|
وجه الشبه..!
|
بين ما يجري في فلسطين، وما نراه في العراق، هناك أكثر من وجه شبه يجمع فيما بينهما..
الأسلوب واحد..
والسيناريو لقتل الأبرياء لا يختلف..
الصورة مكررة..
والفعل ورد الفعل معادان ولا جديد فيهما..
مسرح العمليات ربما كان هو المكان الذي يخرج عن القاسم المشترك فيما بينهما..
***
فإسرائيل بجرافاتها وطيرانها وعدتها وعتادها تدك المدن وتقتل الأبرياء بلا هوادة باسم أن هؤلاء إرهابيون وأنها تزيل المباني لأنها تؤويهم..
وأمريكا هي الأخرى تتواصل غاراتها بلا رحمة على بغداد ومدن عراقية أخرى ليلاً ونهاراً مستهدفة الأحياء الشعبية حيث سكنُ المدنيين فيموت الأبرياء ويكون التبرير أن النظام العراقي يستخدم المباني مع ساكنيها دروعاً لحماية بعض أهدافه العسكرية ومخازن ترسانته من الأسلحة والذخيرة..
***
إسرائيل ترفض إيقاف الحرب على الفلسطينيين.. وكذلك تفعل الولايات المتحدة الأمريكية مع العراق.. وكلتاهما لا تستجيبان لقرارات الشرعية الدولية.. بعد أن قررتا مسبقاً أن لا حاجة لأخذ تفويض من مجلس الأمن بما تقومان به..
***
والعالم، واأسفاه..
يلتزم الصمت إزاء ما يجري في فلسطين..
والموقف من العدوان على العراق ليس بأفضل من ذلك..
وكأن المنظمة الدولية تعيش هذه الأيام لحظات احتضارها..
وكأن حرب الخليج الثالثة بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت عليها دون أن يتأثر أو يأسى أو يتأسف أيٌّ منا على ذلك..
ربما لأن دورها قد غيب منذ زمن..
أو أنه انتهى..
ربما..
***
إذاً:
أمريكا..
وإسرائيل..
وجهان لعملة واحدة..
في فهمهما وتطبيقهما للديمقراطية وحقوق الإنسان..
على نحو ما نراه يجري في العراق وفلسطين..
وبمواصفات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب..
***
لا نقول كلامنا هذا تعاطفاً مع نظام بغداد الفاسد..
أو دفاعاً عن جرائمه بحق شعبه وجيرانه..
مثلما أن هذا الكلام لا يبرىء ساحة المسؤولين الفلسطينيين من تجاوزاتهم وأخطائهم..
وإنما نعبر به عن شيء من حزن الناس على انسياق أمريكا نحو مواقف تمس تاريخها بالتشويه..
بتعاونها مع إسرائيل على ظلم الآخرين..
وتطبيقها للمنهج الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية في العدوان على الشعوب..
دون أن نرى ولو بارقة أمل في تصرف عاقل يوقف الحرب وينهي العدوان.
خالد المالك
|
|
|
الفتاوى يجيب عنها الشيخ سلمان ابن فهد العودة إعداد: ناصر الفهيد
|
[ ما حكم لبس البنطال للنساء؟ وإذا كان محرما، فما حكم الجلوس مع من ترتديه؟. ـ الذي أراه أن الشرع في مسألة اللباس لم يحدد لبسا بعينه للمرأة ولا للرجل، ولكنه وضع شروطا وصفات عامة متى توفرت حل اللباس، كالستر، وهو لبها قال ـ تعالى ـ : {يٍوّارٌي سّوًءّاتٌكٍمً} [الأعراف: 26] ولذلك سمي لباسا، وإن كانت الزينة مقصودة في اللباس أيضا قال ـ تعالى ـ: {خٍذٍوا زٌينّتّكٍمً عٌندّ كٍلٌَ مّسًجٌدُ} [الأعراف: 31]، وبناء عليه فلا وجه لتحريم لبس البنطلون بذاته، وهل يقول أحد مثلا بتحريم لبسه تحت الثياب، أو أن تلبسه المرأة لزوجها؟. نعم، قد يرى البعض أنه من التشبه، وهذا مذهب ضعيف؛ لأنه لبس شائع منتشر في كل البلاد، وليس يخفى على شريف علمكم ما في صحيح البخاري (5798) أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ توضأ، وعليه جبة شامية، وعند الترمذي (1768) : أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبس جبة رومية ضيقة الكمين، والمسلمون قطعا كانوا يلبسون ملابس تقرب من ملابس الكفار، ونقل غير واحد الإجماع على ذلك، وأنهم لم يكونوا يغسلونها. لكن إن كانت المرأة عند نساء ولبسته فليكن فضفاضا لا يحجم الجسم، وأظن أننا نحتاج إلى تنبيه الأخوات على أهمية الارتباط بالمجتمع حتى مع وجود بعض المخالفات أو التقصير، فليس يحسن منهن أن يقطعن ما أمر الله به أن يوصل احتجاجا بتفريط حصل، أو استنادا إلى أمر مشتبه، أو اعتمادا على اجتهاد خاص. وقد جعل الله لكل شيء قدرا.
