|
الأرقام تحاكم تطبيق النظام
|
كنت أمس أمام إشارة المرور..
حيث اضطرني لونها الأحمر إلى الوقوف بانتظار أخضرها..
ومثل هذا التوقف يكون فرصة لي ولغيري لقراءة ما يصل إلى امتداد النظر في واجهات المحلات التجارية، أو مما تراه العين مكتوباً في لوحات منصوبة على قارعة الطريق.
***
ما يلفت النظر ويشد الانتباه كثير ومتنوع..
بعضه يبقى محفوراً في ذاكرة المرء..
وبعضه الآخر لا تحتفظ به الذاكرة، ويطويه النسيان..
وكل هذا يتوقف على أهمية ما يقرؤه الإنسان، أو عند وجود ما يستدعي الملاحظة أو التعليق على ما تراه عينه من كلام مكتوب.
***
هذا الأسبوع..
وعلى واجهة إشارة المرور تحديداً لفتت نظري لوحة صغيرة كُتبت بخجل وعلى استحياء - كما يبدو - بإحصائيات عن الوفيات والإصابات والحوادث المرورية في مدينة الرياض..
صدمتني الأرقام..
واستفزتني..
وحركت مواجع كانت نائمة في جسمي، وآلاماً لم أكن أشعر بها من قبل.
***
408 حالات وفاة..
1.481 حالات إصابة..
129.250 حوادث سير..
وكل هذا في مدينة واحدة هي الرياض عن عام واحد فقط هو العام الماضي..
والمصدر: شعبة السلامة بمرور الرياض، التي عليها أن تبقي هذه المعلومات في أماكنها على مدى العام، وأن تزرعها أيضاً بحروف واضحة في الميادين والطرق وأرصفة الشوارع لعلنا جميعاً نتعلم الدرس ونتعظ.
***
تقول شعبة السلامة بمرور الرياض: الأرقام لكَ تحكي وبيدك القرار..
وهذه نصيحة جميلة، لكن النظام وتطبيقه - يا شعبة السلامة - هو القرار العادل، ولا ينبغي أن يغيب أو يغيّب قانون حماية الناس من هذه الفواجع أو الكوارث الإنسانية بنصيحة أو توسل.
***
وكنت أتمنى من شعبة السلامة لو أنها قارنت الرياض بعواصم عالمية أخرى من حيث عدد القتلى والمصابين وإحصائية بعدد الحوادث هنا وهناك وقدمتها لنا، حتى نكون على علم بمن فاز بالمراكز الأولى المتقدمة، فتلك معلومة مهمة لمن يريد أن يعرف موقع الرياض بين من تسود الحوادث المرورية مدنهم.
***
هذا العام لاحظنا اهتماماً من المرور بمن يقود مركبته بسرعة تتجاوز ما هو محدد لها..
حيث يتواجد رجال المرور في أكثر من موقع، ويتنقلون من مكان إلى آخر بقصد إيقاف المتهورين ومحاسبتهم..
ولا بد أن يتواصل هذا الجهد..
وأن يستمر على مدى العام..
مع عدم التسامح أو قبول الوساطات في أخطاء مرورية قاتلة يرتكبها المرء بإرادته ووعيه.
***
فأمس فقط لاحظت مَن تجاوز الإشارة وهي حمراء..
وهذه حالات تتكرر أمامنا جميعاً في كل يوم..
من أناس لا يعبؤون بالنظام..
ولا يحترمون القانون..
ولا يخافون من الجزاء..
لأن رجل المرور لن يكون موجوداً عند كل إشارة للمرور، فهم إذن في أمان..
ونحن لا نطالب بأن يكون مع كل إشارة للمرور رجل من المرور، وإنما نطالب الجميع بشيء من الوعي واحترام النظام والالتزام بتعليمات المرور، وحماية كل إنسان لنفسه ولغيره من موت محدق عند تجاوزه إشارة المرور وهي حمراء، أو بممارسة قيادة المركبة بسرعة جنونية.
***
النظام وضع من أجل حماية الجميع، والمطلوب من المرور العدل في تطبيقه والحزم وعدم التساهل مع من يخالفه، والتأكيد عليه سواء كان هناك أسبوع للمرور أو لم يكن، فالضحايا البشرية في ازدياد، وبالتالي فلتكن كل أيامنا أيام ضبط وانضباط والتزام بتعليمات أجهزة المرور.
