|
العراق الجريح..! |
لم نعد نتوقف كثيراً عند أحداث وحوادث العراق الدامية..
إلاَّ من حيث الألم الذي نشعر به نحو ما يعانيه الأشقاء هناك..
فأخبار العراق..
حيث القتلى والإصابات بين المواطنين..
والدمار الذي مس كل شبر من أراضيه..
مسلسل مكرَّر ومُعاد لصورة ما يجري هناك..
***
هل من بارقة أمل لإيقاف نزيف الدم؟..
ومن توقعات بأن لهذا الذي نراه ونسمعه نهاية سعيدة في زمن قريب؟..
هل آن الأوان للإبقاء على البقية الباقية من مقومات هذا الكيان الكبير؟..
ومن الاحتفاظ بتاريخه دون تشويه؟..
***
هذه بعض أسئلة..
أملتها الحالة المأساوية لشعب عظيم..
في ظل احتلال بغيض..
وممارسات طائشة من المستعمر ومن صاحب الأرض على حدٍّ سواء..
أطرحها بغيرة..
وبحب..
وبشيء من التمنيات أن تتغير الصورة إلى ما هو أحسن..
***
وبمرارة..
وأسًى..
أشعر أن الليل قد طال..
وأنه سيطول أكثر..
مع أوار حرب وعودة استعمار..
في مقابل خلافات بين أصحاب الحق..
ومؤامرات خارجية أبقت وتُبقي نار الفتنة بين الإخوة دائمة الاشتعال..
***
ويضيف ما نراه ونسمعه في أرض الرافدين..
من قتال غير مبرَّر واختلافات لا معنى لها..
المزيد من مرارة القهر والتهميش وسلب الحقوق..
وهو ما يجب أن يحرك الشعور بالمسؤولية في عقول ومشاعر شعب العراق..
بانتظار أن يعود العراق..
أبياً وقوياً وفاعلاً..
على الساحة العربية والدولية..
***
وإلى أن يُطلَّ ذلك الأمل على شعب العراق..
مشرقاً ومشعاً وممطراً بما يتمناه العراقيون..
وإلى أن يأتي ذلك اليوم يحمل للأشقاء ولنا سحب الخير والأخبار السارة..
سنحتفظ بما تبقَّى لدينا من أمل قليل حياً في عقولنا ومشاعرنا..
بانتظار أن نسمع قرع خطوات العدو وهو يحمل عصاه على كاهله ويرحل.
خالد المالك
|
|
|
اعتراف ابي القنبلة الباكستانية فجرت القضية تكنلوجيا نووية . للبيع السوق النووية السوداء إمبراطورية سرية محكمة الإغلاق |
* إعداد: د. سيد محمد الداعور(*)
تعرضت السوق السوداء، التي أمدت إيران وليبيا وكوريا الشمالية بما احتاجت إليه من تكنولوجيا ومعرفة ومعدات لبرامجها النووية، لنكسة كبيرة بعد كشف زعيمها المرموق أبي البرنامج النووي الباكستاني، الدكتور عبد القدير خان، الذي اعترف وأقر خطياً بأنه قد زود الدول الثلاث آنفة الذكر بما لم تتمكن من الحصول عليه من هذه السوق العتيدة، من خلال شبكة محكمة من الوكلاء، والوسطاء والسماسرة، والشركات، استطاعت اختراق القيود والضوابط الدولية والتحايل عليها.
الذي يستخدم لتخصيب اليورانيوم
إنها سوق دولية واسعة كانت تعمل في مجال تهريب وبيع تكنولوجيا الأسلحة النووية على مدى عقود عدة، حيث نشط فيها باقتدار واحتراف الدكتور عبدالقدير خان وربط إيران وليبيا بها لتحصلا على ما تحتاجان إليه من معدات ومواد ومن ثم أمدهما بما لم تتمكنا من الحصول عليه من معلومات وتكنولوجيا لتخصيب اليورانيوم.
فقد تم تزويد كوريا الشمالية وإيران بتكنولوجيا تخصيب اليورانيوم والمعدات اللازمة الأخرى في أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات، وحصلت ليبيا على معدات وتكنولوجيا ومعرفة نووية اشتملت على مخططات قنبلة ذرية، وتم تداول مئات الملايين من الدولارات على مدى 15 عاما في هذه الصفقات التي تراوحت بين رسومات ومخططات حساسة تم نقلها على اسطوانات كمبيوتر، وآلاف المكونات والأجزاء الضخمة لمخصبات اليورانيوم التي حملتها وسائل نقل عملاقة كالسفن والطائرات.
