|
الحوار مرة أخرى!!
|
كتبت أكثر من مرة عن ثقافة الحوار، وفعل غيري مثل ذلك..
حين كنت ألاحظ غياباً للموضوعية في مناقشاتنا، أو اختفاء للهدوء حين يكون هناك مجال للحوار..
بل وكلما كان هناك تغْييب لأدوات النقد البناء والرأي الصحيح دون أي مبرر معقول..
لا لانتصار هؤلاء للحق، وإنما إمعاناً منهم في تكريس وجهة النظر الأحادية.
***
وهاأنذا أعيد تكرار الحديث عن ضيقنا مما يسمى بالنقد أمام غياب أو تغييب الموضوعية في كثير من الطروحات التي نقرأها أو نستمع إليها..
ولا بد لمن يريد أن يقوم بدور نقدي سليم أن يراجع نفسه، وأن يعيد النظر في مسلماته النقدية حتى لا يخسر المتلقي وقته بمتابعة ما لا فائدة فيه مما يكون موضوعاً على طاولة الحوار.
***
وهذا الوقت بمتغيراته السياسية والاجتماعية وتناغمه أو عدم تناغمه مع بعض المستجدات والقضايا الأخرى، يحتاج من الناقد إلى شيء من الهدوء والتوازن عند إبداء الرأي، حتى يكون توظيف الرأي في مكانه الصحيح، وبالتالي يقابل بما يستحق من اهتمام واحترام.
***
وما لم يكن الحوار فيما بيننا بمستوى أهمية القضايا المطروحة للنقاش، وقبل ذلك احترام حق الآخرين بأسماعهم أو الكتابة لهم بما يرضون به وعنه، فإن أي حوار لن يلامس قناعاتهم وسيكون مفرغاً من الجدوى التي نتطلع إليها..
بل إنه قد يعطي نتائج عكسية مضرة ومسيئة للآخرين، وبالتالي لأجواء المناقشات التي تجري بين شخصين أو فئتين أو مجموعة من الناس.
***
وعلينا ألا نفقد الأمل بأن هناك وعياً نقدياً قادماً ولو بعد حين..
لكن علينا أن نؤسس لهذا الأمل الجميل ليطل برأسه ويؤكد حضوره كلما كانت هناك زوبعة أو جاء من يريد بتصرفه أن يثير خوفنا من انحراف الحوار.
***
وعلينا أن نستفيد من التجربة ومن الحالات التي مرّت بنا، بالتأكيد على الالتزام بأسس الحوار السليم، بما لا يعطي فرصة لأحد بأن يسيء إليه باختراق مشبوه أو لهدف غير سام، وهذا مرة أخرى هو الأمل الذي نتطلع إليه.
خالد المالك
|
|
|
توقعات بتسلم شقيقه راؤول مقاليد السلطة الولايات المتحدة تتأهب لمرحلة ما بعد الكوبي فيدل كاسترو!
|
* إعداد - أشرف البربري
ربما لم تعان الولايات المتحدة من الشعور بالهزيمة والعجز تجاه أي نظام حكم في العالم كما هي الحال بالنسبة لنظام حكم الرئيس فيدل كاسترو في كوبا، فهذا الرجل الذي لا تزيد بلاده على كونها جزيرة صغيرة على بعد مرمى حجر من الولايات المتحدة يقود نظاما مناوئا للولايات المتحدة منذ أكثر من خمسين عاما.
وفي تقرير لها تناولت صحيفة (كريستيان سياينس مونيتور) الأمريكية قضية كوبا في ضوء تزايد التقارير عن تدهور الحالة الصحية للرئيس كاسترو واقتراب رحيله عن عالمنا.
تقول الصحيفة إنه على مدى عشرات السنين فشلت كل محاولات الأمريكيين لهدم عالم الرئيس الكوبي فيدل كاسترو، وفي كل مرة كانت تبوء الجهود الأمريكية بالفشل في هذا الاتجاه بدءا من عملية خليج الخنازير.
وبعد 46 عاما أمضاها الرئيس الكوبي فيدل كاسترو في الحكم منذ أطاح بالحكم الموالي لواشنطن في مطلع الخمسينيات فقد خلالها حليفه الشيوعي الذي كان يعرف باسم الاتحاد السوفيتي مازال (الشيوعي) الوحيد في أمريكا الجنوبية يتحدى أمريكا.
ولكن في ظل التقارير التي تتحدث عن تدهور الحالة الصحية للزعيم الكوبي تضاربت التوقعات بشأن شكل نظام الحكم في كوبا بعد كاسترو تواجه الإدارة الأمريكية الآن اختيارا بشأن مدى قوة تحركها لدفع كوبا نحو الإصلاحات الديمقراطية بعد انقضاء حقبة كاسترو.
