|
وجه الشبه..!
|
بين ما يجري في فلسطين، وما نراه في العراق، هناك أكثر من وجه شبه يجمع فيما بينهما..
الأسلوب واحد..
والسيناريو لقتل الأبرياء لا يختلف..
الصورة مكررة..
والفعل ورد الفعل معادان ولا جديد فيهما..
مسرح العمليات ربما كان هو المكان الذي يخرج عن القاسم المشترك فيما بينهما..
***
فإسرائيل بجرافاتها وطيرانها وعدتها وعتادها تدك المدن وتقتل الأبرياء بلا هوادة باسم أن هؤلاء إرهابيون وأنها تزيل المباني لأنها تؤويهم..
وأمريكا هي الأخرى تتواصل غاراتها بلا رحمة على بغداد ومدن عراقية أخرى ليلاً ونهاراً مستهدفة الأحياء الشعبية حيث سكنُ المدنيين فيموت الأبرياء ويكون التبرير أن النظام العراقي يستخدم المباني مع ساكنيها دروعاً لحماية بعض أهدافه العسكرية ومخازن ترسانته من الأسلحة والذخيرة..
***
إسرائيل ترفض إيقاف الحرب على الفلسطينيين.. وكذلك تفعل الولايات المتحدة الأمريكية مع العراق.. وكلتاهما لا تستجيبان لقرارات الشرعية الدولية.. بعد أن قررتا مسبقاً أن لا حاجة لأخذ تفويض من مجلس الأمن بما تقومان به..
***
والعالم، واأسفاه..
يلتزم الصمت إزاء ما يجري في فلسطين..
والموقف من العدوان على العراق ليس بأفضل من ذلك..
وكأن المنظمة الدولية تعيش هذه الأيام لحظات احتضارها..
وكأن حرب الخليج الثالثة بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت عليها دون أن يتأثر أو يأسى أو يتأسف أيٌّ منا على ذلك..
ربما لأن دورها قد غيب منذ زمن..
أو أنه انتهى..
ربما..
***
إذاً:
أمريكا..
وإسرائيل..
وجهان لعملة واحدة..
في فهمهما وتطبيقهما للديمقراطية وحقوق الإنسان..
على نحو ما نراه يجري في العراق وفلسطين..
وبمواصفات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب..
***
لا نقول كلامنا هذا تعاطفاً مع نظام بغداد الفاسد..
أو دفاعاً عن جرائمه بحق شعبه وجيرانه..
مثلما أن هذا الكلام لا يبرىء ساحة المسؤولين الفلسطينيين من تجاوزاتهم وأخطائهم..
وإنما نعبر به عن شيء من حزن الناس على انسياق أمريكا نحو مواقف تمس تاريخها بالتشويه..
بتعاونها مع إسرائيل على ظلم الآخرين..
وتطبيقها للمنهج الإسرائيلي والسياسة الإسرائيلية في العدوان على الشعوب..
دون أن نرى ولو بارقة أمل في تصرف عاقل يوقف الحرب وينهي العدوان.
خالد المالك
|
|
|
صغار أمريكا: لا.. للحرب!
|
حين علمت مونيك يونغ لأول مرة أن أمريكا في طريقها للحرب تساءلت طالبة الصف السابع ما إن كان منزلها سيتعرض للقصف بعد أسابيع لاحقة وحين أصبح الكلام عن الحرب يقينا حلم نيكولاس بيترو ذو الأعوام العشرة بوصول المواجهة للمحيط الذي يعيش فيه مع تقدم الدبابات العراقية إلى الشارع الذي يسكن فيه. وهي تسحق المنازل في طريقها.
حتى في هذا اليوم الذي تومض فيه صور الدمار في القنوات الإخبارية التي نادرا ما يتجه إليها المشاهدون، فإن شقيقته الكبرى تجد غرابة في استمرار حياتها كالمعتاد دون تغيير من الحصص المدرسية إلى الحفلات الموسيقية المدرسية الليلية.
بالنسبة لجيل الأمريكيين الصغار. كان هذا الإسبوع المنصرم مدخلا إلى عالم الحرب، بعدة طرق، كانت ردود فعل الأطفال تعبيرا عن آراء آبائهم. وفي هذه الزاوية القصية من البلاد المناهضة للحرب، فإن الغالبية تجاهد في محاولة فهم سبب بدء الحرب وما إن كانت الحرب تستحق تكلفتها مع ذلك تكمن تحت مثل هذه الأسئلة من السياسة حالة شك أعمق.
حرب الخليج
في الواقع. فإن كثيرين من الأطفال الذين كانوا صغيري السن لحد لا يجعلهم يتذكرون شيئا عن حرب الخليج سوي بعض الانطباعات المفككة يحاولون الآن فهم ما تعنيه الحرب بالنسبة لحياتهم اليومية وكذا بالنسبة للعالم. بالنسبة لبعضهم جلبت الحرب خوفا من المجهول وتهديدا هلاميا بعيدا. مايزال في النصف الآخر من العالم، بالنسبة لآخرين، أدت الحرب إلى روابط قوية من الصداقة والدعم، مع ذلك، وبالنسبة للجميع. طورت الحرب إحساسا بالحاجة لموازنة جديدة. كمراهقين وطلاب مدارس يتعلمون التعامل مع مشاعر وأفكار لم يشعروا بها من قبل على الإطلاق.