***
عملي يفرض عليّ حلق لحيتي
* شاب بكلية الزراعة، تطالبه والدته بدخول الأكاديمية الحربية؛ نظرا لما فيها من امتيازات، والأسرة بحاجة للمال، والوالد متوفي، فهذا الشاب يقول: هل يجوز لي الالتحاق بها، والعمل بعد ذلك في مجالاتها، محتسبا خدمة المسلمين، وبر والدتي، وطلب الرزق؟ علما بأن هذه الأكاديمية تفرض على الملتحقين بها حلق اللحية، وسيستمر الحال على هذا العمل في أي مجال تابع لها على الدوام.
حلق اللحية لا يجوز، وقد جاء فيه أحاديث في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما الذي رواه البخاري (5892) ومسلم (259)، وأبي هريرة رضي الله عنه الذي رواه مسلم (260)، وحكى بعض العلماء الإجماع على ذلك، كما ذكره الشنقيطي في شرح سنن النسائي.
أما دخول الكلية فهو جائز ما دام أنه سيحقق لك هذه المصالح المذكورة، فتوكل على الله وعلى بركة الله، يسر الله أمرك.
***
هذه الأحلام تزعجني
* أنا فتاة أعيش في (كندا)، وفي السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، وأنا أشعر بحالة ضجر منذ قدومي إلى (كندا)، حيث إنني أرى كثيرا من الأحلام التي يصعب تصديقها، وعلى كل حال الحمد لله ، أرى دائما أحلاما عندما أنام حتى ولو لدقيقة واحدة.
وهذه الأحلام سيئة، وأحيانا لا يمكن فهمها، أو هي عن أشخاص لا أعرفهم، أو ربما نفس الحلم مرات متكررة.
ومنذ أن كنت في الثانية عشرة حتى الآن، وأنا أحلم بشيخ (إمام)، ودائما يقول لي: بعض الأشياء، ويقول: بأن الإله غضبان عليك؛ لأنك لا تصلين وتستمعين للموسيقى، ولأنني لا ألبس الحجاب، ولكني بدأت الصلاة من ذلك الوقت، ودائما أحاول أن أقلل من سماع الموسيقى، ولكن لا ألبس الحجاب حتى الآن وإن كنت أغطي جسمي.
وبعد ذلك أتى إلي الإمام وأخبرني بأن ملكا سوف يأتي إلي قريبا، وأن هناك أمر سوء سوف يحدث (أشياء لا يمكن أن تكون حقيقية في الدنيا)، وفي ذلك الوقت كنت على وشك الخطبة، ولكنني غيرت رأيي وليس ذلك بسبب الشاب الذي أحببته جدا وراغبة أن أكون زوجته، ولكن لأن هناك أمرا ما لا يستطيع أحد أن يغيره إلا الله، ولذا قلت: لا، أنا متأسفة بأنني لا أستطيع أن أخبرك ما هذا الشيء؛ لأنني أقسمت ألا أخبر أحدا، هناك العديد من الشباب الذين يريدون الزواج مني، وجميعهم شباب مناسبون، وكل فتاة تتمنى أن تصبح زوجة لهم، ولكنني لا أشعر بأي شيء نحوهم، ولدي إحساس بأن شيئا ما سوف يحدث إن أنا تزوجت.
