|
الحوار مرة أخرى!!
|
كتبت أكثر من مرة عن ثقافة الحوار، وفعل غيري مثل ذلك..
حين كنت ألاحظ غياباً للموضوعية في مناقشاتنا، أو اختفاء للهدوء حين يكون هناك مجال للحوار..
بل وكلما كان هناك تغْييب لأدوات النقد البناء والرأي الصحيح دون أي مبرر معقول..
لا لانتصار هؤلاء للحق، وإنما إمعاناً منهم في تكريس وجهة النظر الأحادية.
***
وهاأنذا أعيد تكرار الحديث عن ضيقنا مما يسمى بالنقد أمام غياب أو تغييب الموضوعية في كثير من الطروحات التي نقرأها أو نستمع إليها..
ولا بد لمن يريد أن يقوم بدور نقدي سليم أن يراجع نفسه، وأن يعيد النظر في مسلماته النقدية حتى لا يخسر المتلقي وقته بمتابعة ما لا فائدة فيه مما يكون موضوعاً على طاولة الحوار.
***
وهذا الوقت بمتغيراته السياسية والاجتماعية وتناغمه أو عدم تناغمه مع بعض المستجدات والقضايا الأخرى، يحتاج من الناقد إلى شيء من الهدوء والتوازن عند إبداء الرأي، حتى يكون توظيف الرأي في مكانه الصحيح، وبالتالي يقابل بما يستحق من اهتمام واحترام.
***
وما لم يكن الحوار فيما بيننا بمستوى أهمية القضايا المطروحة للنقاش، وقبل ذلك احترام حق الآخرين بأسماعهم أو الكتابة لهم بما يرضون به وعنه، فإن أي حوار لن يلامس قناعاتهم وسيكون مفرغاً من الجدوى التي نتطلع إليها..
بل إنه قد يعطي نتائج عكسية مضرة ومسيئة للآخرين، وبالتالي لأجواء المناقشات التي تجري بين شخصين أو فئتين أو مجموعة من الناس.
***
وعلينا ألا نفقد الأمل بأن هناك وعياً نقدياً قادماً ولو بعد حين..
لكن علينا أن نؤسس لهذا الأمل الجميل ليطل برأسه ويؤكد حضوره كلما كانت هناك زوبعة أو جاء من يريد بتصرفه أن يثير خوفنا من انحراف الحوار.
***
وعلينا أن نستفيد من التجربة ومن الحالات التي مرّت بنا، بالتأكيد على الالتزام بأسس الحوار السليم، بما لا يعطي فرصة لأحد بأن يسيء إليه باختراق مشبوه أو لهدف غير سام، وهذا مرة أخرى هو الأمل الذي نتطلع إليه.
خالد المالك
|
|
|
صحيفة أمريكية: بوش قدم مبادرة (جريئة) والبريطانيون يحولون القمح إلى وقود الغرب يسعى إلى ابتكار بدائل للنفط
|
* إعداد - عايدة السنوسي
منذ أن عرف الغرب «المجاعة النفطية» في السبعينيات عندما استخدمت الدول العربية سلاح النفط للضغط على الولايات المتحدة وأوروبا لمناصرة الحقوق العربية في الصراع العربي الإسرائيلي أصبح تحقيق اكتفاء ذاتي من مصادر الطاقة هاجسا دائما لدى صناع القرار في الغرب. وقد تهدأ الأمور حينا عندما تنخفض أسعار النفط العالمية ثم تشتعل في حين آخر مع ارتفاع الأسعار.
وقد اهتمت صحيفة كريستيان سيانس مونيتور الأمريكية بهذه القضية فنشرت تقريرين لها: الأول من واشنطن عن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة للحد من الاعتماد على النفط القادم من الخارج بشكل عام ومن الشرق الأوسط بشكل خاص والآخر من لندن عن محاولات البريطانيين استخدام فائض انتاجهم من القمح وتحويله إلى وقود حيوي يكون بديلا للبنزين.
وذكرت (كريستيان سياينس مونيتور) أنه بعد تصريحاته التي أثارت استياء واسعا عندما وصف الولايات المتحدة بأنها «مدمنة للنفط» عاد الرئيس الأمريكي جورج بوش واستدرك خطأه بل واستطاع أن ينال استحسان الكثيرين من الأمريكيين عندما تحدث في خطابه عن حالة الاتحاد الشهر الماضي عن ضرورة خفض الاعتماد على النفط المستورد من منطقة الشرق الأوسط باعتباره هدفا قوميا جديدا للولايات المتحدة.