خالد المالك
|
|
|
الخبير الاستراتيجي أنطوني كوردسمان: مبالغات أمريكية حول التقدم الذي تحرزه القوات العراقية!
|
* إعداد - عايدة السنوسي
يتواصل اهتمام وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث الأمريكية بما يجري في العراق الذي تحول من شأن دولي إلى شأن محلي تماما بعد أن بات ما يحدث في العراق يؤثر على المواطن الأمريكي سواء بسبب التكلفة المادية الباهظة لمغامرة غزو العراق أو بسبب استمرار نزيف دماء الأمريكيين هناك.
وفي هذا الإطار أجرى موقع مجلس العلاقات الخارجية وهو مركز أبحاث أمريكي مرموق حوارا مع الخبير الاستراتيجي الأمريكي أنطوني كوردسمان الذي ظل على مدى السنوات الثلاث الماضية يبدي نظرة متشائمة بشأن الأوضاع في العراق باعتباره أحد خبراء شؤون الشرق الأوسط الأمريكيين.
في هذا الحوار الذي أجراه برنارد جورتسمان مستشار تحرير موقع مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، تمسك كوردسمان بتلك النظرة المتشائمة بشأن مستقبل أمريكا في العراق.
ويقول كوردسمان الذي يعمل كأستاذ كرسي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن إنه (إذا نظرنا إلى الوراء قليلا لنرى لماذا ذهبنا إلى الحرب أو ما هي أهدافنا منها فسنجد أشياء عدة واضحة.. منها أننا لم نكن أبدا مستعدين لتحرير العراق. فقد بدا الأمر وكأننا بعثنا بثور إلى متجر خزف. وقد تدهور الأمن بالنسبة للمواطن العراقي العادي الآن عنه في عهد صدام حسين الذي كان يركز قمعه على المنشقين السياسيين. كما أن مستوى معيشة العراقي العادي أصبحت في ظل الاحتلال الأمريكي أسوأ منه في عهد الرئيس المخلوع. وقد بلغ معدل البطالة مستويات قياسية وأصبح التفاوت في توزيع الدخل القومي مخيفاً. ورغم أنك تستطيع إعداد ورقة بحثية تخلص في نهايتها إلى أن وضع الاقتصاد الكلي للعراق تحسن فإن الوضع ليس كذلك في الحياة اليومية للعراقيين).
ودعا كوردسمان إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى المزيد من الصدق والشفافية مع الشعب الأمريكي.
ويقول: إن السفير الأمريكي في العراق زلماي خليل زاد يقوم بعمل رائع في بغداد من أجل تجميع الفصائل السياسية بالعراق لتشكيل حكومة وطنية. ورغم ذلك فربما تفشل هذه الجهود. وفي هذه الحالة ستزداد مخاطر اشتعال الحرب الأهلية في العراق.
وفيما يلي تفاصيل ذلك الحوار الثري مع المسؤول المخابراتي الأمريكي السابق والمحلل المرموق:
* منذ ثلاث سنوات تقريبا بدأت الحرب الأمريكية ضد العراق. فما هو انطباعك عن المجهود الحربي للولايات المتحدة هناك في هذه اللحظة؟
- حسنا أولا دعني أستهل إجابتي بالقول إنني أعتقد أنه لدينا عدد من العناصر التي تشكل استراتيجية يمكنها النجاح في العراق. ولكن لو نظرنا إلى الوراء قليلا لمعرفة لماذا ذهبنا إلى هذه الحرب أو ما هي أهدافنا من هذه الحرب فسوف تتبدى لنا بعض الأشياء المؤلمة. فنحن لم نكن في حاجة إلى شن هذه الحرب بسبب وجود أسلحة دمار شامل بالعراق. فهذه القضية انتهت بالفعل قبل الغزو تماما. كما أننا لم نكن مستعدين لتحرير العراق. بل إننا كنا كمن أرسل ثورا لإخلاء محل للخزف. وكانت النتيجة انهيار شرعية الحرب الأمريكية ضد العراق بطرق عديدة. فالوضع الأمني بالنسبة للمواطن العراقي العادي تدهور بشدة في ظل الوجود الأمريكي مقارنة بالوضع في عهد صدام حسين الذي كان يركز على قمع المنشقين السياسيين فقط دون أن يستهدف بعدوانه المواطن العادي. كما أن مستوى معيشة العراقي العادي أصبح أسوأ. كذلك أصبح التفاوت مخيفا في توزيع الدخل القومي بالعراق وارتفع معدل البطالة. ليس هذا فحسب بل إن الغزو الأمريكي للعراق لم يساعد في زيادة تأمين قطاع النفط العراقي. فمازال العراق وبعد مرور ثلاث سنوات على الغزو عاجزا عن الوصول