فأر لجميع أنواع التوابل يأتي المغزى من فيلم (راتاتوى) أو (الفأر الصغير) في إطار نقدي على لسان ولد عبوس الوجه يُدعى أنتون إيجو الذي يقوم بتكوين إعداد الطعام بداخل حجرة تشبه القبر ويتحدث بصوت جهور وأجشّ يشبه صوت بيتر أوتول حيث يقول إيجو مستغرقاً إنه لا يمكن لأي فرد أن يكون ممثلاً جيداً ولكن يمكن للممثل الجيد أن يأتي من أي مكان.
كتب فيلم الفأر الصغير وأخرجه برايد بيرد ويعرضه من خلال مؤسسة بيكسار التجارية.
وهو يقترب من الأعمال الشعبية التي تمت حبكتها جيداً ويعد أكثر اللوحات المقنعة لممثل يندمج حقاً في دوره.
والفيلم ينقلك إلى عالم من المتعة الحقة من خلال بساطته والنشوة التي تمنحها إياك الأفلام العظيمة.
فالوعي الضمني الذي يتخلل مقولة إيجو مليء بالديمقراطية منتقاة بغير خجل وهو يتميز بذوق رفيع وعمل فني ليس مثل تلك الألقاب المتنفّجة، ولكن مثل الغايات العالمية.
ومثل فيلم (المستحيل) أحد أفلام المخرج بيرد السابقة التي تعاون فيها أيضاً مع مؤسسة بيكسار، فقد احتفلت أسرة فيلم (الفأر الصغير) أو (راتاتوي) بالامتياز الذي تشوبه العاطفة وأحياناً الكفاح وهو يمثل أيضاً نوعا من الدفعة.
باتون أوسوالت (ريمي) هو فأر صغير يعيش في مكان ما بضواحي فرنسا ويجسّد حب إعداد الطعام الجيد.
وقد اتجه أكثر ناحية الطعام بسبب ذوقه الرفيع في الطعام وقد أخذ أوجست جاستو ويجسده الممثل براد جاريت مثالاً له.
وهو طاهٍ مشهور يصرّ بأسلوب يشبه جوليا تشايلد أكثر منه للحياة الحقيقية لمطبخ مبدع يمتلكه نظائره قائلاً إنه يمكن لأي شخص أن يقوم بعملية طهو الطعام.
وقد اكتشف ريمي أنه يمكن لأي فرد حتى أخيه غير المتعلم أن يتعلم كيفية إعداد طعام دسم وذات نكهات مختلفة.
ومهنة الطهي التي بدأها ريمي حديثاً تتركه وحيداً بعيداً عن باقي أفراد عشيرته وعائلته المحافظة حيث تقوم بوداعه مثل كثير من شباب قاطعوه سعياً وراء رزقه ومستقبله في باريس.
تلك المدينة من شوارعها إلى أبراجها قد لمعت في خيال الكثير من صانعي أفلام الكرتون.
وكعادة أفلام بيكسار فكل تفاصيل المشاهد الطبيعية والعاطفية قد تم تطويعها لمصلحة الرسوم المتحركة.
ففي فيلم (البحث عن نيمو) وجد الدفء في مخلوقات محرشفة ووحشية,
(سيارات) (كارز)
رجع الحياة إلى معدن جامد.
للوهلة الأولى لا يبدو فيلم (راتاتويللي (Ratatouille ) مستحدثا حيث إن القوارض التي تتكلم ليست بدعة في أفلام الكاركاتير ولكن على الرغم من ذلك الإبداع موجود في أي صورة لشخصية صغيرة في مظهر فأر مبلل ذات وبر وخدوش لامع في غشاء لقدر نحاس مستعمل ورطوبة على سطح خضراوات مقطوعة وفوطة الطباخ ملطخة بالصلصة.
فشخصية الفئران جذابة ولكن مشاهدتها في مجموعة كبيرة وهي تتجول في مخازن الطعام والمطابخ غير محببة ويعترف السيد بيرد بأن فهم الأصناف الأخرى ممكن أن يكون لها حدود.
ربما لأن الرسوم المتحركة وخاصة الحديثة المعمولة بمساعدة جهاز كمبيوتر هي عمل جماعي ومنتج لاستثمار رأس مال.
لقد تعودنا على التعرف على الرسوم المتحركة من خلال الشركات المؤلفة لها مثل ديزني - دريم ويكس - بيكسار.. إلخ.
وبينما تظهر مشاهد مثيرة بالفيلم مثل المطاردة، الهروب، رقص جنوني في مطبخ مشغول، فهي لا تحاول إغراق المشاهدين بالضوضاء والإحساس الزائد.
على العكس، فقد أكمل السيد بيرد القصة والمشاهد الضوئية واللمسة السحرية لل(فنسنت مينيلي) الذي جاء بأفضل موسيقاه ويربط قصة مهنة ريمي مع الرواية وممثلين مفضولين.
وبما أنه لا يوجد مطعم في باريس يتيح لفئران العمل به، فقد عقد اتفاقية مع عامل بسيط غير محظوظ يُدعى ليجيني (يقوم بدوره لو رومانو) الذي يقوم بإعداد وصفة ريمي بأسلوب بارع ومرح عن طريق تحريك الدمى من تحت القبعة.
ومعلم لينجيني الثاني هو كوليت ويقوم بدوره جانين جارافالو، وهو طبّاخ صارم أصبح بغير علم منافس قارض لإخلاص لينجيني.
حتى الأدوار الثانوية، مثل مساعدي الطبّاخين والنادلين ومفتش الصحة فقد جسدوا شخصياتهم بشكل ممتاز وملحوظ.
والمراهنة في فيلم (راتاتولي) أو (الفأر الصغير) ليست فقط على طموح ريمي بل أيضاً على تراث جاستو المقدس، حيث يجول شبحه أحياناً أمام ريمي الذي أصبح مطعمه في طريقه للانهيار.
ويشكل سكينر الشخص الذي لحق بجاستو الذي يجسده إيان هولم جزءا من المشكلة.
فهو يستخدم اسم وسمعة الرئيس لتسويق مجموعة من وجبات عشاء المثلجة التي قام بإعداد كميات كبيرة منها.
وفي المقابل، فقد قام ريمي وبيرد بعمل حر يجسد قيما تقليدية وفردية على السواء من وجبات كلاسيكية تم تحديثها عن طريق عملية جريئة ومبدعة.
نقطة الأزمة بالفيلم ومصدر الاسم عبارة عن إعداد لطبق بسيط مصنوع من خضار معتاد، وهو عبارة عن طبق تم إعداده بحماسة وإلهام موضوعين كالعادة أمام النقد.
ما الفكرة التي يريد النقد أن يوصلها عن طريق هذا الفيلم؟ أحياناً تكون أفضل الإجابات هي البساطة وأحياناً أخرى تكون كلمة (شكراً) كافية.
***
(الفأر الصغير)
* أصوات:
باتون أوسوالت في دور ريمي - إيان هولم في دور سكينر لو - رومانو في دور لينجيني - براين ديني في دور دجانجو - بيترسون في دور إيملي - يراد جاريت في دور أوجوست جاستو - جانين جاروفالو في دور كوليت وبيتر أوتول في دور أنتون إيجو.