هناك كثير من الأمور السيئة التي حدثت لي وليس لدي أي تفسير لها، عندما كنت في الثالثة عشرة أحببت شابا حبا عظيما، وهو أحبني أكثر مما أحببته، ولقد كان شابا طيبا، وقبل الخطبة ذهب إلى السباحة في البحر، ولكنه لم يعد بعدها، والجميع يقولون: بأنه مات، ولكني أعرف أنه على قيد الحياة، ثم ذهبنا إلى كندا، وبعد مرور أربع سنوات (وهذه السنة الخامسة لنا) في بداية هذه السنة أخبرني أخي بأنه رجع إلى عائلته، ولكنه فقد ذاكرته.
وقد خطب واحدة من أقاربه، إنني أشعر بالحزن والفراغ وعدم التركيز، ولا أدري لماذا الإله قدر هذا علي؟ وحتى في المرة الثانية عندما حاولت أن أنسى وأحب شخصا آخر، لم أستطع أن أتزوجه بسبب ذلك الشيء الذي وجدته، والذي لا يمكن أن يغيره إلا الإله، لماذا هذا يحدث لي؟ وخصوصا عندما أريد الشاب مع أن كثيرا من الشباب يطلبونني للزواج.
ولكن إذا أردت شيئا لا أحصله، شخص ما قال لي: بأن لدي جمالا مما يجعل كثيرا من الشباب يحبونني ويريدون الزواج مني، ولا أدري ماذا أفعل؟ ومن أسأل؟ وأنت شيخ (إمام) فالرجاء مساعدتي، وأخبرني ماذا أفعل حتى ولو كان ذلك قاسيا؟ لدي إيمان بالله، وأريد فقط أن يخبرني أي شخص معنى ما قدره علي الإله؟ متأسفة إن كانت رسالتي طويلة، ولكن الرجاء الرد علي، وإفادتي بالجواب الصحيح.
قرأت مشكلتك المسطورة في الرسالة، ودعوت الله لك بأن ييسر أمرك، ويهبك الهدوء النفسي والاستقرار العاطفي الذي أعتقد أنك تحتاجينه منذ فقدك خطيبك الأول الذي لا زال يعيش في ذاكرتك فيما يبدو لي ، وإن كان قد فقد الذاكرة.
أنصحك تماما بأن تنسي هذا الإنسان، وأظن أن الزمن الذي حدث فيه بينكما نوع من التعلق العاطفي هو إلى الطفولة أقرب، ولا يمكن الاعتماد على المشاعر فيه؛ لأنها مشاعر وقتية وغير مستقرة، ولا بد لك لكي تعيشي حياة طيبة أن تتجاوزي ذلك الإحساس وتنسيه فعلا.
كما أنصحك بأن تقبلي بواحد من الشباب الذين يتقدمون لخطبتك، وخصوصا من كان من أهل الدين والخلق، ومهما كان السبب الذي يجعلك ترفضين فهو غير وجيه، فيمكن أن تقبلي بواحد منهم زوجا، وتخبريه بالأمر إن كان يتعلق به أو يحتاج إلى معرفته، لا بد أن تتجاوزي الأوهام التي تحول بينك وبين الزواج، وأن تقدمي على قرار مثل هذا، أما من جهة الأحلام التي ترينها فلا تهتمي بها، فهي لا تعدو أن تكون انعكاسا للحالة النفسية التي تعيشينها، وعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان عند الاستيقاظ، والنفث عن يسارك ثلاث مرات، ولو صليت ركعتين لكان جيدا.
لكن احرصي على الاستقامة، وفعل الطاعات، وأداء الصلوات، وقراءة القرآن وتفسيره، والتزود من العلوم الشرعية النافعة، وتجنبي كل ما تعتقدين أنه يخالف الدين ولا يرضي الله من مخالطة الشباب الغرباء الأجانب عنك، أعني: الذين ليسوا محارم لك، وسماع الأغاني والموسيقا، والتزمي الحجاب، واستعيني بالله واصبري، وأبشري بالخيرالكثير إن شاء الله.
