|
الانتخابات في العراق وفلسطين |
يجري التحضير للانتخابات في فلسطين المحتلة..
ومثلها في العراق المحتل..
وما من أحد إلا ويسرّ بأن يتم ذلك وعلى وجه السرعة..
فالانتخابات ربما قادت إلى تحقيق استقلال الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس..
والانتخابات في العراق قد تعجّل بانسحاب قوى الاحتلال، وتعزز من فرص الاستقرار في هذا البلد المنكوب..
***
نعم للانتخابات طالما أنها سوف تفرز لنا قيادات واعية ومتحمّسة ومخلصة لقضايا مواطنيها..
ونعم للانتخابات ليقرر الفائزون الشكل الذي يحرّر البلدين من الوضع المأساويّ الذي يسود حياة الناس هناك..
ولا يمكن لأيّ منا إلا أن يفرح بتحقيق هذا الحلم على أمل أن يستتب الأمن وتزيد فرص مشاركة المواطنين في إدارة شؤون فلسطين والعراق..
***
لكن الصورة التي أمامي تبدو باهتة وضبابية وربما مخيفة..
ولا يمكن لي في ظل المعطيات المتاحة أمامنا أن أجزم بحدوث نقلة نوعية مغايرة للواقع بإجراء انتخابات في ظلّ وجود المحتل..
مع أن ما أتمناه أن تجري الانتخابات وفق المعايير المتفق عليها لتكون مستجيبة لآمال وتطلعات إخواننا هناك..
وأن تنجح النجاح الذي تسكت بعده أصوات الرصاص، ويلتئم شمل الجميع نحو الأهداف التي تخدم الوطن والمواطن..
***
ما يخيفني حقاً، هذا التراشق في الكلام بين رفقاء السلاح والمصير الواحد في أراضي السلطة الفلسطينية..
وما يؤلمني كذلك غياب فئات وأحزاب من الترشيح للانتخابات في العراق أياً كان مبرر هذا الانسحاب..
نعم أنا مصدوم بأن تجري الانتخابات في كلّ من العراق وفلسطين بينما لا تزالان إلى اليوم دولتين محتلتين، وجزء من التصورات التي يريدها المواطن تواجه بالاعتراض من المحتل..
ولكن لا ينبغي أن يصدّنا هذا عن العمل نحو بناء مستقبل دولنا، ولو كان سلاح المحتل على ظهورنا..
***
لقد استأت من ردود الفعل الغاضبة على ترشيح السجين الفلسطينيّ مروان البرغوثي نفسه رئيساً للدولة الفلسطينية..
وآذاني كثيراً أن يكون إجراء الانتخابات في العراق في موعدها أو تأجيلها لبضعة أشهر موضع تجاذب غير منضبط بين القوى الفاعلة في بلاد الرافدين..
وآن لي أن أقول لهم: لا تفوتوا فرصة بناء دولتين ديموقراطيتين مستقلتين وإن كان هذا لا يزال أملاً بخلافات جانبية يمكن حلها بالحوار والتفاهم الأخويّ..
***
يجب أن يكون همّ الجميع خروج المحتل من فلسطين والعراق..
وهذا لن يتحقق إلا بإزالة أسباب الخلاف بين الإخوة وبناء القوة الذاتية بتعاون الجميع..
فأمريكا التي جاءت إلى العراق وخسرت المال والرجال لن تخرج منه طالما أن الأمن لم يستتب، وطالما أنه لا توجد حكومة منتخبة لإدارة شؤونه..
وإسرائيل لن تستجيب لقرارات الشرعية الدولية والاتفاقات الموقعة معها برعاية الولايات المتحدة الأمريكية ما لم تكن كلمة الفلسطينيين واحدة على مستوى كل التنظيمات والقوى الموجودة على الساحة الفلسطينية..
***
لقد دفعنا الكثير من الدماء الزكية الطاهرة على مدى سنوات طويلة من أجل فلسطين، ولاحقاً من أجل العراق..
وأضعنا الكثير من المال الذي كان يجب أن يُعطى للبطون الخاوية في حروب مدمّرة وخاسرة..
وحان الوقت الذي ينبغي أن نفكر فيه بما يحفظ لهذه الأمة كلّ حقوقها المشروعة ومن دون تفريط، بالعمل، والعمل، ثم العمل الصحيح.
خالد المالك
|
|
|
ثلاث كوارث وشيكة تهددها اليابان والبحث عن دور في العالم متغير * إعداد أشرف البربري |
منذ هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية واستسلامها للأمريكيين بدون قيد أو شرط قرر اليابانيون الانسحاب من المشهد السياسي الدولي والاكتفاء ببناء معجزة اقتصادية جعلت هذه الدولة التي تفتقر إلى كل الموارد الطبيعية صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وطوال تلك السنوات كان اليابانيون حكومة وشعبا يدركون أنه ليس لديهم أي دور سياسي أو أمني في العالم وأن أقصى ما يمكن أن يقدموه هو مساعدات اقتصادية للدول النامية أو لمشروعات التنمية العالمية.
