمل من أجل تغيير البيئة الاقتصادية والاجتماعية التي تمثل التربة الخصبة لظهور الإرهابيين وازدياد أعدادهم، إلا أنه شدد على ضرورة أن تعترف واشنطن بأن مجرد التعامل مع جذور الإرهاب لا يعني أن الإرهابيين وخاصة المتشددين منهم سيتوقفون عن مهاجمة الولايات المتحدة وحلفائها، مشيراً إلى أن السبيل الأمثل للتعامل مع هؤلاء هو اعتقالهم أو قتلهم.
مأزق العراق
ويعود (برجر) بعد ذلك لتناول ما تعانيه أمريكا حالياً في عراق ما بعد الحرب من صعوبات، مشيراً إلى أنه قد ثبت خطأ النظريات التي استندت إليها إدارة (بوش) وتوقعت من خلالها أن معظم الدول الحليفة لأمريكا ستشارك في الحرب في نهاية المطاف عندما تعلم أنها ستندلع سواء شاءت أو أبت، مؤكداً أنه ثبت أيضاً خطأ الرؤية التي كانت تقول إن واشنطن ليست في حاجة لتفويض من الأمم المتحدة لشن الحرب.
وأوضح أن فشل الولايات المتحدة في الحصول على تأييد حلفائها القادرين على تقديم الدعم لها في العراق مثل فرنسا وألمانيا وتركيا قد أدى إلى زيادة أعباء هذه الحرب بشرياً ومادياً واستراتيجياً، مشيراً إلى أن زيادة تلك الأعباء تهدد الاحتلال الأمريكي للعراق.
ويستعرض المسؤول الأمريكي السابق في مقاله بعض الأخطاء التي وقعت فيها إدارة بوش في فترة ما بعد حرب العراق، مشيراً إلى أن هذه الإدارة واصلت تبديد ما تبقى من نفوذ لأمريكا في العالم من خلال قراراتها الخاطئة ومن بينها كما يقول القرار المتهور الذي اتخذته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بحرمان الدول التي لم تشارك في الحرب من عقود عمليات إعادة الإعمار، ويلفت الكاتب النظر إلى أن هذا القرار جاء في الوقت الذي كانت فيه الإدارة الأمريكية تناشد حكومات هذه الدول شطب ديونها المستحقة على العراق.
ولا يكتفي (برجر) بذلك بل يمضي قائلا: إن (القليلين لاحظوا ذلك القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة بتعليق جزء من مساعداتها العسكرية إلى عدد من دول العالم، لأن هذه الدول لم توافق على منح الأمريكيين حصانة كاملة من المثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، على الرغم من أن تلك البلدان قد شاركت في حرب العراق).
ويخلص الرجل للقول: إن الإدارة الأمريكية في النهاية عاملت أوروبا الجديدة ويعني بها الدول الأوروبية التي شاركت في الحرب كما تعاملت مع (أوروبا القديمة) سواء بسواء، وتجدر الإشارة هنا إلى أن (أوروبا القديمة) هو ذاك المصطلح الذي أطلقه وزير الدفاع الأمريكي قبل عام تقريباً على الدول الأوروبية التي رفعت لواء المعارضة لغزو الأراضي العراقية.
في الوقت نفسه يوضح (برجر) أن التماس أمريكا المساعدة من الأمم المتحدة لتمرير خططها الخاصة بمستقبل العراق السياسي يعد بمثابة اعتراف متأخر من قبل واشنطن بأن تحركاتها تتمتع بشرعية أكبر عندما تحظى بمساندة المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن لجوء الولايات المتحدة للمنظمة الدولية بعد أشهر قليلة من سقوط بغداد جاء بعد أن أدركت إدارة (بوش) أنها عاجزة عن انتزاع الموافقة من آية الله علي السيستاني المرجع الشيعي الأعلى في العراق على مخططاتها السياسية بشأن مستقبل البلاد، خاصة وأن (السيستاني) رفض حتى مقابلة أي من المسؤولين الأمريكيين في عراق ما بعد الحرب.
ومن هذا المنطلق، يؤكد (برجر) أنه على الرغم من أنه سيتعين على أي إدارة ديموقراطية تتولى الحكم في أمريكا التأكيد على عزم البلاد استخدام القوة العسكرية منفردة إذا ما اقتضى الأمر لحماية المصالح الحيوية للولايات المتحدة، إلا أنه يضيف أن المهمة الأولى لهذه الإدارة والتي ينبغي عليها الاضطلاع بها دون إبطاء تكمن في استعادة مكانة أمريكا الأخلاقية والسياسية على الصعيد الدولي.
