|
مجلة الجزيرة بعد إجازتها
|
أسبوعان كاملان احتجبت خلالهما «مجلة الجزيرة» عن مصافحتكم..
وغابت إطلالتها الجميلة عن أعينكم..
وظلَّت لعددين كاملين مختفية عن أنظاركم..
بعيدة عن تناولكم لها..
كما لو أنها تريد من إجازتها أن تتعرَّف على ردود الفعل عند قرائها..
وأن تقيس مدى رضاكم على المستوى الذي تصدر فيه وتقدم به مادتها الصحفية الأسبوعية لكم..
بأمل أن يسعفها ذلك نحو التقدم خطوات أخرى إلى مزيد من النجاح والإبداع.
***
كانت إجازة لها ولكم..
ولأسرة التحرير وطاقم الفنيين فيها..
وهي بمثابة فرصة للمراجعة والتأكد من أن الزملاء يقدمون أو لا يقدمون عملاً يليق بمستوى طموحاتهم وقناعاتكم..
وما من أحد بالتأكيد يملك الحق بأن يدَّعي أنه يقدم عملاً متكاملاً وجديراً بكل الاحتفاء..
لكن من المؤكد أن هناك من يسعى لتحقيق مثل هذا الهدف..
وهذا هو هاجس كوكبة العاملين في هذه المجلة.
***
أريد أن أسألكم..
عن أمور ربما تكون قد فاتت على الزملاء وعلي لكن من المؤكد أنها لم تغب عنكم..
عن اقتراحات وجيهة وجديرة بالاهتمام تهدونها لمجلتكم لتجسير نجاحاتها..
عن أي إضافات أخرى تعتقدون أن الأخذ بها يصب في مصلحة التحسن المطلوب لمثل هذه المجلة..
وهل من نقد موضوعي يدلنا على عيوبنا ويمكنكم أن تعطوه لنا بدلاً من احتفاظكم به لأنفسكم.
***
ها هي مجلة الجزيرة في عامها الثاني من عمر طويل إن شاء الله..
وأنتم كقراء رصيدها لبلوغ نجاحاتها المستقبلية الموعودة..
وبتفاعلكم يمكن للزملاء أن يختصروا الزمن للوصول إلى ما هو مخطط لها..
ومع كل نجاح سوف تحققه المجلة نعدكم باستثماره لتقديم نجاحات أخرى لإرضائكم..
ابقوا معنا ومع كل النجاحات الكبيرة التي حققتها المجلة في سنتها الأولى بانتظار ما هو أجمل وأروع، فالجزيرة تكفيك، أو كما قال عنها أحد الإخوة: الجزيرة تغنيك.
خالد المالك
|
|
|
الفتاوى يجيب عنها الشيخ سلمان ابن فهد العودة
|
* إعداد: ناصر الفهيد
زكاة المهنة
* السؤال: أسأل عن مشروعية زكاة المهنة، فهل هي بقدر (5 ،2%) تدفع شهرياً؟ وهل هناك أدلة لقائلها؟ أم ماذا؟
الجواب: المال الذي يقبضه الإنسان يزكيه إذا حال عليه الحول، وعليه فيمكن أن يكون على الإنسان في كل شهر زكاة المال الذي قبضه في مثله من العام الماضي، لكن يمكن من باب التيسير أن يخصص المرء له شهراً، كرمضان، ويحصي ماله ويزكيه، ثم مثل ذلك في العام القادم، والزكاة هي: ربع العشر، أي: واحد من أربعين، أي: (5 ،2% )
***
لا يدخر من راتبه شيئاً فهل تجب عليه الزكاة؟
* السؤال: رجل دخله الشهري كبير، إلا أنه في آخر العام لا يجد زكاة يخرجها؛ لأنه لا يتوفر معه أي شيء، مع العلم أنه من الممكن الاقتصاد في النفقات؟
الجواب: إذا كان المال المذكور لا يحول عليه الحول، فليس فيه زكاة؛ لأن من شروط الزكاة تمام الحول على المال، وهو عند صاحبه.