وبالطبع فقد داعبت تصريحات بوش عن ضرورة تقليص الاعتماد على النفط المستورد من الخارج مشاعر الكثيرين من الأمريكيين الذين يتزايد قلقهم بسبب ارتفاع أسعار البنزين وتزايد الاعتماد على النفط المستورد.
فقد تحدث الرئيس الأمريكي عن ضرورة خفض واردات أمريكا من نفط الشرق الأوسط بنسبة 75 في المئة بحلول 2025. وقدم خطة قومية للوصول إلى هذا الهدف. حملت خطة بوش اسم «مبادرة الطاقة المتقدمة» وتضمنت إعادة التركيز على أبحاث استخدام الإيثانول كوقود للسيارات بالإضافة إلى الاهتمام بتكنولوجيا البطاريات كمصدر للطاقة وبخاصة في السيارات الهجين التي تعمل بالكهرباء وليس بالبنزين. ورغم ذلك فإن أصوات عديدة تعاملت بتوجس شديد مع مبادرة الرئيس الأمريكي جورج بوش بدعوى أنها تمثل انحيازا لمصالح شركات الطاقة الأمريكية الراغبة في العودة لبناء محطات الطاقة النووية لتوليد الكهرباء بعد سنوات طويلة من تجميد هذا القطاع.
وتقول هذه الأصوات إن الرئيس بوش يريد استغلال حالة القلق بشأن النفط لفتح الطريق أمام العودة لبناء المفاعلات النووية.
وعندما أعلن الرئيس الأمريكي زيادة المخصصات الحكومية لأبحاث الطاقة بنسبة 22 في المئة جعلت الخبراء يحكون رؤوسهم من الدهشة ويتساءلون كيف يمكن للأبحاث في مجالات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة النووية النظيفة والآمنة والفحم النظيف أن تقلص واردات أمريكا من النفط؟ يقول جال لوفت الخبير في معهد تحليل الأمن العالمي وهو مركز أبحاث أمريكي معني بشئون أمن الطاقة: «مبادرة الرئيس بوش تربط توفير استهلاك النفط كهدف بمجموعة من حلول لمشكلات الطاقة للشركات والمنازل وهو لا علاقة له بمشكلتنا مع النفط».
وأضاف: إنه منذ أزمة النفط في السبعينيات قلصت شركات الخدمات الأمريكية التي توفر الطاقة الكهربائية اعتمادها على النفط بشكل كبير وأصبحت الكميات التي تستخدم لتوليد الكهرباء في الولايات المتحدة محدودة جدا.
كما أن الاعتماد على تكنولوجيا تحويل الفحم إلى غاز واستخدامه كبديل للنفط في محطات الطاقة لن يؤثر كثيرا على واردات أمريكا من النفط.
ولكن هناك تيار آخر يرى أن خطة الرئيس الأمريكي خطوة في الطريق الصحيح ولكنها أقل طموحا بشكل عام فيما يتعلق بتقليص الاعتماد على النفط مقارنة بالخطط التي كان الكونجرس الأمريكي يتطلع إليها.
وفي ظل التوقعات بوصول واردات الولايات المتحدة من النفط الخليجي إلى حوالي خمسة ملايين برميل يوميا بحلول 2025 فإن خطة الرئيس الأمريكي تهدف إلى خفض هذه الكمية المنتظرة إلى 25% .
5 ملايين برميل يوميا
في المقابل فإن الخطة التي كانت مطروحة على الكونجرس تحت اسم «المركبة وخيارات الوقود من أجل الأمن الأمريكي» كانت تهدف إلى تقليص واردات أمريكا النفطية بمقدار سبعة ملايين برميل يوميا خلال عشرين عاما.