وأشار إلى أن استعادة هذه المكانة سيمكن الولايات المتحدة من إقناع الآخرين بصواب موقفها حينما تقرر القيام بأي تحرك على الساحة الدولية.
وأضاف (صاموئيل برجر) أن تحقيق هذا الهدف يتطلب بلورة علاقة استراتيجية جديدة مع الحلفاء المقربين لأمريكا وخاصة في القارة الأوروبية، داعيا إلى أن تكون نقطة البدء في هذه العلاقة إعلان واضح من قبل الولايات المتحدة تؤكد فيه بجلاء أنها تعتزم العمل بالتشاور مع حلفائها لمواجهة التهديدات التي تطرأ على الساحة الدولية، وأن هذا التشاور هو خيار أمريكا الأول وليس ملاذها الأخير عندما تتفاقم الأوضاع.
دعم الحلفاء
ويقول إنه ينبغي على البيت الأبيض إدراك أنه حينما يطلب من حلفاء أمريكا العون والدعم سواء من خلال المشاركة في عمليات عسكرية أو عمليات إعادة إعمار في بلدان مثل العراق أو أفغانستان، فإن ذلك يوجب عليه الاستعداد لأن يقبل مشاركة هذه الدول ليس فقط في المخاطر التي ستتكبدها جراء مساندتها للولايات المتحدة في هذا الشأن،ولكن أيضاً مشاركتها في عملية صنع القرار الخاص بهذه العمليات.
ويضيف (برجر) أن الالتزامات الأمريكية في هذه الصفقة لا بد وأن تتضمن تحديدا صارما لا لبس فيه من جانب الولايات المتحدة لأولويات سياستها الخارجية وفي مقدمتها الحرب ضد الإرهاب، دون أن تؤثر على معاهدة كيوتو أو اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية وغيرها.
ويدعو (بيرجر) أي إدارة ديموقراطية تتولى الحكم في الولايات المتحدة في المستقبل للسعي من أجل رأب الصدع الراهن مع أوروبا من خلال انتهاج سياسات عملية في هذا الصدد، تحاول تقليل هوة الخلافات بدلا من زيادتها وخاصة بشأن الاتفاقيات الدولية محل الخلاف بين الجانبين.
ويطرح (برجر) رؤية للقانون الدولي مفادها أن القوانين الدولية لا تمتلك في ذاتها قوة تمكنها من أن تتجسد حقيقة واقعة مفروضة على الجميع، مشيراً إلى أن هذه القوانين تحتاج إلى دعم القوى الكبرى في العالم حتى يصبح بمقدورها حل أي خلاف أو تسوية أي نزاع.
ومن هنا يوضح المسؤول الأمريكي السابق أن نجاح الولايات المتحدة في إدراج أهدافها في إطار معاهدات أو اتفاقيات دولية، يجعل من اليسير على واشنطن الحصول على الدعم والتأييد الدوليين اللازمين لتحقيق مثل هذه الأهداف بالقوة حال تم خرق هذه المعاهدات.
الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
وينتقل (برجر) هنا إلى نقطة أخرى ذات أهمية كبرى
بالنسبة للعالم العربي ألا وهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي يؤكد المسؤول الأمريكي السابق ضرورة انخراط الولايات المتحدة في الجهود الرامية لتسويته كجزء من صفقتها الاستراتيجية الجديدة مع حلفائها، ويشير إلى أن هذا الصراع يعتبر على نطاق واسع حجر الزاوية لأية مساعٍ تستهدف تغيير وجه الشرق الأوسط.
ويقول إن تواصل هذا النزاع يسمح لبعض الأنظمة باستخدامه تكأة لتجنب أي إصلاح وللإحجام عن التعاون مع أمريكا في الحرب ضد الإرهاب ويتحدث (برجر) في مقاله عن الركائز التي تستند إليها سياسة الولايات المتحدة حيال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، قائلا إن هذه السياسة استندت بشكل تقليدي إلى ركيزتين أساسيتين، أولهما الارتباط بعلاقة تحالف وثيق مع إسرائيل، أما الثانية فهي ممارسة دور الوسيط النزيه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وهو الدور الذي تسعى واشنطن جاهدة من خلاله إلى إيجاد اتفاق سلام يضمن أمن إسرائيل ويكفل في الوقت نفسه الحياة الكريمة للشعب الفلسطيني.
