|
هل المجتمعات في مأزق؟!
|
هموم المجتمعات كثيرة ومتعددة ومتنوعة..
يحركها حدث هنا، أو مشكلة هناك..
ويغذيها شعور بألا يأتي ذلك الذي نتمناه..
وتلك كما أتصور إحدى ما يقلق مجتمعاتنا ويثير الخوف عندها..
وبين هذا الكم من الهموم..
بكل أنواعها وأشكالها..
وخلفية وأسباب كل واحدة منها..
يقف المرء متأملاً ومتسائلاً في حيرة: لمَ كل هذا؟
***
الهموم في تصاعد وفي تكاثر..
ولها تداعياتها..
وهي جزء من مشكلة كبيرة تطوق سلوك الناس..
وعلاجها، والبحث عن مخرج منها، باتجاه ما يوفر هذا العلاج، ويهدئ من روع الناس وخوفهم، أصبح على جانب كبير من الأهمية..
وهذا هو المطلب..
وكلٌ يبحث عن هذا المطلب العصي..
في أجواء يسودها الاكتئاب والحزن والألم في أحيان كثيرة.
***
أكتب هذا، بينما تموج الدنيا بنوع من البشر هزمته الهموم..
وعاش ويعيش قلقًا على مستقبله، وتمنى ويتمنى أن يتحقق له ذلك الذي لم يأتِ بعد وقد لا يأتي أبدًا، إلا أن يشاء الله..
إنه استسلام أمام مؤثرات كثيرة..
وضعف في شرائح المجتمعات بين وبسبب مَنْ يريد من الناس أن يكون هو، أما غيره فإلى الجحيم.
***
تلك عناوين لمشكلة تورق أغصانها من حين لآخر..
وتتجذَّر وتقوى دون أن يفطن لها الكثيرون..
بينما تغيب المعالجة..
وتختفي حتى المحاولة للبحث عن حل لهذا المأزق الكبير..
وذلك همٌّ حتى للأصحاء في المجتمعات على امتداد العالم الكبير..
ومشكلة حتى لمن لا مشكلة عنده في هذا الشأن..
فالمجتمع بكل شرائحه وحدة واحدة، ويجب أن تكون في عافيتها..
وهو تنظيم بمواصفات إلهية، ينبغي أن يساعد غنيه ضعيفه، وصحيحه مريضه، والقادر فيه لمن لم يكن له حظ مناسب في حياته.
***
أكتب هذا عن حب..
أتعاطف به مع مَنْ لم يوفق في حياته في مجتمعاتنا..
مع أنه لا حيلة لي، ولا مواصفات عندي بما أشخصه لذلك الذي أثار انتباهي من تلك الهموم وهو كثير..
وهي محاولة مني أن أكتب ليس أكثر..
للتنبيه على ما يحاول أفراد المجتمعات أن يتناسوه أو يتجاهلوه، أو لا يرون خطأ أن فيه ما يستحق أن يُقال..
واعتذر إن كان قد خانني التعبير عن إيضاح ما خفي عليكم..
فهذه إشارات وعناوين مهمة لقضية أخشى أنها قد تصدمنا ذات يوم بآثارها النفسية والصحية وغير ذلك بأكثر مما هي الآن.
خالد المالك
|
|
|
واشنطن لم تتدخل في تشكيلها الاستقطاب العرقي يهدد الحكومة العراقية الجديدة
|
على مدى ثلاثة أشهر تقريباً خاضت الكتل السياسية العراقية الموالية للاحتلال الأمريكي مفاوضات ماراثونية من أجل الوصول إلى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد انتخاب الجمعية الوطنية التي تعمل كبرلمان مؤقت.
وربما كان اللافت للنظر حقاً أن الحضور الأمريكي في هذه العملية كان محدوداً إلى أبعد الحدود لدرجة أن رئيس الوزراء العراقي نفسه إبراهيم الجعفري لا يتمتع بقبول واسع من قبل دوائر نافذة في واشنطن بسبب علاقته القوية مع إيران. كما أن أحمد الجلبي الذي اتهمته القوات الأمريكية بالتجسس لصالح إيران بل وهاجمت مقار حزبه الجديد ووجهت إليه اتهامات جنائية من قبل الحكومة العراقية المؤقتة برئاسة إياد علاوي جاء نائباً لرئيس الوزراء.
ومع ذلك فإن هيوارد لافرنشي الكاتب في صحيفة (كريستيان سياينس مونيتور) نشر تقريراً من واشنطن أكد فيه أن إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش أحسنت صنعاً بالابتعاد عن هذه العملية السياسية المعقدة في العراق حتى لا تكرر الخطأ الذي ارتكبته مع حكومة علاوي التي جاءت موصومة بأنها صنيعة بول بريمر الحاكم الأمريكي للعراق وقت قيام تلك الحكومة. وقال لافرنشي في تقريره إن النخبة العراقية الجديدة احتاجت إلى ما يقرب من ثلاثة أشهر لكي تشكل أول حكومة للعراق بعد إجراء انتخابات المجلس الوطني في الثلاثين من يناير الماضي. هذه الحكومة سوف تستمر لمدة ثمانية أشهر تقريباً حتى ديسمبر المقبل عندما تجري انتخابات جديدة على أساس الدستور المقرر وضعه خلال الخريف المقبل.