تقول آني كروين رئيس مجلس إدارة منظمة تحالف تحرير أمريكا في بيان «لا يوجد أي سبب لأن يكون الرئيس الأمريكي جورج بوش اقل طموحا من الكونجرس». وفي حين تنظر آني وآخرون مثلها بقدر من التفاؤل إلى اهتمام الرئيس الأمريكي جورج بوش بتطوير تقنيات للاستفادة من الإيثانول كمصدر للطاقة وكذلك بتكنولوجيا السيارات الهجين فإن آخرين يطالبون الرئيس الأمريكي بالتحرك السريع واعتمادا على التقنيات المتاحة حاليا بالفعل لخفض استهلاك الطاقة وواردات النفط وليس تأجيل الأمر اعتمادا على تكنولوجيات مازالت في علم الغيب.
فبعد أزمة النفط العالمية في السبعينيات نجحت الإجراءات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت إلى خفض الاعتماد على واردات النفط لتصبح 27 في المئة من إجمالي استهلاك الأمريكيين عام 1985 مقابل 46 في المئة من إجمالي الاستهلاك في السبعينيات. ولكن الأمر تغير كثيرا بعد ذلك حيث بلغ متوسط استهلاك الولايات المتحدة من النفط العام الماضي حوالي 20.6 مليون برميل يوميا تستورد منها حوالي 65 في المئة. وتستورد الولايات المتحدة من منطقة الخليج العربي
حوالي 2.3 مليون برميل يوميا تشكل حوالي 17 في المئة من إجمالي واردات أمريكا من النفط وحوالي 11 في المئة من إجمالي استهلاك أمريكا من النفط.
وتقول آني كورين: «خطة الرئيس الأمريكي جورج بوش هي خلاصة لمبادرات بحثية ربما يكون لها تأثير عظيم على المستقبل كما أنها تستحق التنفيذ بالفعل.
ولكن على المدى القصير فإنها لن يكون لها دور كبير في حل معضلة النفط.
فما نحتاج إليه الآن هو التركيز على الاستخدام وليس على التطوير والأبحاث».
يقول الرئيس بوش إن تكنولوجيا الإيثانول السيليلوزي تهدف إلى تحويل الأعشاب والأخشاب وغيرها من المواد المماثلة إلى وقود حيوي يمكن أن ينافس البنزين خلال السنوات القليلة المقبلة. ولكن لكي يحدث هذا فعلى شركات السيارات في الولايات المتحدة إنتاج كل سياراتها مزودة بالقدرة على العمل بالوقود الحيوي خاصة وأن هذا لن يكلفها أكثر من 150 دولارا للسيارة الواحدة. ويقول بعض المحللين: إن الرئيس الأمريكي جورج بوش يستطيع تحقيق أكبر خفض في استهلاك النفط بجرة قلم بعيدا عن الأبحاث والتطوير وبسرعة كبيرة. المطلوب فرض قيود على استخدام السيارات في الولايات المتحدة وهي أكبر مستهلك للنفط ومنتجاتها في أمريكا كما حدث في السبعينيات. ولكن كارل بوب رئيس نادي سيرا كلوب يقول: إن مقترحات الرئيس بوش مجرد «إعادة تعبئة قائمة الأماني القديمة لشركات الطاقة الأمريكية في عبوة جديدة» يسهل تسويقها.
وأضاف أن خطط الرئيس بوش تخدم شركات الطاقة على المدى الطويل ولكنها لن تؤدي إلى أي تراجع في استهلاك أو استيراد النفط على المدى القصير.
فعلى الرغم من أن التوسع في إقامة محطات نووية لتوليد الكهرباء لن يؤدي إلى أي توفير في واردات النفط الأمريكية فإن مبادرة الرئيس بوش شكلت دفعة كبيرة لخطط شركات الطاقة الأمريكية الرامية إلى بناء ما بين 12 و15 محطة نووية جديدة بحلول 2015.
وقد أشاد معهد الطاقة النووية وهو جماعة ضغط تدافع عن مصالح صناعة الطاقة بمبادرة الرئيس الأمريكي وأعلن عن دعمه لها.
وقد أثار استخدام الرئيس بوش تعبير «طاقة نووية نظيفة وآمنة».
فقال توني ماسار نائب رئيس منظمة اتحاد الناخبين المحافظين للشئون السياسية إن الرئيس بوش يستخدم كلمات براقة للتعبير عن أشياء نعرف جميعا انها خطيرة.
