* إعداد - صلاح شنكل
قالوا (العلم في الصغر، كالنقش في الحجر) من هنا تأتي أهمية المرحلة الابتدائية في العملية التعليمية والتربوية، كونها المرحلة التي تتشكّل فيها المكونات الأساسية لشخصية الطفل، بل تتأسس خلالها الملامح المستقبلية لشخصيته، ومن هنا أيضاً كان اهتمام التربويين والمسؤولين وحرصهم على أن يتولى التعليم في هذه المرحلة أناس ذوو خبرة وتجربة واسعة حتى يتمكنوا من غرس القيم الفاضلة، ويعطوا خلاصة تلك التجارب لأجيال الغد الواعدة، وبراعم المستقبل المأمول، لذا حرصنا في هذا العدد أن نتناول (جميعاً) بالنقاش التعليم في هذه المرحلة، احتياجاته، وضروراته، وواقعه الحالي، والطموحات المأمولة، فتم طرح هذا المحور (كالعادة) على أصدقاء المنتدى لإثراء جوانبه، ولإعطاء مختلف وجهات النظر حوله، فكانت حصيلة ذلك، هذه المداخلات الثرة، والمشاركات الزاخرة بالتنوع الفكري حول الموضوع.
قيم تربوية
( عبد العزيز بن حمود النويصر :
أتمنى أن يكون التعليم الابتدائي الحكومي منافساً للتعليم الابتدائي للمدارس الخاصة وأن يكون هناك تواصل بين المدرسة وبين البيت، وأن يتم استخدام وسائل الاتصالات الحديثة مثل الجوال والهاتف ورسائل البريد الإلكتروني بحيث يكون التواصل بين ولي الطالب والمدرسة بهذه الطريقة ويكون من نتائج هذا الأسلوب إفادة ولي أمر الطالب بكل صغيرة وكبيرة في مجال تعليم الطالب، من حيث المستوى، والمواظبة، والسلوك وغير ذلك من أهداف العملية التربوية، كما يجب أن يركز التعليم على الجوانب الاجتماعية النابعة من صميم الإسلام، لينمي في الطلاب روح الاحترام المتبادل، والمحبة والإيثار، وحسن التعامل، لتكون العلاقة بين الطلاب تكاملية وتكافلية أكثر منها تنافسية، وألا تسود فيها روح الأنانية وحب الذات، وهذه من الأشياء المهمة التي تبرز نتائجها في المستقبل سواء كانت سلبية أو إيجابية، لذا وجب علينا أن نغرس القيم الإيجابية حتى نجني في المستقبل جيلاً يحمل الكثير من القيم التي تجعله قادراً على البناء، وتحمل المسؤولية مع حب الوطن والمجتمع.
تجنب الحشو
( عبد الرحمن بن سعد الحاقان :
بلا شك أننا نطمح إلى تعليم ابتدائي متميز وراقٍ يعود على أبناء الوطن بما يخدمهم جميعاً وبما يخدم وطن الإنسانية والعطاء والخير والبركة، فنطمح في لحظة من اللحظات أن يأتي الطالب إلى المدرسة وهو بكامل شوقه وجاذبيته بدلاً من أن يساق إليها سوقاً وأن يركز التعليم على الترفيه والتعليم لكي يستفيد الطالب ويقتنع بما يتعلمه فإنه إذا اقتنع بما يتعلمه فسوف يستفيد منه في جميع الأطر وفي جميع الأماكن والأزمنة أما كونه يصب في ذهنه العلم صباً، فلن يستفيد من هذا الحفظ وسرعان ما ينسى ولذلك نجد تعلق أولادنا دائماً بكل شيء مشوق وجذاب، كما أنه من الواجب ألا ينقل من المرحلة الابتدائية المعلم القدير لأن هذا المعلم سوف يؤثّر على الطالب ويحدث بذلك تميزاً وإبداعاً لأن التعليم إما رغبة أو رهبة ونحن في عصر الرغبة بحيث يرغب الطالب في التعليم ويخرج جميع ما لديه من إمكانيات وتميز وبعد ذلك سوف يثمر ويعطي، أما في حال حشو المعلومات فقط فلن نستفيد كثيراً من التعليم.