ولكن حرب العراق وإرسال قوات يابانية إلى ساحة حرب لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية كمخالفة للدستور الحالي الذي يحظر نشر أي قوات يابانية مقاتلة خارج الأراضي اليابانية أثارت جدلا واسعا بشأن دور اليابان على الصعيد الدولي في السنوات المقبلة بما في ذلك الحديث عن حق اليابان في مقعد دائم بمجلس الأمن الدولي.
في الوقت نفسه الذي يدور فيه الحديث بين أفراد النخبة السياسية اليابانية عن مكان اليابان على الساحة الدولية يدور حديث مواز عن التهديدات الجديدة التي يمكن أن تواجهها اليابان وغيرها الكثير من دول العالم خلال السنوات المقبلة وكيفية التصدي لها.
وفي مقال تحت عنوان (مكان اليابان في العالم) قال يوشي فوناباشي كبير محرري الشئون الخارجية في صحيفة (أساهي شيمبيون) اليابانية المرموقة ان هناك مخاطر عديدة يمكن أن تواجهنا وعلينا أن نكون مستعدين لها.
وقد صدر مؤخرا تقريرا عن مجلس الأمن والقدرات الدفاعية وهو لجنة استشارية لرئيس الوزراء الياباني يرأسه هيروشي آراكي يقول إن البيئة الأمنية أصبحت مسألة شديدة التعقيد مقارنة بأي وقت مضى. يشير التقرير إلى أن أسوأ السيناريوهات الأمنية تتمثل في إمكانية إقدام تشكيلات غير حكومية على شن هجمات إرهابية ضخمة بصورة تفوق الخيال. كما يشير إلى سيناريو أسود آخر وهو قيام حرب تقليدية.
وما بين السيناريوهين هناك الكثير من التهديدات التي تواجه الأمن القومي لليابان مثلها مثل العديد من دول العالم. وبالطبع لا يحتاج الأمر إلى كلام كثير عن (التهديدات الجديدة) مثل الإرهاب وأسلحة الدمار الشامل. وبالتحديد ما الذي يمكن أن يحدث إذا وقعت أسلحة دمار شامل في أيدي الإرهابيين؟
كوارث وشيكة
أما فوناباشي فيتحدث عن كوارث أخرى وشيكة أيضا. فالحكومات مسئولة عن حفظ القانون والنظام وتوفير البنية الأساسية. ولكن الشعوب في الدول المنهارة مشردة ويعيشون كلاجئين. وهذا هو السبب الذي يجعل المجتمع الدولي يتدخل في هذه الدول لأسباب إنسانية. في الوقت نفسه فإن الطفرة في الطلب على النفط والغاز من جانب الصين والهند بدأت تؤثر بقوة على البيئة.
ومع تزايد استخدام محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء في العالم زاد خطر إساءة استخدام المواد النووية. ثم ان ثورة المعلومات إلى جانب الانترنت وانتشار التقنيات الحديثة يؤدي ليس فقط إلى زيادة خطورة (الحرب الإلكترونية) من خلال تدمير شبكات المعلومات وما يمكن أن يؤدي إليه من خسائر ومشكلات حادة وإنما يؤدي أيضا إلى تسريب وتزييف المعلومات الشخصية التي يتم معالجتها إلكترونيا.
وبالنسبة لليابان ونظرا لقربها الشديد من الصين فهي تواجه خطر التعرض لسقوط الأمطار الحمضية الناجمة عن زيادة معدلات التلوث في الصين وغير ذلك من المشكلات البيئية التي يمكن أن تنجم عن اتمام بناء سد الخوانق الثلاثة العملاق في الصين وغير ذلك من العوامل المؤثرة على سلامة البيئة. كما تحتاج استراتيجية اليابان لمواجهة الكوارث الطبيعية مثل الزلازل إلى تحسين.
والحكومة اليابانية الحالية مطالبة بإعطاء المزيد من الاهتمام إلى الإجراءات الوقائية من أجل قياس هذه الكوراث بطريقة صحيحة والتعامل معها بطريقة مناسبة. علاوة على ذلك فإن التجمعات السكانية المحلية في اليابان أصبحت أكثر تعرضا للخطر بسبب تراجع أعداد المواليد في الوقت الذي يزداد فيه أعداد المسنين. وليس هذا هو كل الخطر الذي يهدد اليابان حاليا أو مستقبلا. فالباحث توموهيسا ساشيدا كبير المستشارين في مؤسسة (طوكيو مارين أند نيشيدو ريسك كونسالتنت للخدمات الاستشارية) يحدد ثلاثة أمثلة لتهديدات كبرى تواجه اليابان وهي انتشار مرض معدٍ.
وقد شاهد اليابانيون بالفعل مدى الفزع الذي يمكن أن يسببه انتشار مرض خطير كالأيدز مثلا أو الالتهاب الرئوي اللانمطي (سارس) الذي أثار الفزع في دول مجاورة لليابان عندما تفشى على نحو خطير العام الماضي في بعض الدول الاسيوية. يقول سيشيدا (هناك احتمال قوي بأن يؤدي خطر مثل هذا إلى وفاة مئات الآلاف من الأشخاص على مستوى العالم. وعندما يحدث هذا فإن شركات التأمين العالمية لن تتمكن من البقاء على قيد الحياة عندما تسدد التعويضات المستحقة لمئات الآلاف من الموتى في وقت واحد).
