|
ميزان العدل
|
حين قُتل رفيق الحريري..
ضمن سلسلة الاغتيالات في لبنان..
وضجّ العالم على هول الجريمة..
وتنادى يطالب بكشف القتلة والتعرّف على المجرمين..
***
ومع دويّ الجريمة..
وحجم آثارها..
وتداعياتها على مستوى لبنان والأمن في المنطقة..
جاء التعامل معها بغير ما تعوملت به جرائم مماثلة على مدى ثلاثة عقود..
***
كان القتلة يعتقدون أنها كغيرها ستُسجل ضد مجهول..
وأن دم رفيق الحريري، سيذهب إثر ما سيجري من تحقيق في ملابسات إهداره إلى ارشيف الحفظ كغيره من دماء الأبرياء السابقين..
ولم يخطر في بال من نفّذ أو ساعد في تنفيذ هذه الجريمة أن يد العدالة سوف تصل إليه بعد أن يتم التعرّف عليه..
***
رموز لبنانية كثيرة قتلها المجرمون خلال الحرب الأهلية وبعدها دون مبرّر يعطي للقتلة الحق في ذلك..
وقد استمرأ هؤلاء غياب العدالة والقانون ليستمر مسلسل الاغتيالات واحداً بعد الآخر حتى بعد مقتل الرئيس الحريري..
ويبدو هذه المرة أن سوء التقدير قد خانهم بحكم أن جريمة بهذا المستوى لن يتم تجاهلها أو التغطية عليها أو تمريرها إلى الحفظ في ملفات التاريخ..
***
دخول العالم على خط الجريمة ومطالبة دول كبرى بالتحقيق الدولي بشأنها..
وإصرار قادة العالم على عدم الاعتماد على الأجهزة اللبنانية لكشف هوية الفاعلين..
ثم التوصل إلى إجماع بتشكيل لجنة دولية تتولّى التحقيق مع كل من سيوصلها إلى الحقيقة من الدول والأفراد ..
أو يدلها على الفاعلين..
حتى تأخذ العدالة مجراها ويوقف سيل الدماء التي تُهدر والأرواح التي تُزهق ظلماً وعدواناً..
***
كان هذا هو المدخل السليم باتجاه الإمساك بخيوط اللعبة الخبيثة..
وكان هذا هو الطريق الصحيح نحو إماطة اللثام عن الوجوه التي حاول أصحابها أن يخفوا معالم ما فعلوه..
وها هي الإيقافات التي شملت أربعة من القيادات الأمنية في لبنان تمنح شيئاً من الأمل في أن يساعدوا في إعطاء الحقيقة للمحققين..
وها هو رئيس لجنة التحقيق الدولي ميليس يشير إلى أن هناك آخرين شركاء في قتل الحريري ومن مات من مرافقيه..
***
وعلينا أن ننتظر نتائج التحقيق حتى لا نحكم على ما قد يكون غير صحيح..
ولكي لا تكون تقديراتنا مبنيّة على الإشاعات والأهواء الشخصية..
ما يهمنا هو أن نتعرّف على القتلة..
وأن ينالوا بعد ذلك ما يستحقون من عقاب..
***
وبهذا نضمن عدم تكرار مثل هذه الجرائم..
ونطمئن إثر ذلك على أن لبنان قد تعافى من هذا النوع من الممارسات الدامية..
وأن الخوف قد زال..
وحلّ الاستقرار والأمن في ربوع لبنان الحبيب..
بما لا مجال فيه للمزايدة أو لشراء الذمم أو العبث بمقدرات شعبه..
***
أقول بعد ذلك: إن من يخاف على لبنان من أن اكتشاف القتلة سوف يعرّض أمنه إلى عدم الاستقرار..
وأن من يقول بإن الانتقام ممن سوّلت له نفسه الأمّارة بالسوء بقتل الأبرياء، إنما يدفع بالقتلة الآخرين إلى تنفيذ المزيد من الأعمال الإجرامية..
هو بنظرنا نوع من إصرار هؤلاء على إبقاء الوضع غير المستقر في لبنان على ما هو عليه..
وهذا ما لا يرضي الشرفاء في لبنان وفي العالم، ما يعني أن التحقيق ماضٍ في مجراه، وأن العدالة سوف تقتص من القتلة مثلما يتمنّى الأحرار في العالم.
خالد المالك
|
|
|
وهكذا دواليك كاترينا عبدالباسط شاطرابي
|
وكاترينا السودان غير (كاترينا) الإعصار المدمر الذي أطار النوم من عيون الأمريكيين..
كاترينا هو اسم لشارع معروف في (الخرطوم) وهو تحديداً الشارع الفاصل بين حي (الخرطوم 3) وحي (الخرطوم 2).
وكاترينا لمن لا يعرف هو أيضاً اسم لامرأة إغريقية كانت تسكن في الشارع الذي حمل اسمها، وكان صويحبكم ممن حظي برؤيتها رأي العين قبل أكثر من أربعة عقود.
والأغاريق من الجاليات العريقة في السودان، عاشوا عقوداً طويلة بين السودانيين، واشتهروا بـ (البزنس) في مختلف المجالات، لكنهم بدءوا في مغادرة السودان في السنوات العجاف، ولم يعد لهم وجود يُذكر عدا مجموعات صغيرة جداً، لكنني رأيت بعضهم الآن وقد جاءوا مرة أخرى للخرطوم، ولعل سيلان النفط أسال لعابهم، فجاءوا ليأخذوا نصيبهم من الخير الآتي.
ومثل الأغاريق كان للسودان نصيبٌ من جاليات عديدة أخرى، فالهنود يشكلون جالية كبيرة يحمل العديد من أفرادها الجنسية السودانية، ولهم وجود ملحوظ جداً في أم درمان العاصمة الوطنية للسودان، كما أن لهم وجوداً أيضاً في بورتسودان وبعض المدن الأخرى.
وهناك أيضاً جاليات عديدة عاشت في السودان وأخذت الجنسية السودانية وبعضها لم يأخذها، ومن هؤلاء وأولئك النقادة (مصريون) والشناقيط (موريتانيون) وفئات أخرى من المغاربة، ويضاف لهم جاليات إفريقية تتعدد بتعدد حدود السودان مع جاراته الإفريقيات.
أما اليمنيون فقد كان وجودهم في السودان لافتاً للنظر، حيث تميزوا في العمل التجاري، وكانوا من أوائل الذين ارتادوا افتتاح محلات البقالة في العاصمة وغيرها من المدن الكبرى، وقد ظلوا على علاقة متميزة بالسودانيين إلى درجة التصاهر، وكم من السودانيين تجري في عروقهم دماء يمنية وبعضهم مشاهير في العديد من الحقول والمجالات!
السنوات العجاف التي شهدها السودان في السبعينيات الميلادية وما بعدها أسهمت في هروب العديد من الجاليات الأجنبية من السودان، وهو أمرٌ اسفنا له، فتلك الجاليات كانت تثري حركة النشاط الاقتصادي، وكان وجودها يُشكل منفعة متبادلة أغدقت بخيرها على الجميع دون منٍّ أو أذى.
(كاترينا) الإغريقية السودانية رحلت عن الدنيا منذ عقود، لكن الشارع مازال يحمل اسمها عند الناس، فبقي رمزاً لعهود زاخرة بالرخاء والنعيم، كما بقي أملاً في غدٍ يحمل البشرى بعد هبوب رياح الفأل نفطاً وسلاماً.
shatarabi@hotmail.com
.....
الرجوع
.....
|
|
|
|