ليبيا تخضع طواعية
وتم تسليط الأضواء على هذه القضية الخطرة بعد أن أعلن الزعيم الليبي معمر القذافي في 19122003 أن الجماهيرية قد قررت التخلي عن جهودها للحصول على أسلحة الدمار الشامل، ووافقت على فتح مرافقها ومواقعها أمام المفتشين الدوليين. وعلى الفور قامت فرق من الخبراء والمفتشين الأمريكيين والبريطانيين بزيارة تلك المرافق والمواقع وأرسلت الوكالة الدولية للطاقة النووية أيضاً مفتشيها وخبراءها. وبعد عدة أسابيع أعلن البيت الأبيض انه تم بالفعل نقل مكونات البرنامج النووي الليبي جوا إلى الولايات المتحدة، بما في ذلك هيكسافلورايد اليورانيوم وأجزاء مخصبات اليورانيوم، ومعدات ووثائق أخرى متعلقة بالبرنامج.
وانتقد الرئيس الباكستاني مشرف الغرب واتهمه بازدواجية المعايير حين قاموا بتوجيه جل الاتهام إلى باكستان وليس إلى المزودين والعلماء والمهندسين من اكثر من عشرة أقطار، منها ألمانيا وهولندا وفرنسا وسويسرا، ساعدت في رواج وازدهار السوق السوداء الدولية، وفي دعم جهود الدكتور عبدالقدير خان لتزويد إيران وليبيا بالتكنولوجيا والمعرفة والمعدات النووية.
منبع الشر النووي
إن المحرك الحقيقي للانتشار النووي إلى باكستان وإيران والعراق وليبيا هي سوق التكنولوجيا النووية الأوروبية وبخاصة الغربية. هذه السوق لم يتم كشف سترها في الثمانينيات عندما كانت الولايات المتحدة تغض الطرف عن الانتشار النووي نحو باكستان والعراق لمصالح أمريكية آنية.
لم يوجد خان السوق السوداء، بل كانت موجودة بالفعل، ولكنه استفاد منها بالكامل لتحقيق مشروع بلده الاستراتيجي. فالولايات المتحدة الأمريكية والحكومات الغربية تركت هذا السوق يزدهر سعياً وراء المكاسب الاقتصادية. وأجهزة مخابراتهم كانت تعرف لعقود طويلة أن التكنولوجيا النووية كانت تتدفق خارج أوروبا على الرغم من وجود بعض الجهود المحلية لاحتوائها.
كثير من أسماء الموردين والوسطاء الذين زودوا البرامج النووية في باكستان والدول الطموحة الأخرى بالمعدات والمواد والمعرفة، هم لاعبون مشهورون في صناعة تخصيب اليورانيوم الأوروبية، وبعضهم تم اتهامه في صادرات غير شرعية من قبل. إذاً الانتشار النووي جذوره موجودة في أوروبا.
سافر المحققون الباكستانيون إلى إيران وليبيا في أواخر يناير 2004 طالبين المساعدة في تحقيقاتهم. ولأول مرة اقر الرئيس الباكستاني، أثناء حضوره للمؤتمر الاقتصادي العالمي الأخير في دافوس بسويسرا، ان العلماء النوويين الباكستانيين ساعدوا الإيرانيين في منتصف الثمانينيات واوائل التسعينيات. ولكنه شدد على ان (الحكومة الباكستانية لم ولن تعمل على نشر الأسلحة النووية)، وأضاف موضحاً: (طالما الأمر يهم باكستان، فإننا نقوم بتحريات حثيثة لأي انتشار ربما قام به أفراد بعينهم لمنافع ذاتية).
وتظهر التحقيقات ان الشبكة أوسع مما كان يعتقد. فالوسطاء والمشترون والبائعون والمصنعون نشطوا في ألمانيا، وهولندا، وبلجيكا، وجنوب إفريقيا، واليابان، وماليزيا، والولايات المتحدة، وروسيا، والصين. ويعتقد بعض المحللين انه ستتم إضافة بعض الدول الأخرى إلى القائمة فيما بعد.
الارهاب النووي
ويوجد خوف كبير من إمكانية وصول التكنولوجيا والمعدات النووية إلى منظمات إرهابية. فكثير من العناصر في المجتمع الباكستاني، بما فيهم ضباط في الجيش، يتعاطفون مع منظمات متطرفة والكثير منهم يؤيدون أسامة بن لادن وطالبان.