ويبدو أن المسؤولين في هافانا يدركون حقائق المستقبل حيث بدأوا بالفعل تحركا قلقا لمواجهة جولة جديدة من المحاولات الأمريكية للتدخل في الشؤون الكوبية.
وهناك معسكر في واشنطن يطالب باتخاذ أقوى تحرك ممكن من أجل صياغة نظام الحكم في كوبا وفقا للمصالح الأمريكية والحيلولة دون وصول راؤول كاسترو شقيق الزعيم الكوبي إلى السلطة خلفا لفيدل كاسترو.
ويقول أصحاب هذا الرأي إن هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 على نيويورك وواشنطن أثبتت أن تردد أمريكا في مواجهة أي نظام حكم معاد يمكن أن يحول الدولة التي يحكمها هذا النظام إلى قاعدة انطلاق أعمال عدائية ضد المصالح الأمريكية.
***
فوضى أمنية
في المقابل هناك معسكر آخر يطالب بقدر أكبر من ضبط النفس في التعامل مع الملف الكوبي حتى لا تجد الولايات المتحدة نفسها متورطة في مستنقع كالمستنقع العراقي الذي كانت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش تتصور أنه سيكون نزهة للجنود الأمريكيين.
ويقول الكثير من الخبراء الكوبيين إن العراق وكوبا سيناريوهان مختلفان تماما.
ويشير هؤلاء الخبراء إلى أنه من غير المحتمل حدوث فوضى أمنية أو سياسية في كوبا في حالة رعاية الولايات المتحدة لتمرد عسكري يطيح بنظام الحكم الشيوعي في هافانا كما حدث عندما أطاحت القوات الأمريكية بحكم الرئيس العراقي صدام حسين ولكنها حولت العراق إلى مستنقع للفوضى والقتل والدمار.
ورغم ذلك يقول البعض إن نفس العيوب التي شابت الخطط الأمريكية بشأن العراق والتي أدت إلى خروج الأمور عن السيطرة بعد الإطاحة بصدام حسين في إبريل 2003 تتكرر بصورة أو بأخرى في خطط واشنطن بالنسبة لكوبا بعد كاسترو.
يقول داميان فرنانديز مدير معهد الابحاث الكوبية في جامعة فلوريدا الدولية الأمريكية (نفس نمط التفكير الذي أوقع الولايات المتحدة في مآزق من قبل وفي العراق يتكرر عند الحديث عن كوبا.. فالسياسة الأمريكية تجاه كوبا والتي تنطلق من قاعدة واحدة تتعلق بشخصية الرئيس الكوبي فيدل كاسترو أو شقيقه راؤول كاسترو هي سياسة مضللة بدرجة كبيرة).
ويضيف أن مثل هذه السياسة تغطي على عوامل القلق الحقيقية التي ستؤثر على المصالح القومية الأمريكية ومستقبل كوبا على السواء، وقد أعدت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش خطة تقع في 400 صفحة لكيفية مواجهة التحديات في كوبا ما بعد رحيل فيدل كاسترو.
وقد تم تعيين (المنسق الانتقالي) في وزارة الخارجية الأمريكية في أغسطس الماضي لتولي تنفيذ هذه الخطة، وتتضمن الخطة كل شيء ابتداء من جودة مياه الشرب في كوبا وحتى إعداد دستور جديد للبلاد وأفضل سبل معاقبة حلفاء كاسترو الأجانب.
ولكن ما يجعل هذه الخطة مثيرة للجدل بشدة هو تركيزها الشديد على تدمير جهود فيدل كاسترو لنقل السلطة إلى شقيقه بعد رحيله. تقول الخطة الأمريكية إن ديكتاتورية كاسترو تتبنى كل الوسائل الممكنة من أجل الاستمرارية ونقل السلطة إلى راؤول بعد رحيل كاسترو ويجب أن تنطلق السياسة الأمريكية من أرضية تدمير استراتيجية التوريث في كوبا.
وتتضمن الخطة أيضا تنفيذ قانون هيلمز - بيرتون الصادر عن الكونجرس الأمريكي عام 1996 والذي يحظر تقديم أية مساعدات أمريكية لحكومة كوبا التي تشمل فيدل أو راؤول كاسترو. ولكنها تشمل أيضا مهاما إضافية بهدف نقل كوبا إلى (الديمقراطية).