ويقول إن على الإدارة الديموقراطية القادمة في واشنطن، أن تعود أدراجها بشكل عاجل وفاعل للالتزام بهذه المبادئ ويؤكد أن على مثل هذه الإدارة العمل من أجل تحديد ملامح الحل السلمي القائم على مبدأ إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية، كما أن عليها حمل المجتمع الدولي على تقديم رؤية واقعية لما ستكون عليه حياة الشعب الفلسطيني في ظل السلام، مشيراً إلى أنه على الرغم من جسامة المخاطر التي تكتنف هذا الأمر، إلا أنه لا توجد أية فرصة في إحراز تقدم باتجاه التسوية في الشرق الأوسط دون وجود دور أمريكي نشط.
وبعد أن يسرد (برجر) قائمة الالتزامات التي يتعين على الولايات المتحدة في ظل أي إدارة ديموقراطية قادمة الوفاء بها بغية إقامة شراكة جديدة مع الدول الحليفة لها، يبدأ في استعراض المقابل الذي ستحصل عليه أمريكا من هذه الدول، قائلا إن أول ما يجب على الإدارة الأمريكية السعي للحصول عليه من حلفائها هو التزامهم بشكل جدي بإرسال قوات إلى العراق وأفغانستان، وكذلك التزامهم بالمساهمة المالية في عمليات إعادة الإعمار الجارية في هاتين الدولتين.
ويضيف أن هناك حاجة ماسة لقوات أوروبية تحل محل القوات الأمريكية في أفغانستان للحيلولة دون أن يعود هذا البلد لسيرته الأولى من الفوضى مما يهدد المصالح الأمريكية، خاصة وأن أفغانستان وباكستان تشكلان على حد قول الكاتب الجبهة الأمامية في الحرب ضد الإرهاب.
ويؤكد (برجر) أن أوضاع العلاقات الأمريكية الأوروبية الحالية تجعل من العسير على المرء أن يتوقع قيام أية دولة أوروبية بإرسال قواتها إلى مكان شديد الخطورة كأفغانستان، مشيراً إلى أنه يتعين على الرئيس الديموقراطي القادم في الولايات المتحدة أن يبذل كافة الجهود الممكنة بغية تجاوز هذه العقبة من أجل دعم جهود إرساء الاستقرار في الأراضي الأفغانية وتخفيف العبء الملقى على عاتق القوات الأمريكية هناك حاليا.
ومن أفغانستان إلى العراق حيث يرى (برجر) أن إعادة الاستقرار السياسي والاجتماعي إلى البلاد تتطلب التزاما طويل الأمد من جانب المجتمع الدولي، مشيراً إلى أن كافة الأطراف في العالم باتت الآن معنية بتحقيق النجاح في العراق بغض النظر عما إذا كانت الحرب التي شُنت عليه في العام الماضي مبررة أم لا.
ويضيف الرجل أن تفكك العراق بفعل تباين الفئات العرقية والطائفية الموجودة على أراضيه سيؤدي إلى تقويض الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، وسيعطي قوة دافعة للحركات المتشددة التي تهدد العالم حاليا، مشيراً إلى أن قيام عراق ديموقراطي مستقر سيؤدي على الجانب الآخر إلى المساعدة على ظهور نماذج مماثلة في مختلف أنحاء المنطقة.
ويشدد (برجر) على أن تحقيق مثل هذا الهدف يستلزم اضطلاع الولايات المتحدة بدور فعال في عملية إعادة إعمار عراق ما بعد الحرب، ومشاركتها في مسألة تحديد ملامح مستقبله السياسي، إلى جانب القيام بدور أمني فعال لا تكتفي القوات الأمريكية بموجبه بالبقاء في الثكنات، وإسناد المهام الأمنية إلى قوات عراقية غير مؤهلة بما يكفي لحفظ النظام وإرساء الاستقرار.
ويلفت الرجل النظر في الوقت نفسه إلى أن هذا التدخل الأمريكي في شؤون العراق لن يكون مقبولا وسيكون فاقدا للشرعية بين العراقيين ما لم يكن في إطار قوة دولية حقيقية وليست قوة تتحكم فيها الولايات المتحدة.
ويقول (برجر) إن المفارقة الحقيقية تكمن في أن السياسات الأحادية التي تنتهجها إدارة (بوش) أعطت الفرصة لحلفاء الولايات المتحدة للتحلل من المسؤوليات التي يتعين عليهم الوفاء بها على الصعيد الدولي، مشيراً إلى أنه علي أي إدارة ديموقراطية تعلم الدرس والعمل على إبداء الاهتمام الواجب بالقضايا التي تهم حلفاء الولايات المتحدة، وذلك في مقابل أن يخول لها ذلك مطالبة هؤلاء الحلفاء بتقديم الدعم لأمريكا في القضايا التي تهمها مثل إرساء الاستقرار في العراق وأفغانستان، ونشر الديموقراطية في الشرق الأوسط، والحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل في العالم.