واظهرت الوثائق التي وجدت في مكاتب القاعدة في أفغانستان ان المنظمة بذلت جهودا كبيرة لتطوير قنبلة نووية قذرة. ففي عام 2001 تم اعتقال اثنين من علماء الذرة الباكستانيين للاشتباه في انهما باعا أسرارا نووية لطالبان والقاعدة.
فوفقا للخبير والمحلل الأمريكي في مجال الأسلحة النووية دافيد البرايت، الذي كان يعمل مفتشا مع الأمم المتحدة، فانه من الممكن لمنظمة إرهابية ان تصنع قنبلة نووية تماثل القنبلة التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما اليابانية في الحرب العالمية الثانية، لو وضعت يدها على 50100 كيلوجرام من اليورانيوم المخصب، مع توفر طريقة الصنع التي يمكن الحصول عليها من السوق السوداء.
أسلحة الردع والتصدي
ويوضح الرئيس الأمريكي جورج بوش ان (الدول الديمقراطية امتلكت أسلحة الدمار الشامل، ومنها السلاح النووي، كرادع استراتيجي تستخدمه كخيار أخير، على عكس المنظمات الإرهابية او الدول المارقة التي تستخدمها كخيار أول. لذا لابد من تغيير التفكير والاستراتيجية، ونحن مصممون على التصدي لهذا الخطر في مكانه).
وتحدث بوش عن السوق السوداء، في خطاب مطول له أمام أكاديميي وطلاب جامعة الدفاع الوطني الأمريكية بتاريخ 12 2 2004، قائلا، لقد ظهر في السنوات الأخيرة طريق آخر لنشر الأسلحة النووية، والولايات المتحدة ودول أخرى عديدة تعرف المزيد عن العمليات التي تتم في السوق السوداء، حيث يتعاملون في المعدات والمعرفة المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، وأضاف: (هؤلاء السماسرة والتجار يحركهم الجشع والتعصب أو كلاهما. لقد وجدوا ضالتهم في أنظمة غير شرعية تدفع الملايين مقابل المخططات والمكونات التي يحتاجون إليها لتسريع برامجهم النووية).
أبو القنبلة النووية
ويواصل بوش : ويمكن معرفة مدى اتساع وتعقيد هذه الشبكة من خلال حالة رجل يدعى عبدالقدير خان. إليكم القصة التي نعرفها حتى الآن: (عبدالقدير خان يعرف في جميع أنحاء العالم بأبي القنبلة النووية الباكستانية. والشيء الذي لم يكن معروفاً حتى الفترة الأخيرة هو انه قاد شبكة دولية واسعة لنشر التكنولوجيا والمعرفة النووية). وأضاف بوش: (لعقود كان خان مدرجاً على بند الرواتب الحكومية حيث يحصل على راتب متواضع، ومع ذلك هو ورفاقه يعيشون حياة رغيدة عبر بيع التكنولوجيا والمعدات النووية لأنظمة غير شرعية تمتد من شمال إفريقيا إلى شبه الجزيرة الكورية. عبدالقدير خان نفسه قام بعملياته خارج باكستان، وعمل مديراً للشبكة والعقل العلمي لها والبائع الأول كذلك. فعلى مدى العقد الماضي، قام برحلات مستمرة للتشاور مع زبائنه وليبيع خبرته. خان وزملاؤه باعوا إيران وليبيا وكوريا الشمالية التصميم الباكستاني القديم لأجهزة الطرد المركزي وكذلك تصميم النموذج الأكثر تطورا وفاعلية. وزودت الشبكة أيضا هذه الدول بمكونات وفي بعض الحالات بأجهزة طرد كاملة.
ويضيف بوش بأن المخابرات الأمريكية والبريطانية هي التي كشفت هذه الشبكة وأسرارها بعد اختراقها ومتابعة نشاطاتها وبخاصة عبدالقدير خان وشركاؤه. وتم إبلاغ الحكومة الباكستانية التي تحقق في الأمر ووعدت بتبادل المعلومات معنا وبمنع تكرار ما حدث.