***
متى تكون صلاة الخوف؟
* متى تكون صلاة الخوف في الحرب؟ في بعض الأوقات نكون آمنين في أحد الجبال، فهل نصلي صلاة الخوف أو نتم صلاتنا؟
ـ أنتم مسافرون ـ كما سبق ـ فلكم القصر مطلقا، أو صلاة الخوف فتصلونها إذا خفتم على أي صفة من الصفات الواردة، ومنها: ما ورد في سورة النساء {وّإذّا كٍنتّ فٌيهٌمً فّأّقّمًتّ لّهٍمٍ الصَّلاةّ فّلًتّقٍمً طّائٌفّةِ مٌَنًهٍم مَّعّكّ..} [النساء: 102].
***
هل طريقة هذا الرجل سليمة؟
* في بلدي رجل يعالج، حيث يقف عنده الشخص ويقول: عندي مرض كذا، فيقول المعالج: نعم، وعندك أيضا مرض كذا، ومرض كذا، وسأعطيك ماء لعلاج كل مرض على حدة تستعمله عند كل أذان، وتقول : بسم الله الشافي المعافي، ويقول هذا المعالج: لتعلموا أن الشفاء أولا وأخيرا بيد الله سبحانه وتعالى كما أنه يقوم بإجراء عمليات جراحية دون أن يحدث جرحا في الجسم، وهذا الرجل المعالج لا يمس المريض، ولا يسأله عن اسمه، ولا اسم والديه، كما أنه ينوم المرضى في غرفة عنده ولا يمسهم، ويمر بهم، يقول لهم: أنت عملنا لك كذا، وبقي لك كذا، ويقول لبعضهم: أنت تخرج هذا اليوم فقد عملنا لك جراحة في ظهرك، أو غيره.
كما أنه لا يعالج من لا يصلي، ويطلب منك المحافظة على الأوراد الصباحية والمسائية؛ لأن ذلك من أسباب الشفاء بمشيئة الله ، السؤال يا فضيلة الشيخ، هل يجوز الذهاب إلى هذا الرجل؟ وهل طريقته سليمة؛ لأنه قد ذهب إليه أناس أعرفهم، وسيذهب إليه آخرون، أفتونا جزاكم الله عنا خيرا، ووفقكم للهداية والصواب.
إذا كان المعالج لا يستخدم أشياء محرمة فلا بأس بالذهاب إليه، ولو رأى الإنسان شيئا لا يقره ولا يرضاه، فعليه الابتعاد حينئذ، والعبرة بالظاهر وعدم مخالفته للشرع، ثم بالأثر الذي ينتج ، وهل هو أثر حقيقي ام مجرد توهم نفسي؟ والله اعلم .
***
زوجها مدمن خمر
* هذه قضية طالما شغلتني، وهي مشكلة أخت تعيش في بلاد الكفر ( إيطاليا) منذ إحدى وأربعين سنة تزوجت من أحد أقاربي في بلادي، ثم سافرت معه إلى تلك البلاد، وزوجي رجل يشتغل بمطعم لأحد الإيطاليين، مع العلم أن زوجي مدمن على الخمر، وفرض علي العمل في ذلك المطعم لمدة طويلة، كم كنت أعاني من هذا العمل ومن معاملة زوجي يسهر في الليل ويأتي في حالة سكر، وكلما حاولت نصحه أعرض، وشتمني وتوصل حتى إلى ضربي مستغلا بعدي عن أهلي، وأن لي معه ابنين، ولكن زادت حالته، وأصبح يتهمني بأسوأ الأعمال حتى البغاء مع (إيطاليين).
وقد حاولت أن أقنعه بأني بريئة، و لكن دون جدوى، علما أني ارتديت الحجاب، وأصبحت أحافظ على الفرائض، ومللت العيش معه، خاصة بعد أن دعوته إلى ترك الخمر، وإقامة الصلاة، ولكن دون جدوى، فما الحكم، وما هي نصيحتكم لي؟
أسأل الله أن يجمل صبر هذه الأخت على ما تواجهه وتعانيه، فإنها تعيش غربة في دينها، وغربة في وطنها، وغربة في أهلها، والسند الذي يمكن أن يعضدها ويعينها بعد الله هو زوجها، وهي تعاني منه ما تعاني، وإلى الله المشتكى، ونوصي الأخت:
* ، فعليها ألا تفقد ثقتها بربها، وألا تيأس من روحه، وانتظار الفرج عبادة.