بصادراته النفطية إلى مستوياتها في عهد صدام حسين. بل إن القول بأنه ستتم زيادة إنتاج العراق من النفط لم يتحقق ولن يتحقق قبل سنوات عدة مقبلة. أيضا فقد فشلت الإدارة الأمريكية في جعل العراق نموذجا للدولة الديموقراطية المستقرة في الشرق الأوسط. وكل ما يمكن أن يحدث في أفضل الأحوال أن يصبح الوضع في العراق أفضل مما هو عليه الآن وليس نموذجا يمكن تكراره في أي دولة بالمنطقة. وقد فشلت الإدارة الأمريكية في إثبات وجود أي علاقة بين نظام الحكم المخلوع في العراق والحركات الإرهابية التي تحاربها الولايات المتحدة منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر. في الوقت نفسه فإن الغزو الأمريكي للعراق أدى إلى ظهور حركة مقاومة مسلحة تسيطر عليها جماعات متطرفة جديدة أبرزها تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين الذي يقوده أبو مصعب الزرقاوي ويدين بالولاء لزعيم تنظيم القاعدة والمطلوب رقم واحد للولايات المتحدة أسامة بن لادن. إذن فغزو العراق لم يؤد إلى تقليص خطر الإرهاب في الشرق الأوسط وإنما أدى إلى زيادته. بالإضافة إلى ذلك تعرض الاستقرار في الشرق الأوسط لضربة موجعة بهذا الغزو فظهرت مشكلات مع تركيا وأصبح لإيران نفوذ قوي في العراق وتعمقت مشاعر العداء في الشارع العربي تجاه الولايات المتحدة.
إذن عندما ننظر إلى كل هذه الحقائق فإننا لا يمكن أن نتحدث بأي صورة من الصور عن وجود خطط سليمة لغزو العراق ولا خطط للتعامل مع مشكلات ما بعد الغزو.
وعندما ندرك أننا أنفقنا على جهود إعادة بناء ما دمرته الحرب في العراق حتى الآن حوالي 22 مليار دولار وأنفقنا أرصدة العراق لدى برنامج النفط مقابل الغذاء فإننا نستطيع القول إننا خسرنا أموالا ودماء كثيرة في العراق وكان يمكن تفاديها لو وضعنا الخطط السليمة للتعامل مع الملف العراقي قبل بدء الحرب.
البقاء أم الانسحاب؟!
* ما الذي على الولايات المتحدة عمله الآن من وجهة نظرك؟ فالرئيس بوش وكما تعلم يتجول بين المدن الأمريكية مرددا أن الانتصار الأمريكي في العراق قادم وعلينا الاستمرار هناك بل وقال: إن على الأمريكيين البقاء في العراق حتى بعد انتهاء فترة رئاسته عام 2008م. فهل تنادي أنت بانسحاب مبكر من العراق؟ أم أنك تعتقد بضرورة البقاء هناك الآن؟
- حسنا، أولا أنا أؤمن بشيء واحد وهو أنه علينا تذكر حقيقة أن أي شخص من خارج الإدارة الأمريكية يستطيع اقتراح كل أشكال الاستراتيجيات المبتكرة للتعامل مع المأزق العراقي. ولكن الحقيقة هي أن الاستراتيجية التي لدينا بالفعل هي تلك الاستراتيجية التي علينا العمل من أجل إنجاحها. فنحن لا نستطيع الآن العودة إلى الوراء والتراجع عن قرار شن الحرب من الأساس أو وضع خطط جيدة لتلك الحرب. ومع ذلك فأنا أعتقد أن ما قاله الرئيس بوش مؤخرا عن وجود دور للقادة والمستشارين العسكريين الأمريكيين في صناعة القرارات المتعلقة بالعراق منذ مطلع 2005 هو اتجاه إيجابي من جانب الرئيس بوش نحو المزيد من الواقعية التي قد تقنع الأمريكيين بوجود استراتيجية يمكن أن تنجح في الخروج من مأزق العراق. وأنا أؤمن بأن السفير الأمريكي لدى العراق زلماي خليل زاد يقوم بعمل رائع في العراق من أجل إقناع النخبة السياسية العراقية بتشكيل الحكومة الجديدة. ومع ذلك هناك احتمال أن تفشل تلك الجهود ليصبح العراق على شفا الحرب الأهلية. ولكن العنصر الأكثر أهمية في هذه المرحلة هو تشكيل حكومة عراقية شاملة بمشاركة جميع الأطياف السياسية والطائفية في العراق بحيث يمكن كسر دائرة التأييد الشعبي للتمرد المسلح. والطريقة الوحيدة للوصول إلى هذا الهدف هي جمع العراقيين على مائدة واحدة. وما نقوم به حاليا وبصراحة شديدة يمثل حدود النفوذ الأمريكي على العملية السياسية بالعراق. وإذا نظرنا إلى تطورات