|
التنظيم المفقود!!
|
مشهد غريب..
يتدافع فيه الإنسان مع أخيه الإنسان..
في سباق محموم..
يفتقد إلى النظام..
بل وإلى الاحترام..
وتضيع معه هيبة المكان والزمان والمناسبة التي جاء هؤلاء من أجلها..
وتختفي بذلك تلك الصورة التي تمثل انعكاساً لمناسبة هذا التجمع العاطفي والإنساني بين المحبين.
***
يتساءل الجميع باندهاش واستغراب، حيث يتواصل الحديث فيما بينهم ولا يتوقف..
وحيث يمسهم شعور بالأسى والحيرة مع تكرار السؤال..
فيما لا جواب عن السؤال..
السؤال إذاً هو السؤال..
والصمت هو الصمت عن إعطاء الجواب..
سيّان إن كان هو الجواب أو اللاَّ جواب!.
فيما الناس يلقون بأسباب متاعبهم وذلك العرق الذي ينزف من مسامات أجسامهم على غياب هذا الجواب.
***
ففي (مقبرة النسيم) حيث زوارها بالآلاف من المعزين..
هنا يختلط ويتزاحم الجميع باتجاه من سيواسونهم..
في مشهد فوضوي لا مبرر له ومثير للانتباه..
وكأننا بفعلنا هذا لا نملك القدرة على تنظيم حركة هذه الأعداد من الناس دون أن نسيء لحرمة المكان..
ما أعنيه باختصار، أن بين هؤلاء من هو كبير أو طاعن في السن..
ومن هو في حالة صحية لا تساعده على أخذ مكانه وطريقه بين الأقوياء في هذه الجموع الغفيرة..
فلماذا لا يبحث أصحاب الفضيلة العلماء عن مخرج يعالج هذه المشكلة بما يتوافق ويتفق وينسجم مع تعاليم ديننا الحنيف؟.
***
اقتراح قد يكون مقبولاً أو جديراً بالمناقشة ضمن آراء أخرى قد يراها آخرون..
هذا الاقتراح ألخصه بأن يتم وضع مسارات مؤقتة (متحركة) لتنظيم حركة المعزين في المقبرة..
أي أن الخوف من المحاذير الشرعية التي تشير إلى ما هي عليه المقابر في بعض الدول من مظاهر بدع وضلال لن يكون وارداً بإزالة هذه الحواجز الحديدية بانتهاء دفن الميت وانصراف المشاركين في دفنه بعد تعزية ذويه.
***
لعل هيئة كبار العلماء تتكرم فتعيد دراسة هذه الحالة من الوجهة الشرعية..
وهي بلا شك موضع ثقة الجميع بأعضائها وفتواها وما ترى أن فيه مصلحة للمسلمين..
المهم أن تعيد هيئة كبار العلماء النظر في هذا الموضوع على ضوء ما سبق لها من فتوى حوله إن كانت مثل هذه الفتوى قد صدرت في ظل تزايد أعداد المشاركين في دفن الأموات تحت وهج الشمس ومع نزول المطر وأثناء مواسم البرد القارس.
خالد المالك
|
|
|
أطفال العالم تنكزار سفوك
|
تعج مجتمعات العالم بظواهر سلبية تخبو أحياناً، وتطفو على السطح أحياناً أخرى لتصبح مستديمة، فظاهرة عمل الأطفال في سنٍ مبكرة منذ نشأتها انتشرت بوتيرة متسارعة من مجتمعٍ إلى آخر، واستمرت واستفحلت، في ظاهرة أشبه ما تكون بالعبودية التي عانت منها أغلب الشعوب أحقاباً من الزمن، أطفالٌ يجبرون على العمل ليحصلوا على ما يسد رمقهم أو ليعولوا أسرة مشردة أو يتيمة أو لإرضاء سيدهم الذي اشتراهم من عائلة عجزت عن تأمين قوتهم اليومي.
مشاهد تراجيدية لعمل الأطفال تلقي بظلال قاتمة على حاضرهم ومستقبلهم، وتتدهور صحة الأطفال العاملين في المواد الكيماوية والنفايات وصهر المعادن ومعامل النسيج، ويصابون بأمراض جلدية وسرطانية وكذلك في معامل البلاستيك والجلود إضافة إلى الأمراض الوبائية، وضياع المستقل التعليمي والتأهيل التربوي والانخراط في أعمال الجريمة في سن مبكرة.
ويبقى عمل الأطفال ظاهرة عالمية، تستفحل ويزيد وهجها بزيادة مسبباتها، من كوارث اجتماعية وإنسانية وحروب وأزمات اقتصادية، وتفشي الجهل والفقر واليتم وفوارق الأجور بين الأطفال والكبار.
وترصد مكاتب الأمم المتحدة 246 مليون حالة من حالات مآسي عمل الأطفال في العالم، ففي أفريقيا يعملون في الزراعة وفي المطابخ والحانات والري والسقاية والأعمال المنزلية، ويباع الطفل في الهند وباكستان ونيبال لمصانع السجاد كأي سلعة أخرى ليقع فريسة بين أيدي أرباب العمل الذين يجبرونه على أعمال يعجز عنها الكبار، ويعمل لساعات طويلة تحت حرارة معامل كوبا، ويستنشق كربون مناجم الفحم في كولمبيا، وغبار النسيج الباكستاني وكيماويات معامل البلاستيك الفرنسي ويحمل فيروس الإيدز الأفريقي، ويشم رائحة الجلود في معامل الأحذية الأسبانية، ويتسمر ساعده من حبر الجرائد اللندنية لبيعها للمثقفين ومتابعي الأخبار العالمية، ويعمل في حقول أريزونا ومزارعها، لكنه يرتاح قليلاً على الشواطئ اليونانية فيبيع للسياح باقات الزهور وعلب المشروبات.
معاناة ظلت مستمرة ماثلة رغم مرور أكثر من أربعين سنة على الإعلان العالمي لحقوق الطفل الذي أصدرته هيئة الأمم المتحدة، والقوانين الدولية المحرمة لعمل الأطفال قبل سن السادسة عشرة، ولم تكبح جماح مآسيهم قرارات المنظمات الدولية ولا توصيات القمم الدولية ومساعدات اليونسيف. فإذا ما تجاوزنا تأهيل الأطفال وتربيتهم، فإن عملهم ينذر بكوارث أخلاقية واجتماعية تمس حياة المجتمعات بكل مكوناتها وتظهر نتائجها حاضراً ومستقبلاً.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|