شبح أسلحة الدمار الشامل
ويفرد (برجر) لقضية انتشار أسلحة الدمار الشامل مساحة وافية في مقاله حيث يشن هجوما قاسيا على سياسات إدارة (بوش) في هذا الشأن، قائلا إنه بينما أكدت الإدارة الأمريكية أن حربها على العراق استهدفت حماية البلاد من تهديد وشيك جراء إمكانية حيازة النظام العراقي السابق مثل هذه الأسلحة، فإن الاستراتيجية التي اتبعتها الإدارة للتصدي لخطر انتشار الأسلحة المحظورة في العالم لم تكن صائبة.
وأضاف أن على الإدارة الديموقراطية حال وصولها إلى البيت الأبيض استغلال كافة الوسائل المتاحة لديها لوأد أي خطر يتعلق بأسلحة الدمار الشامل في مهده بدلا من الانتظار حتى تفاقم هذا الخطر بما لا يدع مفرا من استخدام القوة العسكرية للتصدي له.
ويشير (برجر) إلى أن الخطوة الأولى على طريق منع وصول أسلحة الدمار الشامل إلى أنظمة حكم مارقة أو إلى يد جماعات إرهابية هو تأمين الأماكن المحتمل تسرب مثل هذه الأسلحة منها مثل جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق التي يوجد بها مخزونات من هذه الأسلحة منذ انهيار الدولة السوفيتية.
ويبدي المسؤول الأمريكي السابق دهشته من أن إدارة (بوش) بدلا من أن تسعى لتفكيك هذه الأسلحة بشكل أسرع، سعت إلى تقليص المخصصات المالية المرصودة لبرنامج (نان لوجار) وهي مبادرة أمريكية تستهدف مساعدة الجمهوريات السوفيتية السابقة على التخلص من الرؤوس النووية المخزونة لديها بطريقة آمنة.
وينتقد (برجر) في مقاله السياسات التي تنتهجها الإدارة الأمريكية الحالية تجاه كوريا الشمالية التي يصفها بأنها أكثر دولة لديها قدرة ونية على تقديم أسلحة نووية لجماعات إرهابية.
ويقول إن إدارة (بوش) لم تتخذ موقفا حاسما إزاء هذه الدولة على الرغم من بيونج يانج تمضي قدما في طريقها لأن تصبح التاجر الأول للسلاح النووي في العالم بفضل قدرات كبيرة في هذا الصدد، لم ترجح أكثر التقارير الاستخباراتية تشاؤما وجودها في عراق صدام حسين.
ويقول (برجر) إنه على أي إدارة ديموقراطية مقبلة في البيت الأبيض اختبار نوايا الزعيم الكوري الشمالي (كيم جونج ايل) من خلال تقديم عرض جدي إليه يطالبه بتفكيك كافة برامج بلاده النووية بشكل شامل وفعلي، مقابل حصول البلاد على مساعدات اقتصادية ودعم سياسي، مشيراً إلى أن على هذه الإدارة الاستعداد للتعامل بشكل إيجابي مع (جونج إيل) حال موافقته على هذا العرض، مؤكدا في الوقت نفسه أن رفض كوريا الشمالية هذه الاقتراحات الأمريكية سيمكن الولايات المتحدة من الحصول على تأييد الصين وكوريا الجنوبية واليابان لأي تحرك ستقرر واشنطن القيام به حيال بيونج يانج، طالما رأت هذه الدول أن الولايات المتحدة بذلت جهودا صادقة لتتجنب وصول الأزمة إلى حافة الهاوية.
ويلف الرجل الانتباه إلى أن السيناريو الأسوأ في هذه الأزمة هو أن تتحول كوريا الشمالية إلى مورد للأسلحة النووية إلى التنظيمات المتشددة وعلى رأسها تنظيم القاعدة وهو ما سيتيح الفرصة أمام عناصر التنظيم لاستخدام مثل هذه الأسلحة ضد المصالح الغربية في أي مكان في العالم.
الانتقادات نفسها يوجهها (برجر) لإدارة (بوش) فيما يتعلق بسياساتها حيال إيران مطالبا الإدارة الديموقراطية الجديدة التي يأمل في وصولها إلى البيت الأبيض بتبني سياسات مختلفة تقوم على طرح مقترحات علنية وواضحة على طهران تتضمن استعداد أمريكا لتطبيع العلاقات بين البلدين، مقابل نبذ إيران طموحاتها النووية ودعمها للإرهاب.