***
زكاة الرصيد في البنك
* السؤال: راتبي يتم تحويله إلى البنك، ومع مرور الشهر أصرف جزءاً منه، ويبقى جزء أدخره. وأحياناً أصرف ما تم إدخاره، فيصبح رصيدي صفراً. أريد أن أزكي أموالي، ولا أعرف الطريقة الصحيحة لحساب الزكاة. أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجواب: لا تجب الزكاة في مال حتى يحول عليه الحول، ومتى بلغ النصاب.فإذا أصبح رصيدك صفراً في شهر محرم مثلاً انقطع الحول، فإذا وفرت في صفر خمسة آلاف ريال مثلاً بدأ الحول، ولا تجب عليك الزكاة حتى يأتي صفر من العام الثاني، فتزكي ما في رصيدك. هذا إذا ظل الرصيد طوال هذا العام لا ينزل عن النصاب، وهو مختلف في تقديره؛ لأنه يتفاوت حسب قيمة الفضة، فهو مائتا درهم من الفضة، أي: ما يعادل قيمة (595) جراماً من الفضة كما حدده بعض الباحثين المعاصرين على خلاف بينهم، والأفضل أن تحدد لنفسك شهراً معلوماً فتخرج زكاة المال فيه من كل سنة؛ لأنه أسهل من أن تخرج في كل شهر زكاة ما وجبت زكاته، وفقك الله، وتقبل منك.
***
حكم زكاة الحلي
* السؤال: ما القول الفصل في زكاة الحلي المستعمل للنساء، فقد كثر خلاف العلماء فيه؟
الجواب: اختلف العلماء في حكم زكاة الحلي اختلافاً قديماً متجدداً، وكتبت فيه عشرات الكتب في الأزمنة المتأخرة. وليس في المسألة قول فصل كما ذكر الأخ السائل الكريم، ولكنها اجتهادات تخطئ وتصيب. ثم إن المسألة فرعية يسيرة، لا يجب التشديد فيها، ولا الوعيد على المخالف، فإنه لا خلاف في وجوب زكاة الذهب من حيث الأصل، وهذا هو الأمر المتوعد على تركه في القرآن والسنة. أما الحلي المستعمل ففيه خلاف عريض، وأكثر أهل العلم على عدم وجوب الزكاة فيه كما سنشير إليه فلا ينبغي أخذ المسألة بحدة وغضب، فالمجتهدون فيها هم بين أجر ٍ وأجرين، والمقلدون هم تبع لأشياخهم، ولا تثريب على هؤلاء، ولا على هؤلاء، والواجب الحرص على جمع الكلمة وسلامة الصدور، وإن تفاوت الاجتهاد.وفي المسألة أحاديث نعرضها فيما يلي: الحديث الأول: عن عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبيه، عن جده رضي الله عنهما «أن امرأة من أهل اليمن أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنتٌ لها، في يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسوِّرك الله عز وجل بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ قال: فخلعتهما فألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالت: هما لله ورسوله صلى الله عليه وسلم » . وقد أخرجه أبو داود (1563)، والنسائي (5/38) من طريق خالد بن الحارث، وكذا النسائي (5/38) من طريق المعتمر بن سليمان، كلاهما (خالد بن الحارث، والمعتمر) عن حسين المعلم، والترمذي (637) من طريق عبد الله بن لهيعة، وكذا علقه أيضاً عن المثنى بن الصباح، وأحمد (2/208,204,187) من طريق الحجاج بن أرطأة، أربعتهم ( حسين، وابن لهيعة، والمثنى، والحجاج) عن عمرو بن شعيب به بنحوه إلا عند حسين المعلم من رواية المعتمر عنه، فجعله عن عمرو بن شعيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، ولما ذكر النسائي الاختلاف