تقول ايريكا بيترو. الطالبة بالصف الثامن: إن القيام بجمع المعلومات ومحاولة الفهم لهو في الحقيقة أمر جديد بالنسبة لي. لم أكن على الإطلاق متيقظة للحرب من قبل.
في 16 فبراير. قامت ايريكا وأسرتها بمشاركة نحو 250000 شخص في مسيرة من أجل السلام في سان فرانسيسكو. مثلها مثل شقيقتها الكبرى. كاثرين. وشقيقها الأصغر. نيكولاس. قامت ايريكا بتصميم قميص تي شيرت خاص بها من أجل المسيرة. وقد كتبت على ظهره باللون الأسود عبارة «طفل آخر من أجل السلام». إنه إحساس مغموط بالإذلال والوعي الذاتي ذلك الذي يعرف موقفها تجاه الحرب.
على النقيض من المسلك المتشدد والمصادم في أغلب الأحيان للمحتجين في منطقة «بيى»، فإن ايريكا تبدو هادئة ومتأملة عندما تتحدث. إنها لا تكره أمريكا.إنها لا تكره الرئيس بوش. وهي تعتقد ببساطة أنه يتوجب وجود أسلوب أفضل من الحرب لحل المشكلة.
تقول ايريكا: من المهم بالنسبة لي أن أفكر في الناس الآخرين غيري. هناك أناس مثلي في العراق يتعرضون للقصف. إنه في الواقع أمر بغيض. في مدرسة ريدوود النهارية تلك وجهة نظر يقول بها عدة أطفال في مدرسة ايريكا. حيث يكون العراق محور المناقشات داخل صفوف الدراسة كل يوم تقريبا. القليلون جدا يزعمون بأنهم يفهمون ما يحدث. تفهم الغالبية أن صدام حسين أتى بأفعال سيئة في الماضي.
بعضهم يعرف حتى أنه قام باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد شعبه. لكن صور توهج بغداد في منتصف الليل بحريق القنابل والصواريخ رغم المسافة البعيدة التي تفصلهم وعدم إلفتهم للأمر تستدعي تعاطفا قويا في مدرسة ريدوود النهارية بأوكلاند. التي تحيط بها بيوت الطبقة المتوسطة. على مقربة من طريق ماكآرثر السريع. حين أشاهد التلفاز. أفكر: ما الذي كنت سأفعله لو أن ذلك كان يحدث بالنسبة لي؟ ذلك ما تقوله مونيك. ذات العيون الحاذقة والضفيرتين المتدليتين من الشعر الأسود. وهي تضيف: كنت سأصاب بفزع كبير.
تقر سارة موسكير بأن الحرب ما تزال تؤثر فيها حتى الآن. تدخل سارة ذات الشعر الأسود بالصف الثامن مبتسمة إلى حجرة دراستها وهي ترتدي قميص تي شيرت أرزق اللون.
يتمثل جانب من الأمر في الخوف من الإرهاب. وهي تقول: هذه الحرب لعبة مختلفة تماما، لكن جانبا آخرا منه يتمثل ببساطة في فكرة الحرب نفسها. حين طلب منها أن توضح ما تريد. كانت تجاهد بحثا عن المفردات. قالت. وهي تفرك أظافرها تفكيرا. لا أدري. كل الأمر أن الحرب ليست شيئا جيدا.
أضافت: حين أتصفح القنوات (وأشاهد الحرب). أجدها تؤثر علي بعدة طرق لا أدركها. إنني أصبح مكتئبة بالنسبة. لايريكا كان أحد الحلول هو الاهتمام بالأصدقاء والأسرة. إن مشاركتها في فرع مدرستها لمجموعة «تحرير الأطفال». وهي مجموعة حقوق إنسان دولية خاصة بالأطفال. قد ساعدتها في الإحساس بأنها تفعل شيئا ما. تقول ايريكا. يبدو كما لو أن الأطفال ليس بوسعهم أن يفعلوا الكثير لوقف الحرب. لذا فإنني أحاول فقط أن أبقى بقوة مع الناس الذين حولي. لكن لا يبدو كل شخص مثقلا جدا بشؤون الحرب. في حين لا تحظى الحملة التي تقودها الولايات المتحدة بتأييد متساو بين الجنسين في أحد دروس التاريخ بالصف الثامن هنا.
يبدو أن الصبية أكثر انفتاحا للحرب مقارنة بالصبايا، كالعادة، يتولى سام تاكسي الأمر. يعتقد سام. المعروف بأنه يستخدم مفردات«يوم العبور» و«كيسينغر» و«اوبيك» و«السادات» في ذات الجملة.
يعتقد بأن إدارة بوش فعلت كل شيء ممكن لتجنب الحرب،الآن، هي الخيار الوحيد.