التخصص وتجديد الدماء
( فاطمة سعد الجوفان :
يمثّل التعليم الابتدائي اللبنة الأولى للتعليم الصحيح ولكن واقعنا التعليمي يختلف تماماً عن الطموح الذي نتمنى أن يصل إليه التعليم الابتدائي، حيث إنه للأسف الشديد يعتمد بالدرجة الأولى على التلقين مع إيجابية عملية التعليم التي تمت في السنوات الأخيرة ولكن أعتقد أن المناهج بحاجة إلى تعديل أكثر ومواكبة للتطور وأعتقد أن المهم أن نبدأ تعليم اللغة الإنجليزية من المرحلة الابتدائية بحيث تكون المرحلة كاملة تعلم فقط الحروف والأرقام وبعض العبارات البسيطة جداً في مرحلة مبكرة بحيث إن المنهج يكون بسيطاً جداً الشيء الآخر لا بد أن نهتم بتعليم الحاسب لأنه يمثّل لغة العصر، التي لا بد أن نتحاطب بها جميعاً، والأهم من ذلك كله، يجب الاهتمام بأمر الكوادر العاملة في حقل التعليم، وكذلك الاهتمام بتنوع التخصصات وتناسبها مع متطلبات المرحلة، فليس من المنطق أن يظل التعليم الابتدائي بدون تخصص فنجد خريجة الدين أو اللغة العربية أو العلوم، مثلاً، تقوم بتدريس جميع المواد حتى لو كانت متخصصة فهذا بلا شك يؤثّر تماماً على المستوى التعليمي فليس من المنطق أن تدرس معلمة التربية الفنية مثلاً اللغة العربية أو غيرها من المواد.. خصوصاً في المراحل الأولى بدعوى سهولة المناهج. الشيء الآخر للأسف الشديد في هذه المرحلة نجد غالبية المعلمين من كبار السن الذين يحملون إما دبلوماً متوسطاً أو معاهد قديمة فنجدهم للأسف حتى إمكانياتهم في العطاء والإبداع لا ترقى إلى الطموح لذلك لا بد أن يكون هناك تقاعد مبكر لهم وإحلال دماء جديدة والتركيز ثم التركيز على الكوادر المتميزة والتخصصات لأنه حتى لو كانت لدينا إمكانيات بدون كوادر لا أعتقد أنها ستحقق الطموح الذي نصبو إليه، والتأسيس الحقيقي يبدأ من الابتدائي والأهم من ذلك لا بد أن نركّز أيضاً على النواحي الشخصية وتعزيز الثقة بالنفس وأن نغرسها في الأطفال حتى يكون لها تأثير إيجابي وتتطور الشخصية وبالتالي يكون واقع تعليمنا أفضل من ذلك بكثير، وكذلك لا بد أن تكون عملية التطوير واقعية وسريعة حتى ننقذ ما يمكن إنقاذه وننهض بالتعليم بالشكل الذي نريد
التقنية مطلوبة
(مها عبد العزيز الزهراني :
المرحلة الابتدائية هي الأساس لكل مراحل التعليم اللاحقة، وهي التي تعطي التلاميذ الثقة في مواصلة تعليمهم، بل التفوق في التعليم، لذا وجب على المختصين أن يولوها الأهمية القصوى من حيث توفير كافة العناصر التي تقود إلى النجاح وإتمام الدراسة بالوجه المطلوب، كما لا ننسى أن الصغار دائماً يحتاجون إلى الصبر والتحمل لذا تأتي أهمية انتقاء الكوادر ممن هم على قدر من الخبرة والتجارب التربوية، حتى يمكنهم تحمل سلوكيات التلاميذ الصغار، ولا يفوتني أن أذكر هنا أن التقنية الحديثة مطلوبة في هذه المرحلة باعتبارها لغة العصر التي تفتحت عليها أعين هذا الجيل، ولا مناص من التعامل معها والتفاعل مع متغيراتها.