على حسين المعلم في وصله وإرساله , رجح المرسل بقوله: «وحديث معتمر أي المرسل أولى بالصواب «ينظر سننه (5/38), وقد سقطت هذه الجملة من المطبوع , وهي موجودة في التحفة. وغيرها. ومن هذا يتبين أن مدار الحديث على عمرو بن شعيب، وقد اختلف عليه في وصله وإرساله، وقد صرح الإمام الترمذي بإعلال الموصول، ثم قال: «ولا يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ». قال ابن حبان: ليس الحكم عندي في عمرو بن شعيب إلا مجانبة ما روى عن أبيه عن جده رضي الله عنهما والاحتجاج بما روى عن الثقات غير أبيه رضي الله عنه ثم ذكر مما استنكر عليه هذا الحديث. (المجروحين 2/73)، وانظر (سير أعلام النبلاء 5/178).وأشار البيهقي أيضاً إلى إعلاله بقوله: وهذا يتفرد به عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما (4/140)، وهنا بحث مفرد في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده تجده رضي الله عنهما في موضعه من هذه الفتاوى، وخلاصته: أنه لا يقبل ما تفرد به عن الثقات. ومع هذا ففي المتن نكارة، من حيث إن المسكتين مما لا يبلغ النصاب، حتى تجب فيه الزكاة. الحديث الثاني: عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: «كنت ألبس أوضاحاً من ذهب، فقلت: يا رسول الله ! أكنز هو؟ فقال: ما بلغ أن تؤدي زكاته، فزكي فليس بكنز». أخرجه أبو داود (1564)، والحاكم (1/390)، والبيهقي ( 4/140) من طريق ثابت بن عجلان، عن عطاء بن أبي رباح، عن أم سلمة رضي الله عنها فذكره. الحكم عليه: هذا الحديث معلول من جهتين:
1 تفرد ثابت بن عجلان عن عطاء به، قال البيهقي: وهذا يتفرد به ثابت بن عجلان (4/140)، وذكر الذهبي في (الميزان 1/365) أن هذا الحديث مما أنكر على ابن عجلان لتفرده به.
2 أن في هذا الحديث انقطاعاً بين عطاء بن أبي رباح وأم سلمة رضي الله عنها إذ لم يسمع منها كما نص على هذا ابن المديني (المراسيل) لابن أبي حاتم (ص129).إذاً هذا الحديث ضعيف كما قال ابن عبد البر: «في سنده مقال» (فتح الباري 3/272)، وضعفه ابن الجوزي في (التحقيق ). وسيأتي نص جمع من الأئمة على أنه لا يصح في الباب حديث مرفوع. الحديث الثالث: عن عائشة رضي الله عنها قالت: «دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في يدي فتختان من ورق، فقال: ما هذا يا عائشة؟ فقلت: صنعتهن أتزين لك يا رسول الله، قال: أتؤدين زكاتهن؟ قلت: لا، أو ما شاء الله، قال: هو حسبك من النار» .أخرجه أبو داود (1565)، والدار قطني (2/105)، والحاكم (1/390)، و البيهقي ( 4/139) من طريق عمرو بن الربيع بن طارق، عن يحيى بن أيوب، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عبد الله بن شداد بن الهاد، عن عائشة رضي الله عنها فذكره. الحكم عليه: هذا الحديث معلول من جهتين: 1 من جهة تفرد يحيى بن أيوب به، وهو وإن كان قد خرج له في الصحيحين، فهو من باب الانتقاء لأصح أحاديثه وما ضبطه من الروايات، إذ هو متكلم فيه، وليس بالمتقن، وله بعض المناكير، ولهذا قال الحافظ الذهبي: «له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح، وينقون حديثه» . 