ولكن الحكومة العراقية الجديدة التي تضم 32 وزارة ووافق عليها المجلس الوطني العراقي بعد أسابيع من المساومات والمناقشات بين مختلف التكتلات السياسية والدينية والعرقية جاءت أقرب إلى الصيغة التوفيقية أكثر مما هي حكومة تحقيق مصالح عليا.
فالعديد من الخبراء العراقيين بما فيهم الذين يعملون مع القادة السياسيين العراقيين يرون أن الحكومة الجديدة يمكن أن تكون بشير خير ونذير شؤم على السواء.
فالشيعة والأكراد الذين يسيطرون على المشهد السياسي في العراق حالياً تركوا ستة مناصب وزارية للسنة الذين قاطعوا الانتخابات تقريباً وبالتالي ليس لهم تمثيل مؤثر في المجلس الوطني العراقي. هذه الخطوة تكشف في الحقيقة عن الحاجة الملحة لتحقيق التوازن في تقاسم السلطة بين مختلف طوائف المجتمع العراقي من أجل الحفاظ على الوحدة الوطنية للبلاد.
ويبدو أن غياب السنة عن عملية تشكيل الحكومة العراقية الجديدة كان السبب وراء عدم تعيين وزير دفاع وتكليف رئيس الوزراء الدكتور إبراهيم الجعفري بالقيام بأعمال وزير الدفاع حيث يقول مقربون من عملية تشكيل الحكومة إن الشيعة والأكراد اتفقوا على منح السنة إحدى الوزارات السيادية وهي وزارة الدفاع.
وربما ينطبق الأمر نفسه على وزارة النفط التي لم يعين لها وزير وتم تكليف نائب رئيس الوزراء أحمد الجلبي بالقيام بأعمال وزير النفط. ويبدو أن الحكومة العراقية الجديدة ستواجه الكثير من ملفات الماضي والمستقبل على السواء حيث يواجه بعض الوزراء الشيعة اتهامات بالتقرب من نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.
في الوقت نفسه فإن بعض الخبراء يعربون عن قلقهم من احتمال أن يؤدي هذا العدد الضخم من الوزراء إلى إصابة الحكومة بالشلل.
كما أن التقسيم الطائفي الحاد ألقى بظلال كثيفة على التشكيلة الحكومية الجديدة الأمر الذي يهدد بسنوات طويلة مقبلة من عدم الاستقرار والعجز الحكومي.
ويرى محللون أن الولايات المتحدة أحسنت صنعاً عندما نأت بنفسها عن هذه العملية السياسية المنقوصة لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة رغم أن بعض الاتصالات الهاتفية في اللحظات الأخيرة من واشنطن بقادة النخبة العراقية أدت إلى خروج الحكومة العراقية إلى النور.
تقول جوديث يافي خبيرة الشؤون العراقية في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية سابقاً إن الولايات المتحدة تخلت عن الضغط على العراقيين بالطريقة التي مارستها خلال فترة سيطرة سلطة الاحتلال برئاسة الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر.
وتضيف أنها تعتقد أن واشنطن كانت في حاجة بالفعل إلى ترك العراقيين يحددون مستقبل بلادهم ويرتكبون الأخطاء ويحاولون تصحيح هذه الأخطاء.
وتضيف قائلة: (إن الأمر أشبه بوجود مراهق تدربه على قيادة السيارات. وبالتأكيد سيكون من المبهج أن يتمكن هذا المراهق من قيادة السيارة في النهاية. وربما يكون عليك في وقت من الأوقات أن تتركه يخطأ فأنت لا تستطيع أن تتولى القيادة بدلاً منه باستمرار).
وكان الجنرال ريتشارد مايرز رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات الأمريكية، قبل أيام خلال تقريره عن الموقف في العراق، قد صرح قائلاً: (يجب أن تتشكل حكومة بالعراق بسرعة جداً).
ثم خرجت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس لتطلب نفس الطلب وذلك قبل أيام قليلة من إعلان العراقيين تشكيل الحكومة. وبالطبع فالضغط الخفيف من هذا النوع كان مطلوباً خصوصاً في ضوء حقيقة أن هناك أكثر من مائة وأربعين ألف جندي أمريكي يواجهون الهجمات المميتة يومياً في العراق.
ولكن أي محاولة أمريكية لفرض سلطاتها على الحكومة العراقية الجديدة سوف يؤدي إلى تعقيد موقف الوجود الأمريكي هناك خصوصاً إذا استمرت حالة عدم الاستقرار في العراق بعد تشكيل هذه الحكومة.