الواقع لدينا يقول إن كل متطلبات التعليم من النواحي المادية تكاد تكون متوفرة بدرجة كبيرة، وكذلك الكوادر البشرية من الناحية العددية، وانتظام استحقاقاتهم المادية وغيرها، لكن التأهيل الفعلي الذي تحتاجه هذه المرحلة هو الطموح المأمول الذي نترقبه بين الفينة والأخرى، ونتوقعه مع خطة كل عام جديد، لكن العناية التي تجدها الخطط التعليمية في بلادنا تبشر بالخير في مقبلات الأيام إن شاء الله.
بيت القصيد
( فهد بن يحيى الماجد :
في الواقع، الحديث عن التعليم الابتدائي، يعني - في نظري - الحديث عن كل المستقبل، وعن التعليم بشكل عام، على اعتبار أن هذه المرحلة هي المصنع الحقيقي لرجال ونساء الوطن للغد القريب، وحق علينا أن نخلص لهذا الجيل بأن نعطيه كل ما يستحق، ففي هذا العصر توفرت لهم أدوات ومقومات لم تكن موجودة للأجيال السابقة، وأصبحت كل عناصر الحياة سهلة وميسرة، لكننا نلاحظ أن المستوى التعليمي يسير عكس ذلك، فأين الخلل يا ترى، وأين تكمن المشكلة؟ هنا بيت القصيد، وهنا مربط الفرس، لا بد أن يكون هناك توافق بين ما يبذل من جهد، وما يعد من إمكانيات، وبين ما يبرز من نتائج على أرض الواقع.
في ظني أن هذه المشكلة التي عرضها المشرفون على منتدى الهاتف، تمثّل محور المشكلات الأخرى سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو غيرها، لأننا ننبش على منبع المشكلات، فالتعليم في هذه المرحلة إذا صلح سوف يصلح في بقية المراحل، وبالتالي سيكون لدينا جيل يحمل كل المقومات التي تجعله يصمد في وجه العواصف والأنواء مهما كان حجمها ونوعها، وأدعو أن يهتم المختصون بهذا الأمر، ويعطوا التعليم الابتدائي أهمية أكبر، وأولوية قصوى ضمن البرامج التعليمية، وضمن برامج التطوير التربوي بشكل عام.
برامج ترفيهية
( خالد المنصور :
التعليم الابتدائي - رغم الجهود التي بذلت فيه، وما تزال تبذل - فهو يحتاج إلى الكثير، حتى نصل إلى مرحلة أن يشتاق التلميذ إلى مدرسته ويحرص على الحضور إليها مبكراً، بقدر فرحته اليوم بالإجازات وعطلات نهاية الأسبوع، يحتاج أن تتوازن فيه الجوانب التعليمية مع التربوية، مع مناهج علم النفس، وعلم الاجتماع، والثقافة الإسلامية، والتربية الوطنية التي تجعل التلاميذ يدركون قيمة الوطن بعد أن يعرفوا تاريخ هذا الوطن، والجهود التي بذلت من أجل توحيده وحمايته والحفاظ عليه واستخراج كنوزه من باطن الأرض، المناهج جيدة ولا يوجد لها مثيل في بقية البلدان لكنها تحتاج إلى المزيد من التطوير، بحيث لا تركز على الحفظ والحشو وكثرة الكتب وأحجامها التي تفوق طاقة الطالب الجسدية ناهيك عن طاقته الفكرية والعقلية، نحتاج إلى ابتكار المزيد من البرامج الترفيهية والفكرية والإبداعية التي تحبب الطلاب وتجذبهم وتخاطب عقولهم وتبرز مهاراتهم وتنمي هواياتهم وتشجع إبداعاتهم، وغير ذلك من المناهج التي تكسر حاجز الجمود والرتابة لدى الطلاب، نتمنى أن نصل إلى درجة يفهم فيها التلميذ الصغير أهمية حضوره إلى المدرسة، ولماذا يتعلم وإلى غير ذلك من مبررات التعليم ليساعدنا على أن ننهض به وبمناهجه وبأساليب التربية والتعليم ونواكب ما وصل إليه العالم اليوم، لأن ذلك أساس بناء الأوطان وتنمية المجتمعات.