وأوضح (برجر) أن رفض النظام الإيراني هذا العرض سيؤدي إلى حدوث شقاق بينه وبين مواطنيه الذين سيرون أنه بات يشكل عقبة أمام آمالهم وطموحاتهم مما سيؤدي إلى حدوث تفاعلات متعددة بداخل المجتمع الإيراني.
وينتقل (برجر) للحديث عن ضرورة سعي أي إدارة ديموقراطية قادمة إلى تشديد أحكام معاهدة الحد من الانتشار النووي في العالم، بما يؤدي إلى فرض عقوبات على الدول التي تنسحب من هذه المعاهدة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أهمية تقديم المساعدات التقنية إلى الدول التي تستخدم الطاقة النووية في الأغراض السلمية مع ضمان استرداد الوقود المستنفذ حتى لا يستخدم في تطوير أسلحة نووية. جانب آخر يتطرق إليه (برجر) في مقاله وهو ذاك المتعلق بالتغيرات المطلوب إدخالها على القوات الأمريكية لكي تكون قادرة على التعامل مع التحديات المستقبلية التي ستواجه الولايات المتحدة.
الموجة الثالثة
ويوضح الرجل رؤيته في هذا الصدد قائلا إنه يتعين على القوات الأمريكية أن تجري الآن دون إبطاء عملية تحول كبرى في صفوفها ستعد الثالثة منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ويشير إلى أنه فيما تمثلت عملية التحول الأولى في استبدال القوات خفيفة الحركة بالوحدات المدرعة الثقيلة، وتمثلت المرحلة الثانية في إدخال التقنيات الرقمية لتحل محل التقنيات التناظرية، فإن المرحلة الثالثة ستكون عبارة عن توظيف لقدرات المخابرات في الحرب ضد الإرهاب على اعتبار أن هذه الحرب تستهدف في الكثير من الأحيان تعقب وقتل عناصر تبدو وكأنها أشباح تختفي في أماكن سرية وبين المدنيين في بعض الأوقات، مما لا يجدي معه استخدام القوات النظامية في التصدي لهؤلاء.
ويشير (برجر) إلى أنه ستظل لتلك القوات النظامية دورها في بعض ساحات القتال مثل ما يجري في أفغانستان حاليا على سبيل المثال، منتقدا العديد من أوجه القصور في رؤية إدارة (بوش) في مجال إعداد وتجهيز القوات الأمريكية لتكون قادرة على مواجهة مختلف الاحتمالات.
ويستعرض المسؤول السابق الأخطاء التي وقعت فيها تلك الإدارة في العراق وأفغانستان مما نجم عنها المصاعب التي تمر بها القوات الأمريكية في كلا البلدين في الفترة الراهنة.
ويقول (برجر) في مقاله إن الخطط التي تبنتها الإدارة الأمريكية الحالية على صعيد السياسة الخارجية اتسمت بضيق الأفق بشكل عام، وحصرت نفسها في العديد من القضايا التي شغلت بال الولايات المتحدة دون أن تعبأ بما يهم العالم من قضايا، وهو خطأ يتعين على أي إدارة ديموقراطية تجنبه والسعي بدلا من ذلك إلى مد الجسور مع العديد من البقاع في العالم وخاصة في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية.
ويشير إلى أن غياب الدور الأمريكي عن هذه المناطق أسهم في صعود نجم بعض القوى وخاصة في القارة الآسيوية مشيراً بشكل خاص إلى دول مثل الصين والهند، وهو ما يلقي بحمل ثقيل على أي رئيس ديموقراطي يصل إلى البيت الأبيض.
ويشدد (برجر) في ختام مقاله على ضرورة أن يقوم ذلك الرئيس باستعادة مكانة الولايات المتحدة ودورها كصانع للسلام في العالم من الشرق الأوسط وحتى جنوب شرق آسيا، مشيراً إلى أن عليه أيضاً أن يسعى لتأكيد الدور الأمريكي حيال العديد من القضايا العالمية المتنوعة التي تشمل التأكيد على حرية التجارة ومكافحة الأوبئة والأمراض الخطيرة، إلى جانب توفير المياه النقية للملايين من البشر في مختلف أنحاء بلدان العالم الفقيرة وتضييق الفجوة ما بين الدول المتقدمة والدول النامية، فضلا عن مواجهة مشكلة ارتفاع درجة حرارة الأرض.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|