|
بدعم أمريكي: مَن غير إسرائيل طغى وتكبّر؟!
|
وابلٌ من الكلام المحشو بقنابل من الآراء المنحازة للطرف الإسرائيلي في عدوانه على لبنان، تطلقها قنوات التلفزة الأمريكية في تغطيتها للحرب بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، بما يفرغ هذه المتابعة الإعلامية الواسعة من مصداقيتها ودقة المعلومات التي تقدِّمها على مدار الساعة للمشاهدين.
ضيوف هذه القنوات كلهم من المتعاطفين مع إسرائيل، وبالكاد يمكن أن تقدّم ضيفاً يتحدث على استحياء وتردد عن واقع ما يجري ودون أن يعطى الوقت الكافي للتعبير عن الخلفية الحقيقية لنوايا ومخططات إسرائيل لتدمير لبنان.
***
وكلما كانت إسرائيل طرفاً في مشكلة، تحوَّل الإعلام الأمريكي إلى بوق يتفرَّغ لنقل ما يخدم إسرائيل بالصورة والخبر والتحليل والتعليق، واقتصر من يتحدث عن هذه المشكلة على من يقف مع إسرائيل ويؤيِّدها ويتعاطف معها ويبرِّر لعدوانها ويحمل كل المآسي على الطرف الآخر المعتدى عليه.
وواهمون من يعتقدون أن الإعلام الأمريكي إعلام مستقل وعادل ومنصف وواقعي في تناوله ومتابعته لما يجري من صراع تاريخي بين العرب وإسرائيل، ومن قُدِّر له أن يتابعه من خلال عدوان إسرائيل الذي يجري حالياً على لبنان سوف يرى بأم عينيه وبعقله أن ضمير هذا الإعلام مغيَّب أو أنه في إجازة مفتوحة.
***
وهذا الإعلام الذي يسيطر عليه اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية يسير على خطى سياسات الإدارة الأمريكية المؤيِّدة دائماً وأبداً لإسرائيل تأييداً مطلقاً تستقوي به إسرائيل على تكرار عدوانها على الدول العربية واحدة بعد الأخرى.
ومن المؤسف والغريب أن هناك من يعتقد أن الإعلام الأمريكي يمارس دوره ورسالته بمهنية عالية من حيث التزامه وموضوعيته في كل ما يعرضه أو يكتبه عن الأوضاع المأساوية التي يعيشها الفلسطينيون واللبنانيون بسبب هذا التمادي في الإفراط باستخدام أكثر الأسلحة الأمريكية تطوراً لدى إسرائيل لقتل الأبرياء وتدمير المباني والطرق والجسور والمطارات والموانئ وإحكام طوق من الحصار براً وبحراً وجواً لتجويع هذه الشعوب.
***
وإذا كان هناك من أمل في مجلس الأمن في إيقاف هذه المذابح والجرائم الإنسانية، فقد سقط هذا الأمل مراراً وتكراراً كلما كان الطرف المعتدي هي إسرائيل وكان المتضرر من هذا العدوان إحدى الدول العربية.
ولعل ضمير هذه المنظمة الدولية يستيقظ من سباته، ويمارس دوره في نصرة الدول والشعوب المغلوبة على أمرها، بدلاً من الإذعان والخضوع للدول التي لا تعبأ بقرارات الشرعية الدولية ولا تعيرها شيئاً من اهتمامها ولا تقبل بها أو توافق على تطبيقها مثلما تفعل إسرائيل.
***
إن ما يجري في لبنان من عدوان إسرائيلي شامل على لبنان، دون تفريق بين هدف عسكري أو مدني، ومن تعمّد لاستهداف المدنيين العزَّل ومواقع التواجد المكثف للمواطنين، يستدعي عاجلاً وفوراً ودون إبطاء من الدول الكبرى أن تتدخل لإرغام إسرائيل على إيقاف إطلاق أسلحتها التي دمَّرت لبنان وقتلت اللبنانيين، وإرغامها على القبول بتبادل الأسرى مع حزب الله والانسحاب من مزارع شبعا اللبنانية، حتى لا تجد إسرائيل أو حزب الله ما يبرِّر أو يكون سبباً للعودة إلى ساحة القتال.
وإن أي خيار آخر، غير هذا الخيار لن يعطي إسرائيل الأمن والسلام الدائمين، حتى وإن امتلكت ما تمتلكه من مختلف أنواع الأسلحة المدمِّرة، وزعمت أو اعتقدت أنها بالقوة قادرة على إملاء شروطها المذلة لقبول العرب بها كخيار للسلام، وهو وهم مضى عليه نحو نصف قرن دون أن يوفر لها غطاء السلام الذي تتطلع إليه أو يضمن لها الاستقرار طالما استمر احتلالها للأراضي العربية، رغم كل هذا العدوان الغاشم على أصحاب الحقوق المشروعة من العرب، ورغم الدعم العسكري والسياسي والإعلامي الأمريكي غير المحدود لهذه الدولة الباغية.