2 أنه قد صح عن عائشة رضي الله عنها من رواية القاسم بن محمد، وابن أبي مليكة عنها: «أنها كانت تحلي بنات أخيها، يتامى في حجرها لهن الحلي، فلا تخرج من حليهن الزكاة» . أخرجه مالك (1/250)، والشافعي (مسنده 65)، وعبد الرزاق (7052)، والبيهقي ( 4/138)، وغيرهم، وما صح عنها من عدم إخراج زكاة الحلي يؤكد ضعف ما روي عنها مرفوعاً في إثبات الزكاة في الحلي، ولهذا نظائر يعل الأئمة به بعض الروايات المخالفة لرأي الراوي، إذا كان مرويّه ليس بالقوي. وسيأتي نقل نصوص العلماء بأنه لا يصح في هذا الباب شيء. الحديث الرابع: عن شهر، عن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها قالت: «دخلنا أنا وخالتي على النبي صلى الله عليه وسلم وعليها أسورة من ذهب، فقال: أتعطيان زكاته؟ قالت: فقلنا: لا، قال: أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار، أَدّيَا زكاته» .أخرجه أحمد (6/461) من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر به بلفظه. وأخرجه الحميدي (368)، وأحمد (6/453،454،455،459،460) من طريق عبد الله بن أبي حسين وداود الأودي، وعبد الحميد بن بهرام وحفص بن السراج، وعبد الجليل القيسي، وقتادة بن دعامة عن شهر به بنحوه أثناء حديث طويل، وفيه: «وفي النساء خالة لنا عليها قلبان من ذهب، وخواتيم من ذهب، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يا هذه، هل يسرك أن يحليك الله يوم القيامة من حجر جهنم، سوارين وخواتيم «وليس فيه ذكر الزكاة.وأخرجه أبو داود(4238)، والنسائي(8؟157)، وأحمد (6/455،457،460) من طريق يحيى بن أبي كثير، عن محمود بن عمرو، عن أسماء رضي الله عنها فذكره بلفظ: «أيما امرأة تحلت يعني: بقلادة من ذهب جعل في عنقها مثلها من النار، وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصاً من ذهب، جعل الله عز وجل في أذنها مثله خُرْصاً من النار، يوم القيامة» ولم يذكر فيه الزكاة. ظهر من خلال التخريج في فروق المتن الاختلاف على شهر بن حوشب في لفظه في ذكر الزكاة، وأن رواية الجماعة عنه ليس فيها ذكر الزكاة مطلقاً، ولعل هذا المحفوظ عنه، وكذلك لم تذكر الزكاة في هذا الحديث في رواية محمود بن عمرو. ومن هنا يتبين عدم صحة الاستدلال بهذا الحديث على وجوب زكاة الحلي المستعمل، ومع هذا فالحديث معلول لا يصلح الاحتجاج به، ولذا قال ابن حجر في (الدراية 1/259): «فيه مقال «انتهى. وذلك أن شهر بن حوشب ليس بالقوي، وكذا محمود بن عمرو قد ضعف، ينظر (بيان الوهم والإيهام 1389)، و(الميزان 4/78)، وقال الحافظ الذهبي في ( نقد بيان الوهم والإيهام ): «المتن منكر» ( ص 103). وسيأتي نصوص الأئمة أنه لا يصح في إيجاب الزكاة في الحلي شيء. الحديث الخامس: عن أبي حمزة ميمون، عن عامر الشعبي، عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «في الحلي زكاة «أخرجه الدارقطني (2/107) من طريق صالح بن عمرو، عن أبي حمزة به بلفظه، وهذا الحديث ضعيف لحال أبي حمزة، فقد ضعفه البخاري، والدارقطني، وغيرهم، ينظر (سنن الدارقطني 2/107)، و(الميزان 4/234). فهذه درجة أحاديث إيجاب الزكاة في الحلي