ولكن بعض المراقبين للشأن الكوبي يعارضون بشدة هذه الخطة ويؤكدون أنها ستحقق فشلا ذريعا وأنها لا تزيد على كونها تكتيكا لتحقيق مصالح داخلية للرئيس الأمريكي جورج بوش.
ويرون أنها لا تهدف إلا إلى زيادة شعبية الرئيس جورج بوش بين الأمريكيين من أصل كوبي في مدينة ميامي بولاية فلوريدا، وقد صدرت هذه الخطة بالفعل قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2004 والتي خاضها الرئيس بوش من أجل الفوز بفترة رئاسية ثانية.
ويقول كثير من المحللين إن الخطة تضمنت من الأهداف أكثر مما تضمنته من التحركات الأمريكية الفعلية لتحقيق مثل هذه الأهداف.
ويقول دانيال إريكسون خبير الشؤون الكوبية في مركز أبحاث الحوار عبر الأمريكتين ومقره واشنطن إن الخطة الجديدة لم تضف أي شيء إلى الشعار الذي ترفعه الإدارة الأمريكية من قبل وهو (الانتقال السريع في كوبا).
وأضاف: (الحقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعرف الكثير عن الطريقة التي يمكن بها إقامة الديمقراطية في الدول النامية عموما) ولكن البعض يرى أن هذه الخطة طريقة جيدة لاستمرار الضغط على نظام حكم كاسترو وإرسال رسالة دعم وتأييد إلى معارضي النظام والمنشقين عنه.
يقول فرانك كالزون الباحث في مركز أبحاث كوبا الحرة بواشنطن (من فرانكو في أسبانيا إلى دوفاليه في هايتي ومن سوموزا في نيكاراجوا إلى الشيوعيين في ألمانيا الشرقية تظل استراتيجية التوريث هي الخيار الأول. فهؤلاء الطغاة يؤمنون بضرورة وجود شخص ما من عائلتهم أو حزبهم يجب أن يتولى السلطة بعد رحيلهم ولكن هذا لم يحدث في كل هذه الدول.. وأنا على ثقة من أن كوبا لن تكون استثناء من هذه القاعدة).
ومع ذلك فإن الكثير من الخبراء في الشأن الكوبي يشكون في أن يؤدي موت كاسترو إلى تحول فوري نحو الحكم الديمقراطي في كوبا، ويتوقع هؤلاء الخبراء أن يسير راؤول كاستروا على خطى شقيقه في حكم كوبا.
يقول خوان ديل أجويلا أستاذ العلوم السياسية والخبير في الشؤون الكوبية بجامعة إيموري الأمريكية (هناك قلة من الأكاديميين يرون أن انتصار الجهود الإصلاحية بعد رحيل كاسترو سيكون حتميا. ولكنني لا اعتقد ذلك.. فنحن لا نرى أي مؤشر إلى وجود تحرك إصلاحي في كوبا حتى الآن).
وأضاف أن أي مسؤول كوبي سيكشف عن نزعته الإصلاحية بعد رحيل كاسترو سيطاح به وسينظر إليه باعتباره خائن، أما بريان لاتيل مسؤول الملف الكوبي سابقا في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فيتفق مع الرأي القائل بأن راؤول كاسترو سوف يظهر كزعيم جديد في كوبا بعد رحيل فيدل كاسترو. وقد كشف لاتيل عن رأيه هذا في كتابه الجديد (بعد كاسترو: القصة الداخلية لنظام حكم كاسترو وقائد كوبا الجديد).
ولكن لاتيل يقول إن راؤول لن يتمتع باليد المطلقة التي يتمتع بها شقيقه حاليا بدعوى الدفاع عن الثورة على حساب الشعب الكوبي. ويضيف (بعد أن يتولى راؤول السلطة سوف تنتشر وتتعمق المطالب بالتغيير السياسي والاجتماعي والاقتصادي في كوبا. وسوف يجد راؤول نفسه مضطرا إلى التعامل مع هذه المطالب. وسيكون هذا من التحديات شديدة الصعوبة التي سيواجهها خليفة فيدل كاسترو). وبالطبع لن تكون هذه الضغوط الداخلية كافية لدفع الإصلاحات الديمقراطية قدما في كوبا. وربما يلجأ راؤول إلى النموذج الصيني بحيث تستمر القبضة الصارمة للشيوعيين على النظام السياسي بدون ديمقراطية ولا أحزاب معارضة مع انفتاح اقتصادي كبير، ويختم خبير المخابرات المركزية الأمريكية المتقاعد لاتيل حديثه بالقول: إن راؤول الذي شاهد بعينيه ما حدث للاتحاد السوفيتي سوف يحاول بكل السبل تفادي هذا المصير.
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|