خالد المالك
|
|
|
محللون يسخرون من رؤية واشنطن ويطرحون السؤال: ما هو نوع الشرق الأوسط الذي سيولد من هذا الدمار؟!
|
أثارت رؤية الولايات المتحدة لبزوغ شرق أوسط جديد من الصراع في لبنان كما حددتها وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس سخرية محللين عرب من التيار السائد ودبلوماسيين عرب سابقين.
وقال العديد منهم إنه ليس أمام الولايات المتحدة وإسرائيل فرصة تُذكر إذا كانت هناك فرصة على الإطلاق لتحقيق أهدافهما المعلنة بنزع سلاح جماعة حزب الله ونشر الجيش اللبناني أو قوة دولية عازلة على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية.
وقال وزير الخارجية المصري السابق أحمد ماهر لرويترز: (أعتقد أن هذا من المحال. من البداية هذه خطة لا يمكن إنجازها). ويقولون في نفس الوقت إنه بإعطاء الضوء الأخضر لهجوم إسرائيلي أدى إلى قتل أكثر من 300 مدني وأحدث دماراً بمليارات الدولارات، فإن الولايات المتحدة ساعدت على إثارة الكراهية والتطرف في منطقة مضطربة.
وقال ماهر الذي كان أيضاً سفيراً في واشنطن لسنوات كثيرة: (في الواقع، فإن ما تريده الولايات المتحدة هو شرق أوسط مروَّض. هذا هو ما يسمونه بالشرق الأوسط الجديد). وقال محمد السيد السعيد المحلل السياسي الذي عمل من قبل في واشنطن ويشارك في اجتماعات (المجتمع المدني) مع مسؤولين أمريكيين زائرين إنه شعر بالصدمة للتحول الأخير في السياسة الأمريكية تجاه المنطقة.
وقال: (ما هو نوع الشرق الأوسط الذي سيولد من هذا الدمار..
الشيء الوحيد الجديد الذي يمكن أن نحصل عليه هو تصميم جديد من جانب حزب الله والشعب اللبناني على مقاومة إسرائيل وإحداث أكبر قدر ممكن من الألم له). وشبه المحللون العرب الغزو الأمريكي للعراق برفض الولايات المتحدة تأييد وقف إطلاق نار فوري في لبنان الذي قالوا عنه إنه يرقى إلى إقرار حملة القصف الإسرائيلية.
والسياستان كلتاهما مرتبطتان بمدرسة تفكير المحافظين الجدد في واشنطن التي ترى أن إسرائيل حليف طبيعي للولايات المتحدة وأنه ينبغي استخدام قوة وقائية مسبقاً لهزيمة الأخطار في مراحلها المبكرة.
وقال خوان كول من جامعة ميشيجان وهو خبير في شؤون العراق إن الحكومة الأمريكية تريد أن تستخدم الهجوم الإسرائيلي ضد حزب الله (كإسفين لإقناع سوريا بالتخلي عن الرفض ولتنأى بنفسها عن إيران). لكنه أضاف: (سوريا لن تتخلى عن موقفها تجاه إسرائيل ما لم تسترد على أقل الفروض هضبة الجولان المحتلة). وقال هشام يوسف مساعد الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى: (إن السياسة الأمريكية بشأن العنف الجاري في لبنان غير متسقة لأنها لا يمكن أن تخدم المصالح الأمريكية).
وقال لرويترز: (إنني لا أرى أين تكمن المصلحة للولايات المتحدة أو حتى لإسرائيل لأن إسرائيل نجحت في خلق جيل كامل إن لم يكن أكثر من جيل من الأشخاص الذين سيستمرون في كراهية إسرائيل أكثر مما يمكن لهم تخيله). وقال محمد سعيد الذي يشغل أيضاً منصب نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: (إنه من المستحيل أن يقبل حزب الله بالمقترحات الأمريكية).
وتساءل: (لماذا يمكن أن يقبلوا بمثل هذا الشيء السخيف.. لا يوجد ضغط داخلي عليهم في لبنان لقبوله. ولا تزال لديهم قدرة قتالية هائلة).
وقال عماد جاد، المحلل المتخصص في الصراع العربي الإسرائيلي بمركز الأهرام، إنه يعتبر الشرق الأوسط الجديد تراجعاً عن الشرق الأوسط الديمقراطي الذي روجت له واشنطن.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|