الموقف بالنسبة لقوات الأمن العراقية فإننا سنجد أن الرئيس الأمريكي يعيد ذكر ما هو معروف بالفعل. فهناك تحسن فعلي في أداء القوات العراقية حيث بدأت بالفعل بعض وحدات الجيش ووزارة الداخلية العراقية القيام بدور ملموس في مواجهة التمرد المسلح. وإذا استمر هذا التوجه فإن العراق يمكن أن يظل موحدا سياسيا مع إمكانية سحب جزء كبير من القوات الأمريكية من العراق بمرور الوقت. ولكن مرة أخرى أود التركيز على ضرورة التحلي بالنزاهة والصراحة فيما يتعلق بما نفعله في العراق. فنحن مازلنا نعلن عن أرقام تتعلق بالمساحات التي تسيطر عليها القوات العراقية مع أن الجميع يدرك تماما أن مثل هذه الأرقام غير ذات دلالة على أرض الواقع. كما أن الإدارة الأمريكية لا تتحدث مع شعبها بصراحة عن المشكلات التي تواجهها وزارة الداخلية العراقية وبخاصة عناصر الشرطة. فنحن نتحدث عن تدريب وتسليح حوالي 240 ألف جندي عراقي ولكن نصف هذا العدد تابعون لوزارة الداخلية العراقية. هؤلاء يمثلون مشكلة حقيقية حيث إن أغلبهم لم يصل إلى مستوى الكفاءة اللازم للقيام بمهام حفظ النظام والأمن. ليس هذا فحسب بل إن أعداد كبيرة من عناصر الشرطة العراقية ترتبط بصورة أو بأخرى بفرق الموت التي تنفذ عمليات تصفية جسدية لسياسيين ونشطاء ومواطنين على خلفيات طائفية. والحقيقة أننا نبالغ في تصوير التقدم الذي تحرزه القوات العراقية. فهناك بالفعل تقدم ولكن ليس بالصورة التي نتحدث عنها. فأغلب وحدات الجيش العراقي الجديد ليست وحدات مقاتلة بالمعنى الدقيق للكلمة من حيث التسليح أو التدريب. فمازالت هذه الوحدات تعتمد على القوات الجوية الأمريكية وعلى خدمات الإمداد والتموين والنقل والدعم والإسناد والمدفعية. وسوف يستمر هذا الوضع خلال عام 2007 وربما عام 2008 أيضا. وسوف نجد أنفسنا أمام مشكلة مؤلمة في وقت لاحق من العام الحالي عندما يبحث الكونجرس طلب الإدارة الأمريكية تخصيص عدة مليارات من الدولارات لتسليح القوات العراقية.
***
الموقف الراهن
* ما أكثر العوامل إثارة للقلق في الموقف الراهن بالعراق؟
- أكثر ما يثير قلق وانزعاج جميع العاملين في حقل الشؤون الخارجية بواشنطن هو كم المهاترات والكلام الفارغ عما يجري في العراق من الناحية الاقتصادية. فالحقيقة أن معدلات البطالة في العراق مخيفة. وأغلب المشروعات الاقتصادية التي يعلن عنها في العراق حاليا مازالت إما مشروعات وهمية أو مجرد أفكار. فمعدل البطالة في العراق يراوح بين 30 و60 في المئة. وهذا المعدل يصل إلى أقصاه في المناطق ذات الأغلبية السنية. ولا توجد أي خطة أمريكية واضحة للتعامل مع قطاع النفط أو البنية الأساسية بالعراق. كما أننا لا نمتلك أي خطة لمساعدة العراقيين في إصلاح القطاع الزراعي أو إعادة هيكلة القطاع العام. وهذه قضية كبيرة. ولعل هذا هو ما يدفعني بالتأكيد إلى القول أننا لم نكن نملك منذ البداية القدرة على التعامل مع مثل هذه المشكلات. فليس لدينا الأشخاص الذين يمكنهم القيام بهذه المهمة. كما أننا لا نعرف كيف يمكن إجراء إصلاحات على هذا المستوى. وبدلا من إعطاء العراقيين مسؤولية إعادة بناء اقتصاد بلادهم بدأنا نجرب عليه أفكارا أمريكية وراء أفكار دون أن تتناسب مع طبيعة الواقع العراقي. ودعني أوضح لك نقطة، فهناك رغم ذلك نقطة ضوء في نهاية النفق. فهناك محاولات يقوم بها السفير الأمريكي خليل زاد والنخبة العراقية من أجل تولي العراقيين مسؤولية إدارة عجلة اقتصاد العراق ومعالجة مشكلاته بالتشاور والتعاون مع الشركات الأمريكية وهيئة المعونة الأمريكية وأيضا شركات الخدمات الدفاعية. ولكن المشكلة الكبيرة هي أن أغلب مخصصات إعادة بناء العراق قد أنفقت ومن غير الواضح ما إذا كان الكونجرس سوف يوافق على تخصيص مبالغ جديدة لتحقيق هذا الهدف أم لا.