===============================
ولرب نازلة يضيق بها الفتى
ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها
فرجت وكنت أظنها لا تفرج
===============================
فإن كانت الأخت لا تزال تجد بصيص أمل في هداية زوجها وإصلاحه، فلتواصل الطريق ولتدع له في سجودها، وقيامها، وقعودها، حرصا على التئام شمل الأسرة، وإصلاح حالها، وحفظ أطفالها، وإلا فعليها أن تسعى في الفكاك منه بما تستطيع، ولوأن تفتدي نفسها منه، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
***
حديث.. أنت ومالك لأبيك
* ما صحة حديث «أنت ومالك لأبيك»؟
قد روي عن جابر مرفوعا: أن رجلا قال: «يا رسول الله. إن لي مالا وولدا، وإن أبي يريد أن يجتاح مالي، فقال: «أنت ومالك لأبيك»، أخرجه ابن ماجة (2291)، وبقي بن مخلد، كما في (بيان الوهم والإيهام 5/103)، والطحاوي في (شرح معاني الآثار 4/158)، و(مشكل الآثار 1598)، والطبراني في (الأوسط 3534 6728)، وابن أبي شيبة (22686)، وعبد الرازق (16628)، والبيهقي (7/380)، وغيرهم ومداره على محمد بن المنكدر.
وقد اختلف عليه في إرساله ووصله عن جابر، فممن أرسله: الثوري، وابن عيينة، وهشام بن عروة من رواية ابن أبي زائدة عنه، وهو المحفوظ عن هشام، ومن وصله عنه فقد أخطأ، كما صرح البزار بذلك، فقال: إنما يروى عن هشام عن ابن المنكدر مرسلا، ولا نعلم من أسنده هكذا إلا عثمان بن عثمان الغطفاني، وعبدالله بن داود (بيان الوهم 5/102)، إذن ثلاثة من الأئمة الحفاظ الاثبات قد أرسلوه عن ابن المنكدر، وهم السفيانان، وكذا هشام في المحفوظ عنه. وأما من وصله فلا يقارنون بهؤلاء الحفاظ، فالمنكدر بن محمد (كما في إسناد رواية الطبراني في (الأوسط 6570)، والبيهقي (7/481) لين الحديث، كما في (التقريب6964)، وعمر بن أبي قيس، صدوق له أوهام.
وأما يوسف بن أبي إسحاق (عند ابن ماجة، وبقي، والطحاوي، والطبراني)، فهو من رواية عيسى بن يونس عنه، وهو وإن كان ثقة، لكنه تفرد به عن شيخه يوسف، مخالفا الأئمة الذين أرسلوه.
وقد أشار الطبراني إلى إعلاله بهذا التفرد، فقال عقب إخراجه: لم يرو هذا الحديث عن يوسف إلا عيسى بن يونس،.
وعلى هذا فالصواب في هذا الحديث أنه مرسل لا موصول، وهو من أقسام الضعيف.
الحديث الثاني: حديث عبد الله بن عمرو، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا رسول الله! إن لي مالا وولدا، وإن والدي يجتاح مالي، قال: «أنت ومالك لوالدك، إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم»، أخرجه أبو داود (3530)، وابن ماجة (2313)، وأحمد (179/2 204 214)، وابن أبي شيبة (22700 36206)، وابن الجارود (331)، والطحاوي في (شرح المعاني) (58/4)، والبيهقي (480/7)، من طرق عن عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن أبيه عن جده مرفوعا فذكره بنحوه.
وهذا الحديث كما ترى مما تفرد به عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، وللعلماء في هذه السلسلة خاصة أقوال معروفة واختلاف عريض في قبولها أو ردها إذا لم يتابع، وسيأتي نقل كلام الأئمة في هذه الأحاديث بعامة في نهاية المطاف.
وفي سلسلة عمرو ابن شعيب بحث مختصر خاص تجده في موضعه.
الحديث الثالث: حديث عائشة مرفوعا: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» وفي بعض الروايات: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصم أباه في دين عليه، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم : «أنت ومالك لأبيك»، أخرجه أصحاب السنن والمسانيد وغيرهم، من طرق كثيرة مختلفة عن عائشة، يطول المقام بذكرها، تنظر بكاملها في (المسند الجامع) للدكتور بشار عواد معروف، وصحيح ابن حبان (410 4262).