لا يسلم حديث منها عن مقال في إسناده، ولذا نص جمع من الأئمة أنه لا يصح في وجوب زكاة الحلي شيء. قال الإمام الشافعي: «وقال بعض الناس في الحلي زكاة، وروي فيه شيء ضعيف» ، ينظر (المجموع)، (شرح المهذب 5/490). وقد تقدم قول الترمذي: «ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيءً» . وقال ابن حزم: «واحتج من رأى إيجاب الزكاة في الحلي بآثار واهية، لا وجه للاشتغال بها إلا إننا ننبه عليها «(المحلى 6/97). وقال أبو حفص عمر الموصلي: «لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم » : ينظر (جنة المرتاب ص313).أما أقوال العلماء في المسألة، فهي كالتالي: (القول الأول) إيجاب الزكاة في الحلي، وهو قول أبي حنيفة ( بدائع الصنائع 2/1617)، وذهب داود، وابن حزم الظاهري ( المحلى 4/184196)، وهو منقول عن ابن مسعود، وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم ومجاهد، وعطاء، وطاووس، وجابر بن زيد، وميمون بن مهران، وعبد الله بن شداد، وسعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، وذربة الهمداني، وابن سيرين، والأوزاعي، وهو رواية عن أحمد ( المغني 2/322)، وحجتهم: أولاً أحاديث الباب،حيث صححها، أو صحح بعضها جماعة من العلماء، خصوصاً المتأخرين، وهي ظاهرة في إيجاب الزكاة في الحلي. ثانياً الآيات والأحاديث الواردة في وجوب الزكاة في الذهب مطلقاً، كقوله تعالى
* وحديث أنس رضي الله عنه : «في الرقة ربع العشر «رواه البخاري ( 1362)، والنسائي (2404)، وأبو داود (1339)، وابن ماجة (1790)، وأحمد (68) (11551).. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه : «ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار. .. «الحديث رواه مسلم (1647)، والبخاري (1314) (1315) (2198)، و الترمذي (1560)، والنسائي (2405)، وأبو داود (1414)، وابن ماجة (1776)، وأحمد (7247). وظاهرٌ أن هذه النصوص عامة، ولا خلاف في وجوب زكاة الذهب والفضة، لكن الحلي خرج من هذا العموم، عند القائلين بعدم وجوب الزكاة، بكونه من المستعملات، و «ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة «انظر ما رواه البخاري (1463)، ومسلم (982) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه والرقة لا تشمل الحلي عند كثير من أهل اللغة، والحديث الآخر ذكر الحلي دون أن ينص على الزكاة، والنزاع: هل الزكاة حق فيه أم لا؟ (القول الثاني ) أنه لا زكاة في الحلي المستعمل، وهو مذهب الإمام مالك ( المدونة1/305306) محتجاً بأثر عائشة رضي الله عنها السابق، وأثر آخر عن أسماء رضي الله عنها ومثله القاسم بن محمد، وعروة، وهشام. قال ابن وهب: وأخبرت رجالاً من أهل العلم عن جابر وأنس، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم والقاسم، وسعيد بن المسيب، وربيعة، وعمرة، ويحيى بن سعيد، وغيرهم قالوا: «ليس في الحلي زكاة» . ومذهب الشافعي كما في (الأم 2/4445) حيث روى بعض ما سبق عن عائشة رضي الله عنها ثم عن ابن عمر رضي الله عنهما في عدم الزكاة في الحلي، ثم عن ابن عباس رضي الله عنهما إلى أن قال: «وقد قيل: في الحلي زكاة، وهذا ما أستخير الله فيه» ، قال الربيع: «قد استخار الله فيه، أخبرنا الشافعي: وليس في الحلي زكاة» .