تفكيك هذه الشبكة كان إنجازا كبيرا في الجهود المبذولة لوقف هذه الأسلحة المرعبة. نحن نقوم بتعديل استراتيجياتنا لتلائم تهديدات المرحلة الجديدة. أمريكا ودول مثل استراليا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان وهولندا وبولندا والبرتغال وإسبانيا والمملكة المتحدة قامت بتدشين مبادرة تأمين الانتشار Security Initiative Proliferation من اجل اعتراض ووقف المواد الخطرة وهي في طريق الترانزيت. وتقوم هذه الدول بتبادل المعلومات الاستخبارية وتعقب الشحنات الدولية المشبوهة، والقيام بمناورات عسكرية مشتركة. ويوجد إجماع بين الدول بأن نشر الأسلحة لا يمكن السماح به. ويجب ان يترجم هذا الإجماع على ارض الواقع).
مقترحات المرحلة
وأعلن بوش عن مقترحات لتعزيز الجهود الدولية لوقف انتشار الأسلحة القاتلة، لخصتها مقالة نشرتها صحيفة يو إس إيه توداى في 1822004، في النقاط التالية:
1 ضبط حركة المواد المستخدمة في صناعة السلاح النووي: من المفترض ان تمنع اتفاقية عام 1970 انتشار الأسلحة النووية، ولكنها لم تفعل ذلك لأن بها خللاً قاتلاً حيث تسمح للدول بتخصيب اليورانيوم والبلوتونيوم.
يريد بوش، من الآن فصاعدا، أن يجبر الأقطار على شراء الوقود لمعامل الطاقة لديها إن لم تكن قادرة على تصنيعه من قبل، وسوف تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بتنظيم هذه المبيعات تحت رقابة صارمة.
2 تقوية المعاهدات والاتفاقيات الدولية: في مايو الماضي، دشن بوش مبادرة تأمين الانتشار Security Initiative Proliferation ، تضم 11 بلدا، تقوم بتوقيف وتفتيش الشحنات المشبوهة. ويقترح توسيع المجموعة وصلاحياتها، ويريد أيضاً ان يصدر مجلس الامن قرارا يجرم نشر المواد النووية الحساسة. والهدف التالي سيكون تفكيك الأسلحة النووية في الأقطار التي لم توقع على المعاهدة او التي انسحبت منها مثل باكستان والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية.
3 إبعاد العلماء عن المغريات: تبين قصة الدكتور عبدالقدير خان حجم الاغراءات الكثيرة التي عرضت على علماء الذرة. لذا يقترح بوش عرض وظائف وعوائد مالية أخرى على علماء الذرة الذين لا يعملون حاليا في أقطار مثل ليبيا والعراق، حتى لا يسعوا إلى بيع خدماتهم في مكان آخر. الفكرة سوف تتوسع من برنامج سابق تم تنفيذه في الجمهوريات السوفيتية السابقة.
ظاهرة خطيرة
ومن ناحيتها، فوجئت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بحجم الحدث، حيث صرح مديرها العام محمد البرادعي قائلا: (هذه اخطر ظاهرة عاصرناها على مدى وقت طويل في مجال انتشار الأسلحة النووية).
ففي حديث له مع مجلة (ديرشبيجل) الألمانية في 2712004، قال انه لمن الواضح ان وسائل ضبط التصدير الدولية قد فشلت في السنوات الأخيرة، وأضاف موضحاً: (لقد نشأت سوق سوداء تدار بذكاء خارق. بحيث يتم عمل التصميم في أحد البلدان، وأجهزة الطرد المركزي في بلد آخر، ويتم بعد ذلك شحنها عبر بلد ثالث وفي النهاية تصل إلى البلد المستخدم).
ويقول البرادعي ان قضية خان تبين مرة أخرى ان السوق السوداء رائجة ونشطة، حيث حذر من مواطن الضعف في الآليات الدولية لمنع انتشار الأسلحة النووية، وأضاف أن (المطلوب هو مراجعة شاملة لأنظمة مراقبة تصدير المعدات والتكنولوجيا النووية. لمراقبة الانتشار، يوجد لدينا الآن مجموعة صغيرة من الدول التي تعمل على أساس اتفاق الجنتلمين وهذه الآلية غير عملية وغير فاعلة). ويجب على العالم ان يواجه الحقيقة المرة.
واوضح البرادعي ان (الإجراءات الوقائية التي كانت مطبقة أيام الحرب الباردة والتي كانت تهدف إلى منع الدول، ماعدا الدول الخمس النووية المعلنة، من ان تحصل على الأسلحة النووية، أصبحت غير فاعلة. إنها فشلت في منع بيع المواد والمعدات التي تستخدم في صنع القنابل النووية. فالتجربة الأخيرة وتحمل المسؤولية تدفعان باتجاه تعديل اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية التي وقعت في عام 1970 لكي تواكب القرن الحادي والعشرين، ومن دون تهديد السيادة الوطنية يمكن تشديد نظام الحظر).
