|
طيف الذكريات!!
|
من حين لآخر تمر بالمرء لحظات يتذكر فيها بعض مَنْ رحلوا وودعوا الدنيا من الأقرباء والأصدقاء والزملاء..
فيستعيد الإنسان بذلك شيئاً من الومضات المشرقة التي كانت تُثير في نفسه الإعجاب بهم إبّان حياتهم..
ونادراً ما كان يغيب ذلك التميز عن الأذهان، أو أن صورته تختفي من الأعين، أو أن يكون من ضمن أمور لا يُلقي الإنسان لها بالاً أو اهتماماً.
***
مثل هؤلاء يبقون في الذاكرة كما لو أنهم أحياء يرزقون..
ومعهم تتجدد الأشواق كلما كنا على موعد مع لحظات عن ذكريات لزمن لن يعود..
فالمشاعر والعواطف الإنسانية بتراكماتها تستوطن في كل منا، وربما استيقظت مثل هذه المشاعر وتحولت في لحظات إلى آهات ودموع وأحزان.
***
إذ ليس أصعب على المرء من أن يعيش بقية حياته من غير أن يكون بصحبة أولئك الأخيار الذين أغدقوا عليه من نبلهم وعواطفهم الشيء الكثير، أو أن يحول رحيلهم دون أن يمنحهم من مشاعره وعواطفه الأرق والأصدق منها..
وهكذا هي رحلة الإنسان في الحياة مع أولئك الذين ارتبط معهم بأوثق علاقات القربى والصداقة والزمالة..
ولا أعتقد بأن أحداً قد عاش حياته دون أن يصاحبه ويرافقه هذا الإنسان أو ذاك، فيشعر بمرارة غيابه عن مسرح الحياة.
***
نتذكر - عادة - ما نكون قد فقدناه أو خسرناه..
ولا تغيب من ذواكرنا الصور الجميلة، بينما يتكرر العرض أيضاً لسيناريو تلك المشاهد التي تعبر عن مأساة مرَّ بها أيٌّ منا فتأثر بها ومنها، وبالتالي انغمس في أتون التفكير بها..
إنها حالات تمرُّ بالمرء من حين لآخر..
فيتمنى لو أن عقارب الساعة بإمكانها أن تعود إلى الوراء، ليلتقي ويعانق ويجدِّد الذكريات الجميلة مع من حال الموت بينه وبينهم من أي لقاء.
***
وفي شهر رمضان، ربما كان الإنسان مهيئاً أكثر من أي شهر آخر لاسترجاع بعض هذه الذكريات، ما كان منها أنيساً ومحبباً إلى نفسه، أو ما كان منها شديد الوقع المحزن على النفس بسبب ما تتركه مثل هذه الذكريات من آثار على مزاجه وحالته النفسية..
ومهما كان المرء قادراً على تلقي هذا النوع من الذكريات واسترجاعها - أياً كان نوعها وطابعها - بشيء من الهدوء العاقل، فهو أبداً لا يمكن إلا أن يكون متفاعلاً ومتأثراً بها ومعها، كما لو أنها لم تبلغ من العمر ما بلغته؛ ما قد يعتقد البعض بأنه قد يطويها النسيان، بينما تُزعج بعض هذه الذكريات المعنيَّ بها وتقلقه وتُثير الأسى لديه مع كل عودة له أو زيارة منه إلى تلك الذكريات.
***
وليتنا لا نتذكر من الماضي وذكرياته إلا ما كان منها جميلاً وبهياً وذا إسعاد للنفوس التواقة والمتطلعة دائماً إلى كل ما هو جميل ومفرح..
ومن باب التمني، ليتنا أيضاً لا تمرُّ حياتنا ولا تغدق علينا إلا بما يسعدنا، لا بما ينغّص علينا جمالها وأنسها..
بل كم كنا وما زلنا نتمنى، لو نعيش بلا أحزان، وتمضي أعمارنا في الحياة دون أن يزورنا عدو السعادة، بل ليت أعمارنا تمر دون أن يتربص بنا ما يعكّر علينا صفو هذه الحياة ونعيمها، ليت!!.
خالد المالك
|
|
|
فجر قريب نظرية المعنى
|
عاد إلى منزله وقد طعن بسيوفِ الإرهاق والجوعُ قد أنشب أظافره في معدته، دخل البيت وكانت المفاجأة!! الغداء لم يجهز بعد!
قامت قيامته، استشاط غضباً وفقد صوابه.. أزبد وأرعد، سب وشتم! كل هذا بسبب خمس دقائق تأخير!
وسنحاول أن نبحر في عقلية هذا الزوج بحسب نظرية المعنى حتى نقف على سبب رعونته وحمق تصرفه!
نظرية المعنى تقوم على معادلة بسيطة لو استطعنا فهمها لهدأت نفوسناواستراحت عقولنا ولعشنا حياة جميلة هانئة ولكسبنا قلوب الآخرين واحترامهم!...
النظرية تقوم على هذه المعادلة السهلة الحدث+ المعنى= ردة الفعل والخطورة كل الخطورة في المعنى!
الحدث في قصة الزوج هو تأخر الزوجة في إعداد الطعام والأحداث لا مرد منها والعبرة بالمعاني التي نعطيها للإحداث وهنا مربط الفرس وبيت القصيد، فبحسبها تكون ردات الفعل، فالزوج أعطى معاني سلبية للحدث (تأخر الغداء)، فلربما ظن متوهماً أنها لا تحترمه وأن ليس له قدر عندها وتجاوز ذلك في استحضار حالات مماثلة لا تتجاوز أصابع اليد، وأضفى عليها صفة العموم مقابل مئات المرة التي كانت فيها الأمور على ما يحب!
ومن المعاني تكون ردات الفعل وقد تكون مشاعر أو سلوكاً، فالمعنى السيئ كما في حالة صاحبنا أعطت سلوكاً سيئاً (سب وشتم وتطاول)، فالمعنى السلبي غالباً يعطي سلوكاً طائشاً أحمق ومشاعر كره وحقد وقفة ليس للأحداث التي نمر بها ليلاً ونهاراً دور مباشر على سلوكياتنا!.. فنحن من يتحمل مسؤولية تصرفاتنا وذلك بحسب ما نعطيها من معان فلو أن الزوج تريث وأعطى معنى إيجابياً من قبيل أن ظرفاً طارئاً حصل أو حتى أن الأمر فيه شيء من التقصير كطبع البشر (وهو أولهم) ولم يصل لدرجة العادة!
أو أنه قال هي دقائق وفرصة لي أستفيد منها في قراءة جريدة أو متابعة الأخبار!
ولو أنه تحلى بفضيلة التغاضي وتذكر أن الكرام لا يستقصون ولو امتثل للحكمة التي تقول: (الرجل الذي لا يغفر للمرأة هفواتها الصغيرة فلن يستمتع بفضائلها الكبيرة)، لو استحضر هذه المعاني العذبة لما ظهر بهذه الصورة البشعة إشراقة أن المعاني الجميلة غالباً لا تزهر في مساحات التفكير الضيقة فكلما أعطينا وقتاً أطول بين الحدث (المؤثر) والاستجابة (ردة لفعل) كلما كان المعنى أكثر رقياً وإنصافاً!
إن الإنسان هو الذي يمنح نفسه الحزن والسرور والهم والفرح فإن أراد فسيصنع منها نفساً ضاحكة مستبشرة وإن أراد جعلها كاسدة مظلمة!
خالد بن صالح المنيف
بخالص الود وكل التقدير نستقبل مشاركاتكم واقتراحاتكم على:
Khalids225@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|