وظاهر مذهب الحنابلة ( المغني 2/322). وهو منقول عن الشعبي، وأبي جعفر محمد بن علي، وطاووس، والحسن، وسعيد بن المسيب، وقتادة، وأبي عبيد، وإسحاق، وأبي ثور، وابن المنذر، انظر: (معرفة السنة) للبيهقي، و(المحلى) لابن حزم. قال أحمد: «خمسة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون: ليس في الحلي زكاة، ويقولون: زكاته عاريته» ، وقد روى ابن أبي شيبة، عن الحسن قال: «لا نعلم أحداً من الخلفاء قال في الحلي زكاة» .وحجة القائلين بعدم الوجوب: أولا ً: عدم صحة الأحاديث الواردة في الباب، أو حملها على العارية، أو زكاة مرة في العمر كما هو مروي عن مالك، أو نحو ذلك. ثانياً: أن الحلي معد للاستعمال المأذون به شرعاً، فهو كالبيت الذي يسكنه، والثوب الذي يلبسه، والآنية التي يستعملها، والفرش، والأثاث، والخادم، والفرس الذي يركبها، ونحو هذا، وهذا هو المعهود من قواعد الشريعة، وهو استدلال ركين مكين، ولا يخرج منه شيء إلا بيقين، وحيث لم تثبت الأحاديث الواردة في الباب، فإن القاعدة مطردة في الحلي المستعمل وغيره من المستعملات مما الأصل فيها الزكاة، لكنها أعفيت منها بالاستعمال. ثالثاً: الآثار الثابتة عن جماعة من الصحابة في الباب كعائشة وأسماء رضي الله عنهما ومن ذكرنا. وهذا هو القول الراجح والله أعلم لكن يحسن الاحتياط بإخراج الزكاة، فإن لم تخرجها، استحب لها إعارتها، وإن احتيج إليه وجبت الإعارة، وانظر: (فتاوى ابن تيمية 5/373)، و(الطرق الحكمية) لابن القيم (218220).
***
كيف أخرج زكاة مالي؟
* السؤال: رجل عنده مبلغ من المال، وعند بداية الحول كان المبلغ لنقل: ألف درهم، ومع حلول الحول أصبح المبلغ عشرة آلاف، وهو ليس تاجراً، ولكنه قد ادخر هذا المبلغ، فكم قيمة الزكاة التي يجب أن يخرجها، وعلى كم من المبلغ؟
الجواب: من شروط وجوب الزكاة تمام الحول، فجواب السؤال أن يخرج الأخ في كل شهر مثلاً زكاة المال المتجدد فيه، لكن هذا لا يخلو من مشقة، ولذا يحسن له العدول إلى أن ينظر في نهاية الحول فيخرج زكاة المال الذي في الرصيد كله، فتكون الزكاة معجلة عن بعض المال، ومخرجة في وقتها عن بعضه الآخر.
***
هل على الذهب والألماس الملبوس زكاة؟
* السؤال: هل الذهب والألماس الملبوس عليه زكاة؟
الجواب: ليس على الذهب الملبوس زكاة، ولا على الألماس زكاة.
***
زكاة الأموال المودعة في البنك وحساب دفتر التوفير
* السؤال: ماذا يجب على القاصر إذا بلغ سن الرشد وتسلم أمواله من ميراث أبيه التي كانت مودعة بالبنك باسم هذا القاصر بفوائد ربوية، هل يحرم عليه قبض الزيادة عن نصيبه من الميراث وقت وفاة والده؟ وهل يجب عليه إخراج الزكاة عن السنين الماضية؟ علماً أن هذا المال أودع في البنك رغماً عنه عن طريق الوصي أو ما يسمى بالمجلس الحسبي، ولا يسمح له بأي نوع من التصرف إلا بعد بلوغه سن الرشد. كذلك هناك شاب يسأل: هل يجوز له قبض المال الذي أودعه أبوه باسمه وهو صغير فيما يسمى بدفتر التوفير مضافاً إليه الزيادة الربوية دون إرادة منه، ولا يستطيع سحب هذا المال إلا بعد بلوغه سن الرشد؟ فهل يجوز بعدما بلغ سن الرشد أن يسحب هذا المال وينتفع به كله سواء كان أبوه قد توفي أو على قيد الحياة؟ وماذا عن زكاته؟