وقد شاهد العالم كيف يمكن لفيروس الانفلونز أن يقتل الملايين في فترة قصيرة عندما تفشى هذا المرض على مستوى العالم عامي 1917 و1918 وأدى إلى وفاة أكثر من عشرين مليون شخص. أما التهديد الثاني فهو ارتفاع درجة حرارة الأرض أو ظاهرة الاحتباس الحراري وإذا استمر الارتفاع الحالي في درجة حرارة الأرض بنفس المعدل فإن النظام البيئي لكوكب الأرض قد يتغير.
وعلى وجه التحديد قد يعاني العالم من تدهور حاد في انتاج الغذاء. يقول سيشدا: قد ينتقل مركز انتاج القمح في العالم شمالا من الولايات المتحدة وفرنسا إلى كندا والسويد وقد ينتقل مركز انتاج الأرز من فيتنام وتايلاند شمالا إلى اليابان وروسيا. وقد يؤدي ذلك إلى تحركات في التجمعات البشرية وراء الغذاء مما يعني إضطرابات اجتماعية هائلة.
التهديد الثالث هو انفراد الولايات المتحدة بالسيطرة على النظام العالمي أحادي القطب. فالولايات المتحدة تنفرد بالتفوق الكامل في مجال مصادر المعلومات والنشاط الاستخباري ولا يمكن لأي دولة من دول العالم أن تجاريها حاليا. وهذا الوضع يمكن أن يؤدي إلى كوارث مدمرة على صعيد السياسات العالمية. وقد شاهدنا مثلا لتلك الكوارث في حرب العراق عندما ضللت الولايات المتحدة العديد من دول العالم اعتمادا على معلومات مخابراتية مزيفة أو غير صحيحة ودفعتها إلى المشاركة في غزو العراق. إذن عندما تكون المخاطر والتهديدات التي تواجه العالم بهذه الدرجة من التداخل والتعقيد فإنه من غير المنطقي التعامل معها بالمفاهيم التقليدية للعلاقات بين الحكومات أو التزام كل دولة بالدفاع عن حدودها الوطنية بشكل منفرد. بالطبع يظل السؤال الأكثر أهمية إذا كنا قد حددنا أبعاد هذه المشكلة بتلك الصورة ورصدنا المخاطر والتهديدات التي تواجه ليس اليابان فحسب ولكن دول العالم أجمع فما هو الحل؟
الإجابة على هذا السؤال ليست سهلة على الإطلاق. يقول ستيفن فلين الباحث في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي ان الولايات المتحدة على سبيل المثال ترى أن المنفذ الوحيد لدخول أسلحة دمار شامل إلى الأراضي الأمريكية لاستخدامها في تنفيذ عمليات إرهابية هو الحدود البحرية والموانئ. ورغم ذلك فإنها تنفق على حرب العراق كل ثلاثة أيام أكثر مما أنفقته على مدى ثلاث سنوات من أجل تأمين الموانئ البحرية وزيادة قدرتها على رصد أي محاولة لتهريب أسلحة دمار شامل إلى الأراضي الأمريكية. فقد بلغت ميزانية تأمين الموانئ الأمريكية على مدى ثلاث سنوات تقريبا حوالي 361 مليون دولار وهو أقل مما تنفقه القوات الأمريكية في العرق كل ثلاثة أيام كما ذكرنا. في الوقت نفسه فإن مجلس الأمن والقدرات الدفاعية الياباني يحدد الحالات التي لا يجب أن يخضع منع تهديدات معينة من خلال تحسين البيئة الأمنية الدولية فيها لمفهوم (المشاركة الدولية) وإنما تكون واجبا مباشرا على اليابان. وهذه فكرة جيدة بالتأكيد. ويجب أن تكون الوقاية مفهوما رئيسيا للأمن إلى جانب مفاهيم الردع والدفاع.
وفي حين رسخت الدبلوماسية الوقائية في العلاقات الدولية منذ سنوات فإن مفهوم الأمن الوقائي مازال في مرحلة الدراسة. ولكن المشكلة أن الوقاية قد لا تكون مغرية بالنسبة لكثيرين من السياسيين. فعندما تنجح الإجراءات الوقائية لن تقع كوارث وربما لا يلاحظ الناس في هذه الحالة الجهد الذي بذله السياسيون من أجل منع الكوارث وقد تختفي صور هؤلاء السياسيين في حالة نجاح الجهود الوقائية من وسائل الإعلام عكس الحال في حالة وقوع الكوارث وتحرك السياسيين لاحتواء آثارها. ولكن فشل الجهود الوقائية حاليا وفي ظل التقدم التكنولوجي الذي يتيح لتلك المخاطر أن تسبب أخطارا مادية وبشرية هائلة سيكون له عواقب وخيمة يمكن أن تتجاوز قدرة السياسيين على احتوائها والظهور على شاشات التلفزيون وصفحات الجرائد.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|