في الوقت نفسه خصصت الإدارة الأمريكية 44 مليون دولار لأبحاث طاقة الرياح و65 مليون دولار لأبحاث الطاقة الشمسية باعتبارها جزءاً من حل مشكلة تزايد الاعتماد على النفط المستورد.
وتتكون مبادرة الطاقة المتقدمة للرئيس الأمريكي جورج بوش من مجموعة عناصر رئيسية وفقا لمشروع موازنة العام المالي المقبل في الولايات المتحدة ومنها:
* مبادرة أبحاث الفحم وتم رصد 281 مليون دولار لها وتهدف إلى تطوير تكنولوجيا تتيح استخدام أفضل للفحم كمصدر للطاقة وفي الوقت نفسه القضاء على مشكلة الانبعاثات الغازية الضارة المرتبطة بهذه المادة خاصة وأن الولايات المتحدة تمتلك احتياطيات ضخمة من الفحم.
* مبادرة الطاقة الشمسية وتم رصد 148 مليون دولار لها لاسراع بتطوير مواد شبه موصلة تحول ضوء الشمس إلى كهرباء مباشرة.
* زيادة الطاقة النظيفة المولدة من الرياح وتم رصد 44 مليون دولار لها.
* مبادرة التكرير الحيوي وتم رصد 150مليون دولار لها بهدف تطوير تقنيات تتيح تحويل المخلفات الزراعية إلى وقود حيوي يمكن استخدامه في تسيير السيارات.
* مبادرة تطوير سيارات أكثر كفاءة في استخدام الوقود وتم رصد 30 مليون دولار للمساعدة في تطوير تكنولوجيا للبطاريات يمكن استخدامها في تسيير السيارات الهجين التي تعمل بالكهرباء بصورة أفضل.
* مبادرة وقود الهيدروجين وتم رصد 289 مليون دولار بهدف دعم أبحاث تطوير خلايا الوقود التي تستطيع استخلاص الهيدروجين من الماء وتحويله إلى طاقة لتسيير السيارات.
* وقود من القمح.. وبالطبع فقضية الطاقة والنفط ليست قاصرة على الولايات المتحدة فقط وإنما تشمل اغلب الدول الصناعية الغربية التي تشعر أنها أصبحت قريبة من زمن المجاعة النفطية الأمر الذي يفرض عليها ضرورة إيجاد بدائل قبل أن يأتي اليوم الذي قد تعجز فيه عن الحصول على احتياجاتها من النفط.
وفي بريطانيا تجري الأبحاث بهدف تطوير نوع جديد من الوقود من خلال القمح.
وقد نشرت صحيفة كريستيان سيانس مونيتور تقريرا لمراسلها في لندن مارك رايس أوزلي عن هذا الموضوع بدأه بالحديث عن المزارع البريطاني شارلي جولدساك الذي يزرع القمح لكنه لا يشعر بالسعادة عندما يحين موعد الحصاد لأنه يدرك أنه لن يتمكن من الحصول على سعر مجز لمحصوله بسبب انخفاض أسعار القمح. ولكن يبدو أن المستقبل يحمل بعض الأمل بالنسبة لزراع القمح البريطانيين ومنهم جولدساك الذي يمتلك مزرعة مساحتها 1400 فدان في جنوب إنجلترا عندما تنجح الأبحاث التي تجرى حاليا لتحويل القمح إلى مصدر للوقود ينافس النفط. ففي ضوء هذه الأبحاث لن يذهب جولدساك إلى مصانع المخبوزات ليبيع محصول القمح لها وإنما إلى مصنع مجاور يقوم بتحويل القمح إلى وقود حيوي في إطار الجهود البريطانية المكثفة الرامية إلى تطوير وقود نظيف للسيارات في المستقبل.
يقول جولدساك: إن هذه الفكرة ستجعل زراعة القمح أكثر جدوى اقتصادية «وهو ما نريده بالفعل. فنحن نحتاج إلى أسواق واستخدامات جديدة لمحصول القمح يمكنها استيعاب الفائض الكبير من الانتاج وترفع الأسعار».
ووفقا للتقديرات الحالية فإن إنتاج 250 فدان من القمح يمكن أن يتحول إلى وقود يكفي لتسيير سيارة لمسافة مليون ميل.