الجواب: بالنسبة للزيادة الربوية فهي في السؤالين معاً من المال الحرام الذي لا يجوز امتلاكه، لكن حتى لا يكون هذا المال عوناً للبنك على المعصية، فعلى الأخ أن يقبض المال ويصرفه في أعمال الخير من باب التخلص منه، وعلى هذه الفتوى المجامع العلمية الإسلامية وغالبية الفقهاء المعاصرين.أما الزكاة فإذا كان الوصي لم يخرج الزكاة أثناء السنين الماضية فأرى للأخ أن يخرج الزكاة عنها، يخرج الزكاة عن المال ولا يحسب من ضمنه الزيادة الربوية؛ لأنها غير داخلة في ملكه أصلاً، فلا زكاة عليها. وإنما يتخلص منها كما تقدم، وكون الوالد أو الوصي لم يتّجر فيها وينمها بالحلال لا يصح عذراً لإسقاطه الزكاة، ونظر الولي نظر مصلحة فكان الواجب أن يتجر بها في المكاسب المباحة إن رأى الاتجار بها، وقد حث السلف على الاتجار بأموال اليتامى وإخراج الزكاة، كما قال عمر وعلي رضي الله عنهما: (اتجروا في أموال اليتامى حتى لا تأكلها الصدقة)، ويجوز للولد إذا بلغ سن الرشد وكان رشيداً يحسن التصرف في ماله أن يقبض ماله ويتصرف فيه بما فيه نفع له لأنه ملكه ولا يحتاج إذن الأب، لكن يخبره من الأدب معه والإكرام له حيث وهبه هذا المال، لكن لا يلزمه ذلك.
***
زكاة مكافأة نهاية الخدمة
* السؤال: 1 سؤالي يدور حول مكافأة نهاية ترك الخدمة التي يتقاضاها الموظف عن عشرة أعوام مضت مثلاً أو خمسة أعوام، أو أكثر، أو أقل وهو مازال على رأس العمل، فمثلاً: إذا تسلمت في شهر رمضان الحالي مبلغاً ما مكافأة عن عشر سنين من عام 1990م وحتى عام 2000م كيف أخرج عنها زكاة المال؟ وجزاكم الله عنا خيراً.
2 عندي مبلغ من المال أخشى إن تركته في المنزل يكون عرضة للضياع أو السرقة، فهل يجوز إيداعه بالبنك لحين إيجاد فرصة لاستثماره، وخصوصا أني مسافر الآن، وبعيد عن بلدي؟ وجهونا يحفظكم الله.
الجواب: هذا المال إذا قبضته تخرج زكاة سنة واحدة فقط، ثم بعد ذلك في آخر كل سنة، أي: عند تمام الحول، ولا يلزمك زكاة عشر سنين، بل يكفي مرة واحدة على الصحيح.وأما الإيداع في البنك فلا بأس به لمن خشي ضياع ماله، إن كان البنك ربوياً أو لا يسلم من الربا، لكن يختار أخف البنوك تعاملاً بالربا قدر المستطاع مع المحافظة على ماله، لكن لا يأخذ الفوائد لنفسه، فإن كان نظام البنك كله بالفوائد فلا يدعها للبنك بل يأخذها ويصرفها في مصالح عامة غير محترمة كبناء الطرق، والظل، ونحو ذلك.
***
هل أعطي زكاة مالي لأخي؟
* السؤال: لي أخ يعمل براتب شهري ألف وخمسمائة ريال، ومقدم على الزواج، وعليه دين يبلغ أربعين ألف ريال، هل يجوز إعطاؤه من زكاة المال من زكاة مالي؟ وإذا كان يجوز، فهل يمكن خصم مبلغ الزكاة الذي سوف يتم منحه من الدين الذي عليه؟
الجواب: يظهر من حال الأخ أنه فقير، فيجوز إعطاؤه من الزكاة لفقره، وسداد دينه ولزواجه. لكن لا يخصم من الدين الذي عليه ويحتسب من الزكاة، بل يجب أن يدفع مال الزكاة بنية الزكاة.