لاتزال التحقيقات جارية
وجدير بالذكر أن التحقيقات في قضية السوق السوداء بعد ان سربت الأمم المتحدة معلومات جمعتها عن البرامج النووية الإيرانية والليبية، طالت التحقيقات 15 شخصا يعملون في معامل خان (كاهوتا) البحثية لتخصيب اليورانيوم. وقد أكد مسؤولون باكستانيون ان التحقيقات اقتصرت على سبعة أشخاص مشتبه فيهم من بينهم خان الذي أقيل من منصبه كمستشار لرئيس الوزراء.
وقال مسؤولون باكستانيون ان خان كان يدير شبكة قامت بشكل منتظم بتهريب معدات نووية إلى دول أجنبية باستخدام طائرات خاصة. وأن هذه الشبكة سربت أسرار تصميمات أحواض الطرد المركزي القادر على إنتاج اليورانيوم الصالح لصنع الأسلحة النووية. والدكتور خان متهم أيضا بالسفر إلى الخارج حيث قام بإلقاء محاضرات شرح أثناءها لعلماء إيرانيين وليبيين وكوريين شماليين كيفية صنع القنبلة النووية.
وأفاد تقرير نشرته الشرطة الماليزية في 2022004 نقلا عن بخاري سيد ابوطاهر، الذي تجري الشرطة معه حاليا تحقيقا حول دوره في شبكة الدكتور خان، ان الأخير سلم ليبيا كمية من اليورانيوم المخصب على متن طائرة باكستانية، وانه (أي خان) ابلغه بذلك عام 2001، وان ليبيا اتصلت بخان عام 1997 لتلقي مساعدة وخبرة في مجال تخصيب اليورانيوم.
البرنامج الليبي السري
وقالت الوكالة الدولية للطاقة النووية مؤخرا ان ليبيا قد نجحت بالفعل في إنتاج كمية محدودة من البلوتونيوم باستخدام التكنولوجيا التي حصلت عليها من السوق السوداء، ولكنها لا تكفي لصنع قنبلة نووية. وجدير بالذكر ان ليبيا أعلنت في أواخر عام 2003 عن تخليها عن خططها الرامية إلى إنتاج أسلحة نووية. وتشرف الوكالة الدولية حاليا على عملية إزالة وتدمير المعدات التي استخدمت في البرنامج الليبي السري.
وبحسب تقرير الشرطة الماليزية الآنف الذكر فان ليبيا أنشأت معملا لانتاج مكونات وحدة الطرد المركزي لانتاج وقود إما لمفاعلات نووية وإما لقنابل ذرية. وان مكونات هذا المعمل تم التزود بها عن طريق البريطاني بيتر غريفين الذي كان يملك مصانع الخليج التقنية ومقرها دبي. وقال طاهر الذي يقيم في ماليزيا ان إيران دفعت للدكتور خان 3 ملايين دولار للحصول على قطع الطرد المركزي في منتصف التسعينيات، حيث بدأ خان دوره في العملية مع إيران عام 1994.
ومن جانبها سلمت الوكالة الدولية للطاقة السلطات السويسرية قائمة تبين هوية 15مواطنا سويسريا يشتبه بأنهم ساعدوا ليبيا وإيران في برامجهما النووية. وتنوي سويسرا إجراء تحقيق حول ذلك.
نفاق دولي
وفي الوقت الذي تضغط فيه الولايات المتحدة الأمريكية والوكالة الدولية للطاقة على الأقطار الأخرى للتخلي عن برامجها النووية، فإنها تغض الطرف، لا بل يعمي بصرها بحيث لا ترى ترسانة إسرائيل من أسلحة الدمار الشامل بما فيها الأسلحة النووية التي بلغت حسب آخر الأرقام أكثر من أربعمائة رأس نووي وقنابل هيدروجينية. فنجد الوكالة تحث إيران على تثبت ان معاملها التي تعمل بالطاقة النووية لا تعمل على تطوير مواد مشعة تستخدم في صنع الأسلحة النووية، في الوقت الذي تعمل فيه مفاعلات إسرائيل النووية وبخاصة مفاعل ديمونا ليل نهار لانتاج المزيد من أسلحة الدمار الشامل.