وتشير الدراسات إلى أن المزارع البريطانية يمكن أن توفر المواد اللازمة لتوليد الوقود الحيوي بما يعادل خمسة في المئة من إجمالي كميات الوقود التي تستهلكها السيارات في بريطانيا سنويا، وهو الهدف الذي تتطلع إليه الحكومة البريطانية بحلول 2010. وتقول التقديرات أن تحقيق هذا الهدف لا يحتاج إلى أكثر من ثلاثة ملايين طن سنويا من القمح وهو بالكاد الكمية الفائضة عن الاحتياجات المحلية من القمح في بريطانيا. وإذا تم بالفعل استهلاك الفائض من القمح في السوق المحلية البريطانية فإن سعر بيع القمح يمكن أن يرتفع بمقدار ثمانية أو تسعة جنيهات إسترلينية للطن.
ويقول جولدساك إن هذا يعني أنه يستطيع تحقيق إيراد يصل إلى عشرة آلاف جنيه إسترليني (17445 دولار) من خلال مزرعة القمح لديه.
وفي حين يؤكد الرئيس الأمريكي جورج بوش على الحاجة إلى تطوير وقود أنظف للسيارات لأسباب تتعلق بضمان أمن إمدادات الطاقة في الولايات المتحدة فإن الدوافع البريطانية تختلف قليلا في هذا الشأن.
فنظرا لتوقيع بريطانيا على بروتوكول كيوتو لحماية مناخ الأرض من التلوث على عكس الولايات المتحدة فإنها مضطرة لخفض الانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة بنسبة عشرين في المئة بحلول عام 2010.
ونظرا لأن عوادم السيارات تشكل حوالي ثلث الانبعاثات الغازية في بريطانيا فإن تحويل السيارات إلى استخدام الايثانول الحيوي يمكن أن يؤدي إلى خفض كبير في الانبعاثات الغازية الكربونية في بريطانيا.
ولكن هناك مشكلة كبيرة في هذه المرحلة وتتمثل في ارتفاع تكلفة الايثانول الحيوي حيث تصل تكلفته إلى ضعفي تكلفة الحصول على البنزين وبالتالي لن يكون متاحا بدون دعم حكومي للوقود وهو أمر تجاوزته الدول الأوروبية منذ زمن بعيد.
كما أنه سيكون من الصعب إقامة شبكة محطات لتموين السيارات بالوقود الحيوي خاصة وأن أغلب محطات التموين الحالية مملوكة لشركات النفط البريطانية وبالتالي لن تكون معنية بتوفير الوقود الحيوي لأصحاب السيارات لأن ذلك سيكون على حساب انتاج هذه الشركات من البنزين.
وقد ذكرت شركة بريتش بترليوم أكبر منتج للوقود في بريطانيا أنها تدرس إنتاج الوقود الحيوي لكن أيا من محطات الوقود التابعة لها في بريطانيا وعددها 1300محطة لا يقدم مثل هذا الوقود حتى الان.
يقول نايك ماتيوس الباحث في مؤسسة ورويك مانفاكتشورنج جروب وهي مركز أبحاث في إنجلترا إنه يمكن لأحد الأشخاص أن يحول دقيق القمح إلى وقود للسيارات لكنه لن يتمكن من إقناع شركة بريتش بترليوم ببيع هذا الوقود في محطاتها. وأضاف انه ربما استطاع أن يضع مثل هذا الوقود في زجاجات ولكنه لا يبيع مشروب غازي لذلك لن يجد الكثير من أصحاب السيارات المستعدين للتخلي عن الطريقة المعتادة في تموين سياراتهم بالوقود لكي يحصلوا على الوقود الحيوي في زجاجات.
لذلك فلن يحدث أي تقدم في استخدام الوقود الحيوي في بريطانيا إذا لم تتحرك الحكومة لوضع إطار قانوني ومالي يفرض على شركات النفط عرض هذا الوقود في محطاتهم إلى جوار البنزين التقليدي. والحقيقة أنه بدأت بعض التجارب في بريطانيا لاستخدام الإيثانول الحيوي في تسيير السيارات ولكن ليس بصورة مفردة وإنما بمزجه بالبنزين العادي بمعدل واحد إلى عشرين بمعني وضع لتر من الإيثانول الحيوي مع كل عشرين لتر من البنزين لتسيير السيارات العادية. ولكي يمكن زيادة نسبة الإيثانول الحيوي في الوقود المختلط يجب إجراء تغيير لبعض الأجزاء في السيارة وهي عملية زهيدة التكلفة نسبيا.