وقد سئل الإمام أحمد عنه فأعله بالاضطراب، قال الأثرم: وسمعت أبا عبد الله ذكر حديث عائشة هذا، فقال: حديث مضطرب، رواه منصور والأعمش، عن إبراهيم، عن عمته، عن عائشة.
كذلك قال سفيان بن عيينة عن الأعمش، ورواه الحكم عن عمارة عن أبيه، عن عائشة... إلى أن قال في بعض طرقه: رواه سفيان عن حماد لم يرفعه (المنتخب من العلل) للخلال، انتخبه ابن قدامة المقدسي (ص: 308).
وقد أعل أحاديث الباب بعض الأئمة كالشافعي في (الرسالة)، والعقيلي، حيث قال: وفي الباب أحاديث فيها لين، وبعضها أحسن من بعض الضعفاء (2/234).
وقال البيهقي: روي من وجوه موصولا، لا يثبت مثلها (480/7).
وذكر ابن حجر في (الفتح 211/5)، (باب الهبة للولد) إشارة إلى ضعف الحديث أو تأويله، وإن كان الحافظ نفسه ذكر مخارجه، واختار أنه بمجموع الطرق لا ينحط عن القوة، وجواز الاحتجاج به، فيتعين تأويله، وأيضا أعله بعضهم بأنه مخالف لآية المواريث في القرآن الكريم، وأنه لو مات وله ابن، لم يكن للأب من ماله إلا السدس ذكره الشافعي، في الرسالة، والطحاوي، في (شرح مشكل الآثار 280/4)، والبيهقي (408/7).
وذكر البيهقي أيضا أنه مخالف للأخبار التي وردت في تحريم مال الغير، ينظر السنن (481/7).
وللحديث طرق أخرى تجدها مفصلة في (نصب الراية 337/2)، وقد ذهب ابن حزم إلى ثبوت الحديث، وأنه منسوخ انظر (المحلى 160/10)، وصححه جماعة من العلماء بمجموع طرقه، وممن صححه ابن حبان، وعبدالحق الأشبيلي، والبوصيري في الزوائد، وابن حجر وأكثر المتأخرين، وانظر (الإحسان 2/142 10/74). والله أعلم.
***
لماذا المرأة تعتبر نصف الرجل في الشهادات والمواريث وغيرها؟
* الشباب المسلم المبتعث في أمريكا وأوربا يواجه سيلا من الأسئلة عن الإسلام، تنوعت أساليبها، واختلفت دوافعها، ومضمونها واحد، لماذا يبيح دينكم تعدد الزوجات؟ ولماذا المرأة على النصف من الرجل في الشهادات والمواريث وغيرها؟ لماذا «يمتهن» الإسلام المرأة؟! وهل الإسلام دين إرهاب حين شرع الجهاد؟ وحول هذه القضايا وما يشابهها يدور تفكيرهم؟ شبابنا بهذه التساؤلات يشعرون بالحرج أحيانا، ويحاولون أن يلفوا ويدوروا ويتلاعبوا بالأحكام الشرعية، حتى يخرجوا من هذا المأزق! هكذا يتصور، فيصور مسألة الجهاد على أنها لا تعدو أن تكون دفاعا عن النفس، وتعدد الزوجات مشروط بالعدل، والعدل محال {وّلّن تّسًتّطٌيعٍوا أّن تّعًدٌلٍوا بّيًنّ النٌَسّاءٌ وّلّوً حّرّصًتٍمً} وما علق بالمحال فهو محال؛ إذن فهو ممنوع..
وقد يجدون في بعض المسائل رأيا شاذا فيعتمدوه، أو يقولوا على أقل تقدير :المسألة مختلف فيها بين المسلمين... المهم عنده أن يلطف الموضوع؟..