***
سؤال شخصي
* دعنى أطرح سؤالا شخصيا. فأنا وأنت أجرينا العديد من الحوارات المماثلة منذ بدء الحرب. وقد رصدت قدرا أكبر من التشاؤم في هذه المقابلة. فهل هذا هو التطور الطبيعي لديك أم أنه نوع من اليقظة تجاه ما يجري هناك؟
- حسنا، بداية وقبل كل شيء أعتقد أن رصد مدى التشاؤم لدى يعتمد على نوعية الأسئلة التي وجهتها. فتقريبا كل ما ذكرته لك خلال هذه المقابلة هو ما قلته من قبل. ولو عدنا إلى الفترة السابقة على الحرب فستجد أنني وضعت ورقة بحثية تحت عنوان (التخطيط لإصابة الذات) حيث ذكرت فيها قائمة بحوالي 25 مجالا يمكن للولايات المتحدة إلحاق الضرر بنفسها فيه. ثم وضعنا دراسات وراء دراسات عن المشكلات التي تواجه أمريكا في العراق منذ بدء الاحتلال.
***
الديموقراطية في العراق
* انطباعي الشخصي أنه أصبح لديك أمل طفيف بشأن العملية الديموقراطية في العراق عما كنت عليه منذ عام فما تعليقك؟
- أعتقد أننا عندما نعود إلى الوراء أي منذ عام تقريبا ثم ننظر إلى المشهد الراهن فإننا سنجد أنفسنا أمام تطورات كان من الصعب التنبؤ بها.
فقد كانت هناك عملية سياسية ترمي إلى وضع دستور جديد للعراق دون معالجة ما يمكن أن يظهر من المشكلات على أساس الانقسامات الطائفية. وأعتقد أن هذا كان مصدر قلق كبير. فنحن ظللنا نتحدث عن الديموقراطية. وأنا أعتقد أنه حتى ديموقراطية أثينا القديمة التي ننظر إليها باعتبارها نموذج الديموقراطية الخالصة لم تشهد سوى 30 عاما طيبة وحوالي مائتي عام سيئة. ولكي تضمن وجود حياة ديموقراطية سليمة يجب أن يكون لديك أحزاب سياسية قوية وقادرة على الممارسة السياسية. ويجب أن تكون هناك ظروف اقتصادية واجتماعية تضمن توافر قدر من الاستقرار اللازم لاستمرار العملية الديموقراطية. ويجب أن تكون الأحزاب والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية شاملة وغير مجزأة على أسس طائفية أو أيديولوجية أو عرقية. وما فعلناه في العراق أننا ضغطنا في اتجاه إجراء انتخابات دون أن نهتم بإقامة حكومة قوية وقادرة على تسيير أمور الدولة بفاعلية. وأنا لم أكن أتوقع أن تتصرف الإدارة الأمريكية على هذا النحو فهو أمر لم يكن يمكن التنبؤ به سواء في فشل إدارة العملية السياسية أو مساعدات إعادة بناء ما دمرته الحرب وهو ما أدى إلى وضع اقتصادي مزري. وفي هذا السياق كنت أتوقع أن يؤدي ذلك إلى تدهور موقف قوات الأمن العراقية بدرجة أكبر مما هو عليها الآن.
وأخيرا فإن الشيء الذي يجب أن نلتفت إليه الآن ويدعونا إلى قدر من التفاؤل هو هذا التركيز الكبير على الأخطاء التي ارتكبناها أثناء التخطيط لغزو العراق وكذلك الأخطاء التي ارتكبتها سلطة الاحتلال المؤقتة في السنة الأولى للاحتلال الأمريكي بالعراق. فمعرفة الخطأ هو نصف الطريق نحو تصحيحه وتجاوزه.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|