وقد بدأت بالفعل شركتا (فورد) الامريكية و(ساب) السويدية إنتاج سيارات تعمل بكل من البنزين والإيثانول الحيوي أو بمزيج منهما.
وقد تم بالفعل تقديم سيارة تجريبية في إحدى مناطق جنوب إنجلترا حيث تعمل مزيج من البنزين والإيثانول بنسبة 85 في المئة إيثانول وبسعر مقبول تماما وفقا للقوة الشرائية للبريطانيين. ويحمل اسم الوقود الجديد اسم إي 85 أو إيثانول 85.
وقد بدأت بالفعل بعض محطات تمويل السيارات في مراكز التسوق الكبيرة بإنجلترا في الاستعداد لبيع هذا الوقود الجديد.
ونظرا لأن الولايات المتحدة معروفة بتقدمها على بريطانيا في مجال استخدام الإيثانول الحيوي فهناك حوالي 600 محطة وقود تقدم هذا الإيثانول للسيارات.
والمطلوب أن تضغط الحكومة البريطانية على شركات النفط من أجل تجهيز محطات تموين السيارات المملوكة لهذه الشركات بمضخات إيثانول حيوي حتى يمكن لأصحاب السيارات الحصول عليه بسهولة.
وكانت الحكومة البريطانية قد أعلنت أنها ستطالب شركات النفط العاملة في السوق البريطانية مثل: بريتش بترليوم ورويال داتش شل بضمان وجود حصة معينة من مصادر الطاقة المتجددة ضمن حزمة المنتجات التي تقدمها تلك الشركات.
ولم تقدم الحكومة النسبة المطلوبة من مصادر الطاقة المتجددة ولكن مصادر في الصناعة قالت إنها لن تزيد في كل الأحوال عن ثلاثة في المئة. ومن المنتظر أن تدخل هذه القواعد الجديدة التي تحمل اسم «الإلزام بالوقود المتجدد» حيز التنفيذ عام 2008.
ويقول مالكولم شيبيرد المدير الإداري لشركة تأسست العام الماضي لإنتاج الإيثانول الحيوي من المخلفات الزراعية إن تطبيق هذه القواعد سيؤدي إلى طفرة في صناعة الوقود الحيوي ومصادر الطاقة المتجددة ككل.
وأشار إلى أنه إذا لم تلتزم شركات النفط بتقديم 3 في المئة من منتجاتها اعتمادا على مصادر الطاقة المتجددة سوف تدفع غرامات مالية كبيرة.
كما أن إلزام الشركات بهذه القاعدة سوف يجبرها على بيع الوقود الحيوي في محطات تموين السيارات.
وكانت شركة جرين سبريت التي يرأسها شيفيرد قد أقامت أول مصنع كبير للإيثانول الحيوي في بريطانيا حيث يتم تحويل الحاصلات الزراعية إلى وقود في جنوب إنجلترا.
وتشير التقديرات إلى حاجة بريطانيا إلى عشرة مصانع من هذا النوع حتى يمكن تلبية الطلب على الوقود الحيوي في مختلف أنحاء المملكة المتحدة.
وأشار ماتيوس إلى البرازيل والولايات المتحدة في مقدمة دول العالم التي تستخدم الوقود الحيوي بسبب وفرة المواد الزراعية التي يمكن استخدامها في إنتاجه. ولكن الأمر غير مجدٍ من الناحية الاقتصادية بالنسبة لبريطانيا.
وأضاف أن المطلوب ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات قياسية حتى يصبح سعر الوقود الحيوي في بريطانيا اقتصاديا.
أما البروفيسور ستيفين جلاستير خبير النقل في كلية إمبريال كوليدج بلندن إن القضية كلها حسابات بحتة. فالطاقة تأتي من الشمس. والسؤال هو هل توجد إضاءة شمسية كافية وأرض كافية للاستفادة من ضوء الشمس وإنتاج كميات كافية من الطاقة. وحتى يتمكن الغرب من الإجابة على هذا السؤال سيظل أسيرا لآبار البترول التي تتركز في منطقة الشرق الأوسط.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|