وخلال زيارتي لأمريكا وجدت هذا الإحراج يؤذي بعض الشباب المتدين، ممن لا يملك المعرفة الإسلامية الصافية، ولا يدري ما المخرج منه؟ فكنت أقول: لماذا نكون مدافعين؟ لماذا لا نهاجم؟ وقد عرفنا أنه ما غزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا، فإذا سألك محدثك سؤالا فوجه إليه عشرة، إذا سألك عن الجهاد في الإسلام فاسأله عن السياسة الأمريكية في مواقع كثيرة من أنحاء العالم، التي تقوم على التدخل الصريح المكشوف، فضلا عن التدخل الخفي، وإذا سألك عن تعدد الزوجات فاسأله عن الإباحية الجنسية الصارخة التي مزقت المرأة تحت ضرباتها المدمرة، حيث لا مسؤولية للرجل عن المرأة، ولا عما يحدثه الاتصال المحرم من آثار ونتائج، وإذا سألك عن الميراث فاسأله عن النظام القائم عندهم، والذي يمنح المرأة 60% فقط من مرتب، الذي يعمل في الوظيفة نفسها، ويقضي الساعات نفسها في العمل؟ ولا يعني هذا التهرب، لكن يعني ألا تجيب وأنت في حالة ضعف وحرج لئلا يجرك هذا الضعف إلى العبث بأحكام الله من أجل سواد أو زرقة عيونهم!.. ويمكن أن تنتقل مرحلة أخرى لتبين أن الإسلام بشرائعه هو الحل للمشكلات التي يعانونها، وعلى سبيل المثال: حسب معلوماتي المتواضعة فإن نسبة النساء إلى الرجال في الولايات المتحدة الأمريكية هي (119 إلى 100)، أي أن لكل مائة رجل مائة وتسع عشرة امرأة، وفي بعض الولايات تصل النسبة إلى (160 إلى 100) والتعدد هو الذي يحل تلك المشكلة، حيث يلتزم الرجال بالقيام على شؤون الزوجتين، أو الزوجات، وتحقيق العدل الممكن بينهن، وتحمل المسؤوليات المترتبة على الزواج.. ونظام الإسلام في المساواة بين الناس، لا فضل لأحد على أحد إلا بعمله إن كان صالحا، هو الذي يقضي على التمييز العنصري القائم عندهم.
ونظام الإسلام في الجهاد هو الذي يجتث جذور الطغاة، ويتيح للناس مجال التفكير والاختيار الحر دون ضغط أو إكراه، فهو يسعى إلى تعبيدهم لرب العالمين، لا لفرد، ولا لقبيلة، ولا لشعب.... إلخ، ثم يجب أن تفرق بين أمرين مختلفين تماما:
أولهما: الحكم الشرعي الثابت بالكتاب والسنة، فهذا ليس من حق أحد أيا كان أن يحور فيه، أو يزيد، أو ينقص خجلا، أو لرغبة، أو رهبة، والداعية حين يتدخل في الحكم نفسه فيخبر بخلاف الحق يكون خائنا للإسلام والتشريع.
والثاني: هو العمل على إقناع المدعو بقبول الحكم، بأن يستخدم الداعية جميع إمكاناته العقلية والعلمية، ويوظف جميع معلوماته لإثبات صحة هذا الحكم وأنه الحق، ليستثمر مثلا مسألة الإعجاز العلمي، الإحصائيات، التجارب البشرية المختلفة، الأوضاع القائمة، الجدل العقلي إلى آخر ما يستطيع الداعية أن يحشده لإقناع المدعو بالإسلام هذا كله لاغبار عليه، بل هو جزء مهم من الدعوة ومن البلاغ.
يجب أن نغرس في نفوس الشباب الثقة المطلقة بالإسلام، كلياته وجزئياته، عقائده وأحكامه، وأن نحول دون تسرب أي شعور بالضعف والنقص إلى نفوسهم من جراء الحصار الذي يحاول ضربه عليهم بعض الغربيين، إننا لا نقدم شيئا ذا قيمة للإسلام إذا أوهمناهم أن الإسلام شيء قريب مما يعيشونه، وأن الحياة الإسلامية لا تختلف كثيرا عن حياتهم.
وأن نظام الإسلام يشبه نظامهم، إنهم بهذا يزهدون في الإسلام ويعرضون عنه فهم هاربون من جحيم حياتهم، وحين يتساءلون عن الإسلام أو عن غيره فإنما يبحثون عن (منقذ)، أو فلنعرض لهم الإسلام بتميزه ووضوحه واختلافه الواسع العميق عن جميع ما عرفوا ويعرفون، حتى ندعوهم إلى التفكير فيه،
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|