***
زكاة العقار
* السؤال: العقار كالأرض مثلاً هل تقوَّم عند دفع الزكاة بقيمتها عند الشراء أم بقيمتها الحالية؟
الجواب: السلع عقاراً كانت أو غير عقار، هل تقوَّم لإخراج الزكاة بقيمة شرائها أم بقيمتها الحالية؟ الأصل أن تقوَّم بقيمة الشراء؛ لأنها هي الثابتة، وما عداها فمشكوك فيه. إلا أن تزيد قيمة الشراء بعد ذلك فيقومها بالقيمة الجديدة، مثاله: اشترى أرضاً بمائة ألف ريال (100000)، ثم بعد سنة لما أراد زكاتها وجد الأرض أصبحت تساوي مئتي ألف ريال (200000)، ومثله لو نقصت قيمة الأرض الحالية عن قيمة الشراء فصارت تساوي مثلا خمسين ألف ريال (50000) فيزكي قيمتها الحالية. لكن لو كان عنده بضاعة اشتراها بألف ريال، وهو لا يريد أن يبيعها إلا بألف ومئتي ريال، فإنه يقوِّم البضاعة فيما يظهر لي بقيمة دخولها عليه، وهي الألف ريال، والله أعلم.
حكم دفع أموال الزكاة إلى الوقف
* السؤال: هل يجوز إيقاف أموال الزكاة على هيئة استثمارات مالية، سواء بالتجارة أو في أسهم الشركات، على أن يتم صرف ريع الوقف الاستثماري هذا على أصحاب الحقوق الشرعية، أو تخصيص بعضهم (كالأيتام)؟ وهل يجوز شراء منزل من أموال الزكاة وإيقافه على إيواء المتشردين؟وهل يجوز أن يجمع بعض الأفراد الموسرين زكاتهم ويشتروا بها منزلاً أو شقة سكنية ويوقفونها على رجل مسكين من ذوي أرحامهم، خفيف العقل، خوفاً من أن تستولي عليها زوجته ثم تطلقه، أو يحتال عليه محتال فيسلبه عقاره؟وما حكم دفع أموال الزكاة إلى الأوقاف والمؤسسات الوقفية القائمة على الدعوة والترجمة والنشر، وتلك القائمة على رعاية الأرامل واليتامى والمساكين ومعالجة آثار الحروب والكوارث؟ أفتونا مأجورين.
الجواب: الزكاة وهل يجوز وقفها؟ وما هي مصارفها؟الأصل أن تدفع الزكاة لمستحقيها دون تأخير، إلا إذا ترتب على تأخير دفعها مصلحة ظاهرة على ألا يكون التأخير طويلاً كسنةٍ مثلا.والزكاة تمليك في الأصل أيضاً، فتعطى لمستحقيها، أو تصرف للجهة المعنية.ويمكن أن تصرف في مصالح الدعوة؛ لأنها من سبيل الله، وهدف الجهاد وغايته: الدعوة إلى الله وهداية الناس.وإذا دعت الحاجة إلى تجهيز مكان للمشردين من الزكاة، لعدم القدرة على توفير سكن خاص لكلٍ منهم، فلا بأس بذلك، لكنه لا يكون وقفاً، بل يكون ملحقاً بإحدى الجمعيات الخيرية أو الإغاثية، ويمكن تصريفه في مصارف الزكاة المتنوعة. كما يمكن استئجار سكن للمحتاجين، أفراداً أو جماعات وصرف الأجرة لهم من الزكاة؛ لأن السكن من الضروريات التي يصبح فاقدها والعاجز عنها فقيراً مستحقاً. ولا بأس بصرف الزكاة للمؤسسات القائمة على الدعوة والتربية والنشر إذا لم يتم تغطية مصاريفها من غير الزكاة.وكذلك فلا بأس بصرفها للجهات القائمة على رعاية الأرامل واليتامى والمساكين، فهؤلاء إذا كانوا غير مالكين لكفايتهم هم من أهل الزكاة.أما تحويل أموال الزكاة إلى استثمارات مالية فهو موضوع يحتاج إلى بحث، ولم أجد فيه للفقهاء المتقدمين شيئاً. والله أعلم.
* للمراسلة: salman@islamtoday. net *
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|