الطموحات الكردية
يقول جون ألترمان خبير الشؤون العراقية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن (لقد أحسنت الإدارة الأمريكية صنعاً عندما تجنبت لعب الدور الأكبر في العملية السياسية التي تابعناها في العراق مؤخراً.. يجب أن يشعر العراقيون أن هذه العملية هي عمليتهم هم وأنهم إذا فشلوا فسوف يكون فشلهم وليس فشل الأمريكيين). ويضيف ألترمان إن التدخل الأمريكي السابق وخصوصاً الدعم الأمريكي للطموحات الكردية على مدى أكثر من عشر سنوات ربما كان سبباً في التوترات العرقية التي يشهدها العراق على أساس إعطاء الأقلية الكردية مثلاً انطباعاً بأنها تستطيع تحقيق كل مطالبها اعتماداً على الدعم الأمريكي.
ولعل هذا هو ما دفع جوديث إلى التحذير من أن الأكراد ربما يفسدون الوضع في العراق في النهاية إذا ما أصروا على تحقيق مطالبهم خلال عملية كتابة الدستور الجديد للعراق.
فهم يصرون على الحصول على الحكم الذاتي لإقليم كردستان شمال العراق بالإضافة إلى ضم مدينة كركوك متعددة العرقيات والغنية بالنفط إلى إقليم كردستان ثم منح الأكراد حصة محددة من عائدات النفط. فكل هذه المطالب قد لا تجد قبولاً من باقي العراقيين بما في ذلك حلفاء الأكراد حالياً من الشيعة.
وتضيف جوديث (أنا لا أعتقد أن هناك حرباً أهلية في الأفق ولكنني أشعر بالقلق من إمكانية أن يشعلها الأكراد إذا ما واصلوا الضغط من أجل تحقيق تلك المطالب).
ولعل ما يثير قلق الكثيرين من خبراء الشؤون العراقية هو أن العراق الذي لم تكن الانقسامات العرقية ظاهرة فيه على مدى عشرات السنين وخصوصاً في المناطق الحضرية يشهد حالياً حالة من الاستقطاب العرقي والطائفي على الصعيدين السياسي والاجتماعي وهو ما يمكن أن يفسد عملية إعداد الدستور الجديد.
يقول ألترمان إن الحكومة العراقية الجديدة تعيد إلى الأذهان الصورة المخيفة التي كان عليها لبنان في النصف الأول من السبعينيات وهي السنوات التي سبقت الحرب الأهلية اللبنانية. وعلينا أن نتذكر هنا حقيقة أن الانقسامات السياسية في لبنان هي التي قادت في النهاية إلى حرب أهلية استمرت أكثر من 15 عاماً واحتلال لبنان سواء من جانب القوات الإسرائيلية أو السورية لمدة 29 عاماً.
ولو اعتبرنا لبنان نموذجاً فالأمر لن يكون مشجعاً على الإطلاق. ولكن هناك معسكر آخر من الخبراء يبدو أكثر تفاؤلاً يقول إن وجود مجموعات عرقية مختلفة وانقسام النخبة السياسية على أساسها لا يعني بالضرورة أننا أمام احتمال قيام صراع عرقي وعدم استقرار.
يقول دانيال سيروير الخبير الاستراتيجي في المعهد الأمريكي للسلام إن هناك حالة من الاستقطاب العرقي في العراق ولكن هذا أمر شائع في أي مجتمع في مرحلة ما بعد الصراع. ويضيف أن السؤال المهم هو هل يمكن تجاوز هذه المرحلة وهذا الاستقطاب؟ وهو سؤال صعب بالفعل.
ولكن لم يحدث شيء يمكن القول إنه يمكن أن يقود إلى انهيار المجتمع العراقي.
وكان سيروير قد أمضى وقتاً في العراق مؤخراً كمستشار لعدد من القادة والأحزاب السياسية العراقية. ويقول إن عملية تشكيل الحكومة العراقية سارت ببطء وهذا مرده إلى الشعور بعدم الاستقرار وهو أيضاً المناخ الذي تستخدمه المقاومة المسلحة في العراق.
أيضاً لا يجب أن يتوقع أحد القضاء على المقاومة العراقية لمجرد تشكيل حكومة جديدة.
تقول جوديث يافي إن التراجع الأخير في وتيرة عمليات المقاومة العراقية لا يرجع أبداً إلى العملية السياسية بقدر ما يرجع إلى العمليات الأمنية التي نفذتها القوات الأمريكية والقوات العراقية الموالية لها. ولكن سيروير يبدو أكثر تفاؤلاً ويقول إن الحكومة العراقية الجديدة يمكن أن تساعد في الحد من نشاط المقاومة المسلحة على أساس أن هذه الحكومة الجديدة ستلبي مطلباً أساسياً للعراقيين وهو وجود حكومة للبلاد.
ويضيف (كل خطوة في هذا الاتجاه تؤدي إلى مزيد من الشرعية للحكومة العراقية وهو أمر جيد بالطبع).
ويواصل حديثه ليقول إنه إذا قارنا بين وضع العراق الآن ووضعه منذ عام فسوف نرصد تقدماً ليس من الناحية الأمنية ولكن من ناحية وجود حكومة تتمتع بالشرعية وأعتقد أن هذا التقدم سيستمر.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|