بصحيفة (الجزيرة) في 22 2 2004، عن النفاق الدولي وازدواجية المعايير، موضحاً: (دُمِّرت العراق واُحتلّت بتهمة امتلاكها لأسلحة نووية. . الاتهامات الآن تحاصر إيران، ورذاذ يطال باكستان باتهام علمائها تزويد دول أخرى بأسرار التقنية النووية، رغم ان هذه الأسرار معروضة على (أرصفة) المزودين التقنيين في بلاد العم سام وبلاد القياصرة، إلا ان الهجمة الإعلامية الحالية موجهة لباكستان وإيران وراءها ما وراءها. . أما السارقون الحقيقيون والذين تسللوا إلى مراكز البحث الأمريكية ونقلوا التقنية النووية إلى إسرائيل التي وصل ما صنعته من رؤوس نووية إلى اكثر من أربعمائة رأس نووي وقنبلة هيدروجينية، فلا أحد يجرؤ على فتح الموضوع).
رفض عربي للازدواجية
وقد تحدث سمو وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل أمام الجمعية العامة في أواخر سبتمبر 2003، عن محاباة إسرائيل وعدم إلزامها توقيع اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية، قائلا: (ما يدهشنا انه في الوقت الذي تشدد فيه الوكالة الدولية للطاقة جهودها وجهود الدول الأعضاء... نراها تمعن وتتمادى في تجاهل رفض إسرائيل الالتحاق بالمعاهدة. ان هذا يشكل تهديدا خطيرا للأمن والاستقرار في كل المنطقة).
وفي السياق نفسه قال وزير الخارجية المصري احمد ماهر: (انه لا يقبل ان امتلاك إسرائيل لمثل هذه الأسلحة يجب ان يبقى حقيقة البعض يفضل ان يتجاهلها أو يمنع المجتمع الدولي من مواجهتها مباشرة وبصراحة).
وتحدث وزير خارجية سوريا فاروق الشرع موضحا: (لقد قيل الكثير في الآونة الأخيرة عن أخطار انتشار أسلحة الدمار الشامل من قبل بعض دول تمتلك بالفعل أنواعا مختلفة من هذه الأسلحة)، واضاف: (والبعض قام بشن حرب بحجة إزالة هذه الأسلحة. انه ليؤسف له ان بعض الجهات تقوم بصفة انتقائية بإلقاء اتهاماتها على بعض الدول العربية والإسلامية وليس على دول أخرى، بينما في الوقت نفسه يتم تجاهل ترسانة إسرائيل من أسلحة الدمار الشامل، بما فيها النووية والكيميائية والبيولوجية).
وتبذل الدول العربية جهودا دبلوماسية حثيثة للدفع بمبادرتها لجعل منطقة الشرق الأوسط خالية من دون استثناء من أسلحة الدمار الشامل. وتولي أهمية كبرى لمسألة الأمن الإقليمي الذي لايمكن تحقيقه الا بإزالة كل أسلحة الدمار الشامل في دول المنطقة كافة من دون استثناء. وتتمسك بمطالبتها تخلي جميع دول الشرق الأوسط عن أسلحتها للدمار الشامل، بما فيها إسرائيل، وممارسة الضغوط عليها لتوقع اتفاق حظر انتشار الأسلحة النووية باعتبارها تملك اكبر ترسانة نووية في المنطقة باعتراف وزارة الدفاع الأمريكية.
وتتكثف الضغوط حاليا على سوريا وإيران لاقناعهما لكي تحذوا حذو ليبيا التي أعلنت مؤخرا طواعية عن تخليها عن برامج تطوير أسلحة الدمار الشامل بعد مفاوضات سرية امريكية أوروبية ليبية استمرت سبعة اشهر.
برنامج إسرائيل النووي
يعتبر برنامج إسرائيل النووي اكثر برامج أسلحة الدمار الشامل سرية في العالم. وكون إسرائيل ترفض توقيع اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية فإنها لا تخضع للتفتيش والتهديد بفرض العقوبات من قبل الوكالة الدولية للطاقة النووية.
وقد تم لاول مرة كشف الغطاء عن البرنامج الإسرائيلي في منتصف الثمانينات عندما قام موردخاي فانونو، الذي عمل في مفاعل ديمونة في صحراء النقب، بتزويد صحيفة بريطانية برسومات وصور للرؤوس النووية الإسرائيلية.