يقول سام وهو ينظر واثقا من خلال نظارته المستطيلة. بمجرد إجازة 1441 (قرار الأمم المتحدة). لم يكن هناك مجال للتراجع.
يضيف عندما يتم اتخاذ القرار. يتعين علينا دعم الحكومة. يعتبر سام أسطورة في هذا الصف الدراسي. إنه ينقل كتبه في حقيبة ذات عجلات كتلك التي يستخدمها الناس في نقل أمتعتهم. وهو قام ذات مرة بعرض مواقف كل الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي على الطلاب في صفه الدراسي.
يقول سام إنه يشاهد محطة سي. إن. إن. ساعة أو ساعتين في كل يوم من أيام العطلة الأسبوعية. حين سئل من أين حصل على الحقائق التي استعرضها على الطلاب أجاب. من سي. إن. إن. الساعة 7 صباح السبت قفلت القضية.
إدانة دولية
من الواضح: لا يخشى سام الذهاب للحرب منفردا. لكن بالنسبة للآخرين. فإن إستعداد أمريكا لعمل من هذا القبيل حتى مع خطر الإدانة الدولية الواسعة ربما يكون محل اهتمام كبير لدى المراهقين: الرغبة في الحصول على قبول.
يقول شقيق ايريكا نيكولاس بالصف الرابع إن أمريكا مثل التلميذ الشرس المشاغب في الملعب المدرسي. وحسب رأيه إنه خطأنا نحن أن تكون هناك حرب.
ما هو أكثر من ذلك: إنها تعطي العالم فكرة سيئة عن أمريكا. على نحو ما تضيف شقيقته كاثرين الطالبة بالمدرسة الثانوية. وهي تقول لا أريد أن يكره كل شخص الأمريكيين. إن كثيرين من الناس لا يؤيدون بوش. لكن الناس يحكمون علينا بسبب أنه رئيسنا. إنه نفس الأمر بالنسبة للعراق: كثير من الناس فيه لا يؤيدون صدام حسين. ولكننا نحكم عليهم بسبب كونه رئيسهم. التمسك بالبرنامج الطبيعي منذ أصابت الصواريخ الأولى العراق في الأسبوع الماضي. سارت الحياة بشكل شبه طبيعي في بلدة بيترو. الواقعة على تل تحف به الأشجار مقابل خليج كاليفورنيا.
في يوم الخميس الماضي نظمت مدرستا ايريك وكاثرين سهرتين صغيرتين. غير أن الصغار لم يشاركوا في المزيد من الاحتجاجات. في ذات الوقت. لا يذكر نيكولاس أنه تحدث عن الحرب مع أصدقائه أو أنه شاهدها في التلفاز. ويقول: أشاهد الحرب في التلفاز بشكل خاطف عن طريق الخطأ حين أضل إلى محطة سي. إن. إن. في القناة 56 بدلا عن محطة ديزني في القناة 55.
يسأل نيكولاس كيف يمكنه البحث عنها في الإنترنت. ثم يقول إنه يشعر بأمان جزئيا. بسبب أننا أصبحنا مثل حقل قوة في العراق. بينما ينشغل نيكولاس بلعبة البيسبول وكرة القدم ودروس آلة الجيتار الموسيقية. وتنشغل ايريكا بلعبتي كرة السلة وكرة القدم ودروس البيانو. وتنشغل كاثرين بالمسرح والإنتاج الكبير الجديد ل «كورس لاين».
ليس هناك الكثيرمن الوقت لأي شيء آخر بجانب الواجب المدرسي المنزلي والنوم والأكل. ذات ليلة مفتوحة مؤخرا. تجمعت الأسرة حول التلفاز. غير أن الشاشة كانت تنتقل ما بين حفلات الاوسكار ومباريات كرة السلة الذهبية للولايات. دون أية إشارة إلى العراق أو صدام حسين.
بالنسبة لكاثرين. ليست الحرب مثل ما تصورتها. لقد قرأت حول ما كان عليه الحال بالنسبة للفتيات إبان الحربين العالميتين الأولى والثانية. إضافة إلى ذلك. فهي استمعت لقصص جدتها. كانت الحرب هي خروج الأشقاء والشقيقات إلى جبهات القتال. كانت الحرب تعني حصص الطعام والخوف المستمر. إنها كانت تعني التضحية.
تقول كاثرين: كانت الحرب شيئا مختلفا. أشعر الآن كما لو أن علي أن أحسب وطأتها أكثر. وهي تضيف بالطبع إنها (أي الحرب) تعترض حياتنا اليومية.
لكنني أشعر بأنني لم أفقد أي شيء. ما يزال يمكنني أن أذهب إلى حصة المسرح. ذلك نوع غريب. بدلا عن ذلك. إنها تتفق مع شقيقتها حين تقول ايريكا إنها تحاول أن تتعامل مع كل هذه الأفكار الجديدة من دون أن تدع هذا الأفكار تغمرها. أحاول ألا أصاب بالفزع الشديد. وحين أفكر بالفعل في الحرب. أجدني استخدم عبارة مارتن لوثر كينغ القائلة بأن الحب هو القوة الوحيدة القادرة على تحويل العدوإلى صديق.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|