بعد قيامها بفترة وجيزة في عام 1948 بدأت إسرائيل تولي اهتماما بامتلاك الأسلحة النووية كرادع استراتيجي. وفي عام 1952 تم تشكيل الهيئة الإسرائيلية للطاقة النووية وبدأت تعمل متلازمة مع نشاطات الجيش الإسرائيلي. وقبل نهاية عام 1953 تم استخلاص اليورانيوم من صحراء النقب وتم تطوير طريقة لانتاج الماء الثقيل الشيء الذي وفر لإسرائيل قدرة ذاتية لانتاج بعض المواد النووية الهامة.
أما بالنسبة لتصميم وبناء المفاعل فان إسرائيل حصلت على مساعدة فرنسا. ووفقا لمنظمة جلوبال سيكيوريتي GlobalSecurity. org فانه تم توقيع اتفاقية بين البلدين لإنشاء مفاعل ديمونا في نهاية الخمسينات. وظل المجمع يوصف على انه مصنع نسيج ومحطة بحثية زراعية حتى 1960 حيث أعلن رئيس الوزراء دافيد بن جوريون ان مركز الأبحاث النووية قد بني لأغراض سلمية.
منذ شكوكها المبكرة بان لدى إسرائيل طموحات نووية أبدت الولايات المتحدة اهتمامها وقامت بإرسال طلعات استكشافية للموقع قامت بها طائرات اليو2 والتي كشفت مبنى مفاعل ديمونا. وخلال الستينات قام المفتشون الأمريكيون بزيارة ديمونة عدة مرات ولكنهم كانوا غير قادرين عل الحصول على صورة دقيقة للنشاطات التي تتم داخله.
وتقول جلوبال سيكيوريتي ان الإسرائيليين قاموا بالتمويه والخداع وذلك بتركيب لوحات غرف تحكم مزيفة وبناء جدران من الطوب على المصاعد والممرات. ورفع المفتشون في تقريرهم انه لا يوجد بحث علمي واضح او برنامج طاقة نووية مدني يبرر وجود مفاعل ضخم وكبير مثل هذا المفاعل، ولكن لم يجدوا دليلا على نشاطات متعلقة بالأسلحة النووية. وفي عام 1968، خلص تقرير لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية إلى القول ان إسرائيل بدأت إنتاج أسلحة نووية. ولف بعد ذلك الغموض البرنامج الإسرائيلي إلى ان كشفه فانونو.
فضيحة فانونو
في عام 1986، سلم موردخاي فانونو، الذي عمل فنيا في مجمع ديمونا، صحيفة (صنداي تايمز) اللندنية معلومات مفصلة عن برنامج إسرائيل النووي والذي قاد المراقبين إلى الإعلان ان إسرائيل هي القوة السادسة النووية في العالم. وقبل ان يتمكن فانونو من البوح بالمزيد عن البرنامج النووي، تم استدراجه من حيث كان يختبئ في لندن من قبل عميلة للمخابرات الإسرائيلية أقنعته بأنها تريد مقابلته في روما. وفور وصوله إلى هناك تم تخديره وتسفيره إلى إسرائيل.
وشهدت نهاية ذلك العام محاكمة فانونو بتهمة الخيانة، وصدر الحكم بسجنه ثمانية عشر عاما، وبقي في السجن حتى يومنا هذا حيث قضى غالبية محكوميته في زنزانة انفرادية، لانه يعتبر في أعين غالبية الإسرائيليين خائنا وجاسوسا ومن المتوقع ان يتم اطلاق سراح فانونو في شهر ابريل القادم وسيتم منعه من السفر لتجنب كشف المزيد من الاسرار النووية الخاصة بالكيان الصهيوني.
وعن الحكمة من وراء الحفاظ على سرية البرنامج النووي الإسرائيلي، يقول شمعمون بيريز رئيس الوزراء السابق الذي يعتبر عراب الأسلحة النووية الإسرائيلية: (يجب الإبقاء على حيز معين من السرية في بعض المجالات. الشك والضبابية اللذان يحيطان بهذه المسألة يعتبران إيجابيان لانهما يقويان الرادع الذي لدينا).
مخاوف العرب
واعربت الدول العربية عن قلقها المتزايد من الأسلحة النووية الإسرائيلية واتهمت الولايات المتحدة باتباع سياسة مزدوجة المعايير في سياستها الشرق أوسطية حيث تتجاهل وتغض الطرف عن برامج إسرائيل النووية في الوقت الذي تركز على أقطار أخرى مثل العراق قبل الحرب وإيران وسوريا حاليا وتصر على ان برامجها النووية تهدد الأمن والسلام.
وفي الاونة الأخيرة، حث المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، على استحياء، إسرائيل على توقيع اتفاقية منع انتشار الأسلحة النووية وأن تتخلى عن أسلحتها النووية لتعزيز السلام في الشرق الأوسط.
في الختام، يتوقع الخبراء والمحللون ان يقل ويتراجع نشاط السوق النووية العالمية السوداء لاكتشاف أمرها على الملأ، ولتحييد فارسها الدكتور عبدالقدير خان، وتخلي ليبيا عن كامل برنامجها النووي، وتوجه إيران نحو التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة لتفتيش مرافقها ومنشآتها النووية وصولا إلى وقف برنامجها بالكامل، وبدء المحادثات السداسية حول البرنامج النووي الكوري الشمالي واستعداد بيونج يانج للتعاون الى أقصى الحدود، ولكن يبدو أنها لن تنتهي، فالعفريت النووي الآن خارج القمقم، والإجراءات الأكثر صرامة الجاري اتخاذها حاليا، ربما تساعد في الحيلولة دون ان يصل العفريت إلى الأيدي الخطرة.
تعريفات
الوكالة الدولية للطاقة النووية: تم إنشاؤها عام 1957 كهيئة ترعاها الأمم المتحدة وتتمتع باستقلالية، ومقرها فينا، النمسا، بهدف تعجيل وتوسيع مساهمة الطاقة النووية في السلم والصحة والرفاه في جميع أنحاء العالم، وعدم استخدامها في الأغراض العسكرية.
ولتحقيق أهدافها تقوم الوكالة بالبحث والتطوير في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتساعد على تبادل المعلومات العلمية والفنية، وتساعد دولها الأعضاء البالغ عددها 130 دولة من خلال التعاون الفني، وتقوم بإجراءات التحقق من سلامة المواد وتضع معايير السلامة النووية والحماية من الإشعاع.
معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية: وقعت عام 1970 وتعتبر أساس نظام منع الانتشار النووي ولمتابعة نزع السلاح النووي. والهدف منها لمنع انتشار الأسلحة النووية خارج الدول التي تملكها من قبل. وكل خمسة أعوام يجتمع أطراف المعاهدة، وهم حاليا 188 دولة، لمراجعة تطبيقها. ومؤتمر المراجعة القادم من المقرر عقده في 2005 في جنيف. وتحول المعاهدة الوكالة بأدوار محددة كهيئة سلامة دولية وكقناة متعددة الأطراف لنقل التطبيقات السلمية للتكنولوجيا النووية.
(*) كاتب ومحلل سياسي
sayeddaur@hotmail. Com
***
المراجع والمصادر:
1الأستاذ جاسر عبد العزيز الجاسر في زاويته اليومية أضواء، صحيفة الجزيرة، 2222004.
2 ملف أسلحة الدمار الشامل يعرقل اتفاق الشراكة السوريةالاوروبية، دار الحياة، 3012004
www. daralhayat. com
3Mohamed ElBaradei, Saving Ourselves From SelfDestruction, OpEd Essay, New York Times, 1222004, http://www. iaea. org
4ElBaradei Reveals Black Market in Nuclear Arms, The Guardian, London, 2712004, published on TaipeiTimes, http:www. taipetimes. com
5On the Trail of the Black Market Bombs, BBC NEWS, 2122004, http://news. bbc. co. uk/ 6http://www. GlobalSecurity. org
7Reuven Pedatzur, The Nuclear Weapons Black Market, Haaretz, 922004, www. haaretzdaily. com
8Don't Ignore Proven Gaps Fueling Nuclear Black Market, USA Today, 1822004, http://www. usatoday. com
9Peter Slevin, UN Nuclear Chief Warns of Global Black Market, Washington Post, 622004, http://www. washingtonpost. com
10George Jahn, Experts Describe TightKnit Nuclear Black Market, The Washington Times, 322004, http:www. washingtontimes. com
11K Subrahmanyamk, Putting an end to Pak's black market bombs, 2122004, http://timesofindia. indiatimes. com
12Craig S. Smith, Nuclear black Market trade had roots in Europe, International Herald Tribune, 2122004, http://www. iht. com
13Reuters AlertNet, UN Watchdog Probes Global Atomic Black Market, 2122004, http://www. alertnet. org/
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|